شيعت جماهير غاضبة من أبناء محافظة تعز يوم أمس جثماني الشهيدتين "ياسمين سعيد الأصبحي" والحافظة "زينب حمود قائد" إلى مثواهما الأخير في مقبرة الشهداء بمنطقة كلابة وسط هتافات تطالب بالقصاص من القتلة ومنددة بجرائم النظام الوحشية التي ترتكب بحق أبناء المحافظة وسط صمت عربي وتخاذل دولي مشين. وأنطلق موكب التشيع من ساحة الحرية بعد الصلاة عليهما ورفع المتظاهرون العديد من اللافتات والشعارات المعبرة عن مطلبهم المتمثل بمحاكمة النظام ورفضهم لأي مبادرات من شأنها منح نظام صالح أي ضمانات لارتكاب مزيداً من جرائم الإبادة الجماعية تجاه أبناء المحافظة كما طالب شباب الثورة مبعوث الأممالمتحدة بن عمر بزيارة تعز والإطلاع عن قرب على ما يجري في المحافظة من جرائم تجاه أبنائها، علاوة على العقوبات الجماعية التي تمارس من قبل قوات النظام تجاه المحافظة والمتمثلة بانعدام جميع الخدمات وتدني خدمات البنى التحتية وتحويل المكاتب الخدمية والصحية بالمدينة إلى ثكنات عسكرية. إلى ذلك يعاني المستشفى الميداني بتعز من صعوبة بالغة في تضميد جروح المصابين ومتابعة حالتهم الصحية نتيجة الإصابات التي طالتهم جراء القصف الذي استهدف المدينة بعدما قامت قوات النظام باستهداف مستشفى الروضة أمس الأول. وقال مسؤول في المستشفى الميداني إن معظم الجرحى وخاصة الذين يعانون من إصابات بليغة تم نقلهم إلى عدة مستشفيات خاصة بالمدنية منوهاً إلى العقبات التي يمرون بها وبعضها ناتجة عن رفض بعض المستشفيات قبول حالات الجرحى تخوفاً من آلة النظام المدمرة. ويعد مستشفى الروضة ثالث مستشفى يتعرض للهجوم من قبل قوات الحرس وبقذائف الهاون بعدما أقدمت هذه القوات على نهب وتدمير مستشفى الصفوة بساحة الحرية والمستشفى الميداني بذات المكان. إلى ذلك استجاب سكان تعز لدعوة الإضراب المفتوح التي أطلقها شباب الثورة ومنظمات المجتمع المدني، حيث عم الإضراب التام يوم أمس معظم شوارع المدينة وبنسبة كبيرة لم تشهدها المحافظة من قبل وخاصة الشوارع الرئيسية التي خلت من حركة المرور والمحلات المفتوحة. وتأتي دعوة الإضراب إثر القصف العنيف الذي استهدف المحافظة واحتجاجاً على التواجد العسكري داخل المدينة والمرافق العامة. من جانب آخر شهدت محافظة تعز عصر أمس مسيرة نسائية جابت عدة شوارع بالمدينة للتنديد بحجم المجازر التي ارتكبتها قوات النظام بحق المحافظة بما في ذلك النساء ورفعت المشاركات بالتظاهرة العديد من اللافتات المعبرة عن استمرار صمودهن حتى تحقيق كافة أهداف الثورة أو السير على درب شهيدات تعز اللاتي استهدفتهن قوات صالح إلى عقر دارهن أو أثناء صلاتهن في ساحة الحرية. وفي ذات الصعيد كانت تعز قد شهدت صباح أمس أيضاً مسيرة جماهيرية حاشدة بمشاركة حاشدة من أبناء المحافظة، للتنديد أيضاً بمجازر قوات علي صالح، بحق أبناء المدينة. وردد المتظاهرون هتافات رافضة لمنح صالح وأركان حكمه أي حصانات من المحاكمة، مطالبين المجتمع الدولي بإرسال لجنة لتقصي الحقائق إلى تعز، وإحالة ملف جرائم النظام إلى محكمة الجنايات الدولية، ومحاكمة مرتكبي المجازر كمجرمي حرب، كما طالب المتظاهرون مجلس الأمن الدولي بتحرك سريع وعاجل لوقف المجازر التي ترتكب بحق أبناء تعز من قبل هذه القوات. من جانب آخر استمرت المواجهات منذ مساء أمس الأول في منطقة الحصب وحتى مساء أمس بين أنصار الثورة وقوات النظام وأسفرت عن إعطاب العديد من الدبابات والآليات العسكرية بحسب مصدر عسكري موال للثورة. إلى ذلك حذر قائد الدفاع الجوي في الفرقة الأولى مدرع، ورئيس المجلس الثوري للدفاع والأمن بمحافظة تعز، العميد الركن/ صادق سرحان، القوات الموالية للنظام من الاستمرار في الاعتداء على المدنيين في محافظة تعز. وقال سرحان - في تصريح ل«مأرب برس» -: «ننصح مليشيات صالح بالتوقف عن الممارسات الرعناء فنحن قادرون على صد أي اعتداء بمعية شباب المقاومة وأحرار تعز، لأن الدفاع عن النفس حق مشروع لنا، عندما يطال الاعتداء نساءنا وأعراضنا وأولادنا وشبابنا وممتلكاتنا، وفي سبيل الدفاع عن النفس وثورتنا السلمية سنقدم أرواحنا رخيصة وهذا عهد علينا». وأضاف سرحان بأن «تعز كانت سباقة في تقديم قوافل الشهداء، ولهذا فإنها تعامل بوحشية وبشكل غير مسبوق من قبل قوات صالح، التي فرضت عليها حصاراً مطبقاً بالدبابات والمدرعات والآليات العسكرية، وقامت بالتمركز فوق التلال والهضاب والجبال وحولتها إلى ثكنات عسكرية تقصف من خلالها الأحياء السكنية التي لا تجرؤ على التقدم نحوها، ولذلك تقوم بقصفها مدفعياً من فوق التلال المرتفعة». وخاطب سرحان قوات صالح قائلاً: «نحن ماضون في ثورتنا السلمية حتى تحقيق النصر، واعلموا علم اليقين بأن سلميتنا لا تعني أننا ضعفاء، لأن السلمية لها أنياب حين يتعلق الأمر بالدفاع عن النفس والعرض والأهل، أنتم اليوم قتلتم النساء والأطفال وفعلكم هذا إنما هو دليل على مدى قبحكم وحقدكم على تعز، فلم يحدث على مر التاريخ اليمني أن قتلت النساء، فاحترام المرأة هي سمة الإنسان اليمني، وهؤلاء القتلة لا نعلم من أين أتوا». وتوعد سرحان القتلة، وقال بأنهم سيدفعون الثمن غالياً، وقريباً سيقدمون إلى العدالة ولن ترحمهم دماء الشهداء، وستلاحقهم لعنات النساء والأطفال، محملاً محافظ تعز/ حمود خالد الصوفي، المسؤولية الأولى في القصف الذي تتعرض له تعز، متحفظاً عن التعليق على تصريحات المحافظ قبيل المجزرة الأخيرة، وقال بأنه «معروف بولائه لسيده، وبأنه مجرد خادم لا يملك من أمره شيئاً، وبأنه رجل باع ضميره وباع دماء أبناء مدينته للحفاظ على كرسي سيده، ولم يعد هناك أمل يرجى منه، خاصة بعد تورطه في سفك دماء أبناء تعز». وأكد سرحان على دعوة المجلس الثوري بالمحافظة جميع أبناء تعز إلى البدء في إضراب مفتوح ابتداء من اليوم السبت، إلى أن تتحرر المدينة من الثكنات العسكرية ويتوقف القصف المدفعي عنها، مشيراً إلى أن هناك مخططاً لارتكاب مجازر إبادة جماعية بحق أبناء تعز، وقال بأن القوات الموالية للثورة لن تسمح بذلك.