في ظل الحملة الإعلامية الغربية التي تروج لها صحف ومواقع أميركية وبريطانية تستهدف اليمن بغية منها إظهار اليمن أنه بلد ضعيف على حافة الانهيار بغرض فتح الشهية لأي تدخل سياسيأجنبي في شؤون اليمن الداخلية. . يبدو أن هناك تصعيد إعلامي غربي متواتر يكثف جهوده لخلق الذرائع للتدخلات الخارجية. وفي ظل هذا السياق نشر موقع "بلومبرغ" الأميركي تقريراً صحفياً بقلم الكاتب "هنري ماير" الذي عنون تقريره ذاك ب "هجمات القاعدة في تزايد وسيطرة الحكومة اليمنية تضعف" ليستهل بعد ذلك أن اليمن تواجه موجة متصاعدة من الهجمات الإرهابية في وقت يعزز المتشددون قاعدتهم في أفقر دولة عربية تجاور السعودية. مستنداً على خلفية أحداث شهدها اليمن حيث أفاد أنه في الشهر الماضي، قتل انتحاري أربعة سياح من كوريا الجنوبية بالقرب من مدينة شبام التاريخية، ثم استهدف انتحاري آخر موكب يحمل محققين من كوريا الجنوبية وعائلات الضحايا عندما كانوا في طريقهم إلى مطار العاصمة اليمنية صنعاء. وفي 28 مارس قُتل أربعة من رجال الشرطة في مواجهات مع متطرفين إسلاميين في جنوب البلاد فيما الحكومة اليمنية نفسها تقول إنها لا تسيطر على كل أراضيها حتى تتمكن من القضاء على قواعد القاعدة في المناطق النائية معلقاً أن هذا الوضع يثير مخاوف الولاياتالمتحدة وأن إعادة قرابة 100 معتقل يمني بعد إغلاق سجن غوانتنامو سيزيد من صفوف تنظيم القاعدة. وأضاف: يقول روهان غوناراتنا رئيس المركز الدولي لبحوث العنف السياسي والإرهاب من مقره في سنغافورة: "هدف القاعدة ليس فقط مهاجمة اليمن والسعودية وإنما أيضا ضرب أهداف أمريكية وغربية في مكان آخر. وإذا لم يتم إبطال فتيله، فإن هذا التهديد سيكون معززاً ومتواصلاً". وأن هذا العنف المتجدد يأتي بعد فترة هدوء منذ هجوم سبتمبر على السفارة الأمريكيةبصنعاء. وأفاد أن الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط أخبر الكونجرس في الأول من أبريل الحالي إن عدم قدرة الحكومة اليمنية على بسط سيطرتها على جميع أراضيها "يوفر ملاذا آمنا للقاعدة لتخطيط وتنظيم ودعم العمليات الإرهابية". وفي بيان للسفارة الأمريكيةبصنعاء قالت إن نائب مستشار الأمن القومي جون بريان التقى قبل أسبوعين الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بصنعاء لإطلاعه على المخاوف الأمريكية من عودة المعتقلين في غوانتنامو إلى اليمن. كما يقول كريستوفر بوسك خبير الأمن الإقليمي من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ومقرها واشنطن، إن المسئولين الأمريكيين يشكون في إمكانية اليمن الحفاظ على سجناء غوانتنامو من العودة إلى الإرهاب. وأردف: للتأكيد على ذلك، تلاحق اليمن بعض المسلحين. وثلاثة مشتبهين بانتمائهم إلى القاعدة وقفوا خلف القضبان في إحدى المحاكم شديدة الحراسة الأمنية بصنعاء الشهر الماضي حيث كان رجال الشرطة بدروعهم وأسلحتهم نصف الأوتوماتيكية يحرسون المحكمة. الثلاثة المتهمين كانوا يحاكمون ضمن 13 آخرين متهمون بارتكاب سلسلة من الأعمال الإرهابية في العام الماضي "حسب التقرير" من بينها الهجوم الفاشل بقذائف المورتر على السفارة الأمريكيةبصنعاء. وبعد ستة أشهر من ذلك الهجوم الفاشل، قُتل 17 يمنيا بينهم سبعة من المهاجمين في تفجير مزدوج بسيارتين مفخختين استهدف السفارة. وتحت عنوان "اعترافات مكتوبة" أورد "ماير" أن الناشط في حقوق الإنسان المحامي خالد الآنسي يقول إن الإجراءات المتبعة في محاكمة المشتبهين بالانتماء للقاعدة كانت لمصلحة الغرب. فالاعترافات الخطية للثلاثة المتهمين كانت مدونة في المحكمة، حتى أن المدعى عليهم قالوا إن اعترافاتهم كانت مأخوذة بالضغط وأنهم أبرياء. وأضاف اليمن، مسقط رأس محمد بن لادن والد أسامة بن لادن، كان ساحة لأول هجوم للقاعدة تشنه ضد الأمريكيين، عندما فجرت في عام 1992 فندقا في مدينة عدن كان مستخدما من قبل القوات الأمريكية في طريقها إلى الصومال، الهجوم أسفر عن مقتل اثنين من المدنيين. وفي أكتوبر 2000، أسفر الهجوم الانتحاري على المدمرة الأمريكية كول قبالة ميناء عدن عن مقتل 17 بحارا أمريكيا. كما يقول بوسك إن الولاياتالمتحدة، التي ساعدت في تدريب وتجهيز وحدة مكافحة الإرهاب اليمنية بقوامها ال250 فردا، مشتتة الآن بما تراه من تزايد التهديدات المباشرة في أفغانستان وباكستان، حيث تواجه متشددي حركة طالبان والقاعدة. مشيراً إلى أن مستوى التهديد اليمني كشف عنه نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن رشاد العليمي الذي قال في 23 مارس في جلسة برلمانية إن القاعدة تمكنت من اختراق الأجهزة الأمنية. واستدل بقول سعيد عبيد، خبير يمني في شؤون القاعدة ومؤلف كتاب (تنظيم القاعدة) صدر في عام 2007، إن الهجوم على المحققين الكوريين الجنوبيين في صنعاء من قبل انتحاري كان منتظرا على جانب الطريق، يكشف بلا مجال للشك أنه كان يعتمد على "معلومات دقيقة " عن خط سير الموكب. في يناير، أعلنت القاعدة عن اندماج فرعيها اليمني والسعودي. المجموعة الجديدة التي يقودها اليمني ناصر الوحيشي، تتضمن السجين السعودي السابق في غوانتنامو سعيد علي الشهري، الذي هو الآن الرجل الثاني للقاعدة في اليمن. وأن السعودية وضعت في فبراير كلا الرجلين على قائمة ال85 لأهم المطلوبين لديها. وتشمل القائمة 83 سعوديا واثنين من اليمنيين. واسترسل بالقول: لقد تصاعدت الهجمات في اليمن منذ عام 2007 عندما تدفق المتشددون السعوديون على هذا البلد هربا من الحملة السعودية ضدهم بعد موجة من العنف في عام 2004. تفجير سيارة مفخخة في يوليو 2007 أسفر عن مقتل ثمانية سائحين أسبان، تلاه بستة أشهر مقتل سائحتين بلجيكيتين برصاص متشددين. هذا البلد الواقع في شبه الجزيرة العربية لديه حدودا مع السعودية بطول 1500 كيلومتر ومساحة شاسعة من الصحاري والجبال. يقول المحلل غوناراتنا إن الحكومة اليمنية تسيطر على 35 بالمائة فقط من أراضيها. ويقول عبيد في مقابلة معه في صنعاء إن ما بين 300 و500 من عناصر القاعدة يختبئون في كهوف جبلية وأكواخ وخيام في الصحراء. ووفقا لما ذكره عبيد فإن هذه العناصر تحصل على دعم من القبائل المحلية والمتشددين اليمنيين الذين تمكنوا من الحصول على وظائف في الشرطة والجيش بعد عودتهم من أفغانستان نتيجة الانسحاب السوفيتي في عام 1989. وفي مقابلة صحفية معه، يقول عبد الكريم الارياني مستشار الرئيس اليمني إن الحدود الواسعة والمفتوحة لليمن ومناطقها المعزولة تجعل من الصعب القضاء على تنظيم القاعدة. من جانبه يقول وزير الأوقاف والإرشاد حمود الهتار الذي قاد برنامجا لتأهيل المتشددين خلال الفترة من عام 2002 إلى عام 2005، إن الشباب الفقير في اليمن يشكلون تربة خصبة للتطرف. وفقا لتقديرات حكومية، فإن أكثر من ثلثي اليمنيين هم تحت سن 24، وبطالة الشباب تبلغ 34 بالمائة. وزارة الهتار حذرت في ديسمبر الماضي من أن 20 بالمائة من 4000 مدرسة دينية في اليمن لا تخضع لرقابة حكومية. وبحسب تقارير لوسائل الإعلام الرسمية اليمنية فإن شابين يبلغان من العمر 18 و20 عاما هما اللذين نفذا الهجمات على الكوريين الجنوبيين في شبام وصنعاء. كما يقول الهتار: "هذان الشابان حصل لهما غسيل دماغ، وأملى عليهم أصوليون إسلاميون معلومات لا علاقة لها بالدين. وهذا توجه خطير جدا في اليمن". كما يقول المسئولون الحكوميون إن بلادهم بحاجة لمزيد من الأموال والتجهيزات وتبادل المعلومات الإستخبارية، حيث يقول هشام شرف وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي: "مساعدة اليمن في مجال الأمن من الدول الأخرى هو أمر ضروري. فلا يوجد بلد في العالم يمكن أن يفعل ذلك بنفسه عندما يتعلق الأمر بالإرهاب".