تغاريد حرة .. صرنا غنيمة حرب    تحديد موعد أولى جلسات محاكمة الصحفي محمد المياحي    دبلوماسي امريكي: لن ننتظر إذن تل أبيب لمنع اطلاق النار على سفننا    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    وكالة: الطائرات اليمنية التي دمرتها إسرائيل بمطار صنعاء لم يكن مؤمنا عليها    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    السعودية تقر عقوبات مالية ضد من يطلب إصدار تأشيرة لشخص يحج دون تصريح    تعيين نواب لخمسة وزراء في حكومة ابن بريك    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    وسط فوضى أمنية.. مقتل وإصابة 140 شخصا في إب خلال 4 أشهر    رئاسة المجلس الانتقالي تقف أمام مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية على الساحتين المحلية والإقليمية    ضمن تصاعد العنف الأسري في مناطق سيطرة الحوثي.. شاب في ريمة يقتل والده وزوجته    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    وزير الاقتصاد ورئيس مؤسسة الإسمنت يشاركان في مراسم تشييع الشهيد الذيفاني    انفجارات عنيفة تهز مطار جامو في كشمير وسط توتر باكستاني هندي    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    الرئيس : الرد على العدوان الإسرائيلي سيكون مزلزلًا    *- شبوة برس – متابعات خاصة    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    السيد القائد: فضيحة سقوط مقاتلات F-18 كشفت تأثير عملياتنا    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    لوموند الفرنسية: الهجمات اليمنية على إسرائيل ستستمر    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال تعز.. فرائس ثمينة لقناصة المليشيا
تعتبرهم صيدها المرغوب والمحُبب وتهديهم الموت المجاني بدلا من الحلوى..
نشر في أخبار اليوم يوم 23 - 09 - 2017

أبداً لم يكن يعلم "ماجد الشرعبي" أنه سيعود برفقة طفله "أيهم" فقط وأن رصاصة قناص غادرة ستجبر طفله الآخر "عمرو" على أن يسبقهم إلى ثلاجة المستشفى.. كان "ماجد"- وهو أب لخمسة أطفال أكبرهم "ندى" في الخامسة عشرة من عمرها، يعمل بإحدى المحلات التجارية في منطقة ثعبات بتعز- كان يومها كان برفقته طفليه أثناء تواجده في المحل الذي يعمل فيه.
في مدينة تعز، وسط اليمن، ما يزال المدنيون، خصوصاً الأطفال عرضة للقنص، ويتداول الأهالي يومياً قصصاً مروعة لمواطنين باتوا ضحايا القناص الحوثي.. و"ماجد" نموذج لمئات من القصص التي تتكرر بشكل شبه يومي في المدينة المحاصرة التي تخوض الحرب من أجل أن تبقى على قيد الحياة، في حين يأبى قناص مليشاوي إلا أن يهديها الموت من فوهة بندقية.
صغار.. لكنهم أهداف عسكرية
في واحدة من المآسي التي صدمت أهالي المدينة كانت حكاية مقتل طفلة تحمل دلوين من الماء في أحد شوارع تعز.. راقبها القناص الحوثي وسدد رصاصته إلى رأس الطفلة التي قتلت على الفور واختلطت دماؤها مع الماء الذي كانت تحمله.
لا تختلف قصة هذه الطفلة عن حكاية قتل قناص مليشاوي للطفلة رسائل صامد (10 أعوام) وهي في طريقها لجلب الماء لمنزلهم في منطقة النجد قرية الشقب بمحافظة تعز. وتقوم مليشيا الحوثي وصالح باستخدام القناصة مواصلة استهدف المدنيين في المناطق المأهولة بالسكان بالمدينة، الأمر الذي تسبب في سقوط مئات الضحايا.
ويظل أطفال تعز أهداف عسكرية لقناصة مليشيا الانقلاب، وتزايدت جرائم القنص في المحافظة المحاصرة من قبل مليشيا الحوثي وشريكه المخلوع صالح، في ظل تشديد الحصار ونشر مجاميع كبيرة من القناصين وزراعة مئات الألغام.
حين سقطت الطفلة التي كانت تحمل دلوي الماء على الأرض نقل شهود عيان أن القناص الحوثي الذي كان يتمركز في مبنى يشرف على الشارع أطلق عبر مذياع أغنية معروفة بين المتمردين ويستخدمونها للتجييش والحشد والتفاخر بالقتل، حتى لو كانت طفلة.
وتواصل المليشيا الانقلابية مسلسل جرائمها بحق أطفال تعز، وتبتكر أساليب جديدة أكثر إجراما وفتكا بالمدنيين. وتمكن القناصة التابعين لمليشيا الحوثي والمخلوع المتمركزة في جبل الوعش من قتل الطفلة اليمنية صائمة عبد السلام الصوفي شمالي مدينة تعز، غرب اليمن. وقالت مصادر محلية إن رصاصة القناص أصابت الطفلة صائمة عبد السلام بطريقة وحشية.
وقبل جريمة قنص الطفلة صائمة عبد السلام بيوم واحد، كانت قناصة مليشيا الحوثي والمخلوع قد استهدفت ثلاث نساء في منطقة الأثاور جنوب مدينة تعز، حيث أقدم قناصو المليشيا على قنص الطالبة اليمنية انتصار شكري في الرأس، وكذلك قنص برديس عبد الله (30 عاما) والشابة لول لطف (27 عاما).
وتستخدم مليشيا الحوثي وصالح سلاح القناصة ضدهم، حيث سقط المئات قنصاً على يد قناصة الانقلابيين، وسط صمت المنظمات الحقوقية وناشطي حقوق الإنسان محلياً ودولياً. وتقوم بعمليات قنص في مناطق التماس على المواطنين المدنيين في تلك المواقع ولا تفرق في ذلك بين الأطفال والنساء وكبار السن، وسقط العشرات في عمليات القنص هذه.
وفي إطار رصدها لممارسات مليشيا الحوثي وصالح انتهاكات صارخة ضد المدنيين في محافظة تعز، وثقت شهادات أن عناصر مليشيا الحوثي يقومون بقنص المدنيين عمداً في شوارع المدينة المحاصرة.
قناصة الانقلابيين تلاحقهم
بعين واحدة فقط، أًصبحت الطفلة "جنات عماد عبد الله"، تبصر العالم كله من خلالها، بعد أن فقدت عينها الأخرى إثر طلق ناري أطلقه قناص مليشاوي ليوقظها من نومها، وترك أثره على وجهها للأبد، وباغت أحلامها التي ستكبر كلما كبرت لتصطدم بواقع لا يشبه عالمها الذي ما زال ورديا حتى الآن فقط.
لم تكن جنات في جبهة قتال، ولا حتى خارج المنزل، لكن رصاصة غادرة قضت أحلام الطفلة وهي في الهندول (سرير مخصص للأطفال)، فالموت المجاني توزعه جماعة الحوثي وصالح الانقلابية على أطفال تعز بدلا من الحلوى، وبشكل دائم تتساقط الرصاص والشظايا على أبناء المدينة.
وتعاني محافظة تعز أكثر من أي محافظة يمنية من سقوط الأطفال ضحايا بطلقات القنص من قبل الميليشيات الحوثية. ويعيش المدنيون في أكثر من حي هناك حالة من الخوف بسبب انتشار القناصة الميليشاويين على الطرق القريبة من مساكنهم. كما يضطر السكان للمغامرة بأرواحهم في رحلة العمل أو طلب المساعدات الإنسانية.
وترصد إحصاءات مقتل 1193 طفلاً وطفلة وامرأة، بهجمات عشوائية وقنص مباشر بأسلحة نارية على أيدي الانقلابيين في تعز. وكان تقرير محلي وثّق مقتل " 273 طفل يمني" برصاص قناصة الحوثيين.
وحسب فريق التوثيق والرصد الميداني "رصد " فإن أغلب الأطفال الذين سقطوا ضحايا بنيران قناصة الحوثي وصالح كانوا أثناء جلوسهم أو لعبهم في منازلهم أو خلال مساعدتهم لأسرهم بنقل المياه من صهاريج خيرية خصصت لتوزيع المياه، إضافة إلى اغتيال بعضهم أثناء خروجهم من مدارسهم. وطبقاً لتقرير التحالف اليمني الذي نشر في منتصف أبريل، وثّق الراصدون مقتل 393 طفلاً بينهم 273 قتلوا بهجمات عشوائية وقنص مباشر بأسلحة نارية، ارتكبتها عناصر مليشيا الحوثي والقوات الموالية لها.
وأشار ناشطون وحقوقيون إلى استشهاد 32 طفلاً عن طريق القنص في محافظة تعز خلال عامين، وذكر الصحفي غمدان اليوسفي في ورقة بعنوان (قنص الأطفال بتعز) قدمها الأربعاء في الندوة التي نظمها تحالف رصد في مجلس حقوق الإنسان بجنيف أن عدد الأطفال الذين استشهدوا عن طريق القنص في محافظة تعز خلال عامي 2016 و 2017 بلغ نحو 32 طفل.
وأشار إلى أن مدينة تعز ما تزال محاصرة والقتال مازال دائرا فيها إضافة إلى أن عدد مهول من الأطفال سقطوا بالقتل العمد عبر آليات القناصين في مدنها وأريافها، وتشهد اليوم لأكبر الجرائم لهذا النوع من القتل الممنهج، حيث قتل القناصين التابعين للمليشيا الانقلابية المنتشرين في العمارات والتلال المحيطة بالأحياء عشرات النساء في أحياء المدينة المحاصرة برصاص ووصل الأمر حتى لقنص المدنيين في الأرياف التي تسيطر عليها المليشيا.
وأكد اليوسفي أن الإحصائية التي تناولها في الندوة ليست إحصائية نهائية لكل الأطفال الذين سقطوا برصاص القناصة، مشيراً إلى أن الأرقام قد تكون أضعاف مضاعفة.. رغم ذلك ستظل مواقع التواصل الاجتماعي تذكرنا بصورة الطفلة جنات التي تم تداولها وعلى نطاق واسع، وهي مضرجة بالدماء التي أحالت لون فستانها البرتقالي إلى الأحمر.
في حديثه لموقع "المشاهد"، يؤكد خال الطفلة أحمد ناجي أنه تم نقل جنات إلى مستشفى الصفوة، لكن تم تحويلها إلى مستشفى الروضة، وبقيت في قسم الرقود لمدة أسبوع، وعادت إلى المنزل والحزن يملأ قلبا والداها، الذين لا يستطيعون تقديم أي شيء لها يعوضها عن ما فقدته.
الطبيب المناوب في قسم الطوارئ بمستشفى الروضة بتعز، والذي استقبل "جنات"، ما يزال يتذكر جيدا تاريخ إصابتها (18 أغسطس/آب 2016)، فهو من التقط صورتها، كما اعتاد أن يوثق الكثير من تلك الجرائم.
لم تكتمل قصة المأساة عند ذلك التاريخ، فجنات التي لم تكمل عامها الثاني بعد، كان من المتوقع أن تخضع لعملية جراحية، لكن ذلك لم يحدث، فوالد الطفلة جنات كما يروي ناجي لم يتمكن من إدخالها المستشفى مرة أخرى لعدم قدرته على تحمل تكاليف ذلك.
تسكن أسرة جنات جوار مدرسة الصديق القريبة جولة سنان فى منطقة عصيفرة بتعز وتعيش في ظل ظروف صعبة للغاية، فوالدها يعمل في جمع قوارير المياه الفارغة والمواد البلاستيكية من الشوارع، ويقوم ببيعها ليتمكن من إطعام أسرته الصغيرة المكونة من طفلين وزوجته.
مستقبل غامض ينتظر جنات، التي سيذكرها الفص الذي سيقومون بتركيبه في عينها بالحادثة التي لن تتذكرها، لكنها ستشاهد أثرها، وستتألم كلما عجزت عن رؤية ما تريد كما ينبغي.
حصاد القنص
في إحصائية لأبرز جرائم القنص التي قامت بها المليشيا بحق الأطفال والنساء في مدينة تعز خلال النصف الأول من العام الحالي كشف تقرير عن ارتكاب 27 جريمة قنص. وبحسب الإحصائية التي توثق لأبرز الجرائم فقط وليست جميعها فإن عدد الأطفال الذين استشهدوا خلال النصف الأول من هذا العام بلغ 11 طفلاً.
في رصد لأبرز جرائم وحوادث القنص التي استهدفت أطفال في محافظة تعز خلال النصف الأول من العام الحالي 2017م بحسب تاريخها، فقد شهد شهر يناير ثلاث حالات استهداف لأطفال من قبل قناصي الحوثي، ففي 5 يناير استشهدت الطفلة سهام محمد التي اغتالتها رصاصة غادرة أطلقها قناص تابع للمليشيا الانقلابية أثناء عودتها من المدرسة إلى منزلها بمدينة تعز، وفي 11 يناير استشهد طفل وأصيب اثنين آخرين جراء استهدافهم برصاص قناص من المليشيا الانقلابية بمحافظة تعز وهم يلعبون أمام منزلهم، وفي 25 يناير أصيب الطفل محمد عبد العليم سعيد عبده شرف بطلق ناري في الكتف بعد أن استهدفه أحد قناصة المليشيا المتمركزين في تبة الصالحين في مدينة تعز.
في حين تم رصد حالتي إصابة برصاص قناصة الحوثي خلال شهر فبراير، الأولى في 3 فبراير وأصيب الطفل باسم فيصل شرف البالغ من العمر عشر سنوات في قرية "أعماق" جراء قنصه من قبل المليشيات الانقلابية المتمركزة في قرية الصيار بمديرية الصلو بمحافظة تعز، أما الثانية فكانت بتاريخ 28 من ذات الشهر وتمثلت بإصابة الطفل محسن عبد الحكيم محسن (14 عاما) جراء قنصه من قبل المليشيا الانقلابية في منطقة أعماق بمديرية الصلو جنوب شرق محافظة تعز.
وخلال شهر مارس استشهد طفلين وأصيب أربعة آخرين، ففي 2 مارس أصيبت فتاة أثناء ذهابها إلى المدرسة مع أختها برصاصة قناص تابع للمليشيا الانقلابية بمنطقة كلابة بمدينة تعز، وفي 5 مارس أصيب الطفل عدي عارف أحمد عبده والطفلة ندى ياسر برصاص أحد القناصين التابعين للمليشيا الانقلابية في منطقة الشقب بالأقروض بمحافظة تعز.
وفي تاريخ 22 مارس استشهدت الطفلة رسائل صامد (10 أعوام) بعد أن استهدفها قناص من المليشيا الانقلابية وهي في طريقها لجلب الماء لمنزلهم في منطقة النجد قرية الشقب بمحافظة تعز، كما استشهدت الطفلة خلود عبد الله سعيد الجولحي (7 سنوت) بتاريخ 25 مارس أثناء تواجدها أمام منزلها في حارة التوحيد، عصيفرة بتعز، جراء قنصها من قبل المليشيا الانقلابية المتمركزة في تبة الصبري.
أما شهر أبريل فقد شهد حالة استشهاد للطفل عمر محمد علي البرطي (14 عام) برصاصة قناص تابع للميليشيات الانقلابية في حي كلابة شرق مدينة تعز بتاريخ 24 أبريل، كما أصيب في اليوم التالي طفلين برصاص قناص تابع للمليشيا الانقلابية في حي الدعوة شرق مدينة تعز.
غير أن أعداد ضحايا القنص من الأطفال في تعز تصاعدت بوتيرة عالية خلال شهر مايو الذي شهد 4 حالات قتل وثلاث حالات إصابة، حيث استشهدت الطفلة ريتاج حسن محمد في الخامس من مايو على يد قناص تابع للمليشيا الانقلابية أثناء ما كانت تلعب أمام منزلهما في منطقة الكدحة بمديرية المعافر بمحافظة تعز، وتبعتها في اليوم التالي الطفلة ليان ماهر بعد أن اخترقت جسدها رصاصة قناص حوثي متمركز في شارع الخمسين توفيت على إثرها مباشرة بمدينة تعز.
وفي 19 مايو استشهدت الطفلة صفاء عبد العليم قرب منزلها في المطار القديم برصاص قناص تابع للمليشيا الانقلابية متمركز في جبل المدرج بمنطقة غراب المدخل الغربي لمدينة تعز، كما استشهد الطفل شريف محمد (5 أعوام) برصاصة أطلقها قناص انقلابي عليه أثناء ما كان يلعب مع أقرانه في مدينة النور غربي محافظة تعز في التاسع والعشرين من ذات الشهر.
في حين أصيبت الطفلة شذى عبد الله (10 أعوام) بجروح بليغة في صدرها في السابع من مايو إثر إطلاق قناص انقلابي متمركز في تبة السلال عليها النار في وادي صالة شرقي مدينة تعز، كما أصيبت في ذات اليوم الفتاتين التوأمتين عائشة نائف محمد سعيد وشقيقتها فاطمة برصاص قناص من المليشيا الانقلابية بينما كانتا في طريقهما إلى المدرسة برفقة والدهما في جولة سبأ بمدينة تعز.
وخلال شهر يونيو استشهد الطفل فؤاد فهمي برصاص قناص حوثي في منطقة اللصب بمديرية صالة، بمدينة تعز بتاريخ 12، فيما أصيب الطفل أحمد صلاح البعداني (12 عاماً) في الثلاثين من الشهر ذاته برصاصة أحد قناصة مليشيا الانقلاب المتمركزة في معسكر الأمن المركزي بمدينة تعز.
"صالة".. حياة تحكمها فوهة قناصة
في جهة مقابلة لتبة السلال- حيث يتربص قناص الميليشيا بأي حركة في المنطقة، ولم تسلم من رصاصاته وهمجيته القاتلتين حتى المواشي- تسكن أم إيهاب مديرية صالة الواقعة في الجهة الشرقية لمدينة تعز المحاصرة منذ قرابة عامين ونصف.
لم تغادر أم إيهاب المنطقة خوفاً من أن ينهب منزلها، وهي تعيش ظروفاً صعبة هي وجيرانها.. ومن تلتقيهم في جنح الظلام خوفاً من القنص، تتقاسم معهم ما يوصله إليها أولادها الذين نزحوا إلى وسط المدينة من مواد غذائية.
وكانت مليشيا الحوثي قد سيطرت على المديرية عقب اجتياحها لمدينة تعز قبل أن تقوم المقاومة والجيش الوطني باستعادتها العام الماضي. غير أن هذا النصر لم يصنع الفرحة كاملة، فالمديرية ما تزال في مرمى نيران المليشيا التي تأتي من تبة السلال القريبة منها.
تحاصر المليشيا من تبقى من سكان صالة من جهة تبة السلال التي ما تزال تتواجد فيها ميليشيا الحوثي والمخلوع وتمارس من علوها هواية القتل المتواصل للمدنيين في مدينة تعز عموما وصالة على وجه الخصوص، وتمنعهم حتى من الخروج من منازلهم بحثًا عما يقتاتونه، وبذلك تحولت المنطقة من متنفس ظافي بجمال الطبيعة إلى ساحة رعب، حيث لا يجرؤ أحد على الخروج من منزله خشية رصاص المليشيا الغادرة التي لا تفرق بين طفل أو امرأة ليلحق بمن رحل من الشهداء.
الأستاذ محمد السفياني موجه اللغة العربية، أصيب بجلطة دماغية عندما فتكت رصاصة غادرة بولده الأصغر وهو خارج من منزله في الوقت الذي لم يكن قد أفاق من صدمته الأولى عندما فقد ولده الأكبر بمرض أصابه بعد أن عجز عن إسعافه لسوء الوضع الأمني والصحي في المدينة.
ولم تنته المعاناة مع هذه العائلة.. توفى زوج ابنة الموجه السفياني، فلم يستطع أهلها زيارتها وأداء واجب العزاء لخطورة التحرك في تلك المنطقة، وبعد فترة قررت زيارة أهلها عندما سمعت باستقرار الوضع نسبيا.. أخذت أبنائها، وفي طريقها لم تعلم أن القناص متربص بها، إذ أطلق عليها الرصاص ليرديها قتيلة هي وابنتها التي كانت في حضنها، كما وأصيب ولدها الذي لم تندمل إصابته حتى الآن.
في الفترة الأخيرة أصبحت الكثير من أحياء المديرية وخاصة التي تحررت مؤخراً عرضة لرصاص قناصة الحوثيين المتمركزين في تبة السلال، وكذا تعرضهم لعشرات القذائف العشوائية القادمة من منطقة سوفتيل والحوبان والجند شرقاً.
وبالتالي فإن السكان في هذه الأحياء- كما يؤكد ناشطون في العمل الإنساني- يعانون من حالة إنسانية صعبة للغاية ويصعب عليهم الخروج من منازلهم للتسوق في المدينة بسبب القنص المستمر والقصف الهمجي وعدم توفر المال والعمل الذين يستطيعون من خلاله توفير لقمة العيش.
حصار تفرضه المليشيا على مديرية صالة وموت يترقب أطفال ونساء وشيوخ ورجال المديرية ليخطف أرواحهم إما عبر طلقة قناص آثم أو قذيفة حوثية غادرة، وبين هذا وذاك تعيش المديرية وضع مأساوي، وتغرق في بحر من المعانات القاسية، وسط صمت محلي وإقليمي ودولي مشين.
أرياف تعز.. وجهة أخرى لقناصة المليشيا
لا يكاد يمر يوم دون أن تتعرض جبهة الشقب- أقصى الجنوب الشرقي لمحافظة تعز- لانتهاك تمارسه عليها مليشيا الانقلاب ليطال السكان والمساكن والممتلكات والمنشآت جراء القصف المتواصل بالمدفعية الصاروخية والهاونات ورصاصات القنص التي ترصد كل كائن حي في المنطقة دون تمييز بين رجل وامرأة وطفل وطاعن في السن يتوكأ على عصاه محدودب الظهر بطيء الحركة ظن ما وصل إليه من ضعف جسدي مانعاً لقناص المليشيا إطلاق رصاصاته القاتلة عليه استجابة لصحوة ضمير أو عرف اجتماعي سائد في كل اليمن.
وخلال عامين من الانقلاب ظلت حياة أبناء «الشقب» واقعة بين قصف مدفعي أو رصاصة قناص أو لغم مزروع في الطرقات، فمنذ 9/11/2015م وحتى 18/8/2017م رصدت منظمات حقوقية مقتل 23 مدنياً على يد قناصي مليشيا الحوثي وصالح.
وفي مديرية الصلو، جنوب شرق محافظة تعز، تمارس مليشيا الحوثي جرائمها بحق المدنيين، بما فيهم الأطفال، والتي تمثل عمليات القنص المتعمد لأهالي المنطقة أحد تلك الجرائم. وبحسب إحصاءات منظمات حقوقية، تجاوز ضحايا القنص من المدنيين في مديرية الصلو عدد 6 شهداء بينهم ثلاث نساء و 15 جريحاً، بينهم الطفل رامي الذي أصيب بإصابة خطرة في قرية الثدل أسفل منطقة الحود جراء قنصه من قبل المليشيا الانقلابية المتمركزة في قرية الشرف، حيث اخترقت الرصاصة كتفه الأيمن، والعمود الفقري واخترقت الرئتين فتسببت في شلل نصفي للطفل رامي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.