سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حجة.. الميليشيات تبدد أمن المواطنين بالخوف، وتحوّل مناطقهم إلى ساحة حرب عبثية أفرغت مؤسسات الدولة من محتواها، وعبثت بمقدراتها، واستبدلت النظام بقانون "المشرفين"..
منذ الوهلة الأولى للانقلاب عمدت الميليشيات إلى إفراغ مؤسسات الدولة من محتواها، وتعطيلها لممارسة أعمالها الهمجية بعيداً عن أي مساءلة قانونية أو شعبية أو أخلاقية، كرست بالمقابل ثقافة الفيد و"حكم الغاب"، على شتى المجالات والقطاعات خاصة في المحافظات التي تسيطر عليها.. (محافظة حجة) واحدة من أكثر المحافظات التي نكبت بميليشيات الانقلاب الهمجية التي بددت أمن المجتمع فيها بالخوف، وأصبحت الفوضى سيد الموقف، فلم يعد لدى المواطنين فيها شيء يخشون ضياعه بعد أن فقدوا أمنهم واستقرارهم، وجعلت الميليشيات حياتهم جحيماً - كأقل وصف. (أخبار اليوم) سلطت الضوء على ما خلفته الميليشيات من آثار غاية في السلبية على حياة أكثر من مليوني مواطن يعيشون في محافظة حجة -شمال غرب اليمن- وكيف عبثت عناصر التمرد بأمن المواطنين العام والغذائي والصحي وقضت على مقومات الدولة والنظام والقانون وغيرها من القضايا التي يعاني السكان ويلاتها... إلى التفاصيل : تبديد الأمن تشهد المحافظة انفلاتا امنيا غير مسبوق تزايدت حدته منذ مطلع العام الجاري، بمختلف المديريات، وفي مقدمتها مركز المحافظة التي شهدت عدة اشتباكات مسلحة بين قبليين خلال الشهرين الماضيين وسط غياب للأجهزة الأمنية التي سيطرت عليها الميليشيات، وعمدت إلى ضم عدد كبير من عناصرها في أجهزة الأمن بدلاً عن سابقيهم، دون أي مؤهلات سوى أنهم من عناصر التمرد.. وفي إطار استهدافهم للأمن العام بالمحافظة عمدت قيادات التمرد إلى تغيير غالبية مدراء الأمن بالمديريات والضغط على أفراد الأمن الرسميين بالتوجه لجبهات حروبهم العبثية، وتعيين بدل عنهم عناصر لا تفقه في الأمن شيئاً بل زادت قضايا ومشاكل المواطنين تعقيدا وتوسعا بدلا من حلها، الأمر الذي أفقد المواطنين ثقتهم في ما تبقى من أجهزة الأمن العام.. الطائفية تبدد السلم الاجتماعي من المعروف عن الميليشيات -أيا كانت وبأي اسم ظهرت- لا تستطيع العيش في أجواء واستقرار، أو مجتمع متماسك يمكن أن يواجه همجيتهم في أي لحظة ولذا فقد سعى المتمردون إلى تمزيق النسيج الاجتماعي بالمحافظة من خلال نشر ثقافة الطائفية والعنصرية التي أثرت على الأمن الاجتماعي والتعايش السلمي و زعزعة أواصر التآخي وزرعت الأحقاد فيما بين المواطنين بمسميات عديدة "الخونة، والمرتزقة، والعملاء، والطابور الخامس " وغيرها من المسميات التي من شأنها تأجيج الصراعات بين المجتمعات، كما أثارت النعرات المذهبية والسلالية وغيرها باسم الدين. كل ذلك جعل المواطنين يترصدون لبعضهم البعض، ومن له خلاف مع أحد يباشر باتهامه بأي مسمى ويتخذ العديد من الوسائل للوشاية بخصمه لدى الميليشيات التي سرعان ما تبادر لخلق مشكلة وتوسيعها.. الأمن الغذائي لم يعد هناك في محافظة حجة الموسومة بالفقر والفقراء من يملك قوت يومه الا القليل، أما عن عناصر الميليشيات ومشرفهم على وجه الخصوص فلا يملكون قوت يومهم فقط بل قوت سنوات لآلاف المواطنين، فقد أصبحوا في ليلة وضحاها من الطبية البرجوازية بينما كانوا إلى ما قبل سنتين لا يملكون شيئاً. ومن أبرز انجازات الانقلابيين في حجة إيصال المواطنين إلى ما تحت خط الفقر، خاصة بعد إيقاف المرتبات وتوقف الضمان الاجتماعي وتعطيل الحركة التجارية وركود السوق المحلية وخلق السوق السوداء في كافة المنتجات، وغياب الرقابة وغيرها من الانجازات التي قضت في مجملها علي الأمن الغذائي المواطنين.. حتى المساعدات الغذائية من المنظمات الدولية لم تتركها الميليشيات لتصل إلى المستهدفين بها، بل عمدت إلى مصادرة معظمها وتوزيع الفتات منها اغلبها لعناصرهم، ما ضاعف من معاناة السكان خاصة النازحين والمجتمعات الفقيرة جدا، وهم الغالبية في المحافظة.. مئات الآلاف يفقدون مسكنهم ولإرضاء غرور تجار الحروب من ميليشيات التمرد فقد أكثر من نصف مليون مواطن مساكنهم ليجدوا أنفسهم في العراء يقاسون ويلات النزوح التي لا ترحم، بعد أن حولت الميليشيات مناطقهم إلى ساحة حرب مفتوحة عبثية خاصة المديريات الحدودية. و بهذه العنجيهة لقيادات التمرد فقد المواطنون أمنهم العام والغذائي والإيوائي، ولم تبال تلك العصابات بمآلات أعمالهم في افتعال الحرب وسط السكان المدنيين والتي خلفت مآسي متعددة الاتجاهات يقاسيها المواطنون حتى اللجنة.. ألف مختطف.. وآلاف الملاحقين وخلف قضبان الظلم وسجون الإرهاب زجت الميليشيات بأكثر من ألف مختطف من أبناء المحافظة، أفقدت أسرهم الأمن والسكينة، إلى جانب أن آلاف الأسر بمختلف المديريات عانوا ولازالوا يعانون ويلات الملاحقات من قبل الميليشيات، تحت مسميات عديدة واتهامات غير منطقية ومختلقة.. وبحسب تقارير حقوقية فإن المختطفين يتعرضون لأبشع ألوان التعذيب، معظمهم من والأكاديميين والطلاب، كما أن بعضهم قد فارق الحياة نتيجة التعذيب، وآخرون أصيبوا بعاهات جسدية مزمنة. فيما اضطر آلاف المواطنين لمغادرة مناطقهم إلى صنعاء ومأرب وغيرها بعد أن فقدوا الأمن والاستقرار، هربا من بطش الميليشيات التي لا تفتر عن ملاحقتهم للزج بهم في غياهب السجون التي لا ترحم. إفراغ مؤسسات الدولة من محتواها كما هو معروف على الميليشيات وسياساتها الهمجية، فقد سعت منذ البداية إلى إلغاء أي دور للسلطات المحلية ومؤسسات الدولة الرقابية والخدمية والإدارية والقانونية ليحل محلها قانون (المشرفين) وما يملونه من توجيهات لابد من تنفيذها ولو كانت غير منطقية.. هذه الإجراءات انعكست بشكل طبيعي على امن المواطنين وسلامتهم في شتى المجالات، إذ أصبحت الحياة تمضي بحسب مزاجية المشرفين وهواهم، الذين بدورهم يتعاطون مع المواطنين بقانون "من ليس معي فهو ضدي" وبهذا وجد المواطن نفسه أمام جحيم من الخوف والخنوع والمداراة، إلى جانب فقدانه مرجعية قانونية يمكن الاستناد عليها في حال مورست معه أي أعمال غير شرعية أو ظلم.. ومما يدعو للعجب أنه لم يحصل في تاريخ المحافظة أن تم القبض على المجني عليه وإطلاق سراح الجاني إلا في حكم الميليشيات، ومنها ما تعرض له مؤخرا أحد أبناء مديرية الشاهل الذي تعرض ابنه للقتل فإذا بالجهات المعنية المسيطر عليها من مشرفي التمرد تقوم بحبسه مطالبة إياه بالالتزام بعدم التعرض للجناة كون القاتل من عناصرهم المقاتلين في الجبهات.. حالة الفوضى سيد الموقف وأمام هذا المشهد القاتم وجد المواطن في حجة نفسه وسط حالة من الفوضى التي لا ترحم، وبحسب بعض المواطنين فإن النظام الشمولي أصبح أرحم من هذه الحالة التي يعيشونها، نتيجة الفوضى والمزاجية التي يحكم بها المتمردون المحافظة والتي جعلت المواطن لا يدري لأي قانون يستند أو مرجعية يمكن أن تحفظ له حقوقه وتملي عليه واجباته.. سخط متزايد.. وتراجع شعبيتها حالات الفوضى وغياب الأمن وتبدد فرص العيش وزيادة البطالة وحالات الفقر المدقع وغيرها من القضايا المتعلقة بحياة المواطنين ساهمت بشكل كبير في تراجع مستوى شعبية الانقلابيين مقارنة بما كانت عليه قبل عامين، فقد تزايدت حدة الغضب الشعبي بين مختلف الفئآت، في الآونة الأخيرة بشكل متفاوت وان كانت غير ظاهرة بصورة جلية. فقد شهدت المحافظة خلال الشهرين الماضيين احتجاجات لمنتسبي لواء حجة المطالبين بمستحقاتهم، ورفضهم الانصياع لضغوطات الميليشيات بالتوجه لحروبهم العبثية لدعم جبهاتهم، إلى جانب تقاعس معظم الموظفين من الدوام في مقار أعمالهم بعد انقطاع مرتباتهم رغم الضغوطات التي تمارس بحقهم، وما شهدته المحافظة من مواجهات مسلحة بين الميليشيات وعناصر أخرى تتبع ما يسمى بحركة "تمرد" التابعة لشريكهم في الانقلاب أنصار المخلوع من المؤتمر الشعبي العام وسط مركز المحافظة.. المواطنون وآمالهم المشروعة ورغم قتامة المشهد العام بالمحافظة إلا أن الآمال لا تزال تحدو المواطنين في مخرج عاجل لحالة الفوضى التي يعيشونها، وعودة الأمن والاستقرار، كما ان المؤشرات العامة تشير إلى استعداد شبه كامل لاستقبال سلطات الشرعية إذا ما قررت استعادة المحافظة من قبضة الميليشيات، نتيجة ممارساتها الهمجية بحق المواطنين الذين كانوا يأملون في أن يكونوا أفضل من سابقيهم في ادارة بشؤونهم العامة.. ويأمل أبناء المحافظة في أن تسارع النخب السياسية في احتواء الآونة وإيقاف الحروب والخروج برؤية سياسية تعيد لهم أمنهم واستقرارهم، بعد أن بددته الميليشيات..