لم يعد بمقدوري الحديث عن الأشياء الجميلة ..لقد اصبح كل شيء بالنسبة لي ضجيجا بمتناول الريح ولم يعد بيدي سوى حشرجة مفردات مبتورة ليوميات ناسك اوهام يذوب كل يوم في الوجع يعاني من حزن مفرط بما يشبه عجلة طاحون. مباشرة سيدرك الآخرين ان ذلك تما هيا مبالغا فيه انزلاق مهين ناتج لمرض نفسي واعتقد انهم سيسقطون على عزفي هذا الدائم الشؤم , هذه الصفة المنوطة بمقاسهم المتعفنة بالتبرير لكل ما هو سيء يجعلني فولاذ شقاء غير منقطع يتناقل بين مصراعيه تساؤل هائل..هل حان لي أن اقول ان ماضيّ كان غدي المستحيل؟ اتذكر الآن وانا في صفوف الإعدادية كيف كنت اتصدر زملائي بتقديم الإذاعة المدرسية لدرجة وصفي ب" الجرشب" وهو اسم مشتق من قصة حدثت لرجل يحمل هذا الاسم الأخير سوقه حماسه المندفع في حل النزاعات بين الناس إلى اصابته بعيار ناري يرديه قتيلا.. كنت في كل مرة اصعد فيها إلى منصة الإذاعة المدرسية ان ابدو اكثر ثقة بحديثي عن حب الوطن ايمان والذي ما ابرحه خجولا إلا ويطريني اصدقائي بالرائع والمبدع ملصقين بي صفة الجرشب ولم اكن اعلم أن ذلك هو من باب النفاق والزيف. لقد غلبني الوهم لثلاثة وعشرون عاما مضى من عمري واخر سيمضي لأحتفل بمغادرتي المحمودة إلى باحة مجران مواشي اعمل فيها طوال اليوم بين تجفيف البول من الأرضية وجمع الذبل بدل من ركلي من اعلى المنحدر بقدم مجهول. أمامي القيام بالكثير تجاه ما يحصل في هذه المقبرة المصففة برشاقة الخدعة والفرح الى المجهول ,ثم ان عليّ عدم الحديث عن الوحدة كقول الوحدة عبادة الوحدة مصير..الوحدة هي الغد - بعد غد كي لا يعود ذلك عليّ بدباغ جلود بالدفع المسبق كما حدث لي سابقا في الإذاعة المدرسية . اتصور الان كيف سيكون الهرج بعد غد المفقود ويمكنني القول ان الأغنية مقاربة على الانتهاء.