أكد عضو المحكمة العليا القاضي/ يحيى الماوري، أهمية تحرر القاضي من ثقافة "صاحب الولاية العامة"، وتخليصه من سيطرة عقدة النقص وهيمنة السلطة التنفيذية. ودعا الماوري - في ندوة نظمها مركز منارات بصنعاء- بعنوان "استشراف آفاق العدالة القضائية في إطار الدولة المدنية" إلى تحرير القاضي من هاجس الخوف والشعور بالقلق على مستقبله، مستعرضاً مبادئ السلطة القضائية و توازن السلطات. ولفت عضو المحكمة العليا إلى أن تحقيق استقلال القضاء والتغلب على ما يكتنفه من غموض ومعوقات واحباطات واقعية يتطلب إرادة سياسية تؤمن بأهمية دور القضاء كركيزة أساسية في كيان الدولة المدنية المنشودة، مؤكداً على ضرورة وجود سلطة قضائية مستقلة ونزيهة وعادلة وقوية على الواقع العملي وليس مجرد عبارات ونصوص ورقية في التشريعات والقوانين. وشدد على ضرورة تكاتف كافة أفراد المجتمع وقواه الوطنية لبلورة رؤية متكاملة عن شكل السلطة القضائية في إطار مشروع النظام الدستوري والدور الذي سيناط بها في تحقيق عدالة قضائية كاملة. وتطرق القاضي الماوري إلى القضاء اليمني في الدستور النافذ، والنظام القضائي المنشود في إطار النظام الدستوري القادم، وضمانات استقلال القضاء، واحترام المجتمع لاستقلال القضاء، وأنواع التدخل في شؤون القضاء، ودور القضاء في الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد، إضافة إلى القضاء وحماية الاستثمار. ولفت إلى أن متطلبات استقلال القضاء تتلخص في وضوح الرؤية السليمة لماهية استقلال القضاء ومدلوله لدى أجهزة الدولة ومسؤوليها ولدى رجال القضاء أنفسهم والقائمين على رعايته وخدمته والمسؤولين على تنفيذ أحكامه، وتوفر نصوص عامة ومجردة، وكذا شخصية القاضي واستشعاره الاستقلال في نفسه، وتوفر الحماية الدستورية والجزائية والشعبية وعدد من الضمانات وبما يكفل استقلال القضاء، فضلاً عن كفالة الضمان والاستقلال العملي للقاضي وتنفيذ أحكامه من جانب الدولة. من جانبه رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة صنعاء الدكتور القاضي/ عبدالله فروان استعرض في ورقته وضع السلطة القضائية والإشكاليات التي تؤثر في استقلال القضاء. وأشار في ورقة العمل التي قدمها إلى أن إسهام القضاء في بناء دولة النظام والقانون يتمثل في ترجمة النصوص الدستورية القانونية فيما يتعلق بمبدأ استقلال القضاء مالياً وإدارياً وقضائياً، وتوفير الحماية اللازمة لأعضاء السلطة القضائية وبما يمكنهم من أداء الرسالة في تحقيق العدل بأيسر السبل وأقل التكاليف، وكذا معالجة البطء في سير الإجراءات وسرعة فصل القضايا، ومعالجة مشكلة تنفيذ الأحكام باعتبارها ثمرة التقاضي. وبيّن القاضي فروان، أن إسهام القضاء في بناء دولة النظام والقانون يتم أيضاً من خلال توفير الإمكانات المادية والبشرية اللازمة في كل محكمة بحسب حجم القضايا المعروضة عليها، وإيجاد حيز مناسب في وسائل الإعلام المختلفة لخلق الوعي القضائي والقانوني في المجتمع وتشجيع أفراد المجتمع للجوء إلى القضاء للحصول على الحقوق أياً كانت، وتعزيز الثقة بمؤسسات الدولة خصوصاً السلطة القضائية. وأثريت الندوة بعدد من المداخلات والنقاشات من قبل عدد من القضاة والمستشارين والمهتمين.