في اليمن لا أحد مستثنى من الحرب.. المجتمع اليمني بأسره تضرر من هذه الحرب التي ما زالت مستعرة.. صورة قاتمة للمشهد اليمني تكشفها تقارير حقوقية عن أوضاع البلاد وانتهاكات حقوق الإنسان التي تطال المدنيين.. تدهور مريع في أحوال حقوق الإنسان يخفي وراءه تخوفات المنظمات الحقوقية من ترد أكبر مستقبلا مع اتساع رقعة المعارك واستعار الحرب. منظمات تورد، في تقاريرها، صور صارخة لأشكال التعذيب والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي، وجرائم القتل خارج نطاق القانون، وقتل المدنيين، وغيرها من الانتهاكات التي تطالهم.. وهي العناوين الأبرز التي تتصدر الأخبار ووسائل الإعلام عن حالة حقوق الإنسان في اليمن، البلد الذي تعصف به رحى المعارك منذ أكثر من عامين. ورصدت منظمة سام للحقوق والحريات 3587 حالة انتهاك حوثية لحقوق الإنسان في اليمن خلال شهر إبريل الماضي. وشملت تلك الانتهاكات، وفقاً لتقرير منظمة سام- حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه-، القتل خارج نطاق القانون والاحتجاز التعسفي ومصادرة الممتلكات والتهجير القسري والتعذيب، والتضييق على الحريات الصحفية، وانتهاك حق الإنسان في محاكمة عادلة. حيث ارتكبت مليشيات الحوثي وصالح عدد (3505) انتهاك من مجموعة الانتهاكات، وقوات التحالف عدد "44" انتهاكات والحكومة الشرعية عدد (15). منها انتهاكات متعلقة بالحرية الصحفية وقتل خارج القانون وعدد "20" انتهاكات لجهات مجهولة وعدد "3" عمليات لطائرات بلا طيار التابعة للولايات المتحدة. كما رصدت عدد انتهاكات متعلقة بحرية التنقل والحريات السياسية والصحية والاقتصادية وانتهاك حق التعليم. الحياة والسلامة الجسدية رصدت سام خلال شهر أبريل (150) جريمة قتل ضحاياها مدنيون، منهم (105) مدنيا قتلوا على يد مليشيات الحوثي، ضحايا الألغام منهم (ثلاثة وعشرون) و(6) ناشطين سياسيين وعسكريين مناهضين للانقلاب قتلوا اغتيالا، بينما قتل "44"مواطنا بفعل ضربات طيران التحالف العربي في كلا من تعزومأرب. ورصدت منظمة سام إصابة (119) مواطنا خلال شهر أبريل، بينهم ثلاثة وعشرون مواطنا أصيبوا بالألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي في المناطق السكنية والطرقات، وأصيب العدد الأكبر بسبب القصف العشوائي من قبل مليشيات الحوثي وقوات صالح على المدنيين. الاحتجاز التعسفي والتعذيب مازال الآلاف من المواطنين اليمنيين محتجزين تعسفا في سجون مليشيات الحوثي وقوات صالح في العاصمة صنعاء وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها، إضافة إلى المئات في سجون قوات الحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية في كلا من عدن وحضرموت التابعين لقوات الشرعية، بحسب تقرير منظمة سام التي أفادت برصد (303) حالة احتجاز تعسفي جديدة في شهر أبريل منهم (88) مواطنا في محافظة الحديدة و(50) مواطنا في محافظة حجة و"42" في محافظة ذمار، وتوزعت بقية الحالات على محافظاتصنعاءوتعز وإب. وأشار التقرير إلى أن جميع هذه الانتهاكات المرصودة تحت هذا التبويب ارتكبتها مليشيات الحوثي، باستثناء تسجيل حالتي احتجاز تعسفي جديدة بحق قوات الحزام الأمني في عدن. ورصدت سام وبحسب شهادات متواترة تعرض العشرات ممن في السجون لتعذيب ممنهج بغرض نزع الاعتراف بجرائم أو محاولة انتزاع اعترافات. وقالت قريبات مختطفين أنهن شاهدن آثار التعذيب على أجساد أقاربهن أثناء الزيارة الأسبوعية، بينما شددت المليشيا ظروف الزيارة في عدد من سجونها بصنعاء وتمنع الزيارة عن المعتقلين بين فينة وأخرى. ووثقت المنظمة حالة تعذيب واحدة في العاصمة صنعاء وحالتين في صعدة وثالثة في مأرب من قوات عسكرية في منفذ الوديعة وواحدة في عدن من قبل قوات الحزام الأمني . الحريات الصحفية لا تزال كل الصحف والمنشئات الإعلامية التي أغلقها الحوثيون بعد الانقلاب في سبتمبر/ أيلول 2014 على حالها، كما لا يزال سبعة عشر صحفيا محتجزين في سجون مليشيات الحوثي منذ أكثر من عام ونصف، ويتعرض بعضهم للتعذيب بحسب شهادات موثقة لدى سام. ويعاني الصحفي عصام بلغيث من الآم حادة في العمود الفقري أصيب بها بسبب التعذيب، وجرثومة في المعدة ما يستوجب تدخل علاجيا عاجلا، لكن الحوثيون يمنعون علاجه حتى تاريخ صدور هذا التقرير. وينطبق هذا على بقية المعتقلين الذين يصابون بالأمراض المختلفة نتيجة طول مدة السجن، وأساليب التعذيب، ويحرمون في الوقت نفسه من العلاج. ورصدت سام خلال شهر أبريل عدد " 19" انتهاكا طال الصحفيين منها الحكم بالإعدام على الصحفي يحيى عبد الرقيب الجبيحي الصادر من محكمة أمن الدولة في صنعاء، وإحالة عدد "14" صحفيا من مؤسسة الثورة للمحاكمة بتهمة التحريض بسبب اشتراكهم في وقفة احتجاجية للمطالبة بتسليم رواتبهم، وحالة تهديد واحده لصحفية في محافظة تعز، ووثقت سام حالة تعذيب في صنعاء وحالة إصابة في محافظة تعز. حق المحاكمة العادلة رصدت المنظمة إحالة 36 مدنيا إلى محكمة استثنائية عسكرية تعقد جلساتها في مقر جهاز الأمن السياسي بصنعاء. وتعتقد سام أن الجهاز القضائي المعين من قبل المليشيات منحاز لطرف سلطة الأمر الواقع فاقد القدرة على تطبيق معايير المحاكمة العادلة وعاجز عن العمل بمعايير النزاهة والعدالة. التحريض والتشهير رصدت المنظمة خلال شهر ابريل حملة تشهير وتحريض منظمة ضد 36 مدنيا أحيلوا إلى محكمة استثنائية في العاصمة صنعاء، حيث بثت القنوات التابعة لجماعة الحوثي تسجيلات مصوره لاعترافات المتهمين كنوع من التشهير والتجييش الكبير ضد المدنيين المختطفين وأهاليهم. حقوق الأطفال والمرأة رصدت المنظمة خلال شهر ابريل عدد "42" انتهاك منها عدد "25" حالة تجنيد من قبل مليشيا الحوثي وقوات صالح، وتركزت عمليات التجنيد في محافظاتذماروالحديدة، منها "10" في محافظة الحديدة وتوزعت البقية على محافظة ذمار وعمران و في محافظة صنعاء. ورصدت المنظمة "52" انتهاك ضد المرأة، تنوعت بين "22" القتل و"30" إصابة ومنها "6"حالات بسبب الألغام الفردية، وكان أغلبها في محافظة تعز بسبب القصف العشوائي وانتشار القناصة والألغام الفردية. الألغام وحق التنقل رصدت المنظمة 45 حالات انفجار ألغام خلال شهر أبريل في محافظتي تعز والبيضاء، حيث تسببت بمقتل "23" من إجمالي عدد الانتهاكات وإصابة "22" بينهم نساء وأطفال. وبخصوص انتهاك الحق في التنقل، رصدت منظمة سام خلال شهر أبريل 2016 منع الحكومة الشرعية عدد 11 مواطن من السفر عبر مطار عدن الدولي دون إبداء مسوغ قانوني يمنعهم من السفر. الحصار والتهجير القسري بالإضافة إلى استمرار حصار قرى وسكان بلاد الوافي في مديرية جبل حبشي في محافظة تعز للشهر السادس على التوالي، فقد رصدت المنظمة تهجير 3254 مابين رجال ونساء وأطفال في كلا من مديرية جبل حبشي والواقعية وموزع في محافظة تعز من قبل مليشيات الحوثي وصالح، إضافة إلى رصد حالة تهجير قسري من قبل الحزام الأمني في محافظة عدن لمواطنين على أساس مناطقي. مطالب وتوصيات وحثت المنظمة الأممالمتحدة والمنظمات الإنسانية على تقديم الدعم العاجل للمدنيين المهجرين قسرًا في محافظة تعز والسعي الجاد إلى رفع الحصار عن قرى بلاد الوافي بصورة عاجلة ودون شروط. وطالبت قوات التحالف العربي بالعمل الجاد على تجنب استهداف المدنيين ومراجعة قواعد الاشتباك بما يتفق مع تجنيب المدنيين ضربات الطيران. وفيما دعت إلى تجنيب الأطفال ويلات الحروب وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم من تجنيد الأطفال التي شهدت تصاعدا مقلقا. أدانت منظمة سام للحقوق والحريات كافة الجرائم الواردة في التقرير، والتي تشكل انتهاكاً خطيرا للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق والإنسان خاصة بالقصف العشوائي والتهجير القسري. كما أدانت الحكم الصادر بحق الصحفي يحي عبد الرقيب الجبيحي، وإحالة 36 مدنيا إلى محكمة استثنائية تفقد لأبسط شروط ومعايير المحاكمة العدالة وجميع الانتهاكات المرتبطة بها ومنها حملة التشهير والتجييش الشعبي والإعلامي ضد المدنيين. وطالب المنظمة جماعة الحوثي، باعتبارها سلطة الأمر الواقع، الالتزام بالاتفاقيات الدولية الناظمة لحقوق الإنسان، حيث تمثل الأفعال التي تقوم بها الجماعة بحق هؤلاء المختطفين "جرائم ضد الإنسانية".