الحديث عن التعليم ذو شجون و يستهوي من يهتم بهذا الجانب؛ لأنه جانب خدمي إنساني,تبنى به أمم وتعلو به أخرى وترتقي بها شعوب..وتزدهر الحياة و تثمر وتصحح حياتنا بالعلم, والأجيال التي نعول عليها صلاحنا واستقرارنا ورقينا ولكن كيف نجعل الطلاب يحبون التعليم ويتمسكون به في ظل عدة ظواهر باتت اليوم خطراً يهدد مستقبل الطلاب, ولعل أهم تلك الظواهر هي هروب الطلاب عن المدارس وعدم رغبتهم في مواصلة التعليم والبحث عن البديل بعد أن بات التعليم هماً يؤرق جفونهم، وكابوساً يقظ مضاجعهم, ولكي نقف على تلك الظاهرة التي تهدد تعليمنا ومدارسنا عرضنا موضوع هروب الطلاب من المدارس على بعض التربويين للوقوف معهم على أهم الأسباب المؤدية لذلك فكانت الحصيلة التالي: أسباب.. يرى أ. جلال السعيد أن ظاهرة الهروب من المدرسة..ظاهرة سيئة تفشت في الكثير من المدارس وتستدعي الوقوف أمامها وقفة جادة لكي نكبح جماح هذه الظاهرة السلبية التي تخلف الكثير من العواقب التي لا يحمد عقباها،كما يلعب التفكك الأسري ومخالطة أصدقاء السوء دوراً هاماً يأتي في مقدمة هذه العوامل التي أدت إلى حدوث هذه الظاهرة المقلقة والمؤدية في النهاية إلى خلو المدارس من الطلاب وخلق جيل غير متزن علمياً ومتخلف ذهنياً.. الأوضاع.. ياسين العولقي يؤكد أن الجانب الاقتصادي والمادي للأسرة اليمنية يعلب الدور الأساسي في تفشي هذه الظاهرة؛ لأن أغلب الأسر اليمنية تعيش تحت خط الفقر حيث أن صعوبة الظروف المعيشية تشكل عاما هاما، ولهذا فمسألة هروب الطلاب مقرونة بهذا الجانب فبدلاً من أن يذهب الطالب للمدرسة والتعليم يذهب للعمل كي يكسب المال ليعين والديه على متطلبات الحياة ويوفر لنفسه بعض الاحتياجات التي لا تستطيع الأسرة أن تلبيها له في ظل ظروفها الصعبة. الخوف.. مهدي شوعان- فسرد الأسباب التي تؤدي إلى هروب الطلاب في عدة نقاط كان أهمها: - قلة الوعي بمسألة التحاق الفتيات بالمدرية أو العادات والتقاليد السائدة - بعد السكن للطالب عن المدرسة - وفاة رب الأسرة الذي هو محور الأسرة أو سفر خارج الوطن - الخوف من العقاب الجسدي - الرسوب والإحباط - صعوبة المنهج وعدم استيعاب الطلاب له.. أراء طلاب.. الطلاب أيضاً أدلوا بدلوهم في هذا الجانب وتباينت أرائهم واتفقت في بعض المواضع, فمنهم من يرى أن عدم توفر مواصلات للطلاب الساكنين في أماكن بعيده أثر بالغ، لأنهم يصلون في وقت متأخر ومنهكين, والبعض يعتبر ظاهرة الغش في المدارس عامل محبط وغير محفز لهم ولا داعي لمواصلة الدراسة إذا كان المصير للطالب المجد والمهمل واحد، والبعض الآخر يرى أن عدم توفر المعلمين لبعض المواد يشكل نقطة مهمة لمسألة الهروب من المدارس والكسل وعدم الاهتمام أيضا من قبل بعض الطلاب.. الجانب الأخلاقي والمهني أحمد عمير يرى المشكلة التي يعاني منها الطلاب والتي تؤدي بدورها إلى هروب الطلاب من المدرسة تكمن في سوء إدارة المعلم للحصة وعدم مقدرته على إيصال المعلومة للطالب, وكذلك عدم تفهم الإدارة المدرسية والمعلم لظروف الطالب المحيطة كالأسرية والمعيشية والنفسية, هذا بالنسبة للطلاب إجمالاً أما عن الفتيات فالموروث والعادات والتقاليد حدت من مزاولة الفتاه للتعليم وهذا خطأ يجب تفاديه, أيضاً الجانب الأخلاقي والمهني من قبل بعض المعلمين يجبر الفتاة على عدم الدراسة لسوء المعلم, كما أن النظرة الدونية للفتاة وسيطرة الذكور على حقوقها وإقصائها من الحياة وحرمانها من حقوقها أيضاَ جانب يعيق مسألة دراسة الفتاة.. الأسرة.. يحمل عمار القربى الأسرة السبب في تفشي هذه الظاهرة حيث أعتبر الأسرة هي السبب الرئيسي في هذه المشكلة؛ لأنه لو قام الآباء بتحفيز أبناؤهم وحثهم على المثابرة والتعليم ومواجهة كل الصعاب والعقبات وعدم الخوف من المستقبل، وإشعارهم أن التعليم هو الأساس وهو الركيزة الذي به ترتقي الأمم وتسمو وترتفع ولا مستقبل للطالب دون العلم..كما أعتبر أن الأسرة تعتبر مدرسة مصغرة تعلم المبادئ والأخلاق وتزرع الفضائل في الأطفال والطلاب حيث قال: يجب أن لا نرمي كل مشاكلنا وعيوبنا على غيرنا وعلى مجتمعنا, فالأسرة هي الأساس وهي التي ستنبت بذرة المجتمع والوطن فلو بذرت نبته صالحة فلا محالة سنجني ثمارها وخيرها والعكس صحيح,فكم من أسرة يطحنها الفقر ويسحقها الجوع ولكن نلاحظ أن أبنائها من أذكى الطلاب ومن أفضلهم مما يدل على أن الأسرة هي التي تحدد مسار الطالب والطفل وهي التي تنشئه قبل أن يصل للمدرسة وبعد أن يلج في عالمها.. المدرسة.. فهمي الصلاحي حمل المدرسة الجزء الأكبر في مشكلة هروب الطلاب من المدارس فهمي كما قال: البيت الثاني للطلاب لأنهم يقضون فيها وقت طويل,وفيها يتعلمون كل جديد ومفيد، فإن زرعت فيهم الخير والمثابرة والكفاح والاجتهاد ومواجهة الواقع واحتضنتهم بصدر رحب وهيئت لهم الأجواء التعليمية المناسبة فمن المؤكد أن الطالب سيقبل على التعليم دون خوف أو وجل وستحدى العالم والظروف وكل شيء كي يحقق حلمه وهدفه الذي غرسته المدرسة والمعلم بداخله, أما أن كانت المدرسة لا تهتم بشؤون الطالب وأمسك المعلم بالعصا كل لحظة ولبس قناع العبوس والامتعاض والعدائية وأتخذ من الطالب عدو لدود فمن المؤكد أن الطالب سيبغض المعلم وسيكره المدرسة وسيضطر للهروب لأن الأجواء التعليمية مشحونة بالمشاكل والبغض والكره ولا تشجع على التعليم, ولهذا فلا بد أن تكون المدرسة هي الأم والمعلم هو الأب وأن يتعامل مع الطلاب برحابة صدر وطيبة قلب ويحثهم على التعليم ويزرع بداخلهم الأمل والصمود والكفاح وحب التعليم ويشجعهم على مواصلة مراحله، ويذلل لهم كافة الصعاب ويرقبهم فيه ومن هناء سيدرك الطالب أهمية التعليم ولن يتهرب منه.. المعلمون.. عادل السقاف أمسك بالوتر الحساس وأظنه أصاب كبد الحقيقة فكلامه عن المعلم واللحمة التي يجب أن تنشئ فيما بين المعلمين والقدوة الحسنة هي الأساس حيث قال: في الماضي القريب الذي كنا فيه طلاباً كنا نتمنى أن نصبح مثل معلمينا وأن نصل إلى ما وصلوا إليه من المكانة والرفعة والرقي والتلاحم الذي بينهم والحب والاحترام المتبادل فيما بينهم,حيث كانوا القدوة والمثل الذي يحتذى به والشخصية التي نتمنى إن نصبح مثلها في علاقاتنا وحياتنا مع الآخرين لأنهم ضربوا أروع الأمثلة باحترامهم لبعضهم البعض وإخلاصهم لمهنتهم وحرصهم على أن يكون القدوة لطلابهم,إما اليوم فالحال تغير والأمور تبدلت وباتت الشحناء والبغض والكره والغل بين المعلمين سمة من سماتهم وصفاتهم لأن المعلم يحقد على زميله المعلم ويبغضه ويتصيد أخطائه ويثير ضده البلابل والأقاويل إمام الطلاب الذين يرون فيه المثل الأعلى فتهتز صورة المعلم لدى الطالب ويصبح أمر استجابة الطالب للمعلم شيء محال ولهذا تنشئ العدائية والكرة للمدرسة وللمعلم فلا يجد الطالب بد من الهرب من المدرسة وتركها إما جزئياً أو بالكلية وهذا كما أسلفنا يعود لذلك الجو المشحون بالكره والبغض بين المعلمين والصورة المهزوزة في نظر الطالب للمعلم ولا غرابة في أن يترك الطالب المدرسة أو يتقاعس أو يهمل دروسه.. الخوف من المستقبل إحباط.. علي عبد الله الرماشي عزى هروب الطلاب من المدارس إلى الخوف من المستقبل والبطالة التي يعج بها الوطن فقال: هروب الطلاب من المدارس شيء مؤلم ومخيف وعدم وضع الحلول المناسبة ربما سيفاقم المشكلة وسيستشري هذا الوباء في كافة مدراس الجمهورية، ولن يقتصر على مدارس الريف التي تكثر فيها هذه الظاهرة, ولو بحثنا عن السبب الرئيسي لهذه المشكلة لوجدنا أن الواقع المحبط والخوف من المستقبل والمجهول الذي صرنا إليه نحن فسنعذر الطلاب على ذلك, فمثلاً أنا خريج منذ ما يقارب سبع سنوات ولم يحالفني الحظ في الوظيفة وهذا أمر محبط, فليس من المعقول أن تدرس طوال هذه السنوات ثم تصدم بواقع لا يحفل بك ولا يهتم بتعليمك وبمستواك الدراسي..وصدقني جلست مع أغلب الشباب أو بالأصح الطلاب و سألتهم عن سبب هروبهم من المدرس وعدم مواصلتهم للتعليم فكان ردهم"ما الفائدة التي سنجنيها من التعليم"يكفينا أننا نقرأ ونكتب وها أنتم مركونون في المنازل دون عمل" إذن التذمر والإحباط سيطر على الطلاب وبات مواصلة التعليم أمر مستحيل.. معالجات من خلال ما سبق من الآراء نستخلص المعالجات والحلول التي ربما قد تساعد الطالب على العودة للمدرسة وتحفزه لئن يكمل تعليمه وهي كالأتي: يجب أن تركز الأسر المفككة نتيجة مشاكل أسرية أو اجتماعية في الطالب خارج إطار هذه المشاكل وتركز على تعليمه وتجنبه هذه المشاكل بقدر الاستطاعة. أن لا تحاول الأسرة إقحام الطالب في الأعمال الأخرى التي ربما تعيق تعليمه وتحمله فوق طاقته، بل يجب أن تسعى جاهده لتذليل كافة الصعاب أمامه كي يواصل تعليمه.. أن نتخلص من النظرة الدونية للفتيات وأن لا نحرمهن حقوقهن التعليمية، لمجرد أن الذكور لهم السيادة والريادة وان الفتاه ليس لها سوى جدران المنزل تحبس خلفها.. العمل على الوقوف مع الطالب وتوفير سبل تعليمه وعدم إحباطه من قبل الأهل أو المعلم والاهتمام بمسألة التعليم في المناطق الريفية البعيدة والنائية.. أن يكون المعلم أب أو أم قبل أن يكون معلم وأن لا يخرج عن طور المهنة والأخلاق ويتجنب البذاءة وبعض الأمور المخلة بالأدب.. أن تكون الأسرة مدرسة مصغرة تعلم الأبناء وتزرع فيهم الأمل وحب التعلم والمثابرة، مهما كانت المحبطات في الحياة.. الأجواء المدرسية والتعليمية الملائمة والقائمة على الاحترام والحب تعلب دور أساسي ولهذا يجب أن تتوفر وأن تكون المدرسة واحة باسقة للطالب.. القدوة الحسنة هي أيضاً عامل هام جداً صرنا نفتقر إليه في أيامنا هذه والمعلم إن لم يكن كذلك فقل على الدنيا السلام..