الحقيقة التي بات يدركها كل اليمنيين هي الترقب المرير لانهيار وشيك للبلاد، يعيشون مؤشراته في وضع معيشي صعب ينذر بكارثة في حال اندثر اقتصاد بلد بلغ التدهور فيه حد الفظاعة.. من الارتفاع الجنوني لأسعار أسطوانات الغاز المنزلي إلى ارتفاع أسعار المياه والقمح وكل مقومات الحياة الأساسية ومتطلباتها بشكل يشير إلى أن الأزمة ماضية نحو تضييق الخناق على حياة المواطن اليمني بشكل متسارع، كما أن توقعات الخبراء تؤكد أن استمرار تدهور الأوضاع ستؤدي إلى انهيار شامل لكل مكونات الدولة.. في الأسبوع الماضي ارتفع سعر المياه في العاصمة صنعاء ثمانية أضعاف عن ذي قبل، حيث أصبحت معظم شاحنات المياه متوقفة عن العمل، جراء أزمة البنزين وصار على كل مواطن أن يدفع 12 ألف ريال شهريا لتعبئة خزان المياه للاستهلاك المنزلي، فيما كانت تكلفة الماء لا تتجاوز ال3 آلاف ريال سابقاً، حيث صار راتب الموظف البسيط لا يفي لسد احتياجات القمح والغاز والماء وشراء زيت الطهي، فما بالنا ببقية المتطلبات الملحة والضرورية.. السكان في العاصمة لو حالفهم الحظ حصلوا على ساعتين في اليوم الواحد من الكهرباء، ويقعدون لياليهم في الظلام ولا سيما في الأيام الأخيرة انعدمت فيها الشموع التي كان الأهالي قد لجأوا إليها كمصدر للضوء، لترتفع أسعار ها هي الأخرى بنسبة 100% تقريبا. ومع استيراد 90% من المواد الغذائية الأساسية، وتوقف صادرات النفط، وركود الاقتصاد، واشتداد المعارك، وأزمة سياسية قائمة واحتجاجات لا تلتمس لمطالبها أية معطيات لتنحي النظام، فإن عاصفة مدمرة تهب على اليمن. وتراجعت مستويات الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين إلى أدنى مستوياتها، وبعضها توقف تماماً. وكانت مؤشرات انهيار الدولة اليمنية، بدأت منذ وقت مبكر، غير أنها تفاقمت خلال الأربعة أشهر الأخيرة بسرعة غير متوقعة، وهو انعكاس طبيعي لحالة الشلل التام التي تعيشها البلاد، منذ بدء الاحتجاجات الشبابية الشعبية المطالبة بإسقاط النظام الحاكم. وأوضحت صحيفة غارديان البريطانية مؤخرا في افتتاحيتها أن ثلث اليمنيين يعانون من نقص التغذية، بينما يُصنف 2.7 مليون من السكان بأنهم لا يضمنون الحصول على غذائهم. وقالت إن اليمن يجاور دولا عربية غنية بالنفط، لكن مستويات سوء التغذية وتقزم الأطفال فيه تماثل مستويات أفغانستان وأفريقيا. وتابعت الصحيفة إن صالح ظل يؤكد لمدة أربعة أشهر، أنه القطب الأوحد رغم أنه يواجه انشقاق قواته المسلحة ونصف الجماهير الذين احتشدوا في الشوارع يطالبون باستقالته، وقال إنه إذا ذهب فكل شيء سينهار ويحاول أن يجعل سيناريو الانهيار حقيقيا. وأشارت إلى أن النظام قادر على نشر الفوضى في اليمن لكن لا يمكنه أن يفوز. التحذير من الانهيار أطلقه المستشار السياسي للرئيس اليمني الدكتور عبدالكريم الإرياني، الذي أكد في تصريحات صحافية أن اليمن لا يمكنه أن يتحمل أسابيع أخرى من الاحتجاجات، وإذا لم ينتهِ كل ذلك قريباً، فإن اقتصاد البلد وأمنه سيتحطمان»، كما توقع رئيس الكتلة البرلمانية في حزب المؤتمر الحاكم سلطان البركاني، انهيار النظام في حال عدم وضع الحلول لأزمة المشتقات النفطية التي تشهدها اليمن حالياً، وأكد في تصريحات صحفية له أن الدولة فقدت هيبتها، ولم تعد قادرة على تأمين نقل الغاز من محافظة مأرب إلى العاصمة صنعاء، وفي حال استمرت الأزمة النفطية، فإن الدولة ستنهار قريباً وسينقلب الجميع على الشرعية حسب قوله.