الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس.. تصنع المستقبل الأفضل
تحتفل اليوم بالذكرى ال (12) لتحول السابع من نوفمبر
نشر في الجمهورية يوم 07 - 11 - 2008

تحتفل الجمهورية التونسية اليوم بالذكرى الواحدة والعشرين لتحول السابع من نوفمبر المجيد، حيث يفخر التونسيون اليوم بما تحقق لهم في ظرف وجيز في حياة الشعوب من مكاسب حضارية شملت كل المجالات في إطار المشروع الحضاري الذي وضعه الرئيس زين العابدين بن علي الذي أوفى بما وعد بل فاقت إنجازاته كل الوعود واستبق بحنكته وتبصره التطورات التي عرفتها تونس والعالم.
فقد عمل تغيير السابع من نوفمبر على إعادة الثقة وإرساء روح المصالحة والوفاق من منطلق الوعي بأنه لا يمكن تحقيق أي شيء دون إسهام فاعل من قبل الشعب ودون انخراط المواطنين فردياً وجماعياً، وإعادة إرساء القيم الجمهورية التي تعد في المقام الأول شرطاً للتقدم والعدل، فأصبح المجتمع التونسي يتقدم على طريق الحداثة وهو يتميز بالحيوية والتضامن، وذلك بتطوير روح المبادرة وترسيخ حب العمل والجهد من أجل تحرير الطاقات الحية التي تخلق الثروة وتصنع النمو، فضلا عن إصلاح الإدارة التي أصبحت قريبة من مشاغل المواطن وأضحت أقل ثقلاً.
تعددية على أرضية صلبة
ولقد كانت إرادة التغيير إرادة صادقة في إرساء التعددية وتوسيع مجال الحريات حرصاً على توفير أرضية صلبة لثقافة ديمقراطية متأصلة ضمن مسار ديمقراطي متطور يعتمد التدرج والثبات بحسب تطور المجتمع ويأخذ بعين الاعتبار تاريخ وثقافة البلاد ومقتضيات التعددية والحرية والدفاع عن حقوق الإنسان باعتبارها قيما كونية فجاء القانون المنظم للأحزاب الصادر في 3 ماي (مايو) 1988 مكرسا ًلمبدأ التعددية الحزبية المتطورة.
وقد نص القانون الدستوري صراحة على أن الأحزاب السياسية تسهم في تأطير المواطنين لتنظيم مشاركتهم في الحياة السياسية على أسس ديمقراطية وفي كنف احترام سيادة الشعب وقيم الجمهورية وحقوق الإنسان والمبادئ المتعلقة بالأحوال الشخصية وتعزيزاً لهذا التمشي أصبح مبدأ التعددية في تونس مبدأً دستورياً بمقتضى الإصلاح الجوهري للدستور المؤرخ في 1 جوان (يونيو) 2002م.
وقد ضمن القانون التونسي تبعاً لذلك للأحزاب التمويل العمومي لعملها السياسي، كما ضمن لصحفها منحة سنوية قارة (دائمة)، وبالفعل شهدت أول انتخابات تشريعية في عهد التحول أي سنة 1989 تنافساً في ترشح الأحزاب.
وفي أعقاب ذلك أذن الرئيس زين العابدين بن علي بتطوير النظام الانتخابي وتعديل القانون الانتخابي بما يؤمن وجود المعارضة بالبرلمان ويكرس التعددية البرلمانية وذلك بإقرار نظام النسبية المعدلة وهو خيار يبقي على نظام الاقتراع على القائمات في دورة واحدة.
وقد أدى هذا النظام خلال الانتخابات التشريعية لسنة 1994 إلى حصول أربعة أحزاب معارضة على 19 مقعداً في البرلمان ليرتفع هذا العدد إلى 34 مقعداً في انتخابات 1999 و37 مقعداً من بين 189 في انتخابات عام 2004 أي ما يمثل نسبة 20 % من المقاعد النيابية.
كما مكّن هذا النظام المعارضة والمستقلين من الحصول على 268 مقعداً بالمجالس البلدية في 264 دائرة انتخابية في الانتخابات البلدية لسنة 2005 مقابل 243 مقعداً في 257 دائرة في انتخابات 2000 أي نسبة ارتفاع قدرها ( 10,28 %).
كما تم بمقتضى الإصلاح الدستوري إحداث غرفة ثانية ذات اختصاص تشريعي مسند إلى جانب مجلس النواب وهي مجلس المستشارين كفضاء جديد لممارسة الديمقراطية يتيح تمثيلاً أشمل للجهات ولمختلف مكونات المجتمع من خلال تشريك الفئات المهنية والشخصيات والكفاءات الوطنية.
وجعلت تونس من الديمقراطية والنهوض بحقوق الإنسان والحريات العامة خياراً استراتيجياً لا رجعة فيها، عبر إدراجها في الدستور التونسي، ومن خلال السهر على أن يتم احترامها بصورة دقيقة على صعيد الممارسة، وانتخاب تونس في عضوية مجلس حقوق الإنسان ليمثل شهادة بليغة على صواب تمشيها في هذا المجال ويشكل اعترافاً من قبل المجموعة الدولية بجهودها في مجال النهوض بحقوق الإنسان.
ثراء إعلامي
وعلى مستوى الصحافة ووسائل الإعلام فقد اتخذت تونس العديد من الإجراءات بهدف إثراء وتنويع المشهد الإعلامي ومزيد حماية حرية الرأي والتعبير... وهكذا فقد تم تعديل مجلة الصحافة الصادرة بمقتضى القانون المؤرخ في 28 أفريل (أبريل) 1975 في أربع مناسبات (1988 و1993 و2001 و2006) في اتجاه أكثر تحرراً، خاصة عبر إلغاء جريمة /ثلب النظام العام/، وإلغاء إجراء الإيداع القانوني بالنسبة للمنشورات الإخبارية الوطنية... وقد كان الهدف من هذه التعديلات تمكين الصحافيين من الاضطلاع بدورهم بكامل الحرية ومن التمتع بمناخ ملائم لممارسة أنشطتهم ومن أجل جعل قطاع الإعلام فضاء للحوار والتبادل والنقاش حول المحاور والقضايا المتصلة بمستقبل البلاد والدفاع عن مكاسبها... وفضلاً عن ذلك فإن هنالك منحاً مسندة من قبل الدولة التونسية إلى صحافة الرأي، وبالخصوص صحف المعارضة التي تصدر بكل حرية وتسهم في تنشيط الحياة الفكرية والسياسية بالبلاد.
وبدوره عرف المشهد السمعي البصري عملية إثراء من خلال إطلاق إذاعات تابعة كلياً للقطاع الخاص وإذاعة ثقافية وقنوات تلفزية خاصة... ويتم بصورة منتظمة بث حوارات بصورة مباشرة من قبل الإذاعات والتلفزات العمومية تجمع ممثلي الأحزاب السياسية وممثلي المجتمع المدني.
حيوية اقتصادية
وفي الميدان الاقتصادي تعكس مختلف المؤشرات مدى التقدم الذي توفق تغيير السابع من نوفمبر في تونس إلى إحرازه في ظرف عالمي صعب، فحيوية الاقتصاد التونسي تعد قطعاً إحدى نقاط قوة تغيير 7 نوفمبر، حيث انتقل بتونس من طور البلد النامي إلى طور البلد الصاعد، وجعلها تحتل المرتبة الأولى في أفريقيا، والمرتبة التاسعة والعشرين في العالم من حيث القدرة التنافسية من بين الدول الثمانين الأكثر تقدماً في العالم... وإضافة إلى خفض نسبة التضخم إلى مستوى جد متدن، والضغط على عجز الميزانية للإبقاء عليه في حدود 2.9 % نجحت تونس في أن تؤمن وعلى مدى فترة طويلة نمواً اقتصادياً مطرداً تناهز نسبته ال 5 % كمعدل سنوي خلال أكثر من عشريتين، وهو ما أتاح لها أن تضاعف ست مرات حجم الناتج الداخلي الخام... كما تم تحقيق تحسن تدريجي للمستوى المعيشي للتونسيين الذين يتمتعون اليوم بكل مرافق التقدم... وقد مكّن إصلاح السياسة الاجتماعية من تقليص الفقر الذي لا يشمل اليوم سوى 3.8 % من السكان مقابل ضعف هذه النسبة قبل أكثر من عشرين سنة.
ولقد تجددت جذوة التضامن بين التونسيين بما أضفى على المجتمع التونسي ميزته الإنسانية، وبالفعل فقد دعم التغيير في تونس حجم التحويلات الاجتماعية التي تقدر اليوم بأكثر من 56 % من الميزانية الجملية للدولة، وزيادة عن ذلك وسع بصورة ملموسة التغطية الاجتماعية التي تتجاوز نسبتها حالياً 90 % مقابل 54.6 % سنة 1987، كما طور المنظومة الصحية وقام بتحديث منظومة التربية والتكوين في تونس.
إدماج المرأة في الحركة التنموية
استطاعت تونس وبجدارة تأمين إدماج المرأة التونسية في الحركية التنموية العامة، فمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة مضمون اليوم بصورة صريحة بواسطة النصوص الدستورية والتشريعية، وتشهد مختلف المؤشرات على هذه المكانة المتميزة للمرأة التونسية التي أصبحت تضطلع بدور جد فاعل وحاسم في كافة الميادين... فالنساء يمثلن اليوم قرابة ربع السكان النشيطين في تونس، ونسب التمثيل النسائي هي 22.7 % في مجلس النواب، وأكثر من 15 % في مجلس المستشارين، وأكثر من 27 % في المجالس البلدية، و18 % في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، و13.3 % في المجلس الأعلى للقضاء، و12 % في الدواوين الوزارية... كما تمثل النساء اليوم 27 % من القضاة، و31 % من المحامين، و42 % من الإطار الطبي، و72 % من الصيادلة، و34 % من الصحافيين، وتحظى المرأة التونسية كذلك بحضور قوي في القطاع العام وفي الحياة الجمعياتية... كما تبلغ نسبة التمدرس اليوم 99 % ونسبة الفتيات من مجموع الطلبة تعادل 59 %... وعلى مستوى السكان النشيطين تمثل المرأة نسبة 29 %، ويشار أخيراً إلى أن مؤمل الحياة عند الولادة بالنسبة للمواطن التونسي يبلغ اليوم (74) عاماً... وقد أتاحت هذه النتائج تحقيق تقدم ملموس على صعيد مؤشر التنمية البشرية في تونس الذي بلغ 0.76 % سنة 2006م، وهو مستوى قريب من المستوى المسجل في البلدان المتقدمة.
نزولاً عند الرغبة الشعبية
أكد الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة انعقاد المؤتمر الخامس لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم في تونس) في شهر أوت (أغسطس) الماضي، أن البلاد تقبل اليوم على طور جديد من البذل والعطاء وعلى مرحلة حاسمة في مسيرتها التنموية الشاملة من أجل تحقيق طموحات الشعب والارتقاء بتونس إلى مصاف الدول المتقدمة.
وأضاف الرئيس بن علي أنه سيواصل السهر على «أن يعيش كل تونسي حراً عزيزاً كريماً في بلد حقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية، بلد القانون والمؤسسات والمساواة، بلد الوسطية والاعتدال والتسامح، بلد الحوار والوفاق والتضامن».
وأعرب الرئيس زين العابدين بن علي عن اعتزازه برئاسة التجمع وبقرار المؤتمر ترشيحه للانتخابات الرئاسية القادمة سنة 2009م... معبراً عن بالغ الارتياح لما يلقاه لدى الشعب التونسي من صادق الوفاء وخالص الالتزام للعمل من أجل تجاوز العراقيل والصعوبات وتحقيق المزيد من المكاسب والإنجازات.
وقد عبر الشعب التونسي بكل فئاته عن ابتهاجه بقبول الرئيس زين العابدين بن علي الترشح للانتخابات الرئاسية، ومواصلة تحمل أمانة قيادة البلاد نحو مزيد من النماء والتحديث وكسب رهانات المرحلة القادمة ورفع تحدياتها وتحقيق الأهداف التي رسمها رئيس الدولة من أجل رفاه كل التونسيين وإعلاء مكانة تونس بين الأمم.
علاقات تاريخية
إن العلاقات التونسية - اليمنية تمتد إلى جذور التاريخ، حيث إن جنود الجيوش الإسلامية التي كانت تحت إمرة القادة الأجلاّء من الصحابة، رضوان الله عليهم، والتي كان لها السبق في فتح أفريقيا، هي في معظمها قبائل من اليمن يذكرها التاريخ وتدون بطولاتها ذاكرة الأدب الشعبي بالجنوب التونسي، الذي تعود أصوله إلى قبائل بني هلال اليمانية التي دخلت أفريقيا، قادمة من صعيد مصر في أوائل القرن العاشر ميلادي، لتزيد في تدعيم ونسج الأصول المشتركة للشعبين الشقيقين التونسي واليمني.
ولاتزال علاقات البلدين تستمد قوتها من المرجعية التاريخية المشتركة ومن وحدة المصير وتطابق الأهداف والتوجهات والتعلق بقيم الاعتدال والتسامح والحوار والالتزام بقضايا الحق والعدل والسلم في العالم... وقد تجسمت هذه الرؤى وتدعمت في ظل تحول السابع من نوفمبر 1987 في تونس بقيادة فخامة الرئيس زين العابدين بن علي، وتحقيق الوحدة اليمنية المباركة في اليمن، بالقيادة الحكيمة والرشيدة لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح، الذي كان قد زار تونس سنة 2000 والتقى أخاه سيادة الرئيس زين العابدين بن علي.
نقلة نوعية
تشهد العلاقات التونسيّة - اليمنية خلال هذه الفترة نقلة نوعيّة، خاصّة على المستوى الاقتصادي والتجاري، حيث تواترت المشاركات التونسية في عدد من التظاهرات الاقتصادية المقامة في اليمن على غرار المشاركة التونسية الثانية في معرض صنعاء الدولي خلال شهر جوان (يونيو) 2008، كما توجهت عناية الفاعلين الاقتصاديين التونسيين سواء من الصناعيين أم الشركات التجارية أم بيوت الخبرة ومكاتب الدراسات أم المستثمرين في مجال الصيد البحري للاهتمام بالسوق اليمنيّة وبالإمكانات المتاحة في هذا البلد، تواصلاً مع النتائج الإيجابية لبعثات رجال الأعمال التونسيين التي زارت صنعاء خلال سنتي 2006 و2007 والتي انعكست بشكل ملحوظ على حجم المبادلات التجارية وتعزيز الاتصال بين القطاع الخاص في البلدين، فضلاً عن تسجيل زيارة هامة لوفد من الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري يضم مستثمرين في مجال الثروة السمكية لاستكشاف فرص إحداث شركات تونسية يمنية في هذا القطاع الواعد خلال شهر جوان (يونيو) 2008م... وحافظ البلدان على نسق متصل لاجتماعات اللجنة المشتركة التي مثل إلتئامها الدوري المنتظم مناسبة سانحة للتشاور السياسي بين البلدين حول المستجدات الجهوية والإقليمية والدولية ولتنسيق المواقف ودعم مبادرات البلدين ورفد مساعيهما... كما مكنت هذه الاجتماعات من وضع آلية لتقييم التقدم في إنجاز الاتفاقات والبرامج المرسومة في مختلف أوجه التعاون ولاستكشاف فرص تنمية التعاون ووضع التصورات وطرق تجاوز العراقيل التي قد تحول دون التقدم في تجسيد القرارات المتخذة.
اتفاقات تعاون
ولقد مكّن التئام الدورة العاشرة للجنة المشتركة في أفريل (أبريل) الماضي بتونس من التقدم في استكمال الإطار القانوني للتعاون في شتى المجالات ووضع البرامج التنفيذية لاتفاقات التعاون في مجالات الشباب والرياضة، والإدارة العمومية والتنمية الإدارية، ونقل الأشخاص والبضائع والعبور على الطرقات، والفلاحة، والاعتراف المتبادل برخص السياقة، والشؤون الدينية، والتعليم الفني والتدريب، والتربية، والتعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا، والتعاون الإعلامي. إلى جانب مذكرة تفاهم بين المعاهد الدبلوماسية في البلدين، فضلاً عن توقيع مذكرة تفاهم وتعاون أولية بين الجامعة الوطنية لصيد الأعماق بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وغرفة تجارة وصناعة حضرموت ومذكرة تفاهم بين الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والاتحاد التعاوني السمكي اليمني.
سياسة خارجية متوازنة
تقوم الدبلوماسية التونسية المتجذرة في محيطها الإقليمي والحضاري على جملة من الثوابت في طليعتها الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية والسلم والتفاهم والتعاون بين الشعوب، وتتميز بحركية ونظرة شمولية ومقاربة بناءة في التعاطي مع الملفات المطروحة على الساحة الدولية خدمة للمصالح التونسية... كما تسعى إلى بعث روح جديدة من التضامن الدولي تراعي متطلبات الشراكة من أجل تنمية شاملة وعادلة ومستديمة... وقد توّجت هذه المساعي بمصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 ديسمبر 2002 بالإجماع على قرار ينص على إحداث الصندوق العالمي للتضامن... كما توّجت مبادرة الرئيس بن علي من أجل عقد قمة عالمية حول مجتمع المعلومات بالتئام هذه القمة على مرحلتين: الأولى في جنيف سنة 2003 والثانية بتونس من 16 إلى 18 نوفمبر 2005م.
ومن بين الأهداف الأساسية للدبلوماسية التونسية بناء اتحاد المغرب العربي باعتباره خياراً استراتيجياً، تدعيم روابط التضامن والتعاون والعمل المشترك في العالم العربي، مساندة عملية السلام في الشرق الأوسط باعتبارها المدخل إلى تحقيق حل شامل وعادل ودائم في المنطقة، تنمية علاقات التعاون مع البلدان الإفريقية والمساهمة في حل الصراعات التي تشهدها القارة بالطرق السلمية، تحقيق الأهداف المنشودة في إطار اتفاقية الشراكة المبرمة بين تونس والاتحاد الأوروبي، تقوية التضامن الأورومتوسطي بفضل دعم الحوار بين مجموعة (خمسة زائد خمسة) خلال أول قمة بين هذه البلدان في شهر ديسمبر 2003 في تونس، وإقامة علاقات شراكة وتعاون مع الدول الآسيوية والأمريكية وتدعيمها.
قطب هام لاستثمارات عالمية ضخمة
تعمل تونس منذ التغيير على ضمان تدفق الاستثمارات الخارجية وتدعيمها في القطاعات الجديدة والواعدة تأميناً لمقومات التنمية والتشغيل بالبلاد وإتاحة الفرص أمام كبار المستثمرين في البلدان الشقيقة والصديقة ومزيد تطوير التشريعات وتعزيز هيكلة القطاع المالي وتطوير آلياته بما يتلاءم ومتطلبات الاستثمار... وأصبحت تونس منذ 1995 أول بلد من الضفة الجنوبية للمتوسط يوقع اتفاق شراكة وتبادل حر مع الاتحاد الأوروبي، كما أبرمت تونس اتفاقات تبادل حر مع عدة بلدان مغاربية وعربية وتعمل على تنويع علاقات التعاون والشراكة في مختلف أنحاء العالم... وخلال العشرية 1987-1997 ارتفعت الاستثمارات الخارجية بنسبة تجاوزت 100% بالمقارنة مع العشرية السابقة... وسجل حجم الاستثمار الخارجي تطوراً كبيراً ليبلغ (1000) مليون دينار سنة 2005 مقابل (100) مليون دينار سنة 1986م... وبفضل حوافز تشجيع الاستثمار الخارجي، وما يميز تونس من استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي، أصبحت وجهة استثمارية مفضلة لأكثر من (3000) مؤسسة أجنبية تعمل في عديد المجالات.
مدينة القرن
ومن أكبر الاستثمارات التي استقطبتها تونس في الفترة الأخيرة مشروع عقاري ضخم لإنشاء مدينة القرن (باب المتوسط) في البحيرة الجنوبية لتونس العاصمة، حيث أطلقت شركة (سما دبي) الإماراتية والجمهورية التونسية في شهر أوت (أغسطس) 2007 رسمياً هذا المشروع... وسيمتد المشروع على مساحة (837) هكتاراً باعتمادات تبلغ (14) مليار دولار (حوالي 18 مليار دينار تونسي)، كما سيوفر (140) ألف فرصة عمل، ومن المنتظر أن ترتفع حجم اعتماداته إلى قرابة (16) مليار دولار... ويعتبر هذا المشروع الاستثماري الضخم استثنائياً ليس فقط من حيث حجمه والاعتمادات المالية المخصصة له، بل كذلك من حيث تأثيره على مسار التنمية وعلى الاقتصاد الوطني، بل إن تونس تهدف من خلال مثل هذه المشاريع الضخمة إلى اللحاق بركب الدول المتقدمة عبر بلوغ نسبة نمو تقدر ب 6.3 % والترفيع في مستوى الدخل الفردي فضلاً عن خلق (412) ألف فرصة عمل خلال الخماسية القادمة.
ومن المقرر أن يضم نحو (2500) شركة ومؤسسة استثمارية عالمية، ومنها (26) مليون متر مربع من البنايات وستترواح مدة إنجازه بين (5 10) سنوات سيتضمن بالخصوص أبراجاً متعددة الاستعمالات وناطحات سحاب، و(50) ألف وحدة سكنية و(10) منتجعات سياحية ومركبات فندقية فاخرة ومدارس وجامعات ومحلات تجارية عالمية عصرية و(5) مراسٍ لليخوت وملعب صولجان ومدينة رياضية ومكاتب كبرى للشركات وحدائق وبنايات صديقة للبيئة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.