الغرابي.. شيخ قبلي متهم بالتمرد وارتباطات بشبكات تهريب في حضرموت والمهرة    البطاقة الذكية والبيومترية: تقنية مطلوبة أم تهديد للسيادة الجنوبية    انضمام المحترفين ولاعبي المهجر إلى معسكر المنتخب الوطني في القاهرة استعداداً لاستحقاقات آسيا والعرب    "إيني" تحصل على حق استغلال خليج السويس ودلتا النيل حتى 2040    استهداف العلماء والمساجد.. كيف تسعى مليشيا الحوثي لإعادة هندسة المجتمع طائفيًا؟    صنعاء: تحذيرات من 3 ليالي صقيع    تدشين حملة رش لمكافحة الآفات الزراعية لمحصول القطن في الدريهمي    اتحاد كرة القدم يحدد موعد الدوري اليمني للدرجة الأولى والثانية ويقر بطولتي الشباب والناشئين    وزير الصناعية يؤكد على أهمية تمكين المرأة اقتصاديا وتوسيع مشاركتها في القطاعات التجارية    غموض يلف حادثة انتحار مرافِق المخلافي داخل سجنه في تعز    القصبي.. بين «حلم الحياة» و«طال عمره» 40 عاما على خشبة المسرح    دنماركي يحتفل بذكرى لعبه مباراتين في يوم واحد    المقاتلتان هتان السيف وهايدي أحمد وجهاً لوجه في نزال تاريخي بدوري المحترفين    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    نائب وزير الخارجية يلتقي مسؤولاً أممياً لمناقشة السلام    شبوة:فعالية تأبينية مهيبة للإعلامي والإذاعي وكروان التعليق الرياضي فائز محروق    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    الذهب يهبط من أعلى مستوياته في 3 أسابيع    ريال مدريد يختصر اسم "البرنابيو" ويحوله إلى ملعب متعدد الأغراض    مناقشة آليات توفير مادة الغاز المنزلي لمحافظة البيضاء    لجنة من وزارة الدفاع تزور جرحى الجيش المعتصمين بمأرب وتعد بمعالجات عاجلة    وزير الصحة: اليمن يواجه أزمات مركبة ومتداخلة والكوارث المناخية تهدد الصحة العامة فيه    واشنطن تفرض عقوبات على 32 فردا وكيانا على علاقة بتهديد الملاحة الدولية    واشنطن تكشف عن التنازلات التي قدمها الشرع في البيت الأبيض    العراق ضد الإمارات بالملحق الآسيوي.. هل يتكرر سيناريو حدث قبل 40 عاما؟    اول موقف من صنعاء على اعتقال الامارات للحسني في نيودلهي    لماذا قتلوا فيصل وسجنوا الرئيس قحطان؟    قضية الجنوب: هل آن الأوان للعودة إلى الشارع!    حل الدولتين في فلسطين والجنوب الغربي    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    الكشف عن 132 جريمة مجهولة في صنعاء    إعلان نتائج الانتخابات العراقية والسوداني يؤكد تصدر ائتلافه    تدشين منافسات بطولة الشركات لألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    جروندبرغ يقدم احاطة جديدة لمجلس الأمن حول اليمن 5 عصرا    الإعلان عن القائمة النهائية لمنتخب الناشئين استعدادا للتصفيات الآسيوية    الأمم المتحدة: اليمن من بين ست دول مهددة بتفاقم انعدام الأمن الغذائي    شبوة تودّع صوتها الرياضي.. فعالية تأبينية للفقيد فائز عوض المحروق    مناقشة جوانب ترميم وتأهيل قلعة القاهرة وحصن نعمان بحجة    قراءة تحليلية لنص "اسحقوا مخاوفكم" ل"أحمد سيف حاشد"    القرود تتوحش في البيضاء وتفترس أكثر من مائة رأس من الأغنام    عالميا..ارتفاع أسعار الذهب مدعوما بتراجع الدولار    حضرموت.. تُسرق في وضح النهار باسم "اليمن"!    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    "فيديو" جسم مجهول قبالة سواحل اليمن يتحدى صاروخ أمريكي ويحدث صدمة في الكونغرس    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    مواطنون يعثرون على جثة مواطن قتيلا في إب بظروف غامضة    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذمار.. معتقل تجاري رائج للانقلابيين
كيف حولت ميليشيا الحوثي- صالح المحافظة إلى سجن كبير لجني الأموال من صفقات إطلاق المختطفين؟!
نشر في أخبار اليوم يوم 14 - 03 - 2017

شعر "محمد كمال"، 31 عاما، من محافظة ذمار، بالسعادة الغامرة حين أُفرج عنه من المعتقل، لكن هذا الشعور سرعان ما خبا حين اكتشف مقدار المبلغ الذي دفعته أسرته لتأمين الإفراج عنه.
بينما حظى "محمد الحيمي" بمكالمة هاتفية، فقط، مع اثنين من أقربائه المخفيين قسرا، لقاء دفعه مبلغا ماليا كبير.
ويدفع ذوو، وأقارب المختطفين في سجون ميليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح الانقلابية، مبالغ مالية باهظة مقابل الإفراج عنهم.
وأحيانا يتم الدفع مقدما لمجرد معرفة أنهم على قيد الحياة ومكان احتجازهم، تمهيدا للبدء بإجراءات متابعة عملية الإفراج التي ستتطلب المزيد من دفع الأموال ضمن صفقة تجارية يقودها وسطاء.
وتتم عملية الإفراج عبر إرسال وساطات قبلية إلى قيادات ميليشيات الحوثي- صالح، أو إلى مشرفيهم الرئيسيين، للتفاوض معهم حول إبرام صفقة تجارية، يتم بموجبها الموافقة على دفع مبالغ مالية لإطلاق سراح المختطفين من معتقلات غالبا ما تكون سرية وغير معروفة، أو سيئة السمعة، اشتهرت بسوء معاملة المعتقلين، لاسيما أولئك المتهمون ب"العمالة" لما يطلقون عليه ب"العدوان".
الخلفية والأهمية
تقبع محافظة ذمار، 100 كم- جنوب العاصمة صنعاء، شبه كليا، تحت سيطرة وحكم ونفوذ ميليشيا الحوثي وصالح، منذ فرضت سيطرتها عليها في وقت مبكر من شهر أكتوبر 2014، أي بعد أسابيع قليلة من اجتياحها العاصمة اليمنية صنعاء في 21 سبتمبر 2014. ولم تواجه الميليشيات فيها أي مقاومة مسلحة تذكر. ويعود السبب – بحسب الكثيرين – إلى كونها كانت تشكل عمقا جغرافيا وقبليا للمخلوع صالح طوال فترة حكمه البالغة 33 عاما، في حين اعتبرت بمثابة امتداد جغرافي ومذهبي لميليشيات الحوثي الانقلابية الموالية لإيران، بوصفها القديم الذي يقال أنها اشتهرت به باعتبارها "كرسي الزيدية".
وإلى جانب، اهتمام ميليشيات الحوثي-صالح بمحافظة ذمار كمخزون بشري للمقاتلين، فقد رفع من أهميتها موقعها الاستراتيجي الهام، نظرا لوقوعها على الحدود الجنوبية لمحافظة صنعاء، والحدود الغربية لمحافظة البيضاء، التي ما زالت الميليشيات تخوض فيها معارك طاحنة منذ أكثر من عامين وحتى اليوم. الأمر الذي جعل زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، يحرص على إرسال قيادات خاصة من محافظة صعدة، مركز المتمردين، كمشرفين رئيسيين لإدارة شئون هذه المحافظة كي تبقى في دائرة سيطرتهم عليها.
معتقل تجاري
وعلى مدى العامين والنصف من هذه السيطرة، تحولت محافظة ذمار إلى المحافظة الأشهر، تقريبا، في الإتجار بالمختطفين، والمعتقلين، بعد أن أصبحت معتقلا كبيرا، يودع فيه الكثير من المختطفين السياسيين ومعارضي الانقلاب من مختلف المحافظات الأخرى، لاسيما تلك الواقعة في الوسط والجنوب والشرق منها. حيث يعتقد أيضا أن ذمار تشكل غرفة عمليات لإدارة شئون الحرب في تلك الامتدادات الجغرافية.
وقد اضطرت ميليشيات الحوثي وقوات صالح الانقلابية إلى افتتاح معتقلات جديدة، وحولت عدد من المقرات والمراكز الحكومية إلى سجون جديدة نظرا لازدياد عدد المعتقلين يوميا. وحاليا تزخر محافظة ذمار بزهاء 55 معتقلا، معظمها استحدثتها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح لهذا الغرض.
ويعد سجن "قسم الوحدة" – شرق مدينة ذمار، وسجن "الشونة"، وهو مدفن لتخزين الحبوب ويتبع "مصلحة الواجبات الزكوية" بمدينة معبر، من أشهر وأهم وأخطر السجون التي تستخدمها الميليشيات الانقلابية في إخفاء المعتقلين السياسيين والمعارضين، حيث يتعرضون لشتى أنواع التعذيب.
إذا، فقد خلق مشرفو ومندوبو جماعة الحوثي وصالح، في محافظة ذمار، سوقا كبيرة لتجارة البشر، من معتقلين ومختطفين ومخفيين قسرا، أصبحت تعج بهم زنازينهم، لتحولهم الميليشيات إلى بضاعة رائجة وثمينة تدر عليهم بالأموال الطائلة، ولديهم كامل الصلاحيات للتصرف والمتاجرة بهم.
وقد ساعد على رواج هذه السوق في هذه المحافظة، قربها من النقطة الأمنية الشهيرة، المعروفة بنقطة "أبو هاشم"، التي اشتهرت باختطاف واعتقال المسافرين. وتقع نقطة "أبو هاشم"، في مدينة رداع، على طريق البيضاءمأرب، ويعود إليها الفضل، بدرجة رئيسية، في جعل سجون مدينة ذمار مكتظة بالمختطفين على الدوام، حيث تستقبلهم بشكل شبه يومي.
ولضمان استمرار وانتعاش هذه السوق الرائجة، لا تدخر الميليشيات جهدا في اختطاف كل من تشك في ولائه أو تحوم حوله بعض الشكوك. بل وصل الأمر-أحيانا – إلى الاختطاف بمجرد الاعتقاد بكون شخصا ما قد يدر مالا وفيرا للتفاوض على إطلاقه.
بالنسبة للمعتقلين، والمختطفين، من القادة العسكريين والسياسيين المعارضين، ممن لهم وزن وتأثير في الميدان، وتم اختطافهم من محافظات الوسط والجنوب والشرق، فإنه يتم التحفظ عليهم لفترة في سجون محافظة ذمار، قبل ان يتم ارسالهم إلى صنعاء للتحفظ عليهم هناك نظرا لأهميتهم الكبيرة.
فيما يحتفظ المشرفون بالمحافظة بالأشخاص الأقل تأثيرا، البسطاء، والناشطون من الشباب المقاومين أو الجنود والأسرى، أو المتهمون بذلك – وهم النسبة الأكبر من المعتقلين – لعرضهم للبيع وإبرام الصفقات التجارية حولهم.
كيف تبرم الصفقات؟
وتتفاوت المبالغ المالية المطلوبة من قبل مشرفي مليشيات الحوثي وصالح حول صفقة الإفراج، من مختطف إلى آخر. فكلما كان المختطف من أسرة كبيرة أو حزب هام أو قبيلة شهيرة، كلما كان المبلغ المطلوب لتأمين الإفراج أكبر.
وتزداد القيمة أكثر، مع أولئك المتهمين بالولاء للشرعية، أو المعارضين للانقلاب، أو الرافضين لتوجهات وتصرفات الجماعة مذهبيا وسياسيا،.. الخ. مع وجود بعض الاستثناءات التي قد تمنع المقايضة التجارية مع أولئك القادة والناشطين السياسيين المنتمين لقوى سياسية معينة.
ويحدث أن يتم اعتقال البعض لأسباب تافهة، كعدم حمل شخص ما بطاقة تعريف (هوية)، أو لردة فعل احتجاجية ندت منه، في حالة غضب، إزاء التفتيش والأسلوب المهين الذي يتعرض له معظم المارين في النقاط الأمنية، فيتم إيداعهم السجن لفترات قد تطول كثيرا، في حال لم يتقدم ذويهم بوسطاء لإبرام صفقة لإطلاقهم، أو لعدم امتلاكهم المبالغ المطلوبة لتأمين الإطلاق.
كما قد يحدث أيضا، أن يعتقل البعض بتهم جنائية ثابتة، لكن ذلك لا يمنع إدخالهم ضمن عمليات التفاوض التجارية لتأمين إطلاقهم لقاء دفعهم المبالغ المالية المطلوبة، دون أي محاكمات.
بورصة الأسعار
بحسب بعض المعلومات التي تم تجميعها من مصادر مختلفة، تبدأ المبالغ المالية التي يتقاضاها مشرفي الحوثي وصالح، من أجل الإفراج عن أي مختطف، من "50" ألف ريال – كحد أدنى – فما فوق، حيث قد يصل المبلغ إلى ما فوق المليون ريال. ويعتمد ذلك على وزن الضحية ونوعيته وحجم التهمة وقدرته، أو ذويه، على الدفع.
ومن هنا، قد يمكن اعتبار الصحفي "محمد الواشعي" أحد المحظوظين، كونه – بحسب ما أبلغ "يمن شباب نت" – دفع فقط "70" ألف ريال، عبر أحد سماسرة جماعة الحوثي إلى القيادي الحوثي "أبو علي الديلمي"، من أجل تسهيل عملية الإفراج عنه من سجن قسم الوحدة شرق مدينة ذمار.
وقد يمكن التأكيد، أنه ما من قرية أو منطقة بمحافظة ذمار تخلو من قصة لها مع مختطف أو أكثر، لجأ أقاربه إلى دفع مبلغ مالي باهظ، أو بسيط، لإطلاقه عن طريق وجاهات قبلية يقومون بالتوسط، أو بالأحرى بالتفاوض، لدى مشرف جماعة الحوثي في المنطقة، الذي بدوره يقوم بإيصاله إلى المسؤول المباشر عن السجن القابع فيه المختطف.
وغالبا ما يكون هذا المسئول، او آمر السجن، قياديا كبيرا في الجماعة، فيتم التفاوض معه مباشرة عبر الوسطاء لإبرام صفقة مناسبة تنتهي بالإفراج عن المختطف لقاء دفع المبلغ المالي المتفق عليه بين الوسيط والمشرف الحوثي.
وفي حين يكون معظم الوسطاء، مشايخ أو رؤوس قبلية معروفة، يقومون بالتوسط كواجب من واجباتهم القبلية مع أفراد قبيلتهم دون أي مقابل يتحصلون عليه من اسرة الضحايا، إلا أن ثمة وسطاء قد تحولوا بالأصل إلى سماسرة للحوثيين أنفسهم، ويتحصلون لقاء عملهم هذا نسبة مالية تخصم من المبلغ المسلم للحوثيين، من جهة، مضافا إليها ما يحصلون عليه من أموال من أسرة المختطف مقابل أتعابهم، من جهة أخرى.
أربع حالات فقط تجاوزت قيمتها ثلاثة مليون ونصف
للوقوف أكثر أمام هذه الظاهرة، حصلنا على شهادات بعض المعتقلين المفرج عنهم، أو ذويهم، بعضهم طلب الاحتفاظ بهويته سرية.
"محمد كمال"، أحد المختطفين المفرج عنهم منتصف العام الماضي، أخبرنا أن مسلحي الحوثي وصالح اختطفوه من إحدى نقاط التفتيش المنتشرة في مدينة ذمار، ليتم إيداعه السجن بتهمة الكتابة ضدهم في وسائل التواصل الاجتماعي.
ويضيف: شعرت بسعادة كبيرة ساعة أن تم الإفراج عني، قبل أن أكتشف أن أهلي وأبناء عمومتي خصوصا، دفعوا لمشرف الحوثيين "أبو الزهراء" مبلغ "450,000" (أربعمائة وخمسون ألف) ريال، مقابل إطلاق سراحي.
ويرجع "محمد" سبب هذه الحسرة، في يوم فرحته بالخروج، لكونهم أجبروه أيضا على توقيع تعهد بعدم كتابة منشورات ضد الحوثي وصالح على منصات التواصل الاجتماعي، "وكنت أعتقد أن هذا كافيا، رغم صعوبة أن يتخلى المرء عن حريته" يضيف.
وأضطر أبناء قرية "المصاقرة" – مديرية الحدأ، بحسب إفادة أحدهم، إلى دفع مبلغ "1,500,000" (مليون وخمسمائة ألف) ريال، للمشرف "أبو حيدر"، مقابل الإفراج عن ثلاثة من أبنائهم، كانت اختطفتهم مليشيات الحوثي وصالح في نقطة الحتارش أثناء عودتهم من منفذ الوديعة.
أما "محمد الحيمي"، فيؤكد أنه أضطر لدفع مبلغ "مائة" ألف ريال عن طريق أحد سماسرة جماعة الحوثي المتمردة، من أجل إجراء مكالمة هاتفية مع إثنين من أقربائه لمعرفة مصيرهم ومكان احتجازهم، بعد إخفائهم لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر، وبعد إجراء المكالمة الهاتفية تبين انهم مختطفين في سجن القلعة بمدينة رداع.
ويكشف أحد المفرج عنهم، أنه دفع مبلغ "1,500,000" (مليون وخمسمائة ألف) ريال، مقابل الإفراج عنه، بعد أن تأكد لدى مشرفي الحوثي وصالح بذمار انه ينتمي إلى عائلة معروفة بإمكانياتها المالية الزهيدة.
وأوضح المفرج عنه- الذي اشترط عدم الإفصاح عن هويته لدواع أمنية- أن المبلغ المذكور دفع عن طريق سماسرة حوثيين، دون أن يُكشف عن اسم القيادي الحوثي الذي استلم المبلغ، خشية التشهير به لاحقا وكشفه.
وكثيرا ما حدثت مثل هذه الحالات من الصفقات الغير مباشرة. حيث يتم التفاوض بين الطرفين عبر وسطاء (سماسرة) معظمهم حوثيون أو من أتباع المخلوع صالح، أو موالين لهم أو مقربين منهم، وينتهي الاتفاق بتسليم الوسطاء مبالغ الفدية المطلوبة من قبل الأسرة، ليقوم الوسطاء بتسليمها إلى القيادات الحوثية الكبيرة بالمحافظة، سواء بشكل مباشر كما يحدث غالبا، أم عبر قيادات وسيطة، والتي غالبا ما تشكل جسرا وسيطا بين الوسطاء القبليين والمشرفين الرئيسيين الكبار، كي يظل هؤلاء الأخيرين خارج الصورة.
تهديدات وتحذيرات مشفوعة بمغالطات إعلامية
أحيانا، حين تخرج مثل هذه الإجراءات الاحترازية عن السرية، ويظهر القادة والمشرفون الكبار في الصورة بحكم الضرورات التي تفرض ظهورهم أحيانا، فإنه يتم تدارك ذلك بتضمين الصفقة تهديدات تحذر المفرج عنهم وأسرهم بإعادتهم إلى السجن، وربما قد يصل الأمر إلى التهديد بالتصفية، في حال تم الكشف من طرفهم عن اية معلومات أو تفاصيل عن الصفقة وقيمتها، ومن هم القيادات أو المشرفون الكبار المتورطون.
وأثناء إعدادنا لهذا التقرير الخاص، حول تجارة مشرفي الحوثي وصالح بالمختطفين في محافظة ذمار، وجدنا أغلب المفرج عنهم لقاء فدى مالية، يرفضون الإدلاء بأية معلومات حول تفاصيل الإفراج عنهم والمبالغ المالية التي دفعوها واسم المشرف الحوثي الذي استلم منهم المبلغ المالي، خوفا من تعرضهم للمسألة من قبل المليشيات وإعادتهم مرة أخرى إلى أقبية المليشيات الانقلابية، أو أذيتهم أو أحد افراد الأسرة في حال مغادرة المفرج عنه المحافظة.
وفي حالات أخرى، مع أن أغلب المختطفين الذين أفرجت عنهم مليشيات الحوثي وصالح بذمار يكونون ممن دفعوا مبالغ مالية بطريقة أو بأخرى إلى مشرفي الميليشيات بالمحافظة، إلا أنك تجد إعلامهم يستمر بالنشر في وسائلهم الإعلامية المختلفة أن عمليات الإفراج جاءت تنفيذا لتوجيهات قيادة الجماعة الانقلابية، لاسيما المعتقلين الذين ثبت براءتهم من مولاة دول التحالف العربي.
سرقة وابتزاز مصاحب
في بعض الأحيان، لا يكتفي المشرفون بالمبالغ المالية التي تنتج عن تلك الصفقات، بل يترافق معها سرقات وابتزازات تطال البعض، لاسيما التجار ورجال المال والأعمال.
ووفقا لمصدر مقرب من جماعة الحوثي بذمار، طلب عدم الكشف عن إسمه، فأن المختطفين الذين يتم القبض عليهم وبحوزتهم أغراض ثمينة، يتم مصادرتها وتحريزها على الفور قبل أن يتم إرساله إلى المعتقل، وحين يتم إطلاق سراحه، سواء عبر صفقة مالية أو غيرها، يشترط على المختطف توقيع تنازل خطي عن ممتلكاته المحرزة.
ومن ضمن وسائل الابتزاز، كما يقول المصدر نفسه، توجيه تهم كيدية كبيرة، كالإرهاب والانتماء إلى "تنظيم القاعدة" أو "داعش"، كما حدث في حالات كثيرة مع تجار ورجال أعمال، كما تندرج في ذلك تهم أخرى مثل دعم عمليات المقاومة الشعبية وقوات الشرعية، وذلك بهدف رفع قيمة الصفقة المالية، أو الفدية لإطلاقه.
ويؤكد المصدر أن معظم مشرفي الحوثي وصالح، لاسيما الكبار، وبشكل خاص المسئولين منهم عن ملفات المختطفين، "قد أصبحوا أثرياء، من وراء هذه المعتقلات، التي حولوها إلى كنز ثمين يدر عليهم أموالا طائلة، بمجرد التخلص من النفايات البشرية القابعة خلف قضبانها، في الوقت الذي يساعدهم ذلك على التقليل من حجم الخسائر التي يتكبدونها للإبقاء عليهم أحياء بداخلها".
أشهر المتاجرون.. والصفقات الكبيرة تبرم مع الكبار
ويُعد المدعو "أبو هاشم"، المسئول عن نقطة التفتيش الشهيرة ب"رداع"، من بين أشهر المشرفين التابعين للميليشيات الانقلابية، الذين أثروا من وراء تجارة المعتقلين بمحافظة ذمار، إلى جانب المدعو "أبو الزهراء" والمدعو "أبو حيدر"، إضافة إلى مشرف الحوثيين في البحث الجنائي بذمار، المدعو "أبو نصر خيران".
ويتداول البعض معلومات تفيد أن بعض العمليات الكبيرة، التي تتجاوز المليون ريال فما فوق، تتم معظمها بعلم واتفاق مسبق مع قيادات كبيرة ذات وزن في صنعاء وصعدة، حيث يتم تحويل نسبة من تلك الأموال إلى ما يعرف بصندوق "دعم المجهود الحربي"، وأحيانا يتم تقاسمها مع تلك القيادات في صنعاء وصعده.
وعلى أية حال، يعتقد المصدر السابق، المقرب من الجماعة، أن مثل ذلك قد حدث أحيانا، لاسيما مع تلك الصفقات الكبيرة التي لا يمكن التستر حولها، لكن معظم ذلك لا يحدث – بحسب علمه – بصورة نزيهة، حيث لا يمكن معرفة المقدار الحقيقي للأموال التي تدفع من أسر وذوي المعتقلين، وبالتالي يحدث التلاعب من قبل المشرفين المباشرين، حتى وإن اضطروا لغسل تلك الصفقات بطريقة رسمية.
ومؤخرا، بعد اختطاف مليشيات الحوثي وصالح بذمار، أكثر من (80) شخص من أبناء عتمة، رفض الحوثي وصالح الإفراج عنهم، إلا من يوافق على دفع "نصف مليون ريال" عن كل
مختطف، كون التهمة المختلقة ضدهم هي المشاركة في صفوف المقاومة الشعبية بمديرية عتمة، مؤخرا. غير أن مصادر من أسر بعض هؤلاء المختطفين، أكدت أن المليشيات الانقلابية اختطفت معظمهم من منازلهم بعد اقتحامهم، وأخرين اعتقلوا من الشوارع أثناء اجتياح الميليشيات للمديرية قبل أسابيع.
تعذيب سياسي أو للابتزاز المالي
وتستخدم الميليشيات أساليب مختلفة لتعذيب بعض المختطفين، وبشكل خاص الناشطين السياسيين المنتمين لقوى سياسية معينة، ممن لا يمكن اخضاعهم لأية صفقات تجارية لإطلاقهم اعتقادا بخطورتهم.
ومع أن بعض الحالات توفت داخل السجن جراء تعرضها لجرع تعذيب زائدة، إلا أن الميليشيات، وبدلا من التوقف أو حتى التخفيف من ذلك، على العكس، ذهبت إلى استغلال هذه السمعة السيئة لمصلحتها، حيث لجأت إلى تعميم مثل هذه الوحشية أحيانا على بعض المعتقلين الغير مصنفين على أنهم خطيرين، وذلك بغية إجبار أسرهم على المسارعة لإبرام صفقات تجارية بشأنهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.