توفي جريح الثورة المعتقل السابق تامر محمد يحيى رسام، السبت الماضي، في ساحة التغيير بصنعاء متأثراً بجراحه ونقل جثمانه إلى ثلاجة مستشفى الكويت. الجريح تامر من أبناء محافظة البيضاء-رداع، شاب في مقتبل العمر (19 عاما)، اختطف مع 18 شابا من شباب الثورة في شارع تعز بصنعاء، وتم نقلهم إلى ملعب الثورة الرياضي في أحداث الثورة السلمية 2011م. من تلك اللحظة، غُيّب تامر لمدة ستة أشهر، وبعد كل تلك الفترة ظهر تامر معاقا، عن الحركة والنطق، فاقدا للوعي، لا يقدر على الحركة كما كان، إلا أنه استعاض عن ذلك، بكرسي متحرك، وبعد خروجه من غيابة السجن وتعرضه للتعذيب المهين من قبل أعداء الثورة، كان في حاجة ماسة للعلاج والرعاية، والوقوف إلى جواره، ومواساته ومؤانسته، كتعويض نفسي، وهذا مالا يجده حتى غادر. ما وجده من الثورة التي هرع بسواعده للدفاع عنها: بطانية وكرسي متحرك في ساحة التغيير، لم يجد غير ذلك حتى رحل. "تامر رسام" غادر مسرح الحياة، بعد أن رسم ملحمة من النضال من أجل الوطن، صرخ مع الجميع ضد الظلم بصوت عال بلغ مسامع الفاسدين، فنالوا منه حتى أشفوا صدرهم، وساموه سوء العذاب، لكن صوته لم يصل إلى أسماع حكومة ما بعد الثورة ليعطوه بعض حقوقه، ويشاركوه ألم الإعاقة الذي ألمّ به. غادر الحياة مكلوم الفؤاد، مجروح القلب، منكسر الخاطر، محطم الأجزاء تحت ركام الإهمال، نعم ذهب تامر من دائرة الظلم، التي نعيشها هنا إلى هناك حيث العدالة المطلقة. المهم الآن هل سُيعطى بعض الحق بعد الموت تخليدا للواجب الذي قدّمه دون أي مقابل، لم يدفعه لذلك غير حب الوطن، ولا شيء غير ذلك؟.. هل سيتفادى المسئولون الخطأ الذي مورس ويمارس على الأحرار من أبناء الوطن السابقون، هل سيتم إنصاف كل زملاء "تامر" الذين جرحتهم أيادي العذاب وتقتلهم أيادي الإهمال، أم أنهم لن يجدون تلقاء نضالهم إلا الإهمال، يصارعون جراحهم بأنات لا يسمعها الثائرون، ولن يستمع لها "المتثائرون"!؟ تامر ضمن طابور طويل، من الجنود المجهولين، ينادونهم بأسمائهم عند الكريهة، وتغيب أسمائهم عند الغنائم. لم يكن معاق، لكن الأصحاء من حوله ممن أوكل إليهم الأمر هم المعاقون حقا، فهم من أعاقوا وصول علبة الدواء إليه، وهم من قطعوا شرايين الحياة بمشرط الإهمال. مؤسف بحجم الثورة، ومؤلم بطعم الجراح، أن يغادرنا الثوار ونحن لم نستطع بعد أن نثور على غفلتنا القاتلة.