"جرائمكم مفزعة" وزير خارجية السويد مخاطباً السفير المصري.. لم أجد أفضل من شاعر العربية الأشهر أبو الطيب المتنبي، ليصف ما يحدث في مصر، نعم، فالمشهد الغرائبي منذ الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي لا يلخصه إلا بيته المشهور: وكم ذا بمصر من المضحكاتِ/ ولكنه ضحكُ كالبكا. لنبدأ الحكاية من الفصل الأول، ماكينة الانقلاب السياسية والإعلامية تريدنا أن نعترف بأن ما حدث في مصر يوم 30 يونيو ثورة، يكرر البرادعي هذا الطلب كلما تحدث للمسؤولين الأجانب وإلى وسائل الإعلام. يتناسى البرادعي أنه لا يوجد في التاريخ ثورة تتم تحت رعاية الجيش والشرطة والمخابرات والقضاء والإعلام وتستمر بضع ساعات، إلا الثورات المضادة، يصبح الموضوع أكثر سخرية عندما يذهب البعض إلى اعتبار ثورة 25 يناير التي استمرت 18 يوما وواجهت أعتى نظام قمعي في الشرق الأوسط مجرد انتفاضة. في مصر لا تتوقف فصول المهزلة، فالبرادعي ورفاقه لا يكفون عن إسداء النصائح لجماعة الإخوان المسلمين بالتزام الديمقراطية ونبذ العنف. هكذا ببساطة، يتم توصيف الأشياء، ففي الوقت الذي تتعرض فيه المظاهرات المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي للإرهاب وإطلاق الرصاص، تخرج الحكومة المصرية لتتهم الاعتصامات بأنها تلحق أضرارا بالغة بالأمن القومي، وكأن هذا الأمن لا يتعرض للخطر إلا عندما يكون المتظاهرون إسلاميون، أما عندما يكون من يتظاهر من خصومهم فإن الأمر لا يعدو أن يكون ممارسة لحق التظاهر والتجمع السلمي. لنقلها بصراحة، لا يوجد أسوأ من الانقلاب، فهو يستند إلى عامل القوة التي غالباً ما تكون غاشمة. يتساءل أحد الصحفيين المصريين الكبار، كيف يكون انقلاباً والجيش أعطى الرئيس مهلة 48 ساعة، الانقلاب يكون مفاجئاً. حسناً، لا يكون مفاجئاً في الحالة المصرية، فالجيش يملك القوة، وبإمكانه فعل ما يحلو له، ماذا كان بإمكان مرسي أن يفعل؟ الانقلاب ليس قاسياً وحسب، إنه عبثي، وإلا كيف لمذيع في قناة تلفزيونية أن يجزم بأن الإخوان المسلمين هم وراء سقوط الأندلس. والانقلاب ليس عبثياً وحسب، بل إنه مصنع النفاق، وإلا كيف لأحدهم أن يكتب: "مصر للسيسي: زوّجتك نفسي". والانقلاب ليس مصنع النفاق وحسب، بل هو مصدر الجريمة، وإلا كيف يطالب نائب رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء وأحد نوابه، قوات الأمن بمحاصرة اعتصام رابعة العدوية ووضعه تحت السيطرة الأمنية حتى لا يتحول لقاعدة عسكرية تشن هجوما عدائيا لما هو محيط بها. ألم أقل لكم إن الانقلاب مصدر جميع الشرور؟ لنقاومه إذن. عن صحيفة الناس