في أجواء آمنة دشن أبناء البيضاء في الساعات الأولى من يوم أمس بداية عهد جديد ومرحلة جدية من صناعة اليمن الجديد الذي خرجوا ينشدونه قبل سنة تقريباً, وافترشوا الشوارع والساحات مطالبين ببزوع فجرهم الجديد الذي طالما حلموا به, سادت الفرحة محافظة البيضاء من أقصى شمالها في مديرية ولد ربيع وحتى أقصى الجنوب في مديرية مكيراس, كان يوم أمس مختلفاً فقد كان يوم عرس ديمقراطي بامتياز. تنفس أبناء المحافظة الصعداء وارتسمت الفرحة في كل بيت وشهدت المحلات التجارية والدوائر الحكومية موجة من الصور الفوتغرافية للمرشح التوافقي المشير عبدربه منصور هادي, التي غطت الأبواب وغيرت وجه المدينة بأكملها. شعر الكثير من أبناء المحافظة أن فجرهم الجديد قد بزغ مع بزوغ فجر الثلاثاء يرددون أناشيد الحب ويعزفون موسيقى الأمل القادم من بين براثين الفقر والجهل والبطالة التي جعلتهم ينادون برحيل نظام تشبث بالسلطة حتى اقتلعته موجة النضال السلمي. بعد لحظات قليلة من صلاة الفجر كان " عبدالاه عمير " يجلس على باب احد المنازل وسط مدينة البيضاء منتظراً بزوغ الفجر القادم, كان ينظر إلى ساعته بين الفينة والأخرى منتظراً أن يودع عهد حكمه ثلاثة عقود من الزمن, بينما يخرج في المنزل المقابل رجل تسعيني قد احدودب ظهره ترتعاش يداه وقدماه ويكاد يفقد توازنه يتوكأ على عصاه وهو يقول " إذا فاتني شرف المشاركة في ثورة الشباب فلن يفوتني شرف المشاركة في صناعة التاريخ الجديد لليمن", بينما كان احد الشباب يتنفس الصعداء وهو يرى أن مشاركته في المسيرات في البيضاء والتي بلغت أربعة وخمسين قد توجت برحيل صالح وإلى الأبد من سدة الحكم, منتظراً أن يرى الدولة المدنية نموذجاً مطبقاً على أرض الواقع. محافظة البيضاء الواقعة في وسط اليمن والتي تحيط بها عدد من المحافظات التي دعت بعض عناصرها إلى مقاطعة الانتخابات شهدت مراكزها البالغ عددها " 219 " مركزاً انتخابياً إقبالاً لافتاً للنظر, وتم الاقتراع في جميع المراكز باستثناء خمسة مراكز فقط هي المركز " ق " و " ص " و " أ – 2 " بالدائرة 131 ومركزين في السيلة البيضاء بالدائرة 124, وتم توزيع 952 صندوق اقتراع منها 22 صندوقاً إضافياً, فيما كان قوام اللجان الفرعية 2862 عضواً, فيما يبلغ عدد الناخبين المسجلين في المحافظة 295992 ناخباً وناخبة. الانتخابات التي شهدت إقبالاً غير متوقع من بعض المراقبين نفذت قبل صلاة العصر وخصوصاً في الدائرة 125 في مدينة البيضاء والدائرة 132 بمدينة رداع ومركزين في الدائرة 130. وحول العرس الديمقراطي الذي عاشته المحافظة يوم الثلاثاء تحدث محمد الطالبي عضو اللجنة الفنية المشتركة بالمحافظة قائلاً: إن هذا اليوم هو يوم تاريخي لا يضاهيه أي يوم وانه يفوق أي عيد وطني آخر وخصوصاً تلك الأعياد التي يحتفل بها اليمنيون, وانه كان عيداً للشعب بأكمله شارك فيه الجميع بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم السياسية ولم يكن مقصوراً على فئة دون أخرى, مستشهداً بقول الشاعر: يوماً من الدهر لم تصنع أشعته شمس الضحى بل صنعاه بأيدينا, وانه يوم يستحق الفرح والتكبير باعتباره عرساً ديمقراطياً ظهرت تجلياته على ملامح الشعب اليمني صغاراً وكباراً وهم يودعون عهداً من الاستبداد والظلم وحكم الفرد الواحد على أمل اللقاء بفجر جديد، فهذا اليوم سيعيد لليمن حريته وكرامته المفقودة وسيتنفس اليمنيون الصعداء بإذن الله ويتحقق لهم ما يصبون إليه، يوم استعاد قراره من مغتصبيه وممن استخفوا به واستبدوا به خلال سنوات طوال, مشيراً إلى أن الشعب اليمني شعب عظيم يستحق مثل هذه الفرحة ومثل هذا اليوم التاريخي، وهو يوم سيصنع به مستقبله. مختار محمد النقيب عضو اللجنة الإعلامية المشتركة بالمحافظة قال لأخبار اليوم "إن هذا اليوم صناعة تاريخ جديد لليمنيين وان الإقبال الكبير المنقطع النظير على الدوائر الانتخابية في مختلف أنحاء اليمن يعدّ استفتاءًا على انحياز الشعب لثورة الشباب السلمية والرغبة بالتغيير وبناء اليمن الجديد, معتبراً يوم الثلاثاء 21 فبراير يوماً يمثل فاصلاً بين حكم الفرد الفاسد المستبد الذي استفرد بالثروة والسلطة وبين حكم الأمة وبناء الجديد على أسس ديمقراطية والشراكة الوطنية، وبهذا المناسبة لا ننسى الشهداء الذين رسموا بدمائهم الطاهرة هذا الانجاز الكبير الذي لم يكن اليمنيون ينتظرونه بعد وصول الاستبداد إلى منتهاه وإعلانه قلع العداد وانه سيجثم على الشعب حاكماً مدى الحياة, وبارك النقيب لليمنيين الحرية والتغيير. صوتت البيضاء للتغيير كغيرها من محافظات الجمهورية ولكن ليس الانتخابات المقصد النهائي لثوارها بقدر ما هو بوابة أمل للعبور نحو المستقبل الجديد.