أكد الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة انعقاد المؤتمر الخامس لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي في شهر أوت الماضي (الحزب الحاكم في تونس)، والذي كان تحت شعار التحدي، أن البلاد تقبل اليوم على طور جديد من البذل والعطاء وعلى مرحلة حاسمة في مسيرتها التنموية الشاملة من أجل تحقيق طموحات الشعب والارتقاء بتونس إلى مصاف الدول المتقدمة. وأفاد رئيس التجمع الدستورى الديمقراطي رئيس الدولة في خطاب ألقاه لدى إشرافه على اختتام المؤتمر الخامس للتجمع بعد التحول أن "قطار التنمية الشاملة المستديمة بتونس قد انطلق ولن يتوقف"، مؤكدا الحرص على أن لا يتخلف عن هذا الركب أي فرد أو فئة أو جهة أو جيل. وأضاف الرئيس بن علي أنه سيواصل السهر على "أن يعيش كل تونسي حرا عزيزا كريما في بلد حقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية بلد القانون والمؤسسات والمساواة بلد الوسطية والاعتدال والتسامح بلد الحوار والوفاق والتضامن". وبين أن جملة التعديلات التي تمت المصادقة عليها خلال مؤتمر التحدي أحدثت نقلة نوعية كبرى في تركيبة اللجنة المركزية وسبل عملها وأدائها مؤكدا أن اللوائح الصادرة عن مؤتمر التحدي بما رصدته من أهداف وما تضمنته من توجهات وما أوصت به من برامج ستكون خير مرجع خلال المرحلة القادمة للمضي قدما بتونس إلي ما مزيد من العزة والمناعة والسؤدد. وأعرب الرئيس زين العابدين بن علي عن اعتزازه برئاسة التجمع وبقرار المؤتمر ترشيح سيادته للانتخابات الرئاسية القادمة سنة 2009 معبرا عن بالغ الارتياح لما يلقاه لدى الشعب التونسي من صادق الوفاء وخالص الالتزام للعمل من اجل تجاوز العراقيل والصعوبات وتحقيق المزيد من المكاسب والانجازات. وقد عبر الشعب التونسي بكل فئاته عن ابتهاجه بقبول الرئيس زين العابدين بن علي الترشح للانتخابات الرئاسية 2009 ومواصلة تحمل أمانة قيادة البلاد نحو مزيد من النماء والتحديث. وأكد عزمه من مختلف المواقع على مزيد البذل والعطاء من أجل كسب رهانات المرحلة القادمة ورفع تحدياتها وتحقيق الأهداف التي رسمها رئيس الدولة من أجل رفاه كل التونسيين وإعلاء مكانة تونس بين الأمم. وبالتالي يمثل الحدث الأبرز على الإطلاق في هذا المؤتمر الخامس بعد التحول للتجمع هو استجابة سيادة الرئيس زين العابدين بن علي لنداء الواجب ولمناشدات الشعب بكل فئاته وقبوله الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2009. واستبشر الشعب التونسي في كامل أنحاء البلاد بهذا القرار وخرجت جموع المواطنين في كل الجهات للتعبير عن فرحتها العارمة وتعلقها بالرئيس زين العابدين بن علي وتمسكها بخياراته وتوجهاته الصائبة التي عززت الأمن والاستقرار والنماء والرفاه في تونس وأعلت مكانتها بين الأمم. العلاقات التونسية-اليمنية إن العلاقات التونسية اليمنية تمتد إلى جذور التاريخ حيث أن جنود الجيوش الإسلامية التي كانت تحت إمرة القادة الأجلاء من الصحابة رضوان الله عليهم والتي كان لها السبق في فتح إفريقية، هي في معظمها قبائل من اليمن الشقيق يذكرها التاريخ وتدون بطولاتها ذاكرة الأدب الشعبي بالجنوب التونسي، الذي تعود أصوله إلى قبائل بني هلال اليمانية التي دخلت إفريقية، قادمة من صعيد مصر في أوائل القرن العاشر ميلادي، لتزيد في تدعيم ونسج الأصول المشتركة للشعبين الشقيقين التونسي واليمني. ولم يشذ مسار التاريخ الحديث عن مواصلة التواصل والتناصر بين تونس واليمن حيث أن علاقات البلدين لا تزال تستمد قوتها من المرجعية التاريخية المشتركة ومن وحدة المصير وتطابق الأهداف والتوجهات والتعلق بقيم الإعتدال والتسامح والحوار والإلتزام بقضايا الحق والعدل والسلم في العالم. وقد تجسمت هذه الرؤى وتدعمت في ظل تحول السابع من نوفمبر 1987 في تونس بقيادة فخامة الرئيس زين العابدين بن علي، وتحقيق الوحدة اليمنية المباركة باليمن بالقيادة الحكيمة والرشيدة لفخامة الرئيس علي عبد الله صالح الذي كان قد زار تونس سنة 2000 والتقى بأخيه سيادة الرئيس زين العابدين بن علي. وتشهد العلاقات التونسيّة- اليمنية خلال هذه الفترة نقلة نوعيّة، خاصّة على المستوى الاقتصادي والتجاري، حيث تواترت المشاركات التونسية في عدد من التظاهرات الاقتصادية المقامة باليمن على غرار المشاركة التونسية الثانية في معرض صنعاء الدولي خلال شهر جوان 2008، كما توجهت عناية الفاعلين الاقتصاديين التونسيين سواء من الصناعيين أو الشركات التجارية أو بيوت الخبرة ومكاتب الدراسات أو المستثمرين في مجال الصيد البحري للاهتمام بالسوق اليمنيّة وبالإمكانيات المتاحة في هذا البلد، تواصلا مع النتائج الإيجابية لبعثات رجال الأعمال التونسيين التي زارت صنعاء خلال سنتي 2006 و2007 والتي انعكست بشكل ملحوظ على حجم المبادلات التجارية وتعزيز الاتصال بين القطاع الخاص في البلدين، فضلا عن تسجيل زيارة هامة لوفد من الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري يضم مستثمرين في مجال الثروة السمكية لاستكشاف فرص إحداث شركات تونسية يمنية في هذا القطاع الواعد خلال شهر جوان 2008. وحافظ البلدان على نسق متصل لاجتماعات اللجنة المشتركة التي مثل إلتئامها الدوري المنتظم مناسبة سانحة للتشاور السياسي بين البلدين حول المستجدات الجهوية والإقليمية والدولية ولتنسيق المواقف ودعم مبادرات البلدين ورفد مساعيهما. كما مكنت هذه الاجتماعات من وضع آلية لتقييم التقدم في إنجاز الاتفاقيات والبرامج المرسومة في مختلف أوجه التعاون ولاستكشاف فرص تنمية التعاون ووضع التصورات وطرق تجاوز العراقيل التي قد تحول دون التقدم في تجسيد بعض القرارات المتخذة. ولقد مكن التئام الدورة العاشرة للجنة المشتركة التونسية اليمنية في شهر أفريل الفارط بتونس من التقدم في استكمال الإطار القانوني للتعاون في شتى المجالات ووضع البرامج التنفيذية لاتفاقيات التعاون في مجالات الشباب والرياضة، والإدارة العمومية والتنمية الإدارية، ونقل الأشخاص والبضائع والعبور على الطرقات، والفلاحة، والاعتراف المتبادل برخص السياقة، والشؤون الدينية، والتعليم الفني والتدريب، والتربية، والتعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا، والتعاون الإعلامي. إلى جانب مذكرة تفاهم بين المعاهد الدبلوماسية في البلدين، فضلا عن إمضاء مذكرة تفاهم وتعاون أولية بين الجامعة الوطنية لصيد الأعماق بالإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وغرفة تجارة وصناعة حضرموت ومذكرة تفاهم بين الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والإتحاد التعاوني السمكي اليمني بمناسبة زيارة العمل التي أداها وفد من الإتحاد التونسي إلى اليمن خلال شهر جوان 2008. وخلال اجتماعات اللجنة المشتركة بين البلدين، تلقى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي رسالة خطية من أخيه فخامة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح سلمها وزير الخارجية في الحكومة اليمنية الشقيقة السيد أبو بكر عبد الله القربي. وتطرقت الرسالة إلى أهمية تعزيز العلاقات الأخوية بين تونس واليمن والتركيز على الجوانب الاقتصادية والتعاون في مختلف المجالات العلمية والفنية والثقافية. كما تناولت مواضيع تتصل بالأوضاع العربية وبرغبة فخامة الرئيس علي عبد الله صالح في أن تسهم تونس مع اليمن في تعزيز العمل العربي المشترك. كما تضمنت أيضا دعوة من الرئيس علي عبد الله صالح إلى أخيه الرئيس زين العابدين بن علي للقيام بزيارة إلى اليمن في أقرب الأوقات الممكنة. وقد رحب سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بهذه الدعوة، ووعد بتلبيتها في أقرب فرصة، شاكرا فخامة الرئيس علي عبد الله صالح دعوته لزيارة اليمن. وقال:"اليمن بلدي الثاني أعتز كثيرا بحضارتها وأصالة شعبها"، مشيدا بتميز العلاقات التونسية اليمنية، ومؤكدا على تفعيل اتفاقيات التعاون الأخوي الموقعة بين البلدين الشقيقين. وثمن الرئيس بن علي الجهود القومية المخلصة لفخامة الرئيس علي عبد الله صالح الرامية تنقية الأجواء العربية، وكذا مساعيه الحميدة لحل الخلافات بين الأشقاء الفلسطينيين. وحمل الرئيس بن علي وزير الخارجية اليمني الدكتور القربي نقل تحياته وأمنياته الأخوية الصادقة لأخيه فخامة الرئيس علي عبد الله صالح، ووجه الدعوة لفخامته لزيارة الجمهورية التونسية، راجيا له موفور الصحة والنجاح، وللشعب اليمني مزيدا من التطور والازدهار.