تقدمت صديقة لي تحمل ماجستير في الإدارة للعمل في أحد الأماكن وكانت تتوقع أن تلاقي الترحاب والإغراءات المادية والمعنوية في ذلك المكان الفخم في الأثاث والمبنى.. ولكن.. هنا اهتمام واضحاً لدى بعض شركات القطاع الخاص وبالمظهر على حساب الإنسان رأس المال في أي شركة، وكانت المفاوضات التي كانت أشبه برحلة قهر وحرق للأعصاب، كنت استمع لها وأرى حروف كلماتها تحترق من القهر، تقول لم تسعفني خبراتي في الإدارة ولا إرادتي ولا طموحاتي في أن أحصل على الراتب اللائق.. إنها رحلة استغلال لكل حبات عرق الموظف.. وهكذا طابور من الشباب يحلم الكثير منهم بالوظيفة ويتطلع البعض منهم إلى الاستقرار خلف مكتب وكرسي دوار تدور معه كل أيامه في أعمال روتينية مكررة، مفضلين قول "شبر مع الدولة ولا ذراع مع القبيلي". وهنأ أتساءل لماذا؟! لا يفكر الشباب بمشاريع شخصية لهم، إن العمل في مشاريع الآخرين هو استهلاك لطاقة الفرد وتعطيل لجزء كبير من الإنتاج، والإبداع.. نسمع معاناة البعض من الموظفين الشباب واللهث اليومي وراء متابعة أجرهم وراتبهم.. البعض يستلم راتب الشهر منتصف الشهر الذي يليه والراتب عبارة عن مبالغ زهيدة، وعدم وجود عقود عمل واضحة وصريحة.. وإن حدث فيها أشبه بالأغلال والقيود. إن داخل كثير من المشروعات الكبيرة ذات الريع الكبير يمارس أشكال من العبودية والضغوط النفسية التي تقهر نفسية الموظف وتحجب سحائب الابداع والفن من أعمال، حيث يتحول إلى آلة صماء مطلوب منها العمل، حسب مصلحة صاحب المشروع فقط ولا مراعاة للعاملين معه وعلى من يفكر أو يريد أن يطالب بحقه فعليه أن يجهز أوراقه ويبحث عن عمل آخر. إن كثيرين من الموظفين سواء كانوا في القطاع الخاص أو العام ليسوا أكثر من أرقام في طاحونة الحياة. وإن الحل هو وجود المشروع الشخصي المشاريع الصغيرة التي تحول فيها الإنسان الفرد إلى قائد لنفسه ومشروعه وحياته، المشروع الشخصي الخاص بكل فرد. وكما يقول الأستاذ/ أحمد الأسودي مردداً لكل من يعرف أين مشروع الخاص أين بصمتك في الحياة. أقول.. الكثير: منا معه الأحلام الكثيرة والأهداف والخطط الجاهزة والمطبوعة أمامه وفي خياله لكن.. أين التمويل ولوحتى. وهنا يأتي دور الحكومة في مساعدة الشباب على إقامة المشروعات الصغيرة والورش والأنشطة البسيطة وإعطاء الشباب قطع من الأراضي لاستصلاحها وزراعتها، والبناء عليها، تقديم قروض ميسرة بدون فوائد، الخبرات والاستشارات لهم، تخفيف أو إلغاء الضرائب والمعاملات الروتينية القاتلة، مساهمة رجال الأعمال في إنشاء مشاريع صغيرة للشباب. إن الذين يحلمون بأمة قوية لا بد أن يرفعوا مستوى الفرد فيها بالوعي والتشجيع والدعم والمساندة يمر فكرة المشروع الشخصي الذي هو التزام شخصي بدور الفرد من أجل المشروع النهضوي الحضاري للأمة كلها.. دنيا وآخرة.