كان لأمي عين واحدة وقد كرهتها لأنها كانت تسبب لي الإحراج وكان شكلها مقززاً وكانت تعمل أمي طاهية في المدرسة التي أتعلم فيها لتعيلني وتساعدني على إكمال دراستي ولم أكن أرغب أن يعلم احد بأنها أمي وذات يوم صعدت أمي للفصل لتسأل عني وتطمئن عن حالي، أحسست بالإحراج والخجل كيف فعلت هذا بي، تجاهلتها ورميتها بنظرة مليئة بالكره وفي اليوم التالي قابلني أحد التلامذة وقال لي "أمك بعين واحدة اووووه" وحينها تمنيت أن أدفن نفسي وأن تموت و تختفي أمي من حياتي وفي اليوم التالي واجهتها !!! لقد جعلت مني أضحوكة لم لا تموتين؟ ولكنها لم تجب وسكتت لم أكن متردداً فيما قلت ولم أفكر بكلامي لأني كنت غاضباً جداً ولم أبال لمشاعرها وأردت مغادرة المكان . درست بجد وحصلت على منحة دراسية في سنغافورة وفعلاً ذهبت ودرست ومن ثم تزوجت واشتريت بيتاً وأنجبت أولاداً وكنت سعيداً جداً ومرتاحاً في حياتي وفي يوم من الأيام أتت أمي لتطمئن علي وعلى أولادي الذين لم تراهم أبداً وعندما شاهدها أولادي أخذوا يضحكون والبعض منهم خاف منها، فصرخت في وجهها: أخرجي حالاً كيف تجرأت وأتيت لتخيفي أولادي.. أجابت بكل هدوء: آسفة الظاهر إني أخطأت في العنوان وذهبت واختفت بعيداً وذات يوم وصلتني رسالة من المدرسة تدعوني لجمع الشمل، فكذبت على زوجتي وأخبرتها أني سأذهب في رحلة عمل!. وبعد الاجتماع ذهبت إلى البيت القديم الذي كنا نعيش فيه للفضول فقط لا غير أخبرني الجيران أن أمي توفيت، لم أذرف ولا دمعة واحدة ولم أحرك ساكناً قاموا بتسليمي ظرفاً مقفلاً بداخله رسالة من أمي مكتوب فيه: ابني الحبيب.. ابني الحبيب لطالما أحببتك وفكرت فيك كثيراً وكنت أتمنى أن تعيش معي حتى أراك وأرى أحفادي يلعبون أمامي، لأني وحيدة في البيت وأكاد اختنق وأريد من يؤنسني ويعينني على كبري آسفة لمجيئي وإخافة أبنائك كنت سعيدة جداً عندما علمت أنك ستأتي للاجتماع حتى أراك من بعيد ولكني لم أستطع مغادرة الفراش لأنني مريضة . ابني الحبيب في داخلي سر لم أخبره لأي احد سواك أنت، فبعدما توفي أبوك في حادث سيارة أصبت أنت وفقدت عينك اليمنى وتأسفت وتحسرت عليك ولم أكن أستطيع أن أتصور كيف سيعيش ابني بعين واحدة وقد يسخر منه الأطفال ويخافون من شكله لذلك !! أعطيتك عيني وعملت المستحيل وجمعت المال حتى أتمكن من إجراء العملية والحمد لله كنت سعيدة جداً لأن ابني سيرى العالم بعيني، حتى بعد أن أتيت وأخفت أولادك فكرت أيضاً أني أستطيع أن أراهم بعيني المفقودة . مع حبي لك أمك