لم تكد تمر أيام على سيطرتهم على المديرية، حتى بدأ مسلحو جماعة الحوثي وقوات المخلوع صالح بشن حملات مكثفة وملاحقات واختطافات ومداهمات ونهب لمنازل المدنيين في عتمة غرب محافظة ذمار، وسط اليمن. وبمجرد السيطرة على المديرية، التي ظلت عصية عليهم طيلة عامين، باشر الحوثيون انتقامهم بتفجير ومارسوا جرائمهم المروعة بحق الأهالي المدنيين. وسط صمت مخزي للمشايخ والأعيان الذين لم يتدخلوا لوقف عبث الميليشيات، كما هو صمت المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية. وفي الوقت الذي تواصل مليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح جرائمها بحق المدنيين من أهالي مديرية عتمة، في حين تتفاقم معاناة المدنيين فرض حصار على المديرية، وإحكام السيطرة عليها. يعتبر ناشطون وحقوقيون ما يحدث للمواطنين في عتمة بأنه مأساة حقيقية وجريمة هي الأبشع في تاريخ المديرية. بعد معارك شرسة استمرت أربعة أسابيع تكبد فيها الإنقلابيين خسارة عشرات المقاتلين وآليات عسكرية، أعلنت ميليشيا الحوثي، في الرابع من مارس أنها سيطرت على مديرية عتمة بمحافظة ذمار. وفي الوقت الذي تواصل مليشيا الحوثي وصالح جرائمها بحق المواطنين، يناشد سكان مديرية عتمة بمحافظة ذمارالأممالمتحدة والمنظمات الدولية، سرعة التدخل لإنقاذهم من بطش مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية، ووقف ممارساتها الإجرامية بحقهم، إثر تصاعد الانتهاكات متعددة الأبعاد التي تمارسها الميلشيا في المديرية منذ أكثر من نصف شهر تقريباً. نشطاء محليون ومواطنون أطلقوا مناشدات عاجلة بسرعة التدخل ووقف الجرائم المروعة التي ترتكبها الميليشيات الانقلابية، وتسليط الضوء على معاناة المواطنين، وكشف جرائم الحوثيين وممارساتهم الوحشية ضد المدنيين للرأي العام المحلي والدولي. في آخر إحصائية غير رسمية، ذكر مصدر محلي بالمديرية إن الحوثيين خطفوا أكثر من 100 مدنياً، بحجة دعمهم للمقاومة، ونقلوهم إلى أماكن مجهولة. وأفاد المصدر ل"المصدر أونلاين"، بأن الحوثيين نفذوا عمليات تفتيش دقيقة ونهب واسع لمنازل المدنيين، في عزلتي الشرم العالي والشرم السافل بحثاً عن الأسلحة التي كان يمتلكها قائد مقاومة عتمة حسب زعمهم. مشيراً إلى أن الحملة طالت المحلات التجارية والسيارات والدراجات النارية الخاصة بالمدنيين. وطالب المصدر زعماء القبائل في المنطقة الموالون للحوثيين، الوقوف ضد حملات الحوثيين، التي انتهكت حرمات المنازل وروّعت النساء والأطفال في الليالي. انتهاكات بشعة وقالت مصادر محلية إن ميليشيات الحوثي أقدمت على اختطاف أكثر من 100 مواطن من أبناء مديرية عتمة خلال يومين فقط بحجة تعاونهم مع قائد المقاومة الشيخ عبد الوهاب معوضة، وقامت بنقلهم إلى جهات مجهولة بالتعاون مع ما بات يطلق عليهم ب مشايخ العار في عتمة، في واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية. وتحدثت المصادر عن تنفيذ ميليشيات الحوثي عمليات تفتيش دقيقة ونهب واسعة لمنازل المواطنين في عزلتي الشرم العالي والشرم السافل بحثا عن الأسلحة التي كان يمتلكها قائد مقاومة عتمة حسب زعمهم، وكأنهم يبحثون عن الأسلحة الكيماوية والنووية المحرمة دوليا حسب وصف المصادر. وأكدت المصادر أن النتيجة التي تحصل عليها الميليشيات بعد عمليات التفتيش سوى أثاث البيوت وملابس النساء والأطفال، حيث يقومون بنهبها إلى درجة أن صحون المطابخ المتسخة لم يتركونها. مشيرة إلى أن الميليشيات استهدفت أيضا المحلات التجارية والسيارات والدراجات النارية الخاصة بالمواطنين وقامت بنهبها ومصادرتها، ناهيك عن مداهمة المنازل ليلاً ونهب محتوياتها وسط صراخ النساء والأطفال دون مراعاة للقيم والأعراف والإنسانية. وكانت عزلتي الشرم السافل والشرم العالي، مسقط رأس قائد مقاومة عتمة الشيخ عبد الوهاب معوضة، الأكثر تضرراً. إذ تعرض عدد كبير من أبناء المنطقة للاختطاف وتم مداهمة المنازل ونهب محتوياتها والسطو على السيارات والدراجات النارية التابعة للمواطنين في العزلتين بحجة أن مالكيها كانوا متعاونين مع قائد المقاومة. إحكام السيطرة وكانت مليشيات الحوثي في الثالث من مارس اقتحمت قرية الشرم في عتمة، وهي القرية التي يقع فيها منزل الشيخ وعضو مجلس النواب عبد الوهاب معوضة الذي يقود المواجهات ضد مليشيات الحوثيين هناك. ومساء الجمعة الرابع من مارس الجاري كانت المليشيا الانقلابية قد فجرت منزلاً تابعاً للشيخ عبد الوهاب معوضة، بعد ساعات من اقتحامها قرية الشرم في مديرية عتمة بمحافظة ذمار وسط اليمن. وكانت مليشيات الحوثي اقتحمت ظهر ذات اليوم القرية بعد تغلبهم على المسلحين القبليين الذين خاضوا معهم معارك طيلة عشرين يوماً دفاعاً عن منازلهم وممتلكاتهم، بعد أن نفدت ذخائر وأسلحة المقاومين. وجاءت عملية الاقتحام والسيطرة بعد أن استنفرت ميليشيا الحوثي كل قواتها وحشدت الآلاف من مقاتليها لقمع المقاومة الشعبية خوفا من توسعها في مناطق أخرى من محافظة ذمار. كما استخدمت الأسلحة الثقيلة والمتوسطة لقتال رجال القبائل الموالين للمقاومة بعتمة، وفقاً لمصدر قبلي، ذكر، إن عدد القتلى الحوثيين تجاوز عن 132 قتيلا، فضلاً عن إصابة العشرات منهم. وبحسب المصدر فإن 16 عنصراً من المقاومة قُتلوا في المعارك منذ اندلاعها قبل نحو 3 أسابيع، وأُصيب العشرات، فضلاً عن مقتل العشرات من الحوثيين وقوات صالح. آليات الاقتحام وبحسب مصادر في المقاومة الشعبية بمديرية عتمة، فقد اعتمد الحوثيون في اقتحامهم للمنطقة على فرق عسكرية محترفة من القوات الخاصة التابعة لقوات الحرس الجمهوري، والتي تدين بالولاء المطلق للرئيس السابق علي عبد الله صالح. وفي سبيل تحييد زعماء القبائل في منطقة عتمة والمناطق المجاورة لها، أوضح المصدر أن الحوثيين دفعوا أموالا تصل في مجموعها إلى 140 مليون ريال من أجل ضمان حياد زعماء القبائل وعدم المشاركة في القتال في صفوف المقاومة إلى جوار الزعيم القبلي الذي يقود مقاومة عتمة، عبد الوهاب معوضة. واستطاعت ميليشيا الحوثي اقتحام قرية الشرم مسقط رأس عبد الوهاب معوضة، والتي تعد معقل المقاومة بعتمة، بعد ثلاثة أيام من حصارها وضربها بالأسلحة الثقيلة، ما أسفر عن سقوط عدد من الأبرياء وسط تكتم إعلامي تفرضه الميليشيا على ما يحدث في عتمة من جرائم تعرضت لها أسر وقرى ومنازل رجال المقاومة. وأفاد عدد من الأهالي الذين فروا من الحرب، أن ميليشيا الحوثي نهبت وفجرت 12 منزلا في قرية الشرم بينها منزل معوضة وعدد من أقربائه، ودمرت مزارع “القات” التي يمتلكها أهالي القرية. وبمجرد السيطرة المديرية التي ظلت عصية عليهم طيلة عامين، باشر الحوثيون انتقامهم بتفجير منازل عدد من قيادات المقاومة، بالإضافة إلى اثنين من الحصون الأثرية واحد منهم يتبع لأسرة معوضة. وشهدت مديرية عتمة مواجهات عنيفة بين مليشيات الحوثيين ومسلحين قبليين بقيادة الشيخ معوضة منذ منتصف شهر فبراير الماضي تكبدت فيها مليشيات الحوثي خسائر بشرية فادحة، لكنها حشدت مزيد من المسلحين والعتاد إلى المنطقة وشنت قصفاً مدفعياً وصاروخياً على المنطقة قبل اقتحامها. مأساة إنسانية نقلت وسائل إعلام عن مصادر محلية إفادتها بأن الميلشيا الانقلابية ترتكب جرائم بحق الأهالي بمستويات عديدة وتهدد بحدوث مأساة إنسانية في المديرية، التي أظهر معظم أبنائها رفضاً للتواجد الميلشياوي في مديريتهم. وبحسب المصادر تقوم الميلشيا بتهجير المواطنين من قراهم، وتحولها إلى مواقع عسكرية، في تكرار للمآسي التي يخلفها سلوك في الميلشيا في عدد من المحافظات. وتعرضت قرى ومنازل المواطنين في مديرية عتمة لقصف عنيف ومتواصل من قبل الميلشيا الانقلابية بمختلف أنواع الأسلحة بينها المدفعية الثقيلة والدبابات. المصادر أفادت أن "المليشيا اتخذت من المواطنين دروعاً بشرية، واتخذت من المدارس والمساجد والأسواق ثكنات عسكرية، لتكديس الأسلحة الثقيلة المنهوبة من الجيش وسط القرى والتجمعات السكانية، وتقوم بأعمال قنص مستمرة للمواطنين دون تمييز بين رجل وطفل وامرأة وحتى المواشي تتعرض للقنص. فضلاً عن قيامها بتهديد السكان والتجار، وإجبارهم على دفع إتاوات، في حين يواصل مسلحو الجماعة باختطاف العشرات من الرافضين لممارستها، وبنهب المحلات التجارية، وحرق مزارع المواطنين ونهب بيوتهم. تفاقم المعاناة يأتي ذلك في حين تتفاقم معاناة المدنيين بعد قيام الميلشيا بفرض حصار على المديرية، ومنع خروج المرضى والمصابين، ودخول سيارات الإسعاف والمواد الغذائية. وتواصل مليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح جرائمها بحق المدنيين من أهالي مديرية عتمة. وسبق أن تسببت الميليشيا في النزوح والتهجير لأكثر من 600 أسرة جراء المواجهات التي شنتها على مناطق الثلوث. كما قامت بتفجير ستة منازل تسكنها أكثر من 13 أسرة باتت مشردة في العراء دون منازل تأويهم. في حين عملت المليشيات على تدمير إحدى المدارس وأحرمت العديد من الطلاب من حق التعليم فيها. وقد قامت بنهب أكثر من عشرة محلات تجارية في منطقة عتمة وسرقة أكثر من عشر سيارات ناهيك عن سرقة بعض القلابات والجرافات وتفجير إحدى محطات البنزين والناقلات الخاصة بها في سوق الثلوث. فضلاً عن القصف العشوائي وحالات القنص التي أصيب بها المدنيين والأطفال كما كان حال الطفلة هدنة الفجرة وشقيقها الذين قتلتهما قذيفة حاقدة أصابت منزلهم البسيط فدمرت المنزل وأودتهم قتلا. تحشيد طائفي في وقت سابق عقدت جماعة الحوثيين أكثر من 15 اجتماعاً قبلياً في عدد من مناطق ذماروإب لتحشيد المقاتلين من القبائل الموالية لها في مناطق الحدا وعنس وآنس وجهران بمحافظة ذمار ومنطقة القفر في إب ومديرية بلاد الروس جنوبصنعاء إلى مديرية عتمة في ذمار وسط اليمن. وجاء هذا التحشيد في إطار الحرب التي قادتها الجماعة ضد قبائل في مديرية عتمة الذين ظلوا رافضين الخضوع لهيمنة الجماعة، طيلة أكثر من ثلاثة أسابيع، وسقط في هذه المعارك عشرات القتلى والجرحى من الجانبين. واستخدمت جماعة الحوثيين خطاباً مذهبياً وطائفياً في تحريضها على القبائل التي تقاتلها في عتمة، واصفة إياهم بالأمويين والكفار. وذكرت أتباعها بصراعات تاريخية حدثت في الماضي بين الدولة الطاهرية وحكم الأئمة، لمحاولة استثارة النزعة العدائية ضد مناطق سجلت تاريخاً طويلاً من الرفض لحكم الأئمة كانت عتمة أهم قلاع الدولة الطاهرية (1229- 1454م ) ويعتبر قائد المقاومة في عتمة أحد أحفاد مؤسس الدولة الطاهرية عامر بن عبد الوهاب الطاهري الذي قاد معارك ضارية مع الأئمة من بيت المتوكل وقُتِل على أسوار مدينة صنعاء. وتقع المديرية جنوب غرب محافظة ذمار، وهي منطقة جبلية شديدة الخضرة وتعتبر إحدى المحميات الطبيعية وواحدة من أجمل مناطق اليمن. ويسكن المديرية ما يربو على مئتي ألف نسمة، ويحدها من الشمال والغرب محافظة ريمة ووصاب العالي ومن الشرق مديريات آنس وعنس التابعتين لمحافظة ذمار، ومن الجنوب مديرية القفر بمحافظة إب. ويشتغل معظم سكانها في الزراعة والمهن التجاربة البسيطة، وفي السلك العسكري بالإضافة إلى مئات الأفراد العاملين في قطاعات مدنية، بينما يعاني سكان المنطقة تاريخياً تهميش وإقصاء من قبل الحكومات والأنظمة المتعاقبة. وتعتبر عتمة وما حولها من أكثر مناطق اليمن انصياعاً لسلطة الدولة في الأوضاع الطبيعية، وسكانها مسالمون ولم تشهد المنطقة أي قتال منذ إنتهاء أحداث ما يسمى بالجبهة الوطنية في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي. ولا تمثل المديرية أي حاضنة اجتماعية أو مذهبية لجماعة الحوثيين، بينما تعد خزان بشري ضخم رافض للحوثيين ومؤيد للشرعية مما يشكل مصدر قلق لجماعة الحوثيين. بالإضافة إلى أن الحوثيين يعتبرون اندلاع المقاومة في عتمة بأنه قد يشكل حافزاً لتحرك الكتلة السكانية الرافضة للحوثيين والتي تقطن المرتفعات الغربية المتمثلة في مناطق (العدين والقفر ووصابين وريمة وبرع). وتكتسب مرتفعات عتمة، كما هي وصابين وريمة، أهميتها في الصراع العسكري الذي تشهده اليمن من كونها مطلة على سهل تهامة والساحل الغربي الممتد من الخوخة إلى الحديدة. ما يجعل جماعة الحوثيين تسعى لفرض السيطرة الكلية عليها كلما اقتربت المواجهات من سواحل محافظة الحديدة. إذ أن تلك المرتفعات ستشكل منطلقاً لأي عمليات هجومية لجماعة الحوثيين في حال سيطرت القوات الحكومية والتحالف العربي على سواحل الحديدة.