قصفت قوات النظام السوري أمس الجمعة مناطق بحماة ودمشق وحمص؛ مما أسفر عن مقتل أكثر من عشرة مدنيين، ويأتي هذا التصعيد بينما تعقد في جنيف جولة رابعة من المفاوضات السورية. فقد قتل ثمانية مدنيين من عائلة واحدة وأصيب آخرون في غارات سورية على قرية الحميرات بريف حماة الشمالي، وقال ناشطون إن غارات أخرى استهدفت قرية الجابرية بالمنطقة نفسها. من جهتها، أفادت مصادر إعلامية بسقوط قتيلين في قصف مدفعي لقوات النظام على حي جوبر بدمشق، ووقع القصف بالتزامن مع اشتباكات بين قوات النظام والمعارضة المسلحة، وفي الوقت نفسه تجدد القصف على حي تشرين بعد قصف صاروخي استهدف مساء أمس الأول حي القابون. كما قال ناشطون إن قوات النظام قصفت أمس الجمعة مدينتي دوما وحرستا في الغوطة الشرقية بريف دمشق. وفي تطور آخر، قال مراسل الجزيرة إن مدنيا قتل وأصيب آخرون عقب قصف دبابات النظام السوري حي الوعر المحاصر في مدينة حمص. وفي وقت سابق، أفادت المصادر بأن عددا من المدنيين -بينهم أطفال ونساء- أصيبوا في قصف لطائرات النظام على قرية تير معلة بريف حمص. وكان مكتب الأوقاف في ريف حمص الشمالي المحاصر قرر إلغاء صلاة الجمعة حفاظا على أرواح المدنيين بسبب كثافة القصف الذي تتعرض له مدن وبلدات المنطقة. وفي جنوبسوريا، لا تزال محافظة درعا تشهد تصعيدا عسكريا وسط هجمات متبادلة بين فصائل معارضة وقوات النظام، خاصة في حي المنشية بدرعا البلد، وقتل أمس مدنيون في غارات سورية على بلدات بريف درعا، بينها بصرى الشام والجيزة. على صعيد آخر، قالت وكالة الأنباء السورية إن الجيش بالتعاون مع ما سمتها القوات الرديفة سيطر على منطقة أبراج الطيران في منطقة البيارات ومواقع أخرى غرب مدينة تدمر بريف حمص الشرقي. وأضافت الوكالة أن تلك القوات دمرت آخر تجمعات تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة صمامات أنابيب الغاز لتصبح على بعد أقل من سبعة كيلومترات عن مثلث مدينة تدمر الإستراتيجية. وتابعت أن تنظيم الدولة أحرق عددا من آبار النفط وخطوط الإمداد في حقل جزل النفطي في ريف حمص. من جانبه، قال تنظيم الدولة إنه قتل ضابطا وعددا من عناصر النظام السوري أثناء محاولة الأخير التقدم على جبل أم جرن (جنوب غرب تدمر)، ودمّر ناقلة جند بصاروخ موجه. وفي سياق أخر فقد وقع انفجار بسيارة ملغمة قرب مدينة الباب بريف حلب الشرقي (شمالي سوريا)؛ مما أدى إلى مقتل 55 شخصا -على الأقل- وجرح أكثر من مئة آخرين، جراح العديد منهم خطيرة، مما يُرشح ارتفاع عدد القتلى، وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن التفجير. وأفادت مصادر مطلعة بأن حصيلة التفجير بلغت أكثر من 55، وقد يكون هناك ارتفاع في عدد القتلى بسبب العديد من الإصابات الخطرة، وقالت مصادر إن عشرات الجثث لم تعرف هويتها بسبب تفحمها. وأوضح أن التفجير وقع صباحا في بلدة سوسيان (شمال غرب الباب) على أحد الحواجز بتفجير سيارة مفخخة. وأشار إلى أن المدنيين كانوا بصدد التوجه لبلداتهم، وآخرون كانوا في الاتجاه الآخر نحو الباب التي أعلن الجيش السوري الحر السيطرة عليها أمس الأول. ولفتت المصادر إلى أن هناك حديثا غير مؤكد بأن من بين قتلى التفجير جنودا أتراكا وعناصر من الجيش الحر. وقال مقاتل من لواء السلطان مراد -إحدى جماعات المعارضة السورية المسلحة- قرب الباب إن الانفجار وقع قرب نقطة أمنية، حيث كانت عائلات كثيرة تتجمع هناك وتنتظر العودة للباب، وبالتالي هناك الكثير من القتلى المدنيين. ونقلت وكالات أنباء أن تنظيم الدولة أعلن مسؤوليته عن التفجير في موقعه على الإنترنت. وأمس الأول تمكن الجيش الحر مدعوما من الجيش التركي من السيطرة على مدينة الباب من تنظيم الدولة (آخر معقل كبير له في شمال غرب سوريا)، كما نجح في إخراج التنظيم من بلدتين مجاورتين: بزاعا وقباسين، بعد أسابيع من حرب الشوارع في إطار عملية درع الفرات. من جانبه أكد الجيش التركي استعادة مدينة الباب بريف حلب الشرقي بالكامل من تنظيم الدولة الإسلامية، وأعلن مقتل اثنين من جنوده بالمدينة بعد ساعات من إحكام السيطرة عليها. وقالت هيئة الأركان التركية إن كل أحياء الباب أصبحت اعتبارا من أمس الجمعة تحت السيطرة الكاملة للجيش السوري الحر. وكانت فصائل الجيش الحر المشاركة في عملية درع الفرات أكدت أمس استعادة السيطرة على الباب، كما استعادت بلدة قباسين (شمال شرق) وبلدة بزاعة (شرق). وقالت مصادر إن القوات التركية بدأت أمس الجمعة قصف بلدة تادف الواقعة جنوب مدينة الباب سعيا لطرد تنظيم الدولة منها، في حين قال مراسل الجزيرة صهيب الخلف إن الجيش الحر يستعد لمهاجمة البلدة. وأعلن الجيش التركي يوم أمس أن اثنين من جنوده قتلا وأصيب ثلاثة آخرون في انفجار وقع عند دوار تادف جنوب مدينة الباب. وتحدث رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم عن تفجير انتحاري استهدف الجنود الأتراك أثناء دورية لهم، لكن بيان الجيش التركي أوضح أن الانفجار نتج عن عبوة ناسفة. ووصف يلدرم في تصريحات له الوضع في مدينة الباب بالفوضوي؛ حيث تنتشر فيها المتفجرات والقنابل والكمائن"، وقال إن عملية تطهير تجري حاليا في المدينة بدقة شديدة. وقال قائد الأركان التركي خلوصي أكار أمس الجمعة خلال جولة له في غازي عنتاب وكليس على الحدود مع سوريا إن عملية درع الفرات حققت أهدافها. وأضاف أكار أن هذه العملية -التي بدأت أواخر أغسطس/آب الماضي وتسارعت وتيرتها في الأسابيع الثلاثة الأخيرة- تمت بحذر بسبب الطبيعة غير التقليدية للمواجهة مع تنظيم الدولة. وعلى صعيد منفصل فقد سعى المبعوث الدولي إلى سوريا ستفان دي ميستورا أمس الجمعة في محادثات منفصلة مع وفدي النظام والمعارضة السوريين في جنيف إلى الخروج بخطة عمل حول طبيعة المفاوضات والقضايا التي ستتم مناقشتها، في ظل خلافات بين الطرفين المتفاوضين على جدول الأعمال. وأفادت مصادر إعلامية بأن دي ميستورا أجرى أمس الجمعة جولة مباحثات مع وفد النظام السوري برئاسة بشار الجعفري، ثم اجتمع بعد ظهر يوم أمس بوفد المعارضة. وقال الجعفري بُعيد اللقاء إن المباحثات تطرقت إلى شكل الاجتماعات خلال المفاوضات الجارية، وإن الوفد تسلم ورقة من دي ميستورا سيعكف على دراستها، مضيفا أن الجلسة القادمة سيتم الاتفاق بشأنها عبر القنوات الدبلوماسية المعنية. في المقابل، قال سالم المسلط الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات إن وفد النظام ليس جادا، ويريد حصر التفاوض في مسألة مكافحة الإرهاب، متهما النظام بأنه هو من صنع الإرهاب. وأضاف المسلط إن المهم بالنسبة لوفد المعارضة ليست طبيعة الوفد وتركيبته، وإنما رفع المعاناة عن الشعب السوري. وشكلت مباحثات أمس الجمعة بين دي ميستورا ووفدي النظام والمعارضة الانطلاقة الفعلية للجولة الرابعة من المفاوضات السورية، وكان الوفدان جلسا أمس حول نفس الطاولة، وأبدى وفد المعارضة في اليوم الأول استعداده لمفاوضات مباشرة مع وفد النظام، وقال إن الأخير لا يريد المفاوضات المباشرة لأنها ستحرجه. واستبعد دي ميستورا أمس الأول أن تفضي هذه الجولة إلى انفراجة في الأزمة السورية، لكنه حث الطرفين على ضرورة إنهاء الصراع، مؤكدا أنه لا حل عسكريا للأزمة.