في النهاية؛ عبد الملك الحوثي قادم لمنافسة محمد اليدومي على "رئاسة" "الجمهورية اليمنية" وليس على من منهما سيعيد "الإمامة" أو يقيم "الخلافة"... ولو عاد الإمام "الهادي" أو الخليفة "عمر بن عبد العزيز"، بنفسيهما إلى عصر الناس هذا، وأمكن لهما الوصول إلى "دار الرئاسة" لما حكما، وما استطاعا أن يحكما، إلا بنظام "جمهوري" وعبر "الاقتراع". "الإمامة" ليست "هاشميا" و "قبائل محاربة" و"نصا" من بطن التراث؛ بل "الإمامة" حدثٌ وقع في التاريخ، وإعادتها كنظام يتطلب أولا وبالضرورة إعادة إنتاج جملة الشروط السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي أنتجتها خلال قرون سالفة؛ وإعادة جملة تلك الشروط مستحيل بمنطق التاريخ الذي يتحرك في اتجاه إجباري واحد؛ قُدُما وإلى الأمام. هذا فقط تلميح إلى من يقرؤون الحوثيين بنوع من الأسطرة، ويفضلون الإيغال في انتقاد "الوهم"، عبر نقد أسلاف الحوثيين، أو نقد الحوثيين في التاريخ، بدلا عن التصدي الحقيقي للظواهر والممارسات والشعارات "الحوثية" الماثلة في الواقع. "الحوثيون" ليسوا، لسوء حظ الكتابات الكسولة، أغبياء لدرجة أن يحملوا مشروعا انتحاريا وخرافيا كالإمامة، إنهم قادمون لمنافستكم على السلطة وعلى صناعة القرار ورسم مستقبل البلاد، فحاكموا طبيعة أدائهم في سعيهم لهذه الأهداف ثم في ممارستهم لها، بدلا عن تضييع وقتكم في البحث في "نواياهم" أو في المقولات الأسطورية في تراثهم.. أليست جناية كبيرة على المجتمع اليمني أن تحاكموا أحاديث "الولاية" التي باتت معزولة عن الواقع ولم تعد غير شعار مثله مثل بقية شعائر كافة الحركات الإسلامية؛ ولا تبدؤوا بنقد الحوثيين مثلا على تصورهم لحقوق "المرأة" ونمط تفكيرهم المتعلق بالقضايا المعاصرة للمجتمع والسياسة؟ تبدو المرأة لدى الحوثيين في صورتها البارزة في إعلامهم أو في فعالياتهم الجماهيرية شبيهة بالمرأة في "طالبان" من حيث نوعية الملابس "الشرعية" مع اختلاف في لون الملابس فقط. غير أن هذا ليس مجالا للنقد لدى نخبة تتعامل مع "الحوثيين" كظاهرة دخيلة على المجتمع اليمني لا يجوز التعامل معها إلا برميها خلف جدران العزل و "عدم الاعتراف"، مع أنها باتت تمثل شريحة سكانية واسعة من هذا المجتمع. سارعوا إلى الإسهام في تحديث كل القوى الصاعدة من صميم هذا المجتمع قبل أن تلتهمكم بأخطائها المسكوت عنها، وتُخيب نبوءاتكم وتكهناتكم الشائعة عنها والمستهلكة لحدود تبنيها من قبل الجميع؛ من "غالب القمش" و "علي محسن" إلى "صالح" و "حميد الأحمر" ومعهم تسعين في المائة من كُتاب اليمن. من صفحة محمدعايش في الفيس بوك