حين تتحدث عن تعز فستجدك قلمك يغرق في بحر من الخلود والتاريخ والآمال والآلام والطموحات والتحديات ... تأسرك تعز بلا شعور وتسيطرعلى كل اهتماماتك حتى ولو كنت من غير أولي الاختصاص أو المسؤولية المباشرة. ومما هو ليس خاف على أحد فإن تعز كانت حاضرة في تاريخ اليمن على مستوى جميع الصعد والميادين. فهي عاصمة اليمن في عهد الدولة الايوبية خلال 1175م – 1500م., وعادت لتكون عاصمة لليمن ومقر للإمام منذ 1948م وحتى العام 1962م, وليست صدفة الأقدار أن تكون تعز بهذه المكانة لولا جملة من الميزات والصفات التي فرضت لتعز تلك المكانة والقيمة. ظلت تعز مهبط المدنية في الوطن اليمني وأيقونة الثقافة ورافعة التسامح ومثال التحضر والرقي فإنعكس ضوء معارفها وقيمها في ربوع الوطن وقد قيل "تعز اليمن, واليمن تعز". وليس من العقل أن نظل نندب تاريخ تعز العظيم ونبكي على أطلاله , بل إن من الضرورة الوطنية أن نتدارك ما بقي من جذوة الوهج المشرق لتعز فنحوطه بالحماية ونذكيه بالرعاية والعناية. رغم أننا ندرك أن تعز ستظل سفيرة النوايا الحسنة وملكة الحضارة في الوطن وراعية التعايش والسلم الإجتماعي, إلا أن هول من نراه من انتكاسة ووضع مأساوي تعيشه محافظة تعز يجعلنا ندق نواقيس الخطر, ونحذر من كارثة وبائية لن يستثني منها أحد, وسيكتوى بنار غبارها الجميع, وليس من السهولة تدارك أضرارها إذا ما إستفحل الداء, واتسع الخرق, وتمددت خريطة النار الملتهبة. ورغم أننا ندرك أنه لامجال في تعز أبدا لأن تحل ثقافة (لعلعة الرصاص) بديلا عن "سيمفونية أيوب" و"تغريدات الفضول", إلا أننا نخشى أن تجد تلك الثقافة لنفسها بيئة حاضنة للنمو والتصاعد. لامجال في تعز لأن توصف مستقبلا بأنها" وادي الذئاب " بديلا عن شهرتها ب"وادي الضباب" ,إلا أننا نخشى أن يكون ذلك في غفلة من أبناء تعز أو – للأسف - حتى بمباركة من البعض وتشجيع. لا مجال في تعز لأن نتخلى عن مسؤوليتنا بدواعي المؤامرة على تعز أو بتخوين الأخر والانتقاص من وطنيته, إلا أن البعض يرغب في تعميق هذه المفاهيم هروبا من المسؤولية, أو استرزاقا وجلب مصلحة, أو تسجيل أهداف ضد الخصوم.. ينبغي أن يتعمق في دواخلنا شعور ويقين بأن تعز ليست مسؤولية سلطة أو مواطن أو حزب أو جماعة وفقط , بل إن مسؤولية تعز تبقى مشتركة بين كل من تنفس هواءها وشرب من مائها وانتمى الى تراب الوطن اليمني. ما لم تكن "تعز هي نحن", و"نحن هي تعز", فسنظل نشكو بلا فائدة, وعليه فلنعمل جاهدين على تعميم وتحقيق شعار (تعز مسؤوليتي)...