حين يكون الحديث عن كرة القدم في ملاعبنا يكون لاعبو أبين ونجومها الذين يفرضون مواهبهم أين ما كانوا وحلوا في واجهة ذلك الحديث، لأن أبين هي الولادة الدائمة للنجوم، ومن أراد أن يتأكد فلينظر لخارطة أندية الجمهورية ليدرك كم هم نجوم تلك المحافظة الذين يدافعون عن ألوان الأندية اليمنية دون استثناء. ورغم أن أبين بريفها هي صانعة النجوم ومصدر توريدها في كل الأوقات إلا أن الأوضاع التي تعيشها أنديتها وفرقها تبدو بعيدة عن خطوط التوازي ولو في أدنى المستويات.. فتلك المواهب وما أكثرها تعيش وضعا مأساويا تغيب فيه أبسط مقومات مزاولة كرة القدم.. فلاعبو أبين ومديرياتها يلعبون كرة القدم عشقهم في ظروف قاسية تغيب كل ما يمكن أن تتصوروه ليس من اليوم وإنما على مدار السنوات الماضية، مما يجعلهم دائما باحثون عن مسار الابتعاد، والبحث عن ظروف أفضل لتحسين أحوالهم، ولعب كرة قدم مختلفة الظروف والإمكانيات.. فهؤلاء النجوم والمواهب إذا ظلت في أبين لكانت كل البطولات والألقاب من نصيبها.. فكم هم النجوم الذين غادروا أبين وأريافها ووصلوا إلى أعلى مراتب النجومية ومثلوا منتخبات الوطن والأندية الكبيرة، ونالوا صفات متعددة فيها، وتفوقوا بشكل كبير، فالقائمة طويلة ويكفي أن أشير إلى عمر البارك وأحمد البارك وعلاء الصاصي وعلي درعان وإبراهيم الصارطي وخالد هيثم وداود عبدالله عبدالفتاح غرامة وخالد بله وأنو قاسم ثم خالد بلعيد وأمجد منصور وسامي كرامة وفهمان عايش وأسماء كثيرة جدا لعبت وما زالت تلعب في أندية كبيرة .. أسماء لمعت وحفظت في قلوب وذاكرة عشاق كرة القدم في كل الأوقات. ولعل الجميع يتذكر فريق نادي أمعين وما فعله في كأس الاستقلال في مناسبتين متتاليتين أمام فرق كبيرة وعريقة، وهو تأكيد لما سردناه في قيمة الموهبة المتواجدة في ريف أبين بمديريتي لودر ومودية. أخبار اليوم الرياضي نالت السبق، وفتشت في رياضة الريف، واختارت مديرية لودر وأجرت حديثا مع عدد من اللاعبين الشباب الموهوبين وخرجت بما هو آتي: أول المتحدثين إلينا كان الشاب الموهوب نسيم علوي أحمد الذي يبحث مساحة لإظهار ما لدية في واقع مختلف لما هو موجود في لودر، حيث قال: "مشكلتنا في الريف عدم وجود دوري للفئات العمرية، حتى يظهر اللاعبون وينالون خبرات البداية التي تعطيهم مجال لاكتساب معطيات السير في طريق كرة القدم التي تحتاج إلى الصقل والمتابعة من خلال التدريب والمباراة والاحتكاك، لذلك اللاعب في الريف مضطر إلى البقاء حتى يشتد عوده ليجد لنفسه مكانا بين الكبار، وفي الريف اللعب يفتقد كل شيء ليمارس لعبة كرة قدم بمفهومها الصحيح، لأن الأمور تكاد تكون معدومة وكل ما نمتلكه كرات ومساحات طينية للعب كرة القدم التي نهواها.. نحن نحب الرياضة وكرة القدم ونتطلع إلى الوصول إلى الأفضل ومحاكاة النجومية لأننا نشعر بمواهبنا، ولكننا نتحسر على أحوالنا التي هي بعيدة عن الطموح، فأبين وريفها ولادة بالنجوم الذين يغادرون إلى مواقع أخرى للعب في أندية في محافظات الجمهورية بحثا عن الأفضل، وهو ما يصيب أندية أبين بالتراجع والبقاء في مواضعها البعيدة عن الأضواء". وأضاف "هنا في لودر لاعبون كثيرون موهوبون غير قادرين على الوصول إلى الأندية والتواجد فيها لأسباب كثيرة منها غياب الاهتمام الذي قد يربط بين اللاعب والأندية بسبب ترامي الأطراف بين القرى والمدن، ونحن نتمنى أن يتغير الحال وأن يكون تهتم الجهات المتخصصة بالرياضة في الريف لتظهر المواهب، ويستفيد منها في خارطة الرياضة اليمنية بشكل عام، كما أني باسم شباب نادي القاع أطالب الجهات المسئولة النظر إلى نادينا والاعتراف به كغيره من الأندية التي تم الاعتراف بها في المحافظة. الكابتن عبدالله بن عبدالله محمد قال في حديثه: "إذا تحدثنا عن كرة القدم الحقيقية ولو من أدنى المستويات، فنحن لا نمتلكها، فأمورنا في اتجاه المعدوم دائما، وهناك موهوبون في كل قرى لودر والمناطق القريبة منها لكن لا يوجد من يرعاها ويصقلها لذلك هناك من يبدى ثم يهجر كرة القدم لأنه لا يجد حتى قيمت مواصلات للذهاب إلى موقع التدريب مع النادي الأقرب إليه.. أوضاعنا مزرية ومحبطة واللاعب الصغير لا يجد أبسط متطلباته كما هو الحال في المدن الكبيرة حيث الأندية المدعومة.. بكل أسف أبين تصدر نجومها إلى الأندية المحافظات من خلال بعض اللاعبين الذين يجدون فرصة وتخدمهم الظروف للخروج إلى مواقع أخرى، بينما الكثير من اللاعبين يقنعون بما هو موجود ويمارسون هوايتهم إلى وقت محدد ثم ينصرفون بعد أن يفقدون الأمل في تحسين الأوضاع. وأضاف "للأسف لا وجود للسلطات هنا ولا لمكتب الشباب والرياضة في المحافظة الذي أجزم أنه لا يدري ولا يعرف بأحوال رياضة أندية الريف، هذا هو وضع الرياضة الريفية من سنوات طويلة، ولا يمكن أن يتغير، لأن ليس هناك من يهتم.. أنا من خلال بقائي لفترة طويلة مع كرة القدم أعرف عدد كبير من اللاعبين الذين إذا وجدوا الدعم والمساندة لكانوا اليوم يلعبون في المنتخبات الوطنية لأنهم يمتلكون مواهب تفوق من يتواجدون في المنتخبات، لكنهم انصرفوا إلى مواقع بعيدة عن الرياضة بعد أن أصابهم الإحباط فطلقوها بالثلاث تاركينها لا رجعة رغم صغر أعمارهم، ونحن نناشد قيادة المحافظة والمديرية ومكتب الشباب الاهتمام وتوفير أبسط مقومات الحفاظ على المواهب التي تظهر بشكل مستمر لتتغير رياضة المحافظة وأنديتها على خارطة الرياضة اليمنية". آخر المتحدثين كان لاعب شباب أمعين الحاصل على كأس الاستقلال المدافع أمعبد الخضر كرده الذي قال في حديثه: "أوضاعنا لا يمكن أن تستوعبها الكلمات، فهو موجع ويصيبنا بحالة من الانكسار، فموهوبو أرياف أبين أفضل ممن يتواجدون في أندية الأندية الكبيرة وفي المنتخبات، أمورنا صعبة للغاية وفيها من المعاناة الكثير، لأنه لا يوجد أي اهتمام من أية جهة، حتى الأندية التي معترف بها تعيش أوضاع صعبة لا تستطيع من خلالها أن تكفي حاجتها العادية في التعامل مع متطلبات اللاعب الذي عليه أن يصرف على نفسه إذا أراد أن يواصل أو يبتعد كما هو حال عدد من اللاعبين الذين وجدوا في مجالس القات الملجأ بعد أن أصيبوا بالإحباط المزمن ببقاء الظروف دون حراك أو تغيير". وأضاف "نحن نتمنى أن يكون هناك من يسمع نداء شباب أرياف أبين وأنديتها، وتسجيل لفته تغير ما مرينا به في كل السنوات الماضية والتي قذفت برياضة أبين وأنديتها إلى أسفل الدرجات، فقبل سنوات كانت هناك أندية تقارع الكبار، واليوم لم يعد لها حضور وأصبحت كأثر بعد عين، بسبب الإهمال من قبل جهات الاختصاص وسلطات المحافظة والمديريات.. أملنا بأن تتغير النظرة، وأن نجد الدعم البسيط الذي يغير الصورة والأوضاع المزرية التي أبقتنا في الاتجاه الفاقد لأقل مقومات ممارسة اللعبة والألعاب الأخرى".