لا يزال محافظ تعز خارج البلاد منذ أكثر من أسبوعين في وقت تتحدث فيه معلومات عن حسم مجموعة هائل سعيد أنعم أمرها بطلب إبعاد شوقي من منصبه كمحافظ وتفريغه لإدارة أعمال تجارية خاصة بالمجموعة. وبدا أن مجموعة هائل سعيد قد اعتبرت أن تعيين شوقي محافظاً لتعز (6 أبريل 2012م) زج بها في معترك العملية السياسية التي ظلت المجموعة تحرص على التعامل معها بحذر شديد. وكان مدير مكتب رئيس الجمهورية نصر طه مصطفى كشف الثلاثاء الماضي عن نية رئاسية لتغيير عدد من محافظي المحافظات، متوقعا أن تكون محافظة تعز بين تلك التغييرات. وتشهد محافظة تعز تصعيداً سياسياً برزت فيه خلافات متطورة بين أطراف العملية الانتقالية (المؤتمر، المشترك) وبين أحزاب اللقاء المشترك بالمحافظة أسهمت في تعكير العلاقة مع المحافظ. ونفى حزب الإصلاح بتعز على لسان رئيس دائرته السياسية أحمد عبدالملك المقرمي وجود أي خصومات شخصية بين الإصلاح والمحافظ شوقي، مشيراً إلى أن الحزب يعبر "وفق المنطق السياسي وبطريقتنا السلمية لرفض بعض الأخطاء والممارسات السلبية في قيادته للمحافظة كونه موظفا في السلطة"، وأعلنت أحزاب الناصري والإشتراكي والبعث بتعز تأييدها للمحافظ ووقوفها معه. وأكدت مصادر سياسية ل"الأهالي نت" وجود خلافات بين الأحزاب المكونة للمشترك بتعز، مشيرةً إلى أن هناك "سوء علاقة بين مكونات المشترك" أفضت إلى ازدواجية في التعامل مع المحافظ والأطراف والقوى الأخرى وساهمت في تدهور علاقة المشترك مع المحافظ شوقي. المصادر ذاتها دعت قيادة المشترك بصنعاء للإسراع بحل الخلافات المتسعة تحت الطاولة بين مكونات المشترك في المحافظة. وترفض القوى الثورية وأطراف سياسية عدداً من التعيينات التي تمت في المحافظة وكذا البطء الشديد في ترجمة التغيير إلى الواقع وإبعاد الفاسدين والمتهمين بانتهاك حقوق الإنسان من مناصبهم. هذا الواقع السياسي دفع بشباب الثورة إلى الاستمرار في ساحة الحرية وتصعيد فعالياتهم الثورية رغم إعلان اللجنة التنظيمية لشباب الثورة رفع الخيام من الساحات وإلغاء صلاة الجمعة بالعاصمة صنعاء ومحافظات أخرى، وكانت محافظة تعز واحدة من المحافظات التي قررت مواصلة فعاليات الثورة. وتتصاعد الاعتصامات والاحتجاجات في المحافظة المطالبة بإقالة القيادات الفاسدة. الواقع ذاته أغرق المحافظة في دوامة الصراع والخلاف وجمد إحداث التغيير في المحافظة التي تعد قلب الثورة. وفي وقت يتمسك شوقي بموقفه المتصلب رافضاً إقرار عدد من التعيينات الصادرة عن الحكومة، لا تزال الخلافات حول التعيينات في كهرباء المحافظة ومكتب التربية قائمة. المصادر ذاتها، أكدت أن هناك "طرف غير بريء" يساهم في إبقاء المحافظة في دائرة الانفلات، يقود هذا التيار نافذون في مناطق يعتبرونها إقطاعيات خاصة بهم ويسيطرون عليها منذ عهد صالح، تقود تلك القيادات عملية التهريب المنظم الذي يمر عبر المنافذ البحرية والبرية بالمحافظة وكانوا قد حصلوا على ضوء أخضر من صالح وترى أن أي استقرار للمحافظة يهدد مصالحها الخاصة. ويجتهد صالح وعائلته في إنزال العقاب القاسي للمحافظة عبر أدوات قديمة متجددة بتنسيق مع جماعات مسلحة وقوى مذهبية وطائفية. وهو ما يجعل بعض المتابعين يعتبرون أنه لا يمكن تفسير المظاهر المسلحة التي شاركت في مسيرة مؤيدة لشوقي هائل نظمتها السلطة المحلية بتعز الأسبوع الماضي خارج تلك الأجندات، فضلاً عن ذلك ظهر مسلحون وهم يحملون شعارات "الموت" التابعة لجماعة الحوثي المسلحة. على الجانب الآخر، تعمل قيادات في حزب المؤتمر الشعبي على تصعيد الصراع والخلافات بين الأطراف وفق حسابات معينة تصب بشكل أو بآخر في صالح الثورة المضادة. في السياق ذاته، كشفت مصادر محلية ل"الأهالي نت" عن اجتماع ضم شخصيات قيادية في حزب المؤتمر بمنزل أحد المشائخ المؤتمريين بتعز بغرض "إنقاذ الحزب وشخصياته". وناقش الاجتماع ما أسماه "آلية إعادة الحزب إلى الواجهة السياسية، وتم الاتفاق على مواجهة كافة القوى السياسية ودعم قرارات شوقي هائل وفرضها على الجميع، وكذا "انتشال الحزب ولو بقوة السلاح". على الصعيد الداخلي لأحزاب المشترك، تفصح قيادات حزبية أن التكتل غير قادر على استيعاب مرحلة الوفاق والانتقال من مرحلة الثورة إلى مرحلة البناء بالتوافق الذي يمثل جوهر المبادرة الخليجية. أبدى النائب البرلماني عضو مؤتمر الحوار الوطني شوقي القاضي في حديث ل"الأهالي نت" إصراره على بقاء شوقي في منصبه على أن يتم إبعاد جميع القيادات الفاسدة والمتورطين في قتل شباب الثورة وانتهاك حقوق الإنسان من مناصبهم واستبدالهم بقيادات يتم اختيارهم وفق معايير الكفاءة والنزاهة وأن يكونوا محلاً لتوافق جيمع الأطراف. ويشدد القاضي على ضرورة وضع خطوط حمراء لشوقي، وأن يبقى المشترك وأبناء تعز مراقبين لأدائه. ويعتقد أن تغيير المحافظ ليس في صالح مختلف الأطراف، مشيراً إلى أن استبداله سيفتح الباب أمام الصراعات بين الأطراف -حد قوله. على الصعيد الميداني، دارت اشتباكات مسلحة، السبت، بين أطقم من الحرس الجمهوري المنحل وأفراد إدارة أمن تعز عندما حاولت الأطقم اقتحام إدارة الأمن بقوة السلاح ما اضطر أفراد الأمن للرد عليهم وجرح اثنين جنود.