مهزلة محاكمة الرئيس مرسي تكشف غباء الانقلاب وسقوطه الأخلاقي والسياسي، لم تستطع المحكمة السير في المحاكمة، ولم يتم شيء سوى أن الرئيس جاء ليؤكد شرعيته وقوّته وبطلان الحكم الانقلابي، إذ قال مرسي للقاضي: «أنا رئيسك، وأنت باطل، والانقلابيون مجرمون..!!». رفض الاعتراف بالمحاكمة، وقال إنه لا يعترف بالمحاكمة ولا بالانقلاب، وإنه حضر إلى هنا بالقوة، وهتف زملاؤه: يسقط حكم العسكر، سيسقط حكم العسكر؛ لأن ثورة الشعب لن تضيع ولها شعب يحميها وزعماء يناضلون من أجلها؛ كل المراقبين أكدوا أن المحاكمة هزلية؛ بل غبيّة وتعكس فشل الانقلابيين والإرباك الحاصل بفعل استمرار الثورة الشعبية رغم كل القتل والقوة الباطشة. يواجه مرسي بالتحريض على قتل عشرة مواطنين مصريين أمام «قصر الاتحادية» وكانت المفاجأة أن أقارب ثمانية منهم أعلنوا براءة الرئيس، وطالبوا بمحاكمة القتلة الحقيقيين. المستشار الكبير أحمد مكّي تحدّث عن أن ما يجري مهزلة حقيقية، وليست محاكمة، وهو عار على القضاء المصري، وتساءل: يحاكمون مرسي بتهمة التحريض على قتل عشرة أمام الاتحادية؛ بينما القتلة الحقيقيون من الداخلية والحرس يحكمون، وماذا عن قتل ثلاثة آلاف متظاهر في رابعة والمئات أمام الحرس الجمهوري، والآلاف في كل شوارع مصر..؟!. تناقض مخز،ٍ وذبح للعدالة كلها يوضّح إفلاس الانقلاب وأنه ساقط لا محالة، محاكمة يذهب القضاة للتحقيق مع المتهم وهم معصوبو العيون؛ مع أن المفترض أن القاضي هو المسؤول عن السجين وحقوقه، مهازل بالجملة؛ كلّها تصبّ في صالح الثورة وتأجيج الشارع واقتناعه بوحشية وحقيقة الانقلاب؛ من غير المتوقّع ظهر الرئيس مرسي كما كان رئيساً ثابتاً صامداً، وبرز للناس الفارق بين صورة انهيار حسني مبارك ودخوله على سرير وصمود مرسي الذي صرخ في وجه القاضي: «أنا رئيسك الشرعي، وأنت باطل» فالأخير لديه قضية حضارية وشعبية، لقد أصبح زعيماً شعبياً لنيل الحرية شاء من شاء وأبى من أبى، وشكّلت محاكمته دفعة جديدة لانطلاق الثورة التي تشتعل كل يوم ولن تهدأ حتى يسقط الانقلاب ويُقبر حكم العسكر الذي أذلّ الشعوب العربية واستُعمرت من خلاله إلى الأبد. الثورة ليست أياماً ولا طريقاً مفروشاً بالورود، الثورة تغيّر نظام استبدادي متجذّر، واقتلاعه يحتاج إلى تضحيات وانتصار على اليأس والإحباط، الثورة زعماء ثابتون، وشعب ثائر، وهذا ما هو حاصل في مصر «أم العرب» ومهما تحالف الأوباش والفسقة واليهود فإنهم سينهزمون وسينتصر الشعب العربي، لأن انتصار الثورة المصرية بقيمها وانتشارها كثقافة شعبية وحالة جماهيرية هي التي ستقتلع القديم، وهي البداية الحقيقية لانتصار «الربيع العربي» الذي يترسّخ وينضج اليوم بمصر في وقت يرى الواهمون أنه يموت هناك بينما هو يتجدّد ويقوى عوده. لم تكن محاكمةً لمرسي وإنما للانقلاب الذي ظهر مرتبكاً إلى حد الذُعر، ورفض أن ينقل المحاكمة مباشرة مخالفة للقانون، فالانقلاب هو الانقلاب؛ يقوم أساساً ليخالف كل القوانين والأعراف وإرادة الشعب، ونقيض لمصالحه وحريّته. [email protected]