قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن بقوة السلاح.. ومواطنون يتصدون لحملة سطو مماثلة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    مأساة في ذمار .. انهيار منزل على رؤوس ساكنيه بسبب الأمطار ووفاة أم وطفليها    أول جهة تتبنى إسقاط طائرة أمريكية في سماء مارب    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الساسة الشماليون ادعوا الدفاع عن الوحدة واستخدموا الدين للتمييز ضد الجنوبيين
الحراك: سياسة المنتصر فرضت واقعاً جديداً تحت مسمى "الوحدة المعمدة بالدم"
نشر في أخبار اليوم يوم 03 - 05 - 2013

في الحلقة الأخيرة من رؤيته أكد الحراك الجنوبي أن سياسة المنتصر بعد 94 فرضت واقعاً جديداً تحت مسمى "الوحدة المعمدة بالدم"، و أن الوحدة تحولت الى دماء وجراح أشاعت الكراهية ونقلت براميل الشطرية من الجغرافيا إلى النفوس.
وأشارت الرؤية إلى أن الساسة الشماليين ادعوا عند دفاعهم عن الوحدة المقدسة بأن الشعب يدين بدين واحد إلا في الواقع وعلى الأرض استخدموا الدين للتمييز ضد الجنوبيين، وكان استخدام الدين هو اللعبة الخطرة في السياسة اليمنية الداخلية، حيث بدأ النظام الشمالي بالإعداد لحرب 1994 بالترويج عبر معسكرات وزارتي الدفاع والداخلية وباستخدام رموز دينية شمالية بفكرة أن الجنوبيين ما هم إلا شيوعيون كفرة وتم نعتهم بألفاظ لا أخلاقية وإن قتلهم ونهبهم وانتهاك أعراضهم حلال..
وأشارت الرؤية الى فتوى الشيخ/ محمد الديلمي عضو شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح مؤكدة أن هذه الفتوى - سيئة الصيت- حد وصف الرؤية تسببت في حفر جروح غائرة في قلوب الجنوبيين.. "أخبار اليوم" تنشر الحلقة الأخيرة من رؤية الحراك.
سادساً: البعد الثقافي والاجتماعي:
إن حقائق الأمور تتطلب النظر إلى طبيعة التطور الثقافي والاجتماعي للجنوب في تاريخه الحديث والمعاصر فمجمل التطور التاريخي أوجد ثقافة مجتمعية مختلفة عنها في شمال اليمن ولاشك أن النظر إلى التطورات الثقافية والاجتماعية لا يتم إلا ضمن سياق اجتماعي تاريخي معين باعتبار الثقافة جزءاً من كل لمجمل التطور الاجتماعي، تفتضيه شروط التطور الاقتصادي والاجتماعي، وتتم مؤازرته بمنظومة متكاملة سياسية وحقوقية.
يشير الواقع إلى أن هناك ثقافة مدنية تأسست في الجنوب لعقود أحدثت تحولاً في سلوكيات الجنوبيين، فبات ترسيخ مبدأي النظام والقانون في الاحتكام إليه هما المؤشران الرئيسيان للدولة في الجنوب ولقد كان من سوء حظ حكام الجمهورية العربية اليمنية أن سيطرتهم على عدن في 1994م جاءت بعد مايزيد على ربع قرن من قيام حكم وطني في الجنوب، نشأت فيه أجيال صبغتها هوية وطنية واحدة تتمتع بكافة الحقوق المدنية والمساواة أمام القانون. وحين سيطر الشمال على الجنوب حمل معه ثقافة الحكم القبلي، وكان من النتائج المباشرة لسيطرة ثقافة الحكم هذه تحويل الجنوب إلى ميدان واسع للفيد والنهب والسلب لصالح القوى المنتصرة في الحرب وتجاهل وتهميش مصالح سكان الجنوب الذين باتوا في ظل النظام الجديد يفتقدون الغطاء القانوني لحماية مصالحهم الخاصة والعامة.
كما سادت حملات التوعية السياسية والمشاركة الشعبية المجتمعية في مناقشات القوانين وربط الكثير من الفئات الاجتماعية بالعمل والانتاج والنشاط الزراعي وهي السياسات المتبعة لهذه المشاركات المختلفة, بالإضافة الى ما أحدثته التعليم من ثورة على الموروث الاجتماعي وبشكل خاص في مجال تعليم الفتاة وألى أعلى المستويات داخلياً وخارجياً، وربط ذلك بحقها بالمشاركة في العمل, حيث تؤكد الدلائل أن المرأة الجنوبية حظيت بمكانه اجتماعية كشريك فاعل في عملية التنمية ولا أدل على ذلك من التوقيع والمصادقة على الاتفاقية الدولية لازالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في مايو 1984م كما أن حملات محو الأمية وتعليم الكبار أحدثت طفرة ملموسة في رفع الوعي المجتمعي بين أوساط واسعة من المجتمع وكان لنتائج هذه الحملات تحديداً بين أوساط النساء أن منح الاتحاد العام لنساء اليمن ميدالية كروبسكايا من قبل منظمة اليونسكو عام 1984م لإنجازاته في تصفية الامية من بين اوساط النساء بينما راهناً تعاني المرأة في الجنوب من نسبة امية مرتفعة بلغت حوالى 65%.
وشهدت عدن نشوء اول حركة نسائية في الجزيرة العربية منذ اواخر أربعينيات القرن الماضي وكانت اول تظاهرة للنساء في الجزيرة العربية في عدن في العام 1951 ضد العنف المنزلي وهو ما تحاول المنظمات النسوية في صنعاء تزويره وقلب هذه الحقائق بادعائها نشوء الحركة النسائية في صنعاء.
لقد تحقق للمرأة الجنوبية المساواة وتكافؤ الفرص في مواقع صنع واتخاذ القرار من سبعينات القرن الماضي فهي أول قاضية وأول نائب وزير وأول عميد كلية اقتصاد وأول مذيعة تلفزيون وأول مذيعه إذاعة وأول مالكة ورئيس تحرير لصحيفة وأول طيار وأول سائقة تاكسي وأول مظلية على مستوى الجزيرة العربية.
إن المرأة الجنوبية التي بلغ عددها 38 قاضية في مختلف درجات القضاء والنيابة تأكيد على ان الفوارق التمييزية في النوع الاجتماعي لم يعرفها الجنوب بل ان المشاركة السياسية كانت واضحة المعالم في مجال انتخابات مجالس الشعب المحلية في الجنوب في اول دورة في 1976م وكذا انتخابات مجلس الشعب الاعلى في دورته الثانية في عام 1987م اذ بلغ عدد مقاعد النساء 10 عضوات من اجمالي 101 عضواً بنسبة 10% من اجمالي الاعضاء الذكور كما لعب صدور قانون الاسرة في 1 يناير 1974م باعتباره احد قوانين الاحوال الشخصية في الوطن العربية دوراً هاماً في الحياة الاسرية في الجنوب اذ ساهم كثيراً في تعميق علاقات الاحترام والتكافؤ بين المرأة والرجل في تحمل اعباء الحياة الاسرية.
كما تأسست منظومة متكاملة للمنظمات الجماهيرية ممثلة بالاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية واتحاد الشباب واتحاد الطلبة واتحاد الفلاحين وجرى بعد حرب صيف 1994م تفيد كل المباني التابعة لهذه المنظمات وهناك محاولات مستميته راهناً لإعطاء مقر النقابات في عدن لاحد المتنفذين والذي يعتبر احد اهم انجازات الحركة العمالية في الجنوب منذ اواخر خمسينات القرن الماضي والذي عرف بالمؤتمر العمالي والنقابات الست فيما بعد.
كما ساد الجنوب ثقافة مجتمعية تستند على انظمة مؤسساتية فكان انشاء البنى التحتية الأساسية المطلوبة من المدارس ورياض الاطفال والمراكز الثقافية و جامعة عدن وفروعها ومعهد الفنون الجميلة والمسرح الوطني والمكتبة الوطنية والمجمعات الصحية حيث منحت الدولة شهادة القضاء على مرض السل من قبل منظمة الصحة العالمية في العام 1983م.
أما مراكز رعاية الأمومة والطفولة والتي قدمت خدماتها للأم الحامل والطفل فقد أنجزت حملة مكافحة الأمراض السته الفتاكة بالطفولة كمشروع متكامل بدعم من منظمة اليونيسف في عامي 1982م و 1983م.
وجاء التوقيع على اتفاقية حماية حقوق الطفل الدولية في 13 فبراير 1990م تأكيد على الضمانات في الحماية والرعاية للنشئ.
كل هذه المعطيات وفرت الأليات لحراك اجتماعي ثقافي لعب دوراً تنموياً تطويرياً ويمكن القول إنها أحدثت نهضة اجتماعية ثقافية في الجنوب لا ندعي كمالها، ولكنها كانت تتجه بخطى ثابتة صوب مجتمع مدني متطور يضمن الرفاه الاجتماعي للإنسان في الجنوب.
إن هذه النهضة الثقافية الاجتماعية في الجنوب والتي للأسف تم القضاء عليها بعد قيام الوحدة مباشرة في العام 1990م بفعل السياسات الخاطئة والممنهجة لنظام صنعاء وبشكل سافر بعد حرب صيف 1994م، فبدلاً من تسخير قدرات البلد وثرواته في تطوير التعليم، باعتباره احد اهم ركائز بناء الانسان و اداة التنمية وهدفها والثروة الحقيقية لأي مجتمع، حدث تراجعاً كبيراً، لما تم إنجازه في مرحلة ما قبل الوحدة، حيث عملت عقلية المنتصر بعد حرب صيف 1994م، على صياغة سياسة تعليمية تنسجم ومصالح الفئة الاقل والمسيطرة على مقدرات الجنوب ومستقبل أبنائه، بالإضافة الى تدمير منظومة القوانين الاجتماعية، التي أسست لقيم انسانية حضارية وعلاقات متكافئة بين جميع افراد المجتمع.
إن التدمير الممنهج للقيم المدنية والثقافية التي تراكمت عبر عقود في الجنوب، لهي واحدةً من مظاهر سياسات القوة التي اتبعها النظام في الشمال، فالخطوات المتبعة للتدمير المتعمد للمتنفسات والشواطئ والجبال، والبناء العشوائي في كل مدن الجنوب، وتدمير اكثر من 39 متنزهاً للأطفال في مدن الجنوب بصرفها كأراضي للمتنفذين.
وتعززت سياسة الفيد والغنائم المتبعة منذ ما بعد حرب صيف 1994م, حيث عمدت إلى التغيير لهوية مختلف مدن الجنوب فتم تغيير أسماء المدارس والشوارع بطريقة سياسة عنصرية حذفت أسماء أبطال وشهداء وأعيان الجنوب من تلك المسميات واستبدلتها بأسماء شمالية.
إن تهديم مسجد ابان في مدينة كريتر في عدن واحدة من أكبر الدلالات على طمس هوية مدينة عدن، بكل معالمها الأثرية والتاريخية وهي تجري ولا تزال إلى يومنا هذا على قدم وساق مثل صرف المعبد اليهودي في كريتر لأحد المتنفذين ومحاولة صرف مقابر البهرة والاسماعيليين ومقبرة اليهود حيث يجري المحافظة في الشمال على كل حجرة وشجرة أثرية ولا ننسى النهب الكارثي لمتاحف عدن بعد دخول القوات الشمالية إليها في حرب صيف 1994م.
ولايزال هذا العبث الممنهج مستمراً حتى اليوم فجزيرة سقطرى اليوم مهددة بالإزالة من قائمة منظمة اليونسكو لل"الإرث الإنساني" بسبب عدم دفع الرسوم من قبل الحكومة اليمنية وبسبب العبث بالسواحل التي تم تمليكها لنافذ واحد من النظام السابق وعبث بالأراضي فيها بشكل لا يصدقه عقل بينما مدينة زبيد الشمالية تحظى بكل دعم حكومي ودفعت رسوم بقائها في "قائمة الإرث الانساني".
ناهيكم عن سياسات الإقصاء والتهميش والتسريح القسري للمدنيين والعسكريين والأمنيين والذين بلغ عددهم فقط بعد اغسطس 1994م 90 ألف موظف مدني وعسكري بل عمدت السلطة إلى تعميق الشرخ في النسيج المجتمعي، محددة ملامح تاريخية جديدة للجنوب اسست له تاريخاً اطلق عليه 7 يوليو 1994م يوم النصر .
أدى كل ذلك إلى بروز مؤشرات خطيرة يعيشها الجنوب تكمن في الآتي : -
1- اللجوء إلى التحكيم القبلي وسلطة الأعراف أدى إلى انتعاش عمليات الاقتتال والثارات القبلية بعد أن عمل الجنوب على التخلص من ظاهرة الثأر والاحتكام إلى سلطة القانون, فقامت الدولة بفرض هيئة شؤون القبائل في الجنوب وبدأت بتعيين شيوخ قبليين يحملون بطاقات تعريفية رسمية بانهم شيوخ لمناطقهم وعينت شيخين او اكثر في معظم المناطق الريفية لإشعال خلافات بين اتباع كل شيخ ودعمت اطرافاً عدة بالمال والسلاح لإذكاء هذه الصراعات الجديدة على الجنوب.
2- عدم ترسخ مبدأ النظام والقانون والاحتكام إليه.
3- ظاهرة الفساد المستشري في كل مفاصل الحياة الخاصة والعامة.
4- عدم استيعاب الخريجين من الجامعات والمعاهد العليا، حيث بلغت نسبة البطالة بين أوساط الخريجين في محافظة عدن 31% ، بينما في الوقت الذي تمنح فيه الوظائف للخريجين القادمين من الشمال ، بالوساطة .
5- انتشار ظاهرة الفقر في أوساط الأسر في الجنوب.
6- التعطيل والإلغاء المتعمد للقوانين.
7- وآخر ما قام به النظام ترحيل وثائق المكتبة الوطنية والتي تحتوي على السجلات المدنية والبلدية إلى صنعاء، وسبق ذلك بأعوام السطو وفي منتصف الليل على أرشيف تلفزيون وإذاعة عدن، ونقل كل المحتويات إلى تلفزيون صنعاء، في مسعى لطمس الثقافة والموروث الغنائي والمسرحي للجنوب، والذي هو الأساس للأغنية الخليجية واليمنية.
8- انتشار بيع المخدرات نهاراً جهاراً في المدن الجنوبية ويتم ذلك بحماية جنود تابعين للأمن المركزي هدفها تدمير الشباب الجنوبي.
تدهور مستوى الخدمات الحكومية في مجالي التعليم والصحة، يدل على واقع مفزع حيث انخفضت نسبة الملتحقين حاليا في التعليم من إجمالي السكان. فمن بين21 محافظة في اليمن جاءت محافظة حضرموت في المرتبة رقم 16، واحتلت محافظات (عدن، أبين، شبوة، لحج) المراتب 13، 12، 11، 10 على التوالي. وجاءت محافظة المهره في المرتبة 6. وجود نسبة 22.6% من السكان في سن التعليم خارج المدرسة في محافظة عدن. وارتفاع نسبة التسرب من الصف الأول حتى الصف التاسع الى 17.6% لكلا الجنسين، 23% للإناث، 12.6% للذكور.
وامتدت السياسات التمييزية والعنصرية في الابتعاث الخارجي للدراسة حتى يومنا هذا فعلى سبيل المثال في شهر ابريل الجاري تم اعلان اسماء المبتعثين للدراسة، وفي محافظة المهرة تم ابتعاث سته واحد منهم جنوبي والبقية شماليين.
لقد اسهمت السياسات الحكومية المنظمة في تدمير المنظومة التعليمية في الجنوب الى ارتفاع معدل الامية الى اكثر من 49% بعد ان كان قاب قوسين او أدنى من القضاء على الامية تماماً في العام 1990م.
ظاهرة التمييز الديني:
إن شعار "الوحدة فريضة دينية" بات ملمحاً من ملامح الحياة اليومية، والخارج عنه "كافر ملحد" بل الحديث ولو همساً عن معطيات ودلائل تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن سياسة المنتصر فرضت واقعاً جديداً تحت مسمى "الوحدة المعمدة بالدم" وهذا ما حصل ويحصل على أرض الواقع في الجنوب، "حيث بالحرب تحولت الوحدة الى دماء وجراح اشاعت الكراهية ونقلت براميل الشطرية من الجغرافيا إلى النفوس" 6.
على الرغم من ادعاء الساسة الشماليين عند دفاعهم عن الوحدة المقدسة بان الشعب يدين بدين واحد إلا أنه وعملاً على الارض استخدم الدين للتمييز ضد الجنوبيين.
واستخدام الدين من قبل الساسة الشماليين كانت اللعبة الخطرة في السياسة اليمنية الداخلية فقد بدأ النظام الشمالي بالإعداد لحرب 1994 بالترويج عبر معسكرات وزارتي الدفاع والداخلية وباستخدام رموز دينية شمالية تابعه لحزب الاصلاح بفكرة أن الجنوبيين ما هم إلا شيوعيون كفرة وان قتلهم ونهبهم وانتهاك اعراضهم حلال وجاءت فتوى الشيخ محمد الديلمي عضو مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح سيئة الصيت لتحفر جرح غائر في قلوب الجنوبيين. 6
وبلغت الحملة الدينية قمة السقوط عبر نفس رجال الدين بنشر فكرة إن رجال الجنوبيين (**) ونسائهم (**) وزرعوا هذه الفكرة في رؤوس الشباب وافراد القوات المسلحة والامن في الشمال لحملهم على التمييز عنصرياً ضد الجنوبيين حال نقلهم هناك.(** تشير الى لفظ بذيء يستخدم للحط من قيمة الانسان اجتماعياً)
إن التعامل الديني مع الجنوبيين على انهم كفرة ملحدون لم يتوقف بنهاية حرب 1994 بل توسع الأمر بشكل أكبر ليتم بعد الحرب استخدام الدين وتحديداً المذهب الزيدي لفرض التوظيف في المناصب العليا للدولة في الجنوب خاصة في المناصب المتحكمة في ايرادات الدولة.
رواية الشيخ/ عبد الله بن حسين الأحمر في مذكراته حيث قال: " طلب الرئيس منا بالذات مجموعة الاتجاه الإسلامي و أنا معهم أن نكون حزباً يكون رديفاً للمؤتمر و نحن و إياكم لن نفترق و سنكون كتلة واحدة ولن نختلف عليكم و سندعمكم مثلما المؤتمر .. إضافة إلى أنه قال: إن الاتفاقية التي تمت بيني و بين الحزب الاشتراكي و هم يمثلون الحزب الاشتراكي و الدولة التي كانت في الجنوب و أنا أمثل المؤتمر الشعبي و الدولة التي في الشمال و بيننا اتفاقيات لا أستطيع أتململ منها وفي ظل وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معكم بحيث تتبنون مواقف معارضه ضد بعض النقاط أو الأمور التي اتفقنا عليها مع الحزب الاشتراكي و هي غير صائبة ونعرقل تنفيذها .. و على هذا الأساس أنشأنا التجمع اليمني للإصلاح".6
أما الشيخ الزنداني و من معه من رجال الدين فليس بمقدورهم –وهم أحياء- أن ينكروا بأنهم كانوا أصحاب العطاء الأكبر في فن استثمار التراث التاريخي للصراع بين الشطرين .. لقد رفعوا شعار " نريد الوحدة و نفرط بالإسلام : نعم للوحدة لا للدستور " و اعتبروا قبول الدستور تفريطاً بالإسلام و أن المعركة بين كفر و إيمان و حق وباطل .. بل قالوا في بيان وقع عليه أكثر من 400 من رجال الدين أن مشروع الدستور أشتمل على ما يلي :-
1. أغفل هوية اليمن العربية الإسلامية.
2. الإشراك بالله في الحكم.
3. إلغاء الدفاع عن الدين و الوطن
4. إلغاء فريضة الزكاة.
5. إلغاء القصاص.
6. الغاء الفوارق الشرعية بين المسلم و الكافر و الرجل و المرأه
7. إلغاء شروط الإسلام فيمن يتولى ولايه عامة
8. إلغاء مقومات الأسرة
9. إلغاء الضمان بحفظ الأموال و الدماء و الأعراض.
وقالوا : إن المادة (33) ترد جميع النصوص الواردة في الكتاب و السنة, وتسخر من الحديد و القصاص عندما تصفها بالبشاعة، فهي تتهم شرع الله وتطعن مباشرة في ذات الله عز وجل.. والمعروف أن المادة(33) كانت تنص على "لا يجوز استعمال وسائل بشعة غير إنسانية في تنفيذ العقوبات ولا يجوز سن قوانين تبيح ذلك"..
وعلى سبيل المثال في الاعوام اللاحقة للحرب تم نقل واحدة من اسوأ مظاهر الحكم في الشمال الى الجنوب عبر مصلحة الواجبات التي تستند في تحصيلها للزكاة من المواطنين بالقوة إلى المذهب الزيدي خلافاً لتعاليم المذهب الشافعي السائد في الجنوب والذي يدفع فيه اتباعه الزكاة طواعية بأنفسهم ويصرفوها على الفقراء وجرى اغلاق المحال التجارية في شارع العيدروس في عدن على سبيل المثال بالقوة العسكرية اذ رفض ملاكها تسليم الزكاة الى مندوب المصلحة ويرى المواطنون في الجنوب مصلحة الواجبات كجهة سلب ونهب مباشر من المواطنين كما يدفع الموظفين الزكاة مباشرة من رواتبهم.
وقد تعرضت محافظة ابين خاصرة الجنوب ولاتزال تتعرض لحرب ابادة متعمده مورس تجاهها سياسة الارض المحروقة فهي اليوم رهينة المحبسين بين القاعدة وانصار الشريعة.
لقد تحولت بفعل السياسات التدميرية الى محافظة فاقده لمعالم تواجد الانسان والمكان فيها فهي تتعرض للتمييز العنصري البشع وبفعل الفتاوى الدينية والارهاب الفكري الممارس تدفع ثمنا باهضاً... وقد كان تواجد القاعدة في هذه المحافظة بتسهيل وتواطؤ من قبل النظام السابق الذي فتح المعسكرات لتقوم عناصر القاعدة بنهب السلاح ولدينا معلومات موثقة بخصوص فتح مصنع "7 اكتوبر" للذخائر في جعار لنهبه من قبل الارهابيين قبل ان يغادروا المكان ويروح ضحية انفجار المصنع اكثر من 150 من الابرياء من الاطفال والنساء والشيوخ13 ...بل ان علماء اليمن وهم الضلع الديني في النظام السابق رفضوا مراراً وتكراراً اصدار اي بيانات تدين اعمال القاعدة في ابين عند بدء حملة اللجان الشعبية لطردها من المحافظة.
سابعاً : البعد الجغرافي:
يعتبر الجنوب منطقة استراتيجية هامة للأمن الإقليمي والعالمي حيث مساحته الإجمالية 360،133 كيلومتر مربع يحده من الشرق سلطنة عمان ومن الشمال المملكة العربية السعودية واليمن الشمالي ومن الجنوب خليج عدن والبحر العربي ويتحكم في مضيق باب المندب الحيوي لحركة الملاحة الدولية الاقتصادية والعسكرية وكذا العديد من الجزر الواقعة في البحر الاحمر غرب الحدود مع اليمن الشمالي وأرخبيل سقطرى المطل على المحيط الهندي، فهو يمثل موقعاً استراتيجياً لتصدير نفط وغاز دول مجلس التعاون الخليجي وثروات بحرية ونفطية وغازية ومعدنية هائلة تجعله عامل جذب لذوي المصالح الضيقة التي لا ترى فيه إلا غنيمة يجب عدم التفريط بها تحت اي ثمن حتى وإن كان ابادة شعب الجنوب.9
كما يمتلك الجنوب ميناء عدن الاستراتيجي وهو ميناء طبيعي عميق محمي بسلسلة جبلية تجعله أمناً على مدار العام ويبعد 4 أميال بحرية من خط الملاحة الدولي و حولته الإمبراطورية البريطانية على مدى 139 عاماً إلى ثاني أهم ميناء في العالم تأمه اربعون11 سفينة يومياً.
الحدود الحالية للجنوب تتطابق الى حد ما فقط مع الحدود القديمة فتم استقطاع مساحات شاسعه من محافظتي حضرموت وشبوة وضمها الى محافظتي مأرب والجوف و محافظة البيضاء حالياً كان في نطاق حدود الجنوب والجزء الشمالي من محافظة الضالع حالياً كان يقع ضمن الجمهورية العربية اليمنية اما اكبر تعديل ادخله النظام فهو اقتطاع باب المندب من محافظة عدن الجنوبية وإدخاله ضمن محافظة تعز الشمالية وكذا جميع الجزر التابعة للجنوب والواقعة في البحر الأحمر.
الخاتمة:
إن التاريخ الحديث يؤكد ان هناك 93 تجربة وحده واتحاد تمت بين الاقطار العربية وقد فشلت في القرن الماضي منذ مطلعه حتى العقد العاشر اي تسعينات القرن الماضي" 10.
ثلاثة وعشرون عاماً من الصبر والمعاناة والانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان في مختلف مجالات الحياة العامة سياسياً ، اقتصادياً، تربوياً، ثقافياً، واجتماعياً وامنياً، وعسكرياً دمرت كل مقومات دولة الجنوب. وفرضت القضية الجنوبية نفسها كقضية سياسية بامتياز وباتت تمثل العنوان الابرز في مواجهة النظام الذي بسببها بات يواجه تحديات عديده بسبب حالات الاختلال في التوازن، هذا ادى بدوره الى تسارع وتصاعد وتيرة نضال الحراك السلمي الجنوبي الذي عبر وبصوت مسموع ان الوحدة كانت مجرد الحاق للجنوب بالشمال للاستحواذ عليه.
الجنوب يمتلك ارضاً شاسعة وموقعاً استراتيجياً ومخزوناً هائلاً من الثروات الطبيعية فأصبح غنيمة وفيد جرى ويجري النهب المنظم لموارده وثرواته وليس ادل على ان حرب 1994م الظالمة كلفت النظام 11 مليار دولار وعشرة الاف قتيل حفاظاً على الوحدة ... تناول التقرير المقدم بعض من ابعاد القضية الجنوبية ملامساً الحقائق وليس كلها إذ في المحتوى الذي سيتم مناقشته في الاشهر القادمة سيتم التطرق بكل شفافية الى التفاصيل الدقيقة لما جرى ويجري في الجنوب.
إن مليونيات الحراك الجنوبي السلمي والتي خرج شعب الجنوب معبراً عنها بمناسبة 14 اكتوبر و 30 نوفمبر والتصالح والتسامح وجاءت مليونية 27 إبريل 2013م لتؤكد حقائق على الأرض بأن القضية الجنوبية هي قضية سياسية بامتياز وان المجتمع الاقليمي والدولي يرى بها الخطوات الأولى لاستقرار المنطقة وهناك اصوات تتعالى تصغر من شأنها في الوقت الذي ارتفع سقف هذه القضية ليعلن شعب الجنوب للعالم انه يريد تقرير مصيره بنفسه.
إن هذه المليونيات التي احتشد فيها الشعب الجنوبي بسلام وبدون اي حوادث امنية او غيرها هي خير دليل على مدنية و سلمية الحراك الجنوبي وتنفي عنه كل ما يحاول البعض الصاقه به كيدياً من عنف وسلاح وارهاب.
نؤكد مجدداً ان القضية الجنوبية مرجعيتها شعب الجنوب الذي يريد استعادة دولته وتقرير مصيره بإرادته الحرة و مانحن اعضاء الحراك في مؤتمر الحوار سوى همزة وصل لشعب الجنوب فنحن في النهاية من هذا الشعب واليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.