قتلت غارات روسية أمس السبت تسعة مدنيين في سوق شعبي بريف إدلب، بينما يشهد وادي بردى غربي دمشق هدوءا حذرا بعد أن خرقت قوات النظام في الليل الهدنة الموقعة أمس الأول، كما شن تنظيم الدولة الإسلامية هجوما ضد قوات النظام في دير الزور. وأفادت مصادر إعلامية بمقتل تسعة مدنيين وإصابة العشرات جراء قصف جوي روسي استهدف فجر اليوم منطقتي الفرن وسوق الهال في مدينة معرة مصرين بريف إدلب، كما تسبب القصف في حرق عدد من المحال التجارية ودمار في الممتلكات بما فيها المخبز الوحيد في المدينة. من جهة أخرى، قالت المصادر إن هدوءا حذرا تشهده منطقة وادي بردى، في حين تواصل فرق الإصلاح والصيانة عملها بغية عودة العمل في نبع الفيجة بالمنطقة لإعادة ضخ مياه الشرب من مصدرها الرئيس إلى دمشق. وكانت قوات النظام قد خرقت للمرة الثانية اتفاق وقف إطلاق النار في المنطقة الموقع أمس مع المعارضة، حيث استمر القصف لوقت متأخر من الليلة الماضية، ما تسبب بمقتل امرأة مسنة وتوقف عمليات الصيانة، وهو ما دفع المعارضة السورية إلى اتهام النظام بعدم اكتراثه بالملايين المحرومين من مياه الشرب في دمشق. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر في النظام أن دمشق أرسلت منذ أمس خمس حافلات إلى قرية دير مقرن في وادي بردى لنقل مقاتلي المعارضة خلال الساعات القليلة القادمة باتجاه إدلب، تنفيذا لاتفاق وادي بردى. وفي سياق آخر، شهد ريف دمشق الشرقي اشتباكات بين المعارضة وقوات النظام على أطراف بلدة حزرما بمنطقة المرج. وفي حماة، قالت وكالة مسار برس إن جرحى سقطوا إثر غارات للطيران الروسي على بلدة عكش في ناحية عقيربات بالريف الشرقي. وفي تطور آخر، شن تنظيم الدولة هجوما على قوات النظام في اللواء 137 غرب مدينة دير الزور بعد استقدامه تعزيزات عسكرية وعتادا ثقيلا، مما خلف عشرات القتلى. ودارت اشتباكات بين الطرفين أيضا في حيي الحويقة والرشدية بمدينة دير الزور، وسط غارات جوية على حي الحميدية ودوار الحلبية ومحيط جسر السياسية ومعمل الورق، وذكر ناشطون أن ستة انفجارات على الأقل هزت المدينة. وإلى ذلك تتجه المعارضة السورية المسلحة المجتمعة في أنقرة إلى التوافق على حسم مسألة حضورها المفاوضات المزمع عقدها في العاصمة الكزاخية أستانا يوم 23 يناير/كانون الثاني الجاري. وأفادت مصادر من داخل الاجتماع بأن النقاشات تتركز على حصول المعارضة على ضمانات تركية روسية تتعلق بتحقيق وقف لإطلاق النار يشمل المناطق المحاصرة. وحصلت بعض وسائل الإعلام في وقت سابق على مسودة توافق عليها 29 فصيلا عسكريا سوريًّا ربطت المشاركة في المفاوضات بوقف إطلاق نار حقيقي، يشمل عموم سوريا وفي مقدمتها منطقة وادي بردى المحاصرة في ريف دمشق. ونقلت الوسائل عن مصادر خاصة قولها إن اجتماعا ختاميا عقد مساء أمس السبت بين الفصائل السورية المسلحة والجانب التركي. ومن المتوقع أن يتناول هذا الاجتماع الذهاب إلى مفاوضات أستانا، وتشكيل وفد المعارضة إليها. وفي السياق، أفادت المصادر بأن وفدا تركيًّا سيتوجه يومنا هذا الأحد إلى موسكو حاملا نتائج الاجتماعات مع المعارضة السورية وأسماء وفد المعارضة لمحادثات أستانا إذا تم الاتفاق على المشاركة فيها. وتهدف زيارة موسكو لاستكمال الترتيبات النهائية لمفوضات أستانا التي يفترض أن تبدأ في الثالث والعشرين من الشهر الجاري. وأوضحت مصادر في أنقرة أن اجتماعات أنقرة مستمرة منذ يومين، وأن عدم الحسم فيها حتى الآن يعود لاستياء المعارضة المسلحة من قصف روسيا لإدلب ومناطق رغم أنها تضمن احترام وقف إطلاق النار. وعلى صعيد منفصل فقد أوردت ذا ديلي تلغراف البريطانية أن جيش النظام السوري يعاني شحا حادا في القوى البشرية الأمر الذي دفع النظام إلى تجنيد حتى من بلغوا الخمسين من العمر وكذلك المرضى. ونسبت الصحيفة في تقرير لها من بيروت إلى أحد المديرين التنفيذيين السوريين (48 عاما) بشركات النفط -قادم إلى العاصمة اللبنانية من مقر إقامته وعمله ب دمشق الأسبوع الماضي- القول إن صديقا له في الجيش السوري أبلغه الاثنين المنصرم بأنه ربما يتم استدعاؤه قريبا للخدمة العسكرية، ولذلك قرر حزم حقائبه والتوجه إلى الحدود اللبنانية. وأضاف المدير الذي أسمته الصحيفة "كريم حبيب" أنه لم يكن يتخيل أن يتم استدعاؤه "لكنهم يجندون حاليا أعدادا أكثر من أي وقت مضى خلال الحرب الأهلية". وقال حبيب إن النظام السوري يائس إلى حد أنه يستوعب كل من يستطيع حمل السلاح بغض النظر عن العمر والمشاكل الصحية، مضيفا "قوات النظام ترابط حول البلاد وتقيم نقاط تفتيش في حلب وحتى على الخطوط الأمامية للقتال حول دمشق" مشيرا إلى أنه لم يعد في الطرقات رجال في الفئة العمرية ما بين 18 و50 عاما وأن من يحاول التهرّب من التجنيد يُسجن ويُعذب. كذلك تلقت قوات الاحتياط بالمنطقة التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد في اللاذقية أوامر الشهر الماضي بالتسجيل فورا في الفيلق الخامس الذي أنشئ حديثا. وعلقت الصحيفة بأن نظام الأسد ربما يبدو أقوى من أي وقت سابق بدعم حلفائه الروس والإيرانيين وانتصاره الأخير في حلب، لكن جيشه المحاصر يقاوم بصعوبة. وتحت غطاء هجوم النظام على حلب، أُلقي القبض على آلاف المدنيين حيث جُندوا بالقوة. وأعربت الأممالمتحدة عن قلقها من اختفاء حوالي ستة آلاف رجل في عمر التجنيد عقب مغادرتهم حلب إلى المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية. ويقول كبير الباحثين بمركز رفيق الحريري التابع للمجلس الأطلنطي إن النظام السوري يعاني مشكلة كبيرة بالقوى البشرية والتي تم تعويضها حتى الآن بعشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب والمليشيات الموالية، بالإضافة إلى القوات الجوية الروسية والخبراء الإيرانيين "لكن كيف بإمكانه السيطرة على المناطق التي يستعيدها إذا غادر الأجانب؟". وأضاف فيصل عيتاني أنه ومع إعلان الروس خفضا بوجودهم في سوريا، ومعاناة حزب الله اللبناني بعد الخسائر البشرية الكبيرة التي ألمت به، وحرص النظام على السيطرة على محيط دمشق وضواحيها وريفها مثل بلدة وادي بردى التي تمد خمسة ملايين من سكان العاصمة بالمياه، على الأسد أن يجد حلا لهذه المشكلة.