بينما كان حل الأزمة المالية الأميركية والأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عنها يتطلب قمة عالمية «فوق العشرين» في إطار الأممالمتحدة ولو تمهيدية لا تستثني أحدا، للخروج بحل مالي وبنظام اقتصادي عالمي جديد لا يصممه الجزء القوي الغني لمصلحة الجزء بل يتوافق عليه الكل القوي والضعيف والغني والفقير لمصلحة الكل سواء من دول الاقتصادات الكبرى أو الاقتصادات الصاعدة أو الناشئة، من دول الجنوب أو الشمال، ومن دول الشرق أو الغرب.. دعت الإدارة الأميركية التي تسببت في هذه الأزمة الخطيرة إلى قمة انتقائية لعشرين دولة لمساعدتها على الخروج من النفق وإعادة تنظيم النظام المالي العالمي، وهى الدول ذات الحجم الأكبر في الاقتصاد العالمي، ويغلب عليها إضافة للدول السبع أو الثماني الكبرى أقلية من الاقتصادات الصاعدة والنامية كالصين والهند والبرازيل والسعودية،مع غالبية من الحضور الأوروبي والآسيوي المرتبط بالنظام الرأسمالي المأزوم والذي بات لا محالة بحاجة إلى تصحيح. مجموعة الدول الصناعية الرأسمالية الكبرى «تحت العشرين»، السبع بدون روسيا التي كانت تضم الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان، أو مجموعة الدول الثماني بانضمام روسيا بعد التحول باتجاه نظام السوق، هي القوة العالمية الاقتصادية الكبرى بقيادة أميركية وانتهت إلى الفشل، والتي كانت هي المهيمنة بأدواتها العالمية الممثلة في البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي على نظام الاقتصاد العالمي. فما معنى اجتماع «قمة العشرين» كما رأت أميركا سبب الأزمة، وليس «تحت العشرين» كما كان الوضع قبل الأزمة، ولا «فوق العشرين» كما طالبت أوروبا وروسيا والعالم بعد الأزمة؟ وربما تتضح الإجابة عن هذا السؤال من حقيقة أن التغير في القاعدة لابد أن يحدث التغيير في القمة، ومثلما حدث أن أميركا قد تغيرت بفشل سياساتها الاقتصادية الداخلية والخارجية وبإخفافاتها العالمية في مغامراتها الحربية تحت قيادة بوش بما أدى للأزمة الأميركية الحالية، مما استدعى الأمر بوعي الشعب الأميركي فصوت مثلما صوت العالم معه على تغيير الإدارة الجمهورية الفاشلة بإدارة ديمقراطية واعدة بالتغيير بقيادة أوباما. فإن العالم الآن يشهد تغيرا يستدعي التغيير على قمته إن لم يفرضه، هذا إن لم يكن العالم قد تغير بالفعل في ملامح كثيرة سواء قبل انكشاف الأزمات المالية والاقتصادية الأميركية في ظل معادلات جديدة للقوى الاقتصادية والسياسية والعسكرية الجديدة،. أو بعد انهيار النظام المالي الأميركي وبالتالي النظام الرأسمالي الأوروبي والآسيوي التابع للنظام الأميركي بما غير موازين القوى في المعادلات التقليدية القديمة إلى موازين جديدة فرضت نفسها في دعوتها لقمة العشرين. يؤكد ذلك ما أوضحه «جيمس ولفنستون» المدير العام السابق للبنك الدولي من أن قيادة الدول السبع الصناعية الكبرى للاقتصاد العالمي «قد أصبح شيئا من الماضي».. تماما مثلما بات النظام الاقتصادي الرأسمالي التقليدي القديم يبدو لنا شيء من الماضي! فماذا ينتظر من قمة لا هي تحت العشرين كما كان، ولا فوق العشرين كما يجب في ظل الخلافات الأوروبية الأميركية والشكوك الروسية واليابانية في نجاح العشرين.. سواء في وضع القواعد الجديدة العلاجية والوقائية الصحيحة، أوفى إيجاد الآليات الرقابية الملائمة والإجراءات التصحيحية الجماعية المناسبة للتوصل إلى نظام مالي عالمي صحيح وجديد، بما يكفى لتجنيب النظام الاقتصادي الحالي مخاطر الركود والكساد لتصحيح الخلل في هياكل النظام الاقتصادي العالمي؟.. لننتظر ونرى !