أطلق الرئيس اليمنى على عبدالله صالح قذيفة فى المياه الراكدة فى الوطن الممتد من المحيط إلى الخليج حين أعلن وسط حضور حزبى وشعبى رفضه الترشح لفترة رئاسية جديدة، وزاد أنه يطلب عفو الشعب اليمنى عن أخطاء ارتكبها أثناء فترة حكمه للبلاد فى سابقة هى الأولى من نوعها فى وطننا العربى. قال الرئيس اليمنى: لن أترشح لرئاسة الجمهورية وسوف أسلم السلطة للشعب، ويبدو الحديث فى حد ذاته وإن اتخذ مسارات أخرى جديدا وغريبا، ويطرح تساؤلات عديدة فى مقدمتها لماذا لا يعترف الحكام العرب بأخطائهم، ولماذا لا يطلب رئيس أكبر وأهم دولة عربية هى مصر أن يسامحه الشعب المصرى عن مجمل السياسات التى أوصلتنا إلى حالة مأساوية داخليا وخارجيا؟ وفى البداية يشيد رئيس الحزب الناصرى ضياء الدين داود بالخطوة الشجاعة للرئيس اليمني، ويعتبرها خطوة ايجابية رغم ما يعتريها من غموض حتى الآن. ويحذر من أن تكون مدخلا لتوريث السلطة، وإن كان يعتبر قرار الرئيس اليمنى خطوة غير مسبوقة مع استمرار بقاء الحكام العرب فوق مقاعد الحكم إلى أن يشاء الله سياسيون ومثقفون عرب علي عبدالله صالح قدم انموذجاً فريداً في المنطقه برغبته التخلي عن السلطه لماذ لا يعتذر مبارك للشعب المصري ويرى ضياء الدين داود اعتراف عبدالله صالح بأخطاء ارتكبها أثناء فترة حكمه السابقة وطلب العفو من الشعب اليمنى بادرة طيبة تستحق الإشادة. ويلفت إلى أن الحكام لا يعترفون بسهولة بأخطاء ارتكبوها ويساعدهم جوقة من المنافقين فى وسائل الإعلام، تكثر الحديث عن الزعيم الملهم والقائد الذى لا يخطئ أبدا وإن استشرى الفساد فى عهده وضاعت هيبة البلاد والعباد. وعن الحكم فى مصر يقول ضياء الدين داود إن الحكم منذ زمن قديم حكم فرعونى ويسيطر على الحاكم احساس بالقدرة على فعل كل شيء وأى شيء، وتنفتح ذاته إلى حد لا يستطيع أن يتقبل النقد، ويضيق صدره بصورة مرضية تنذر بالخطر، ولذلك وفق رؤية ضياء الدين داود لا يترك الحاكم فى مصر كرسيه دون ثورة شعبية أو انقلاب، ويفسر ذلك بغياب ثقافة ديمقراطية تتيح تداولا سلميا للسلطة عبر انتخابات نزيهة يتنافس فيها أكثر من مرشح دون تدخلات سافرة تنحاز لأحد المرشحين على حساب بقية المرشحين. ويرى الأديب الكبير محفوظ عبدالرحمن أن الرئيس على عبدالله صالح بموقفه الرافض لترشيح نفسه للرئاسة يستحق صنع تمثال كبير له مهدى من الشعب المصرى كله. ولكن إذا تقدم للترشح لفترة حكم جديدة ولم يقدم حزبه مرشحا جديرا يضيف عبدالرحمن ساخرا سنقاطع الشعب اليمنى. ويدعو إلى التفاؤل بالبادرة الجديدة ويتمنى أن تكون فاتحة خير وبداية حقيقية لتداول السلطة فى الوطن العربي، ويستفيد الرؤساء العرب من التجربة اليمنية، ويحذر من أن يكون تراجع الرئيس اليمنى عن الترشح مجرد مناورة لإعداد المسرح لتوريث السلطة ليتولى نجله الرئاسة خلفا له، وساعتها سيكون الوضع أسوأ ويصبح إعلانه عدم ترشحه أكذوبة. ويخشى الأديب الكبير أسامة أنور عكاشة أن يكون ذلك تطبيقا لسيناريو توريث السلطة المطروح للنقاش فى اليمن منذ فترة، ويلفت إلى تمثيلية قد تحدث بمطالبة الناس والحزب له بالبقاء فيرفض ثم يقولون له رشح نجلك، ويتوقف عكاشة عند إصرار عبدالله صالح على ترك السلطة ويقول: سوف يصبح القرار النهائى سابقة مبشرة لكونها لم تحدث من قبل، ويعتبر نقيض هذا مأساة كبري، ويلفت إلى أن الوضع فى مصر قد لا يختلف كثيرا، فالرئيس يرى نفسه منزها عن الخطأ، ويتمنى أن تزول تلك الأفكار البالية من الرءوس ونشهد فى الوطن العربى ديمقراطية حقيقية تتيح إجراء انتخابات تنافسية متكافئة سواء على موقع رئيس الجمهورية أو مقاعد المجالس المحلية والشعب والشوري، ويتمنى عكاشة أن يستجيب هؤلاء الحكام لمطالب شعوبهم قبل أن تأتى لحظة الانقلاب عليهم. ويرى الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبوسعدة أن اليمن تجربة سياسية مختلفة، خاصة حين أجريت انتخابات سابقة بها وضعت لها ضوابط لاقت استحسانا بما يعبر عن تطور حقيقي، ولا نقول إن هناك ديمقراطية كاملة إلا أن اليمن يشهد تطورات ايجابية. ورغم ذلك كما يشير أبوسعدة فالوضع اليمنى يقول إنه أى الرئيس اليمنى مستمر والحزب الحاكم يتمسك به، ويلفت إلى أن الثقافة العربية لا تتبنى التداول السلمى للسلطة ولم تمارس حتى داخل الأحزاب السياسية، والمؤسف أن المتعارف عليه عندنا أن الرحيل بالنسبة للرئيس يكون بالوفاة الطبيعية أو الانقلاب. وعن الاعتراف بالأخطاء يقول أبوسعدة: لا يوجد رئيس فى العالم دون أخطاء، ولا يعنى القبض على بعض الفاسدين تحولا كبيرا نحو الشفافية ولا يمثل أهمية أمام القضاء مثلا على جيل بأكمله نتيجة سياسات اقتصادية واجتماعية خاطئة، ويرى أن طرق الاعتذار لا تكفى أن الرحيل عن مقاعد السلطة هو الاعتذار الكافي، ويجب أن يحدث تداول للسلطة لمصلحة الناس والمجتمع، ويشير أبوسعدة إلى كوارث التعليم والصحة والفقر والبطالة فى مصر، ويضيف إليها تعديل المادة 76 من الدستور التى تفتح الباب أمام توريث السلطة، ويعود للحديث عن اليمن قائلا: إذا كان تنازل صالح من أجل توريث السلطة فهو ضربة قاضية ضد الديمقراطية والانتماء للوطن، ولا مفر وفق رؤية أبوسعدة من انتخابات تنافسية تعددية تتيح لجميع المرشحين حرية الانتخاب دون ضغوط أو تدخلات تمنع ممارسة حقهم فى اختيار من يمثلهم. ويتخوف الأستاذ الجامعى الدكتور حسام عيسى من أن يتراجع عبدالله صالح عن قراره، وإن رأى موقفه حتى الآن جيدًا، معتبرا أنه رئيس دولة وله سلطات مطلقة ويرغب فى التجديد وإطلاق الحريات وفى مقدمتها حق الناس فى انتخاب رئيس جديد، ومقدما نموذجا من بلد صغير مثل اليمن تتفوق عليه مصر فى الكوادر السياسية المؤهلة لتولى الحكم، لافتا إلى ادعاءات يرددها رجال الرئيس المصرى حسنى مبارك بأنه لا يوجد بديل للرئيس، معتبرا ترديد هذا أكاذيب واستهانة بمكانة مصر وقدرتها على انجاب من يصلحون لتولى مواقع فى قمة هرم السلطة. أنا خايف يرجع فى كلامه بقرار من حزبه دون ضغط ومطالبة هكذا يعود عيسى للحديث عن قرار الرئيس اليمني، مضيفا أن الرئيس يقوم بمهمة ومن حق الناس محاسبته على اخطائه، وأن يستمع للرأى الاخر. ويكون استمراره فى الحكم رهنا بقدرته على سماع كل الآراء وتقبل النقد والاعتراف بالخطأ. ولا يختلف الكاتب الكبير فهمى هويدى عن سابقيه، ويشير إلى أن هذا الموقف، قرار الرئيس اليمنى بالرحيل، إذا كان صادقا فإنه يستحق التحية، ويقول: أنا أخشى جيوش المنافقين الذين يريدون اقناعه بالاستمرار وكأنه الوحيد الذى يصلح لتولى الرئاسة، وهذه إهانة للشعب اليمنى على اعتبار أنه لم ينجب سوى شخص واحد يصلح رئيسا للبلاد. ويطالب هويدى بتحديد الأخطاء التى قال عبدالله صالح إنه ارتكبها رغم قوله لا بأس من اعتذاره عن أخطاء الماضي، ويخشى أن يتحول الموقف إلى مشاهد من فيلم سينمائى ينتهى بعودة الرئيس البطل ويلفت هويدى إلى الرئيس مبارك واستمراره فى الحكم دون أن نعرف أنه ارتكب خطأ واحدا وفى كل انتخابات يرشح نفسه ويقولون إنه عهد جديد بعده، مضيفا أن مصر دولة كبيرة ومن العيب أن يحكمها فرد واحد لمدة ربع قرن. ويعتبر الأمين العام لحزب التجمع حسين عبدالرازق الأمر جديدا وايجابيا فى الحياة السياسية اليمنية، ولكن إذا بحثنا قليلا فى الأوضاع اليمنية سوف نجد سيطرة كاملة للرئيس والحزب والعائلة على الحياة السياسية المنتقدة للديمقراطية الحقيقية، ويرى أنه فى ظل المظاهرات التى بدأها الحزب الحاكم قد يستجيب الرئيس لمطالب المتظاهرين أو يطبق سيناريو آخر باختيار نجله ليكون مرشح الحزب فى الانتخابات، ويخشى عبدالرازق أن تكون المبادرة الجديدة غير جادة خاصة مع عدم وجود أوضاع ديمقراطية صحيحة فى اليمن. وعن الاعتراف بالخطأ يقول عبدالرزق: إذا تتبعنا ما ينشر فى الصحف الحكومية والإذاعة والتليفزيون وقرأنا أحاديث الرئيس مبارك نجد أنه نبى لا يخطئ ومثل هؤلاء الرؤساء والأشخاص من الصعب أن يعترفوا بالخطأ حتى لو كان الرأى العام قد اتفق على هذا الخطأ صحيفه "العربي" المصريه