بدأ طلاب وسكان "دار الحديث" التابع للسلفيين، أكبر مركز سلفي في اليمن، للخروج من منطقة دماج بعد حوالي ثلاثة أشهر من الحصار والقصف الذي شنه مسلحو جماعة عبدالملك الحوثي في خطوة وصفت بعملية "تهجير جماعي" وعملية فرز على أسس جغرافية مناطقية تهدد النسيج الاجتماعي اليمني. وأفادت مصادر طبية في دار الحديث التابع للسلفيين لوكالة أنباء (شينخوا) بأن عملية القصف والقنص والحصار التي بدأت في أكتوبر الماضي خلفت حوالي 206 قتلي وحوالي 761 جريحاً من طلاب وسكان الدار, وجاء توقف اطلاق النار بوساطة من " ثلاث لجان وساطة رئاسية وبرلمانية وقبلية". وينص الاتفاق على وقف إطلاق النار وفك الحصار عن مركز (دار الحديث) في دماج والذي يحاصر ويقصف منذ نحو ثلاثة أشهر. وذكر متحدث السلفيين/ مهيب الضالعي في تصريح سابق ل(شينخوا) أن " الاتفاق ينص أيضاً على تهجير جماعي لطلاب وسكان دار الحديث من دماج إلى محافظة الحديدة الواقعة إلى الغرب اليمني, وأنهم قبلوا بمغادرة دماج لأن الحكومة لا تستطيع أن تحميهم، وانهم مضطرون نظراً للمعاناة والقتل الذي يلقوه من مسلحي جماعة الحوثي ". ويعد دار الحديث أكبر مركز تعليمي للسلفيين في اليمن، ويؤوي نحو 15 ألف طالب وساكن، بينهم حوالي 300 أجانب, وبهذه الخطوة تخسر محافظة صعدة اليمنية فكرة التعايش التي كانت تمتاز به منذ آلاف السنين, ومنذ بروز جماعة الحوثيين الشيعية، أكبر جماعة يمنية مسلحة، وإعلان تمردها عن الدولة في 2004م، خاضت ستة حروب مع القوات الحكومية أخرها في 2009م، وتمكنت من إقصاء من يخالفهم وفرضت سلطتها بقوة السلاح. وفي العام 2007م طرد مسلحو الجماعة 7 أسر يهودية كانت تعيش في مناطق "ال سالم وغرير وحيد" بالمحافظة، يقدر أبناؤها بنحو 45 فردا بين رجل وامرأة وطفل, وأتهمت الجماعة حينها بنشر الرذيلة وأنهم يقومون بأعمال تخدم الصهيونية التي تسعى جاهدة لإفساد الناس وتجريدهم عن مبادئهم وقيمهم وأخلاقهم, وحالياً يتهم الحوثي جماعة السلفيين في دماج بأنهم جماعة تكفيرية ويأوون متشددين وتكفيريين أجانب, ونجحت الجماعة الشيعية "الحوثي" في إرغام السلفيين على توقيع اتفاق يقضي بمغادرتهم المنطقة، وهو ما يعني إخراج أخر جماعة تخالف فكر الحوثيين من محافظة صعدة. ويرى السلفيون أنهم وافقوا على مغادرة "دار الحديث" في صعدة من اجل سلامة أرواحهم، وأن هذا الاتفاق يسلم صعدة كلياً للحوثيين ويقسم البلاد على أسس طائفية. وقال القيادي السلفي /عبدالحميد الحجوري" إن الاتفاق الموقع ينص على خروج جميع طلاب وسكان الدار من دماج والبالغ عددهم اكثر من 15 الف نسمة، وهو ما يعني تسليم محافظة صعدة كلياً لجماعة الحوثي, وأوضح الحجوري- وهو احد ابرز شيوخ دار الحديث السلفي بدماج- ل(شينخوا)، أن الاتفاق والتفاوض من البداية يهدف إلى تهجير السلفيين بشكل جماعي من دماج وتركها للحوثيين، وأنهم قبلوا بهذا بصعوبة نظراً للوضع الحرج الذي وصلوا اليه، وأن بقائهم يعني الانتحار، وخروجهم يمكن أن يجنبهم الموت ويسلم أرواحهم". وأكد "تهجيرنا من دماج قسري وهو ظلم وعدوان، وسكوت الدولة والأحزاب والمنظمات يشعرنا بأنهم إما راضون أو متواطئون أو عاجزون عن إيقاف تمادي الحوثي تجاه هذه الممارسات" وأشار إلى انهم جاهزون حالياً للمغادرة من دماج إلى الحديدة، متى ما أمنت لهم الطريق ووسائل النقل والخيام التي سيعشون تحتها في الحديدة. ويرى الدكتور/ فؤاد الصلاحي -أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء- "أن ما يحدث في دماج "لعبة إقليمية" تهدد النسيج الاجتماعي اليمني, وقال الصلاحي" إن ما يدور في صعدة "لعبة إقليمية"، والاتفاق المبرم عبارة عن هدنة يمكن أن تنهار في أي لحظة وتتكرر المصادمات". وأوضح الصلاحي لوكالة أنباء (شينخوا) أن ما يهم اليمن هو التعايش بين المدارس والجماعات إلا أن لعبة إقليمية هي من تقف وراء الأحداث الجارية في محافظة صعدة. وأضاف "الهدنة التي وقعت هي حل خارجي مؤقت ويمكن أن تتكرر الصدمات بين السلفيين والحوثيين في أي منطقة أخرى نظراً لتواجدهم في أنحاء بالبلاد". واعتبر الصلاحي أن مسألة تهجير السلفيين خطوة تهدد النسيج الاجتماعي اليمني ولو بشكل جزئي، وان الوضع قادم على مرحلة من الصراع الواسع. وقوبلت عملية التهجير الجماعي للسلفيين استياء واسع، ووصفها عدد من اليمنيين بأنها تنسف فكرة التعايش المذهبي في البلاد وتقسمها على أسس طائفية تهدد النسيج الاجتماعي اليمني.