ترامب يلتقي شي جين بينغ الأسبوع المقبل في كوريا الجنوبية    العائدون والمصابون قبل كلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة    أزمة القمح تطفو على السطح.. شركة تحذر من ازمة في السوق والوزارة تطمئن المواطنين    أزمة القمح تطفو على السطح.. شركة تحذر من ازمة في السوق والوزارة تطمئن المواطنين    أزمة القمح تطفو على السطح.. شركة تحذر من ازمة في السوق والوزارة تطمئن المواطنين    منظمة: تطهير قطاع غزة من المتفجرات يحتاج 30 عاما    الشيخ العلامة أمين البرعي يهنئ وزير النقل والأشغال ورفاقه الوزراء بالسلامة    هل سيصمد وقف إطلاق النار في غزة    تعز.. تسليم مبنى مستشفى لمالكه بعد 8 سنوات من تحويله إلى سجن    النائب العليمي يبحث مع سفيري فرنسا وكوريا تعزيز التعاون المشترك ودعم الإصلاحات في اليمن    قراءة تحليلية لنص "على حواف الموت" ل"أحمد سيف حاشد"    قراءة تحليلية لنص "على حواف الموت" ل"أحمد سيف حاشد"    الشعبة الجزائية الثانية بمحكمة استئناف الأمانة تصدر حكماً ببراءة الشيخ محمد نايف علي الكريمي من تهمة انتحال صفة القاضي العلامة محمد بن إسماعيل العمراني وكل التهم الكيدية المنسوبة إليه    تكريم جامعة إقليم سبأ بحصولها على المركز الأول في تقييم أسبوع الجودة    بدء حصاد محاصيل العتر والقمح والشعير بذمار    احباط تهريب آثار يمنية عبر رحلة اممية بمطار صنعاء    الذهب يعود للارتفاع مع تزايد المخاطر الجيوسياسية والتوترات التجارية    الأشول: اليمن يحتاج إلى دعم حقيقي لإعادة بناء اقتصاده وتعزيز قدرته الإنتاجية والتجارية    لقاء موسع لفرسان ورائدات التنمية بمديرية التحرير في أمانة العاصمة    وزارة الاقتصاد : مخزون القمح يكفي لأشهر..    صنعاء .. اجتماع للجنة التصنيع لأدوية ومستلزمات مرضى الحروق    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطلع على نشاط مكتب الزراعة بمحافظة المهرة    لدى لقائه أعضاء الجمعية الوطنية والمستشارين بالساحل.. الكثيري: حضرموت لن تُدار إلا بالشراكة    محافظ شبوة يثمن التجهيزات الإماراتية لمستشفى بن زايد في عتق    رسمياً.. افتتاح السفارة الهندية في العاصمة عدن    الأحرار يقفون على أرضية مشتركة    نقابة الصحفيين اليمنيين تنعى الإعلامي أحمد زين باحميد وتشيد بمناقبه    الأرصاد: منخفض جوي في بحر العرب وتوقّعات بأمطار رعدية على سقطرى والمياه الإقليمية المجاورة    دراسة: الإفطار الغني بالألياف يقلل الإصابة بسرطان القولون    الرئيس يطمئن على العميد رزيق ويوجه بسرعة التحقيق في ملابسات التفجير وضبط الجناة    دوري أبطال أوروبا: ليفربول ينهي سلسلة الهزائم وبايرن يحافظ على سجله المثالي    المحكمة الجزائية بحضرموت تقضي بإعدام 6 إيرانيين أدينوا بتهريب المخدرات إلى اليمن    المجلس الاستشاري الأسري يقيم ندوة توعوية حول الصحة النفسية في اليمن    الأهلي يتصدر بثنائية الاتحاد السكندري    كأس آسيا 23.. اللجنة تفتح باب التطوع    بايرن يقسو على كلوب بروج برباعية    الإصلاح يشكل "المقاومة الوطنية الجنوبية".. تنظيم إرهابي جديد بقيادة أمجد خالد    غاسبريني يريد لاعب يوفنتوس ماكيني    شبوة.. حريق ضخم يتسبب بأضرار مادية باهضة في الممتلكات    القربي ينتقد قيادات المؤتمر التي تربط توحيد الحزب بالحصول على الدعم    ترامب يعلن إلغاء لقائه مع بوتين في المجر    أكبر جبان في العالم ؟!    صوت من قلب الوجع: صرخة ابن المظلوم إلى عمّه القاضي    محمد صلاح في القائمة المختصرة للمرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في إفريقيا 2025    دوري ابطال اوروبا: ريال مدريد يحسم قمته بمواجهة اليوفنتوس    السكوت عن مظلومية المحامي محمد لقمان عار على المهنة كلها    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة في استشهاد القائد الفريق "الغماري"    صنعاء تبدأ بترميم «قشلة كوكبان» التاريخية    عدن تُحتضر بصمت.. مأساة المدينة تكشف عجز التحالف والشرعية    رسمي: بدء صرف شهري سبتمبر و اكتوبر من اليوم    على ضفاف السبعين.. رسالة من شاطئ العمر    الكشف عن عين إلكترونية تمكن فاقدي البصر من القراءة مجددا    كلمة في وداع د. محمد الظاهري    صاحب الفخامة.. وأتباعه بدون تحية    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    إشادة بتمكن عامر بن حبيش في احتواء توتر أمني بمنفذ الوديعة    لو فيها خير ما تركها يهودي    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مريم " حكاية طويلة برفقة كوب الشاي
منذ الاستعمار البريطاني مقهاية الحاج, عثمان في عدن ...
نشر في أخبار اليوم يوم 27 - 04 - 2014

"مريم" قص لنا صديق بعضاً من قصتها فتلك الكلمات أثارت الدهشة "أخبار اليوم" استمعت لتفاصيل القصة - انطلقنا بخطوات سريعة نمرق في أزقة الأحياء لنشرب كوباً من الشاي في مقهايتها المعروفة التي ذاع صيتها أرجاء المدينة, وصلنا إلى المكان المطلوب وجدنا باب المحل مغلق تمسكنا بأحد المارين من أبناء الحي .. بسؤال .. أين تلك الأم التي كانت تبيع الشاي في هذا المحل ..؟! كانت الإجابة رادعة لنا ..لقد أغلقت المحل منذ عامان ..
الكل يعرفها في ذلك الحي وفي الأحياء المجاورة .. بحثنا على بصيص أمل عل أن نجد منزلها لنعرف ما تبقى تكملة لحديث صديقنا .. وسبب إغلاقها المحل .. واصلنا نستفسر المارين وسط الأحياء ونباشر أصحاب المحلات بالأسئلة عن منزل "مريم" .. وأخيراً وصلنا المنزل طرقنا الباب باستحياء لعلنا أخطأنا المكان أو لعل الرفض والصد يكون حضنا .. فتحت لنا الباب عجوز تقدم بها العمر فألقينا عليها التحية .. سألناها .. هل أنتِ "مريم" تلك بائعة الشاي ؟؟ قالت: نعم.. فأصرت علينا دخول بيتها عندما عرفت أن الحديث معها سيكون طويلاً .. كانت غرفتها جميلة نظيفة أُذهلنا وقبل أن تبدء الحديث معنا أخذت من دولابها المركون بالغرفة رشة العطر وعطرتنا .. كم هو رائع ذاك أسلوبها .. وما أحن وألطف قلبها ..
حكاية مريم
تقطن الأم الفاضلة "مريم" في مدينة كريتر محافظة عدن في إحدى غرف منزلها مع عائلتها التي كونتها بعد أن قضت مسيرتها الطويلة في مقهايتها برفقة كوب الشاي والبسمة لا تفارق محياها, تعمل فيها بكل نشاط في أوقات تواجد الزبائن لتحصل على الرزق الحلال معتمدة على نفسها في تربية أولادها وكان الناس يتوافدون إلى محلها لشرب الشاي الذي تصنعه بيدها فهو مختلف المذاق فكان أصحاب المقاهي الفاخرة المكيفة من الحر وذوي الكراسي المريحة يستغربون لتوافد الزبائن عند هذه الأم .. فالكل يحبها الصغير والكبير.. يشرب عندها الغني والفقير ويقعدون على تلك الكراسي المتواضعة والتي تكاد السقوط لا ترد احداً من باب محلها البسيط.. والقصة لم تنتهي ..
بداية نضالها
تعيش "مريم" مبتسمة للحياة رغم شيخوختها وما مرٌ عليها من ظروف الحياة والوقت وتضاريس الزمن ..عمرها يتجاوز السبعين .. في كلمات متسلسلة تنساب إلى مسامعنا الواحدة تلوى الأخرى كانت تنطقها حكاية مسيرةٍ طويلة برفقة كوب الشاي .. لكن هناك لهفة لسماع ما تقول فتاريخ حياتها مليء بالقصص والشواهد .. مكافحة .. صبورة ..شريفة .. طيبة .. سموحة.. عاشت حياتها مع والد أطفالها (زوجها) تنعم بحبه وتهنئ برفقته بالحياة.. ولكن شاءت أقدار السماء ورحل عنها انيسها وشريك عمرها فلم تستسلم للحياة .. شدة حيلها لتواصل ما تبقى من عمرها والسعادة تنطلق من نور عيونها والابتسامة لا تفارق شفاها.
بدأت الحديث لنا قائلة" أصلي من محافظة إب شاءت الأقدار بهذا الرجل بعد أن ماتت زوجته الأولى وهي اختي لكن والدي رجل طيب يحب الطيبين وبعد أن ماتت اختي اشفق أبي بحالة ونظر الحزن مرسوماً على ملامحهُ فقرر أن يزوجني به وهكذا بدأت حياتي ..
تحلق مريم بحديثها عن رحلة العمر الجديدة وعن بداية مسيرتها مع شريك عمرها وانيس وحشتها ورفيق دربها تقول" انتقلنا إلى محافظة عدن الجميلة .. ووصفت عدن وصفاً رائعاً ومدحت أهلها وسكانها قائلة" كان حين ذاك الوقت يتواجد في عدن من كل الأصناف والأجناس وتذكر" البريطانيين والهنود وأضافت" النصارى والفرس تتابع حديثها" لم تكن توجد هذه العداوة وهذا الحقد بين قلوب الناس.
إبان الاستعمار البريطاني
تقول" في سابق الأيام كان يعمل زوجي في مقهاية الشاي منذ أيام الاستعمار البريطاني واستمر لفترة يكافح ويعمل فيه ودوماً ما يلاقي ابتزازات واقفال المكان علية وخلال حكومة علي ناصر تم اعتقال وحبس زوجي وكنت اذهب إلى علي ناصر ويتهرب مني بينما يرسل لي اتباعه وحاولت مراراً وتكراراً لكنني كنت شجاعة في مواجهة أي واحد بخصوص زوجي إلى أن تم الإفراج عنه .
في ذلك الوقت كنت محتشمة لا أخرج إلى خارج المنزل إلا وقت الترفيه وتفريج الضيق كان زوجي لطيفاً في معاملتي لذا كان يحافظ عليّ ويخاف عليّ ومتكفل بمصروف المنزل ... لم تعرف "مريم" تلك المدلعة والمحتشمة أنها ستكون في يوماً ما هي من يتكفل بمصروف البيت تتابع حديثها في حرقة تذكار الماضي وما مرت به لكن البسمة على شفاها تقول" كان منزلنا سكن للجميع لكونه واسع ولدينا غرف مستقلة فكل من يأتي من قريتنا أو من أي مكان يقطن عندنا خلال أيام سفره ويأكل ويشرب وكنا نفرح بهم بكل رحابة صدر .. وكان زوجي يبحث للعاطلين عن عمل..
زمن التأميمات
وتواصل الحديث "مريم" لم يعد زوجي للعمل بعد خروجه من السجن وكانت تلك الأيام تسمى أيام "التأميمات" إغلاق كافة المحلات فتفقنا أني وزوجي أن اشتغل أني بنفسي في المحل لكوني "حرمة" ما يقدروا يلمسوني والكل سوف يقوم ضدهم إذا فكروا بالاعتداء عليّ ولكن هذه الخطة التي فعلتها مع زوجي من أجل أن نقاوم ظروف الحياة القاسية ونأكل نحن واطفالنا لقمة الحلال ..
وتبتسم الأم مريم وهي تسرد لنا حكايتها في الصراع مع ظروف الحياة بكل نشاط راضية راضية بما قسم الله لها وتواصل حديثها قائلة " الحمد الله اشتغلت ومشيت اموري .. كان الناس يتوافدون إليّ أكثر من المحلات المجاورة كنت أشعر بالسعادة برفقة اولئك البشر الطيبين .. كان إذا مر أحدهم من أمام باب المحل لابد ان يرد السلام ويبتسم وكنت ابادلهم ذلك الشعور
لم تنقطع عني الفلوس ولم نشعر بالحاجة بل كانت في بعض الاحيان يتبقى لدينا فلوس فائضة من الدخل اليومي .. لأنه .. اشتهر الشاي الملبن الذي اصنعه لكوني اهتم بزبائني حتى لا أخسرهم أتقن في صناعة الشاي الأحمر والشاي مع الحليب اصبحت ماهره في ذلك بسبب شغلي الدائم .. شاءت أقدار السماء ورحل رفيق الحياة زوجي واصلت العمل مع ولدي منذ كان صغيراً وكنت اعلمه في التعامل مع الناس بأخلاق حتى كبر واصبحنا شريكان نتقاسم اتعاب هذه الدنيا والصبر شعارنا .
الشيب هزمني..!!
وتختتم قصتها تقول" في الأيام الأخيرة بعد أن كبر الأولاد وتزوجوا وأصبح لديهم ذرية وبدأ الشيب يداهمني.. لم تعد تلك الطاقة والنشاط في الاستمرار انقطعت منذ أعوام قليلة عن العمل ولكنني تحديت كل الصعاب إلا الشيب هزمني وهذه من عند الله .. والحمد الله الآن نعيش مرتاحين شاكرين الله فعائلتي كبيرة واولادي وأحفادي كلاً لديه وظيفة ويعملون بالحلال ونأكل ونشرب والحمد الله على كل حال .. هكذا عاشت "مريم" حياتها راضية بما كتب الله لها لم تنهزم للأعوام ولم تقهرها الأيام ... الكل احبها واحبت الكل ... الجميع عشق مذاق الشاي الأصيل من يدها .. استمتع بشرب الشاي في مقهايتها كبار الشخصيات ومنهم الفنان الكبير ايوب طارش عبسي كما ذكرت .. لها تاريخ شهامة وشجاعة ..
الأخلاق الطيبة والكريمة تنبع من داخل هذا المنزل فهذا ولدها الأخر "جمال" فهو من بذرة طيبة جاء منهك من العمل وسلم وستراح وعرف سبب زيارتنا ليعتذر لنا عن تأخره وحدثنا عن ماذا كان يعمل تلخص حديثه " انه يعمل في الصهاريج مجاناً دون أي مقابل يقوم بزراعة الأشجار المفيدة والتي تزين المكان وذلك لكي يترحم الناس له بعد مماته ... ليست غريبة اخلاق جمال وليس عجيب ان يأتي شبيه لأبويه الطيبين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.