تتواصل الحملة العسكرية التي يشنها الجيش اليمني على تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" بمحافظتي أبين وشبوة جنوبي البلاد، وسط تأكيدات رسمية باستعادة مناطق كانت تحت سيطرة التنظيم, وتواصل الحملة حتى استئصاله. وأكد علي الصراري المستشار السياسي لرئيس الوزراء اليمني أن ما سماها "الحرب على الإرهاب" باتت ضرورة بعد تفشي هذه الظاهرة, مضيفا أن الوضع قد ينهار إذا استمرت عمليات القاعدة. وقال الصراري للجزيرة نت إن الحكومة لم يكن بمقدورها أن تظل صامتة أمام ما سماه إجرام القاعدة بحق أفراد الجيش والأمن والمواطنين والبلاد عامة، فاتخذت قرارا حاسما "بمواجهة الإرهاب" وضرب أوكاره في كل المناطق. ووفقا للمسؤول اليمني, فإن الجيش يحقق انتصارات ملموسة, و"يحرر" المناطق تباعا من سيطرة القاعدة. اصطفاف وطني وأكد الصراري أن الحملة "قوبلت باصطفاف وطني لم يسبق له مثيل", وقال إن "الحرب على الإرهاب باتت مطلبا دوليا لأن الخطر لا يهدد اليمن فحسب, بل العالم بأسره". ويرى أن "مواجهة الإرهاب" لا ينبغي أن تقتصر على الجانب العسكري، بل يجب أن "تشمل تجفيف منابع الإرهاب ومصادر تمويله, ومطاردة كل من يروج له". من جهته, اعتبر الخبير العسكري والباحث في النزاعات المسلحة باليمن علي محمد الذهب أن الحملة على القاعدة جزء من معركة طويلة, ورأى أن قرار المواجهة ليس يمنيا محضا بقدر ما هو قرار أميركي مدعوم عسكريا وماديا. ولاحظ أن القرار جاء بعد زيارة وزير الدفاع اليمني لواشنطن، وفي ظل تلاقي مصلحة الطرفين في القضاء على القاعدة بعد تزايد عملياتها, ومحاولتها السيطرة على عدد من مناطق اليمن. وحذر الذهب في حديث للجزيرة نت من التداعيات الأمنية لتلك المواجهة، خاصة بعد توعد القاعدة بالانتقام. كما حذر من التداعيات الاقتصادية كالنزوح الذي يرافق الحرب, إضافة إلى إضعاف السياحة, وزيادة الإنفاق على الجيش, وهروب رؤوس الأموال والخبراء الأجانب, خاصة العاملين في شركات النفط والغاز الواقعة قرب مناطق الاشتباك. وقال الخبير اليمني إن الحرب على القاعدة لن تنتهي سريعا لأنها حرب عصابات ومواجهة ضد قوى تقليدية يصعب تحديد المنتصر فيها. وأشار إلى وجود خلايا للقاعدة, وقال إن الردع المسلح لن يفضي إلى نصر ما لم يعقبه احتواء عناصر التنظيم وتتبعها. ورأى أن القضاء نهائيا على القاعدة صعب، ودعا إلى أن تواكب العمليات المسلحة نقاشات سياسية وحوارات فكرية, وترشيد الخطاب الإعلامي والديني. مواجهة حتمية أما الباحث المتخصص في شؤون القاعدة سعيد عبيد الجمحي فرأى من جانبه أن مواجهة هذا التنظيم أصبحت ملحة "بعدما ضُربت هيبة الدولة من خلال ضرب مفاصلها ومراكز هيبتها، بالإضافة إلى أن القضاء عليها مطلب دولي". وقال للجزيرة نت إن هناك علاقة بين الحملة على القاعدة وزيارة وزير الدفاع اليمني للولايات المتحدة, "فالحرب على الإرهاب تحتاج إلى الكثير من الدعم والخبرات والضمانات التي يفتقدها اليمن". وتساءل الجمحي عن قدرة السلطة على الحفاظ على الانتصارات التي قد تحققها في مواجهة القاعدة، وعلى اجتثاث التنظيم كليا. وقال إنه لا يمكن الجزم بمن ستكون له اليد الطولى في المعركة, لكنه شدد على أن في وسع الدولة تحقيق الكثير إذا كانت هناك إرادة قوية, خاصة في ظل التأييد الدولي والاصطفاف الشعبي الجزيرة نت