رغم ما يصوره اسم "ماراكانا" من كرة قدم وأسطورة، لم يعد هذا الاستاد الأسطوري بوسط مدينة ريو دي جانيرو هو ذلك الملعب ذو الطابع الخاص الذي اتسم به في منتصف القرن الماضي وعلى مدار عقود تالية، ومثلما هو الحال بالنسبة لكرة القدم الجمالية "جوجو بونيتو" التي اتسم بها أداء المنتخب البرازيلي في الماضي وافتقدها في السنوات القليلة الماضية ، تلاشت الهالة والأجواء الرومانسية والملحمية التي كان عليها هذا الاستاد في الماضي وذلك بعد عمليات التحديث التي أجريت له تمهيدا لاستضافة المباراة النهائية لبطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل، وقال المعلق الرياضي والناقد الصحفي البرازيلي الشهير جوكا كفوري: "أعتقد أنه افتقد روحه ، تماما مثل ويمبلي... إنه اتجاه عالمي بغيض، الاتساق والتعقيم في الاستادات التي أصبحت مراكز للتسوق" ليلخص بهذا مشاعر معظم الذين يعرفون الاستاد القديم. وحافظ ماراكانا على شكله البيضاوي كما لا يزال في نفس مكانه يتمتع بتاريخه القديم. ولكنه يحتفظ الآن بالقليل من روح وأجواء الاستاد الذي شيد قبل 64 عاما وذلك بعد أعمال التجديد والتطوير التي أجريت له مؤخرا وتكلفت 330 مليون دولار، ورغم التاريخ الناجح لكرة القدم البرازيلية ، كانت ملحمة هذا الاستاد ملتصقة بهزيمة قاسية ومريرة وهي الهزيمة التي نالها المنتخب البرازيلي أمام منتخب أوروجواي 1/2 في المباراة الختامية لكأس العالم 1950 بالبرازيل. واشتهرت هذه الهزيمة تاريخيا بلقب "ماراكانازو" حيث تغلب منتخب أوروجواي على نظيره البرازيلي وأصاب نحو 200 ألف مشجع في الاستاد بالصمت بعدما خطف لقبه العالمي الثاني بدلا من فوز المنتخب البرازيلي بلقبه العالمي الأول علما بأنه كان بحاجة إلى التعادل فقط في هذه المباراة ليحقق هذا الحلم. ويسترجع ماركوس دي أزامبوجا ، الدبلوماسي البرازيلي السابق والذي حضر هذه المباراة بالمدرجات ، ذكريات اللقاء قائلا :"كان ماراكانا في ذلك الوقت مروعا ليس لخصائصه المعمارية ولكن للعنصر البشري بشكل أساسي حيث كان هذا الحشد الجماهيري الهائل. لم يكن هناك أي فراغ بين الحاضرين ولم يكن هناك مجال للخروج أو الدخول". وأصبحت هذه الأجواء ماضيا حيث تقلصت سعة الاستاد الآن إلى 78 ألف مشجع علما بأنه سيستضيف خمس من مباريات كأس العالم 2014 ومنها المباراة النهائية للبطولة. وأصبحت المداخل أكثر اتساعا وأمنا والممرات أكثر نظافة كما أصبحت حجرات تغيير الملابس أكثر فخامة كما يتواجد بالاستاد حاليا مناطق لكبار الشخصيات و أصبحت المدرجات مليئة بالمقاعد المريحة التي تتشكل بألوان العلم البرازيلي. ويواصل مشجعو فرق فلومينينسي وفلامنجو وبوتافوجو، الأندية الثلاثة في مدينة ريو دي جانيرو، ومشجعو المنتخب البرازيلي تشجيع ومساندة فريقهم بحرارة ولكن الأعداد لم تعد طاغية مثلما كان الحال من قبل وذلك بعدما حظر الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) منطقة "جيرال" منذ سنوات عدة والتي كانت منطقة جلوس المشجعين الفقراء، وقال أحد المشجعين الكبار لفريق بوتافوجو، شاكيا خارج الاستاد:"ماراكانا استاد مختلف، فقد روحه. إنهم نوع مختلف أيضا من الناس". وفي الداخل ، لم يعد ماراكانا مختلفا كثيرا عن استادات "أليانز أرينا" في ميونيخ أو "سوكر سيتي" في جوهانسبرج أو "ويمبلي" الجديد في لندن، ويمثل استاد ماراكانا بعد تحديثه تجسيدا للطبيعة الحديثة لكرة القدم. وأوضح الفيفا أن نحو 2ر3 مليار شخص شاهدوا دقيقة واحدة على الأقل من فعاليات بطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا وأن المشاهدة التلفزيونية للمباراة النهائية للبطولة تجاوزت 600 مليون شخص، وقال نجم كرة القدم البرازيلي السابق رونالدو الفائز بلقب كأس العالم في 1994 و2002 وعضو اللجنة المنظمة لمونديال 2014 ، لوكالة الأنباء الألمانية ، :"الآن ، كرة القدم رياضة عالمية ، ومعظم الناس يشاهدونها في منازلهم عبر التلفزيون وماراكانا الحالي أصبح جاهزا للبث التلفزيوني الذي يظهر أمام العالم كله".