أطفال عاملون في الشوارع ومشردون يعيشون حياة البؤس ويتجرعون أقسى أنواع المعاناة، لا يعرفون سوى الإهمال ولا ينظر إلى وضعهم المزري ولا حياتهم الصعبة، فكم من أطفال بؤساء يعانون من البرد ترتجف أجسادهم وترتعد أطرافهم وهم يبحثون عن لقمة دافئة تدفئ بطونهم الخاوية. لم يرحم الفقر حتى الشيوخ فقد أنهكتهم السنوات وهم يجوبون الشوارع في البرد القارس يستجدون الناس طعاما دافئا أو أغطية تحميهم من برد ليالي طويلة وقاسية. نساء ورجال يجمعهم غدر الزمن البادية في وجوههم تجاعيد وخدوشا. امرأة عجوز، أنهكها التعب وأصبح جسدها مرهقا نحيفا، تتسول الحياة، لا أهل لها غير المارة. تحتضن طفلها الرضيع المصاب برأسه وتبكي على ما أصابه وتتحسر على وفاة والده الذي كان يعولهما، لم تجد أمامها حيلة سوى مد يدها لطلب المساعدة. تقول أنها لا تملك مصدرا للعيش يمكنها من أن تقر في بيتها، الجوع والحاجة أخرجتها منه. ابنها (محمد) طفل بريء حافي القدمين؛ مرقع الثوب. نحيل الجسم عليه ملامحُ التعب والحرمان. يجلس وحيدًا يحمل في يده كسرة خبز يأكلها بشراهة. ميزان لا تعرفه الموازين "محمد نعمان" طفل لم يتعد العاشرة من عمره، يجلس تحت حرارة الشمس بيده ميزان يصيح بأعلى صوته (وزن.. وزن)، ليس ذنبه أن موازين الحياة قد انقلبت ليجد نفسه على الرصيف. تحدثت معه عن حالته فشعر بالارتياح. قال لي بصوت خافت: عموه، جيب لي خمسين ريال، أوفي حق الغداء لإخواني".. استغربت من ذكاءه هذا السن في الصغير. سألته لماذا لم تذهب إلى المدرسة فأجاب: أدرس الصباح في المدرسة وأعود إلى السوق اشتغل. يحمل على عاتقه مسئولية مأكل أسرته المكونة من ثلاثة أشخاص. يتمنى محمد أن يكون في المستقبل مهندساً معمارياً يشيد وطنه ويرسمه بأجمل صورة. أحلام على الرصيف في الجانب الآخر تجلس "مرام العريفي" ترسم أحلامها على الورق الأبيض تحت حرارة الشمس، عيونها تنهمر على تلك الأوراق لتصنع من فقرها دموع المستقبل. تذهب إلى المدرسة وترجع إلى المكان الذي تحط رحالها فيه بجانب ذلك الجدار الذي تعودت على إسناد ظهرها إليه وتضع أمامها ميزان ولا ترفع رأسها للمارين. سألتها ماذا تكتب في تلك الأوراق فأجابت: اكتب الواجب، لأن الأستاذة با تضربني إذا ما كتبت. تقول مرام أن حالة أسرتها الصعبة اضطرتها للخروج، وما دام الناس لا يقبلون على خدمات ميزانها فأنها تضطر لمد يدها لطلب المساعدة. يوم من الأيام مرضت ولم اذهب إلى طلب المساعدة، نمنا بدون أكل فاضطررت صباح اليوم الثاني أن أغيب عن المدرسة لكي أذهب إلى هذا المكان لأنقذ أسرتي من الجوع. تقول. مضيفة: كثير من الناس طيبين ويقدموا لي مساعده أكثر مما اطلب. تحلم مرام أن تكون في المستقبل دكتورة جراحة لكي تحفف عن الناس الآلام لأنها جربت طعم الآلام والمعاناة. تحديات الحكومة الجديدة مجاهد الخولاني مالك بقالة أمام سوق للقات يقول: ما نراه الآن هو نتيجة عدم وجود الحكومة التي تساهم في البدء والمباشرة الفعلية في تنفيذ مطالب أبناء الشعب اليمني لهذا نرى إن الوضع يزداد سوء وهذا أمر يشكل عبئ كبير جدا على كاهل المواطن.. اليمن من الدول التي أصبحت الأكثر تخلفا للأسف لأنها قد تراجعت إلى الخلف كثيراً يواصل حديثه وجود الإرهاب وانتشار المسلحين في المدن أدى إلى تراجع البيع والشراء وأكثر اليمنيين. يضيف: الوضع الاقتصادي المتدهور أدى إلى ارتفاع نسبة الفقر في أوساط المجتمع وكادت أن تكون فرص العمل منعدمة مما أدى إلى انتشار ظاهرة الفقر والتسول بشكل كبير. ويرجح السبب إلى إهمال الحكومة لأوضاع المواطنين ولا تقوم بعمل بخطط للقضاء على الفقر والبطالة. يختتم حديثه: استغلال موارد البلد بالشكل غير الصحيح كان له دور في زيادة حالات الفقر مما اضطر الكثير منهم للتسول. يقول رداد علي عباد: بالتأكيد إن حالة التسول من الأمور غير الجيدة لأنها تضع الإنسان ضعيف الحال في موقف هو في غنى عنه، وممكن أن يستغل هؤلاء المتسولين للقيام بأعمال أخرى كالمتاجرة بالمخدرات أو تشكيل عصابات خطف وقتل وتلك التي سوف تكثر من المشاكل وتزيد الطين بله. أضاف: نحن نأمل من الحكومة الجديدة أن تضع الخطط وترسم الحلول من أجل القضاء حتى على جزء صغير من الأسباب التي تؤدي إلى انتشار ظاهرة التسول. يجب على اليمنيين أن يتساعدوا فيما بينهم ونأمل من الحكومة أن تعمل شيئاً بدلا من الوقوف مكتوفة الأيدي لأن المواطن لم يعد يتحمل المزيد من معاناة. *التقرير منقول عن إسبوعية الأهالي