«40 في المائة من المنتديات والمواقع الأصولية على الشبكة العنكبوتية، التي تناقش الشأن السعودي، تديرها نساء».. بهذه العبارة بدأ القسم النسائي ل«حملة السكينة» حديثه مع «الشرق الأوسط» حول دور العنصر النسائي في بث التطرف عبر مواقع الانترنت التي يعملن عليها، إلا أنه لم يحدد ما إذا كانت جميع تلك النساء سعوديات أم مقيمات وهل يوجدن داخل المملكة أم خارجها.وبين القسم النسائي أنهن نجحن من خلال الحملة في إقناع 100 سيدة بالتخلي عن الفكر المتطرف والتوجه للفكر المعتدل من أصل 200 امرأة تمت محاورتهن طوال السنوات الثلاث الماضية. ويعكف القسم النسائي في حملة السكينة على محاورة عدد من النسوة المتبنيات للفكر الذي أصبح يعرف ب«الفكر القاعدي»، أي المتبني لأفكار تنظيم القاعدة الأصولي، واصفا الفكر المتشدد لدى النساء بأنه يتميز بالحدة والشدة عنه في الأوساط الذكورية مع رفضهن وهروبهن من الاستماع إلى الطرف الآخر، في قراءة قد تعد الأولى من نوعها في سبيل استشراف مدى تسرب الفكر المتطرف ما بين الأوساط النسائية السعودية وبقرائن إحصائية. وأفادت ناشطات في حملة السكينة ل«الشرق الأوسط» طلبن عدم نشر أسمائهن والاكتفاء بالقسم النسوي في الحملة، انه تم تخلي كثير من النساء عن الفكر المتطرف عقب الاستجابة للجهود الحوارية التي بذلها القسم النسوي، مستدلين بقدرتهن على تغيير الفكر المتطرف لدى مشرفة أحد المواقع الأصولية والتي رمزت لاسمها ب«أم أسامة»، وكانت تجاهر بالدعوة إلى القتال والجهاد. وذكرن أن قدرتهن على محاورتها أدت إلى إقناع «أم أسامة»، ما نتج عنه طردها من تنظيم القاعدة ووصفها من قبل التنظيم ب«المنافقة»، كما صدر في بيان للقاعدة تداولته مواقع أصولية. وفي ما يتعلق بفئات المنخرطات والداعمات للفكر الأصولي أوضح «القسم النسائي» أن هناك أمهات وربات منازل وأكاديميات إلى جانب أميات، جميعهن منتسبات للفكر المغالي ممن تناوبن في الدخول للمنتديات الفكرية والدينية أو المواقع الأصولية الثقافية وغيرها، إلا أن الصفة السائدة والأكثر شيوعا بين متبنيات مفردات الفكر المتطرف تكمن في «التأصيل العلمي الدقيق» كما ظهر من خلال جهود ناشطات الحملة. وذكر مسؤولات «حملة السكينة» أن 70 في المائة من معتنقات الفكر الجهادي والحماسي حاصلات على درجات أكاديمية، وتشيع في أوساطهن العنوسة والبطالة، مشيرات إلى أنه يكثر تسرب الفكر المتشدد ما بين الأوساط النسائية في المدن الصغيرة أو القرى لقلة وجود العلماء فيها. وأبانت الحملة أن الدعوة إلى «الجهاد» في حلقات تعليم النساء وجمع التبرعات ل«القاعدة» وهو أمر لم تنفه الحملة عن الأوساط النسائية، الأمر الذي بدا يشهد ضمورا عقب ضبط وزارة الشؤون الإسلامية مجال الدعوة النسائية، والذي عانى من الفوضى في وقت سابق. وأفاد القسم النسائي للحملة، بأن التحدي الأبرز الذي تواجهه ناشطات حملة «السكينة» يكمن في فرض أساليب الدعوة الذكورية ومفرداتها وموضوعاتها على المجتمع النسائي، والذي عدته احد أسباب تسرب الفكر المتطرف إليهن، داعيا إلى ضرورة تكريس مفاهيم الحكمة في الدعوة إلى الله من خلال تبني وزارة الشؤون الإسلامية إقامة دورات مكثفة للنساء في الدعوة وأساليبها وضوابطها. ووصفت الناشطات في مجال الدعوة، تفوق الفكر النسائي المتطرف في درجة شدته وحدته عنه في الأوساط الذكورية إضافة إلى رفض المرأة وتهربها من إتمام النقاشات واللقاءات الحوارية والإصغاء للطرف الآخر، كون الحوار معها بحسب القسم النسائي ل«السكينة» أكثر صعوبة منه مع الرجل، نظرا لطبيعة وشخصية المرأة وتخوفها الشديد، الأمر الذي انتهى غالبا باخفائها كثيرا مما تعتنق. وعزت الناشطات ذلك إلى ضعف العناية بالدعوة النسائية وتقنينها إلى جانب دعمها ومتابعتها، وهو ما لم يكن في السنوات الأخيرة سوى خطوة لتعديل جزء من الخطاب الدعوي النسائي. ويأتي إدراك تنظيم القاعدة لأهمية دور المرأة في الأسرة وعلى المجتمع بشكل بارز، كما أفادت الحملة بفرعها النسائي، في تجنيد التنظيم لسيدات سعوديات وإبرازهن كقدوة صالحة لنساء مجاهدات كأمثال «أم حمزة» التي كانت زوجة لأحد المتبنين للفكر الضال والذي قتل في أحد المواجهات مع السلطات الأمنية، إضافة إلى إنشاء عبد العزيز المقرن الذي قتلته السلطات السعودية عام 2004 موقع إلكتروني سماه «الخنساء» لبث فكر القاعدة في الأوساط النسائية. وأشارت ناشطات حملة «السكينة» الى أن القاعدة العريضة لمعتنقات الفكر القاعدي في المجمل يتبنين الفكر المتطرف بكافة تفاصيله، إلا انه في المقابل ليس لديهن موقف واضح ضد هذه الفئة، الأمر الذي خلق عائقا أمام مساعي المحاورات، حيث يستدللن على ذلك بأنه في طرفة عين وانتباهتها قد تنتمي امرأة إلى التطرف وتنحرف وفي أية لحظة أخرى تكون على النقيض. وأوضحن القائمات على حملة «السكينة» أن ذلك يبرز جليا من خلال توجيه صغيرات السن وعبر القنوات الفضائية استفساراتهن إلى الوعاظ حول مسألة القتال في العراق وتكفير بعض الشخصيات والزعماء. وتساءلت الحملة عن موقع بعض العلماء اللاتي يستشهدن بها على الإنترنت والمملوكة للمتطرفات، مؤكدة أن احد ابرز العوامل المساعدة لانتساب النساء والفتيات للفكر المتشدد هو عدم القناعة بفتاوى كبار العلماء والاستعاضة عنهم بمن هم دونهم، الأمر الذي سبب خلطا ولغطا وتهييجا من خلال الفتاوى الصادرة لغير العلماء الثقاة. وتأكيدا من قبل القسم النسائي للحملة فانه وحتى اليوم «لا يزال مَن يزج بالشباب والشابات في أتون الفتنة طلقاء يمرحون في فضاء الانترنت وفي حال منع احدهم عن الكتابة كثر الصخب». وطالبت ناشطات ومنسوبات حملة «السكينة» بربط معاهد التعليم والكليات والجامعات ومدارس الفتيات بدوائر بث تلفزيونية لعقد لقاءات دورية ومكثفة لكبار العلماء في سبيل تأمين وسيلة تواصل ولقاء ما بين النساء والفتيات مع عدد من كبار العلماء والمفتين الثقاة. ولخصت «الحملة» معتقدات وشبهات المتعاطفات مع الفكر القاعدي في الجانب العاطفي بتفاعلهن مع ما يؤمننّ به ويعتقدن فيه كمسألة «الكرامات» أو التأثر بتفجير النساء لأنفسهن في بعض الدول الإسلامية، الأمر الذي ينتهي إلى تبني مبدأ التفجير في أي مكان. وأحد ابرز الغرائب التي أوضحتها حملة «السكينة» إلى جانب اعتماد المجتمع المتطرف مبدأ «الهبة» التي تعني إهداء المتطرف ابنته أو شقيقته لأحد المتطرفين (المجاهدين)، ما شاع بين النساء أنفسهن بأن تهب المرأة نفسها لأول متطوع لتفجير احد المواقع المقترحة من قبلها. وتستدل الحملة على ذلك بما فعلته إحداهن التي سعت الحملة إلى مناقشتها ومحاورتها لثنيها عن معتقداتها بعد أن وهبت نفسها لأول مفجر لمبنى القنصلية الأميركية بمدينة جدة، والتي اتضح صدقها وجديتها أثناء محاورتها من قبل منسوبات الحملة، لكنها تراجعت في النهاية عما آمنت به بعد سلسلة حوارات طويلة كما ذكرت الناشطات. يذكر أن الفريق النسائي لحملة السكينة يتكون من 7 منتسبات رسميات إضافة إلى 11 متعاونة اثنتين منهن للنقاشات العلمية والشرعية والحوارات و5 منهن للنشر وإعداد الروابط وتنسيق الموضوعات. وفي ما يتعلق بالمتعاونات يشارك اغلبهن في الحوارات من أجل تدريب أكبر قدر ممكن من المحاورين والمحاورات ممن لديهم القدرة على كشف الشبهات والرد على الأفكار المنحرفة. وتتركز مهام القسم النسائي على عقد جلسات حوارية على الشبكة العنكبوتية إلى جانب عقد لقاءات مع بعض التائبات، وتعد «حملة السكينة» تجمعا ذاتيا ل7 نساء و23 رجلا مهمتهم الإبحار في الانترنت بحثا عن معتنقي الفكر الإرهابي والتحاور معهم من منطلقات شرعية مؤسسة على العلم لتبديل المفاهيم المغلوطة والخاطئة. ومنذ ما يقارب ال4 أعوام انطلقت حملة «السكينة» بجهودها الذاتية وغير المرتبطة بأي جهات حكومية، وتزامن ذلك مع تصاعد وتيرة أعمال العنف في السعودية والتي قوبلت بدعم وتشجيع من وزارة الشؤون الإسلامية.