في عدن والمحافظات الجنوبية يفرض بعض الحراكيين على أبناء تعز وإب والمحافظات الشمالية حصارا بكلمة الدحابشة، لكنهم لا يترددون عن مشاركة الحوثي فعالياته في أقصى الشمال!! وإذن، ليست المسألة مناطقية جنوبية بقدر ما هي سياسية!! الحوثي يرفع لافتة الدين والمذهب ولا يتردد عن دعوة كل من يراهم خصوما للمذهب في الشمال والجنوب، وفي مقدمتهم قيادات اليسار الذين قضوا أعمارهم يرفضون الدين فضلا عن المذهب. وإذن: لا علاقة للأمر بالدين أو المذهب، وإنما هي دوافع سياسية بحتة!! بعض اليساريين الذي قضوا حياتهم رافعين شعار "الأممية" ورافضين كل "القوى الدينية"، خرجوا اليوم ببيانات مطولة تتضامن مع عبدالملك الحوثي وتناولوا الغداء معه في السرداب!! وإذن، لا علاقة للأمر بالمبادئ والأيديولوجيات والأممية، وإنما هي مسألة سياسية بحتة!! علي صالح هو مؤسس هذه الجماعة وليس حسين الحوثي.. أسسها ليجعل منها أداة يحلب بها ضروع السعودية، وورقة ضغط على الإصلاح في الداخل ليضرب الطرفين بعضهما ببعض فيستمد من صراعهما طول العمر على الكرسي. وهاهو اليوم يواصل لعبته السياسية بالتحالف مع الحوثيين ليحلب بهم ضروع إيران والإمارات باعتباره يحارب بهم الإصلاح والسلفيين ومشروع ثورة الشباب. وإذن: القضية ليست أكثر من لعبة سياسية!! احتشد القوم أمس ليجعلوا من حشدهم رسالة للداعمين تساعدهم على تحصيل المبالغ المتأخرة وترفع لهم الاعتمادات القادمة، ورسالة –في ذات الوقت- ضد كل أصحاب مشروع الديمقراطية والدولة الحديثة الذين لا يؤمنون بالقبور والأضرحة والطبقات الاجتماعية والسلالية وأولئك الذين يكرهون التفريق بين "الجنبية" و"التوزة". البعض يقول إن احتشاد الأمس في مراسيم دفن حسين الحوثي رسالة للإصلاح، والأمر كذلك فعلا، لكن ليس هذا كل شيء، ذلك أنه إذا كانت دعوى الحوثيين مذهبية فرسالتهم موجهة لكل من ليس معهم في المذهب، شافعيا وزيديا. وإذا كانت رسالتهم سياسية فهي موجهة لكل تائق للديمقراطية ورافض لمبادئ الإمامة الكهنوتية. ما يحدث اليوم ليس إلا محاولة لإعادة حلف مطلع التسعينات الذي كان بين البيض والإماميين وبعض المشائخ الذين اصطفوا معهم على خلفية صراعات قبلية، وكان معهم الموقف الإقليمي والدولي. هو ذات الحلف وأضيف إليه اليوم أعداد من بقايا صالح وأنصاره. ونقص عنهم الموقف الرسمي الإقليمي والدولي، كما تفرق عنهم كثير من اليسار وكثير ممن كان معهم من تلك القبائل. كان حلفا مرعبا للناظر إليه من بعيد، لأنه كان الأكثر ضجيجا لا الأكثر أنصارا.. الأكثر جلبة لا الأعدل قضية، ولهذا (ما أغنى عنهم جمعهم)!! [email protected]