السياسي كنا وما زلنا وسنظل نؤكد أن الأزمة السياسية اليمنية وما تبعها من ملامح مشاريع باتت اليوم كارثية كانت ومازالت وستظل نتاجاً طبيعياً تفرزه سياسة السلطة الإقصائية للقوى الوطنية على الساحة وممارسة سياسة الحصار الشامل على كياناتها ، وفي مقدمة تلك القوى الحزب الاشتراكي اليمني ، الذي مازالت السلطة غير مدركة لحجمه وثقله في المعادلة السياسية إلا وفق قرائتها الضيقة والتي مازالت تضيق حد الحصار بأفق استبدادي إقصائي كارثي في محتواه. الحزب الاشتراكي بتاريخه ومنهجيته التقدمية وثقافته الأكثر إرادة للوحدة الوطنية كان مؤثراً في فعل الحدث الوحدوي العظيم في ال22 من مايو ، وبه صُنع هذا الإنجاز، وبه سيُحافظ على هذا المنجز العظيم الذي بات اليوم يتعرض لسهام ضيق الأفق ، وحب التفرد بالسلطة ومكتسبات الوحدة الوطنية، دون التعاطي مع تبعات حرب صيف 94م برؤية وطنية تمنح اليمانيين في ربوع الوطن اندماجاً اجتماعياً بأفق متأصل في مشروع وطني مكوناته الشراكة الوطنية في إدارة هذا الوطن. الحزب الاشتراكي عندما تعرض مشروعه السياسي الوطني الأكثر وحدوية والذي لا يملك أحد أن يزايد عليه لا تاريخياً ولا حضارياً ولا ثقافياً ولا سياسياً حذرنا بأن استمرار محاصرة هذا الحزب والمضي في دعم تيارات لإثارة وإحياء صراعات داخلية في الحزب لم تكن مؤامرة على الحزب وإنما هي كرة ثلج خبيثة تتدحرج لتصبح مشروعاً تآمرياً على الوطن برمته، لن يسلم منها مشروع الدولة نفسها ومكونات الوحدة الثقافية والاجتماعية والسياسية. . عندما حذرنا من استمرار السطو على ممتلكات الحزب الاشتراكي، كنا نؤكد بأن ذلك يعد دعماً لوجستياً للمشاريع الصغيرة في الجنوب التي باتت اليوم لا تؤمن حتى بهويتها اليمنية، وعندما أكدنا بأن التآمر على الحزب هو تآمر على وطن، وتحجيم مسار هذا الحزب العريق هو تحجيم للمشروع الوطني بأن لا ينمو في اليمن الكبير، وترك الساحة مغيبة من القوى الوطنية لكي تنمو فيها المشاريع الصغيرة التي باتت اليوم نافذة لتدخلات خارجية نتجرع اليوم "دولة وشعباً" مرارة نتاج هذه السياسة التسلطية، والتي يبدوا أنها مازالت تصر على المضي في نهجها الاقصائي والاستبدادي نحو الكارثة وبلا مشروع وطني. إن الأزمة اليمنية تزداد يوماً بعد يوم تعقيداتها وتزداد مساهمة تأثيرات العامل الخارجي، فأزمة الجنوب هي أزمة وطنية يجب أن تحل بشراكة حقيقية مع القوى الوطنية، وفي مقدمتها الحزب الاشتراكي والتجمع اليمني للإصلاح. وكما هو الحال في صعدة التي تشهد اليوم صمت مدافع وأزيز الطائرات فإنها هي الأخرى ليست أزمة سلطة ومتمردين خارجين عن النظام والدستور، بل إن أزمة صعدة التي أصبحت اليوم أكثر تعقيداً هي الأخرى أزمة وطنية بامتياز، لا يمكن أن توقف نزيف الدم بها سيناريوهات الاتفاقيات الثنائية بين تمرد وسلطة شرعية. إن أزمة صعدة تحتاج اليوم إلى مشروع وطني فاعل يضمن عدم عودة النار للاشتعال من جديد، والمشروع الوطني في صعدة بات اليوم هو المخرج الوحيد الذي من شأنه أن يتعامل مع مكون التمرد بحجمه كتمرد، والدولة بحجمها كسلطة شرعية أما أن تظل ساحات اليمن في فراغ تعيث فيها مشاريع صغيرة وأخرى تمردية فذلك أمر كارثي يدفع باليمن نحو الشتات والتمزق. ولذلك ندعوا مجدداً إلى سرعة فك الحصار المفروض على القوى الوطنية سياسياً وثقافياً وإعلامياً ومادياً والتعاطي معها بروح الشراكة المكونة للنظام السياسي المبني على أساس التعدد الحزبي. الحزب الاشتراكي اليوم ومعه أحزاب اللقاء المشترك قد أثبتوا أنهم بتماسك مكونهم المشترك وجود إرادة متأصلة للشراكة الوطنية ، يجب على الحاكم أن يلتقطها في إطار مشروع وطني يعمل الكل على إخراج البلد من مستنقعات الكارثة - لا قدر الله. وللحزب الاشتراكي والتجمع اليمني للإصلاح نقول لهم "الوطن أمانة في أعناق كل القوى السياسية ومسئولية الجميع وليس الحاكم وحده"، فيقدر ما أعطائكم هذا الوطن من عوامل حياة يستحق منكم أن تمنحوه حياة استقرار شاملة.