خطوات هامة نحو تغيير المعادلة في سهل وساحل تهامة في سبيل الاستقلال!!    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    أول تعليق إماراتي بعد القصف الإسرائيلي على إيران    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    برشلونة يسعى للحفاظ على فيليكس    مصادر تفجر مفاجأة بشأن الهجوم الإسرائيلي على أصفهان: لم يكن بمسيرات أو صواريخ أرض جو!    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    أمطار رعدية تعم 20 محافظة يمنية خلال الساعات القادمة.. وصدور تحذيرات مهمة    الرد الاسرائيلي على ايران..."كذبة بكذبة"    الجنوب يفكّك مخططا تجسسيا حوثيا.. ضربة جديدة للمليشيات    مسيرة الهدم والدمار الإمامية من الجزار وحتى الحوثي (الحلقة الثامنة)    مليشيا الحوثي تحاول الوصول إلى مواقع حساسة.. واندلاع مواجهات عنيفة    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    السعودية تطور منتخب الناشئات بالخبرة الأوروبية    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    استدرجوه من الضالع لسرقة سيارته .. مقتل مواطن على يد عصابة ورمي جثته في صنعاء    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل الإمام الشهيد حسن البنا (الحلقة الثامنة والثلاثون)
نشر في أخبار اليوم يوم 08 - 09 - 2012


رسالة العقائد
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمات
1 - تعريف العقائد :
العقائد : هي الأمور التي يجب أن يصدق بها قلبك , و تطمئن إليها نفسك , و تكون يقينا عندك , لا يمازجه ريب , و لا يخالطه شك .
2 - درجات الاعتقاد :
و الناس في قوة العقيدة و ضعفها أقسام كثيرة , بحسب وضوح الأدلة , و تمكنها من نفوس كل قسم , و لنوضح لك هذا المقام بضرب الآتي :
لو أن رجلا سمع بوجود بلد لم يره , كاليمن مثلا , من رجل آخر غير معروف بالكذب , فإنه يصدق بوجود هذا البلد و يعتقده , فإذا سمع هذا الخبر من عدة رجال زاد به ثقة , و إن كان لا يمنعه ذلك من أن يشك في اعتقاده إذا عرضت له الشبهات , فإذا رأى صورته الفوتوغرافية زاد اعتقاده بوجوبه , و أصبح الشك متعسرا عليه أمام قوة هذا الدليل , فإذا سافر و بدت له أعلامه و بشائره زاد إيقانه و زال شكه , فإذا نزله و رآه رأي العين , لم يعد هناك مجال للريبة , و رسخت في نفسه هذه العقيدة رسوخا قويا حتى يكون من المستحيل رجوعه عنها و لو أجمع الناس على خلافها , فإذا سار في طرقه و شوارعه , و درس شؤونه و أحواله ازداد به خبرة و معرفة , و كان ذلك أمرا موضحا لاعتقاده زائدا عليه .
و إذا علمت هذا فاعلم أن الناس أمام العقائد الدينية أقسام كذلك :
منهم من تلقاها تلقينا , و اعتقدها عادة , و هذا لا يؤمن عليه من أن يتشكك إذا عرضت الشبهات , و منهم من نظر وفكر فازداد إيمانه , و منهم من أدام النظر و أعمل الفكر , و استعان بطاعة الله تعالى و امتثال أمره , و إحسان عبادته , فأشرقت مصابيح الهداية في قلبه , فرأى بنور بصيرته ما أكمل و أتم يقينه , و ثبت فؤاده :
(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) (محمد:17) .
و إنما ضربنا لك هذا المثل لترقى بنفسك عن مواطن التقليد في التوحيد , و تعمل الفكر في تفهم عقيدتك , و تستعين بطاعة مولاك في معرفة أصول دينك , و تستعين بطاعة مولاك في معرفة أصول دينك حتى تصل إلى مراتب الرجال , و تترقى في مدارج الكمال :
قد رشحوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
3 - تقدير الإسلام للعقل :
أساس العقائد الإسلامية – ككل الأحكام الشرعية – كتاب الله تعالى و سنة رسوله .
و يجب أن تعلم , مع ذلك , أن كل هذه العقائد يؤيدها العقل , و يثبتها النظر الصحيح , و لهذا شرف الله تعالى العقل بالخطاب , و جعله مناط التكليف , و ندبه إلى البحث و النظر و التفكير , قال تعالى : (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (يونس:101) , وقال تعالى : (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ , وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ , تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ , وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ و َحَبَّ الْحَصِيدِ , وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ , رِزْقاً لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ) (قّ:6 ,11) , و ذم الذين لا يتفكرون و لا ينظرون فقال تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (يوسف:105) , و طالب الخصوم بالدليل و البرهان حتى فيما هو ظاهر البطلان , تقديرا للأدلة , و إظهارا لشرف الحجة , و قد ورد في الحديث أن بلالا جاء يؤذن النبي بصلاة الصبح , فرآه يبكي فسأله عن سبب بكائه , فقال : (ويحك يا بلال ما يمنعني أن أبكي و قد أنزل الله علي هذه الليلة : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ) (آل عمران:190) , ثم قال : (ويل لمن قرأها و لم يتفكر فيها) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر .
و من هنا تعلم أن الإسلام لم يحجر على الأفكار و لم يحبس العقول , و عن أرشدها إلى التزام حدها , و عرفها قلة علمها , و ندبها إلى الاستزادة من معارفها , فقال تعالى : (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً) (الاسراء:85) , و قال تعالى (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) (طه:114) .
4 - أقسام العقائد الإسلامية
العقائد الإسلامية تنقسم إلى أربعة أقسام رئيسية , تحت كل قسم منها فروع عدة :
القسم الأول : الإلهيات
وتبحث فيما يتعلق بالإله سبحانه و تعالى من حيث صفاته و أسماؤه و أفعاله , و يلحق بها ما يستلزمه اعتقاده من العبد لمولاه .
القسم الثاني : النبوات
و تبحث في كل ما يتعلق بالأنبياء , صلوات الله و سلامه عليهم , من حيث صفاتهم و عصمتهم و مهمتهم و الحاجة إلى رسالتهم , و يلحق بهذا القسم ما يتعلق بالأولياء رضوان الله عليهم , و المعجزة و الكرامة , و الكتب السماوية .
القسم الثالث : الروحانيات
و تبحث فيما يتعلق بالعالم غير المادي : كالملائكة عليهم السلام , و الجن , و الروح .
القسم الرابع : السمعيات
فيما يتعلق بالحياة البرزخية , و الحياة الأخروية : كأحوال القبر , و علامات القيامة , و البعث , و الموقف , و الحساب , و الجزاء .
ذات الله تعالى
اعلم يا أخي , هدانا الله و إياك إلى الحق , أن ذات الله تبارك و تعالى أكبر من أن تحيط بها العقول البشرية , أو تدركها الأفكار الإنسانية , لأنها مهما بلغت من العلو و الإدراك محدودة القوة , محصورة القدرة , و سنفرد بحثا خاصا إن شاء الله تعالى , تعلم منه مبلغ قصور العقل البشري عن إدراك حقائق الأشياء , و لكن يكفي أن أذكرك بما نلمسه الآن من أن عقولنا , من أكبرها إلى أصغرها , تنتفع بكثير من الأشياء و لا تعلم حقائقها , فالكهرباء , و المغناطيس و غيرهما , قوى نستخدمها و ننتفع بها و لا نعلم عنها شيئا من حقيقتها , و لا يستطيع أكبر عالم الآن أن يفيدك بشيء , على أن معرفة حقائق الأشياء لا يفيدنا بشيء , و يكفينا ما نعرف من خواصها ما يعود بالفائدة علينا .
فإذا كان هذا شأننا في الأمور التي نلمسها و نحسها فما بالك بذات الله تبارك و تعالى ؟! و قد ضل أقوام تكلموا في ذات الله تبارك و تعالى فكان كلامهم سببا لضلالهم و فتنتهم اختلافهم لأنهم يتكلمون فيما لا يدركون تحديده , و لا يقدرون على معرفة كنهه , و لهذا نهى الرسول عن التفكر في ذات الله , و أمر بالتفكر في مخلوقاته .
عن ابن عباس رضي الله عنهما إن قوما تفكروا في الله عز و جل فقال النبي : (تفكروا في خلق الله , و لا تتفكروا في الله , فإنكم لن تقدروا قدره) قال العراقي : رواه أبو نعيم في الحلية بإسناد ضعيف , و رواه الأصبهاني في الترغيب و الترهيب بإسناد أصح منه , و رواه أبو الشيخ كذلك , و هو على كل حال صحيح المعنى .
و ليس ذلك حجر على حرية الفكر , و لا جمودا في البحث , و لا تضييقا على العقل , و لكنه عصمة له من التردي في مهاوي الضلال , و إبعاد له عن معالجة أبحاث لم تتوفر له وسائل بحثها , و لا تحتمل قوته – مهما عظمت – علاجها , و هذه هي طريقة الصالحين من عباد الله العرفين بعظمة ذاته , و جلال قدره , سئل الشبلي رحمه الله تعالي عن الله تبارك و تعالى فقال : هو الله الواحد المعروف , قبل الحدود و قبل الحروف . و قيل ليحيى بن معاذ : أخبرني عن الله عز و جل ؟ فقال : إله واحد , فقيل له كيف هو ؟ فقال ملك قادر , فقيل له : أين هو ؟ فقال هو بالمرصاد , فقال السائل : لم أسألك عن هذا , فقال : ما كان غير هذا كان صفة المخلوق , فأما صفته ما أخبرتك عنه .
فاحصر همتك في إدراك عظمة ربك بالتفكر في مخلوقاته و التمسك بلوازم صفاته .
أسماء الله الحسنى
إن الخالق المتصرف جل و علا تعرف إلى خلقه بأسماء و صفات تليق بجلاله , يحسن بالمؤمن حفظها تبركا , و تلذذا بذكرها , و تعظيما لقدرها . و إليك الحديث الصحيح الذي جمعها , فنعم المعلم حديث رسول الله , و نعم المرشد و الهادي لسان الوحي , و مشكاة النبوة .
وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( للهِ تَعالى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً ، مائة إِلاَّ وَاحِداً، لا يحفظها أحد إلا دَخَلَ الجَنَّةَ ، و هو وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرِ) رواه البخاري و مسلم و في رواية البخاري (مَنْ أحْصَاها ) ،و رواه الترمذي و زاد فيه :
( هُوَ اللهُ الَّذي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ، الرَّحْمَنُ ، الرَّحِيمُ ، المَلِكُ ، القُدُّوسُ ، السَّلامُ ، المُؤْمِنُ ، المُهَيْمِنُ ، العَزِيزُ ، الجَبَّارُ ، المُتَكَبِّرُ ، الخالِقُ ، البارىءُ ، المُصَوّرُ ، الغَفَّارُ ، القَهَّارُ ، الوَهَّابُ ، الرَّزَّاقُ ، الفَتَّاحُ ، العَلِيمُ ، الباسِطُ ، الخَافِضُ ، الرَّافِعُ ، المُعِزُّ ، المُذِلُّ ، السَّمِيعُ ، البَصِيرُ ، الحَكَمُ ، العَدْلُ ، اللَّطِيفُ ، الخَبيرُ ، الحَليمُ ، العَظِيمُ ، الغَفُورُ ، الشَّكُورُ ، العَلِيُّ ، الكَبِيرُ ، المُقِيتُ ، الحَسِيبُ ، الجَلِيلُ ، الكَرِيمُ ، الرَّقِيبُ ، المُجِيبُ ، الوَاسِعُ ، الحَكِيمُ ، الوَدُودُ ، المَجِيدُ ، الباعِثُ ، الشَّهِيدُ ، الحَقُّ ، الوَكِيلُ ، القَوِيُّ ، المَتِينُ ، الوَليُّ ، الحَمِيدُ ، المُحْصِي ، المُبْدِىءُ ، المُعِيدُ ، المُحْيِي ، المُمِيتُ ، الحَيُّ ، القَيُّومُ ، الوَاجِدُ ، المَاجِدُ ، الوَاحِدُ ، الصَّمَدُ ، القادِرُ ، المُقْتَدِرُ ، المُقَدِّمُ ، المُؤَخِّرُ ، الأوَّلُ ، الآخِرُ ، الظَّاهِرُ ، البَاطِنُ ، الوَالي ، المُتَعالِ ، البَرُّ ، التَّوَّابُ ، المُنْتَقِمُ ، العَفُوُّ ، الرًّؤُوف ، مالِكُ المُلْكِ ، ذُو الجَلالِ وَالإِكْرَامِ ، المُقْسِط ُ، الجامِعُ ، الغَنِيُّ ، المُغْنِي ، المَانِعُ ، الضَّار ، النَّافعُ ، النُّورُ ، الهَادِي ، البَدِيعُ ، الباقِي ، الوَارِثُ ، الرَشِيدُ ، الصَّبُور )
معاني بعض أسماء الله :
( القُدُّوسُ ) المطهر من العيوب ، ( السَّلامُ ) الأمان لخلقه , أو هو السالم من العيوب ، ( المُؤْمِنُ ) المصدق وعده لخلقه و المؤمّن لهم من عذابه ، ( المُهَيْمِنُ) المسيطر المتصرف , الشهيد الرقيب ، ( العَزِيزُ ) القاهر الغالب ، ( الجَبَّارُ ) المنفذ لأوامره ، ( المُتَكَبِّرُ ) العالي عن صفات الخلق المتفرد بصفات عظمته ، ( البارئ ) الخالق و هو في خلق ذي الروح أظهر , يقال : بارئ النسم و خالق السموات و الأرض , (المُقِيتُ) العالم العارف ، ( الحَسِيبُ ) الكافي لخلقه ، ( المُحْصِي ) هو الذي أحصى كل شيء يعلمه فلا يفوته شيء من الأشياء ، ( البَرُّ ) المتعطف على عباده ببره و لطفه ، ( الرَشِيدُ ) الذي يرشد الخلق إلى مصالحهم ، ( الصَّبُور) هو الذي لا يعاجل العصاة بالانتقام منهم .
* بحوث تتعلق بأسماء الله الحسنى
1 - الأسماء الزائد عن التسعة التسعين :
هذه التسعة و التسعون ليس كل ما ورد في اسماء الله تبارك و تعالى , بل وردت الأحاديث بغيرها من الأسماء , فقد ورد في الحديث من رواية أخرى ( الحنان ) , ( المنان ) , ( البديع ) , و ورد كذلك من أسمائه تعالي ( المغيث ) , و ( الكفيل ) و ( ذو الطول ) , و (ذو المعارج) و (ذو الفضل) , و (الخلاّق) .
قال أبوبكر بن العربي في شرح الترمذي حاكيا عن بعض اهل العلم : إنه جمع من الكتاب و السنة من أسمائه تعالى ألف اسم , و في كلام صاحب (القصد المجرد) ما يفيد ذلك , و أشار إلى ذلك الشوكاني في (تحفة الذاكرين) ثم قال : و أنهض ما ورد في إحصائها الحديث المذكور , و فيه الكفاية .
2 - الأحاديث التي وردت فيها ألفاظ على أنها أسماء الله تعالى على المجاز :
ثم اعلم أن بعض الأحاديث وردت فيها ألفاظ على أنها أسماء الله تعالى , و لكن قرائن الحال و أصل الوضع يدل على غير ذلك , فاعلم أن ذلك من قبيل المجاز لا الحقيقة , و من قبيل تسمية الشيء باسم غيره لعلاقة بينهما أو على تقدير بعض المحذوفات , مثال ذلك الحديث الذي رواه أبوهريرة رضي الله عنه عن النبي قال : (لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر) رواه مسلم , و حديث عائشة رضي الله عنها : (دعوه يئن فإن الأنين اسم من أسماء الله تعالى يرتاح إليه المريض) , ذكره الجلال السيوطي ي الجامع الصغير عن الرافعي و حسنه , و ليس هو من رواية مسلم , و لا من حديث أبي هريرة كما يخطئ بعض الناس , و منه ما ورد في إطلاق اسم رمضان على الحق تبارك و تعالى في بعض الآثار .
فكل هذه لا يراد منها ظواهرها و حقيقة الإطلاق , بل المقصود في الأول منها مثلا : فإن الله هو مسبب لحوادث الدهر فلا يصح أن ينسب إلى الله شيء و لا أن يسب و يذم , و في الثاني : فإن الأنين أثر قهر الله تعالى يرتاح إليه المريض , و هكذا في المعاني التي تدل عليها قرائن الأحوال .
3 - التوقيف في أسماء الله تعالى و صفاته :
و اعلم أن جمهور المسلمين على انه لا يصح أن نطلق على الله تبارك و تعالى اسما أو وصفا لم يرد به الشرع , بقصد اتخاذه اسما له تعالى و إن كان يُشعر بالكمال , فلا يصح أن نقول : مهندس الكون العظم , و لا أن نقول المدير العام لشؤون الخلق , على أن تكون هذه أسماء أو صفات لله تعالى يصطلح عليها , و يتفق على إطلاقها عليه تعالى , و لكنها إن جاءت في عرض الكلام لبيان تصرفه تعالى من باب التقريب للإفهام فلا بأس , و الأولى العدول عن ذلك تأدبا مع الحق تعالى .
4 - العلمية و الوصفية في هذه الأسماء :
و هذه الأسماء المتقدمة منها علم واحد وضع للذات القدسية و هو لفظ الجلالة : الله , و باقيها كلها ملاحظ فيها معنى الصفات , و لهذا صح أن تكون أخبارا للفظ الجلالة , و هل هو مشتق أو غير مشتق ؟ مسألة خلافية , لا يترتب عليها أمر عملي , و حسبنا أن نعلم اسم الذات هو هذا الاسم المفرد و بقية الأسماء مشربة بالوصفية , و في هذا الكفاية .
5 - خواص أسماء الله الحسنى :
يذكر البعض أن لكل اسم من أسماء الله تعالى خواص و أسرارا تتعلق به على إفاضة فيها أو إيجاز , و قد يتعالى البعض فيتجاوز هذا القدر إلى زعم أن لكل اسم خادما روحانيا يخدم من يواظب على الذكر به , و هكذا , و الذي أعلمه في هذا , و فوق كل ذي علم عليم , أن أسماء الله تعالى ألفاظ مشرفة لها فضل على سائر الكلام , و فيها بركة و في ذكرها ثواب عظيم , و أن الإنسان إذا واظب على ذكر الله تعالى ظهرت نفسه , و صفت روحه , و لا سيما إذا كان ذكره بحضور قلب و فهم للمعنى , أما ما زاد على ذلك فلم يرد في كتاب و لا سنة , و قد نهينا عن الغلو في دين الله تعالى , و الزيادة فيه , و حسبنا الاقتصار على ما ورد .
6 - اسم الله الأعظم :
ورد اسم الله الأعظم في أحاديث كثيرة , منها :
1 - عن بريدة رضي الله عنه قال : سَمعَ الْنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم رجلاً يدعُو وهوَ يَقُولُ: الَّلهُمَّ إنِّي أسألُكَ بأنَّي أشهدُ أنَّكَ أنتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنتَ الأحَدُ الصَّمدُ الَّذِي لمْ يَلدْ ولمْ يُولَدْ ولمْ يكُنْ لهُ كفواً أحدٌ. قَالَ فَقَالَ : (والَّذِي نفسي بيدهِ لقَدْ سألَ اللهَ باسمهِ الأعظمِ الَّذِي إذا دُعيَ بهِ أجابَ وإذا سُئِلَ بهِ أعطى) رواه أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة , و قال المنذري : قال شيخنا أبو الحسن المقدسي : هو إسناد لا مطعن فيه , و لا أعلم أنه روي في هذا الباب حديث أجود إسنادا منه , و قال الحافظ ابن حجر : هذا الحديث أرجح ما ورد في هذا الباب من حيث السند .
2 - عَن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : دَخَلَ الْنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم المسجدَ ورجلٌ قَدْ صَلَّى وهُوَ يدعُو وهو يَقُولُ في دُعائِهِ الَّلهُمَّ لا إلهَ إلاّ أنتَ المَنَّانُ بديعَ السَّماواتِ والأَرْضِ ذا الجلالِ والإكرامِ. فَقَالَ الْنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّم (أتدرونَ بما دَعَا اللهَ؟ دَعَا اللهَ باسمِهِ الأعظمِ الَّذِي إذا دُعيَ به أجابَ وإذا سُئِلَ بِهِ أعْطَى) رواه أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجه .
3 - عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (اسم الله العظم في هاتين الآيتين ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) , ( ألم , اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) . رواه أحمد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجه , و قال الترمذي حديث حسن صحيح .
4 - عن سعد بن مالك رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (هل أدلكم على اسم الله الأعظم , الذي إذا دعي به أجاب , و إذا سئل به أعطى ؟ الدعوة التي دعا بها يونس حيث نادى في الظلمات الثلاث : (أَنْ لا إِلَهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) , فقال رجل : يا رسول الله هل كانت ليونس خاصة أم للمؤمنين عامة ؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (ألا تسمع قول الله عز وجل : (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) . رواه الحاكم .
فأنت ترى من هذه الأحاديث و من غيرها أنها لم تعين اسم الله الأعظم بالذات , و أن العلماء مختلفون في تعيينه لاختلافهم في ترجيح الأحاديث بعضها على بعض , حتى اختلفوا على نحو الربعين قولا , و الذي نأخذه من هذه الأحاديث الشريفة , و من أقوال الثقات من رجال الملة , أن الاسم الأعظم دعاء مركب من عدة أسماء من أسمائه تعالى إذا دعا به الإنسان , مع توفر شروط الدعاء المطلوبة شرعا استجاب الله له , و قد صرحت به الأحاديث الشريفة في عدة مواضع .
و إذا تقرر هذا , فما يدعيه بعض الناس من أته سر من الأسرار يمنح لبعض الأفراد , فيفتحون به المغلقات , و يخرقون به العادات , و يكون لهم به من الخواص ما ليس لغيرهم من الناس , أمر زائد عما ورد عن الله و رسوله , و إذا احتج هؤلاء البعض بالآية الكريمة و هي قوله تعالى : (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) (النمل:40) , على أن القول بأن معنى (عنده علم من الكتاب) أنه اسم الله الأعظم , نقول لهم : قد صرح المفسرون بأن ذلك المدعو به كان : يا حي يا قيوم , أو : الله لا إله إلا هو الحي القيوم . و ادعى بعضهم أنه سرياني لفظه : ( آهيا شراهيا ) , و هي دعوى بغير دليل , فلم يخرج الأمر عما ورد في الأحاديث الصحيحة .
و خلاصة البحث أن بعض الناس ولعوا بالمعميات , و ادعاء الخصوصيات , و الزيادة في المأثورات , فقالوا ما لم يرد في كتاب و لا في سنة , و قد نهينا عن ذلك نهيا شديدا , فلنقف مع المأثور .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.