بينما لا يزال عبدربه منصور هادي، وهو الرئيس السابق، في منزله بالستين الغربي بالعاصمة صنعاء المحاط بآليات وعناصر الحوثي التي تسيطر على بواباته، دخلت البلاد في فراغ دستوري في ظل غياب شرعية مؤسسات الدولة وسقوط البلاد بيد جماعة أنصار الله الحوثيين ونقض الاتفاقات السياسية التي مددت شرعية السلطات: التشريعية، الرئاسية، التنفيذية، المحلية. هادي قدم، الخميس الماضي، استقالته إلى هيئة رئاسة مجلس النواب وأعضاء المجلس، بينما دعا رئيس مجلس النواب اللواء الشيخ يحيى الراعي المجلس لعقد جلسة، الأحد، لمناقشة الاستقالة، فيما فشل إجتماع البرلمان. بينما كنت حكومة الكفاءات برئاسة المهندس خالد بحاح، قدمت استقالتها هي الأخرى، الخميس الماضي، للرئيس هادي قبل ساعات قليلة من استقالته. الحكومة قالت إن استقالتها نهائية ولا رجعة فيها. برلمان بلا شرعية المحامي محمد ناجي علاو، قال إن مجلس النواب لا يملك أي سلطة دستورية كي يحسم مسألة استقالة هادي. مضيفا في حوار "للجزيرة " إن الدستور عُلّق بفعل المبادرة الخليجية. مشيرا أنه كان من الممكن على هادي أن يتوجه باستقالته إلى الشعب الذي فوضه. مبينا أن مجلس النواب وكل المؤسسات الحكومية تشتغل وفق الشرعية التوافقية. استقالات معلقة جماعة الحوثي لم تعلن أية موقف رسمي حول استقالة هادي وحكومته، لكن اللجان الثورية التابعة للجماعة أصدرت بيانا قالت فيه إن استقالتي هادي وحكومته "معلقة" وأنه كان من المفترض أن يقرر هادي قبول استقالة الحكومة من عدمه وفقا للإجراءات الدستورية. وفيما يتعلق باستقالة هادي قالت اللجان إن المادة (115) من الدستور القائم قد أوجبت لقبول استقالة رئيس الجمهورية التصويت على ذلك من مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس "وهذا مالم يحدث حتى الآن مما يجعل استقالة رئيس الجمهورية على فرض ورودها معلقة أيضا. بحسب البيان الذي أضاف: "وبناء على ذلك فان اللجنة الثورية ترجئ بيان موقفها من الاستقالتين إن صح تقديمهما على ضوء ما يستجد من قبول الاستقالتين أو عدم قبولهما وفقا للإجراءات الدستورية". داعية جميع الموظفين في أجهزة الدولة إلى ممارسة أعمالهم "بشكل طبيعي لتفويت الفرصة على كل حاقد ومتربص بالوطن إرضاء لأجندات خارجية أو مصالح شخصية". رئيس بلا شرعية مدة الرئيس هادي انتهت في فبراير 2014م بعد مضي عامين من انتخابه رئيسا توافقيا للبلاد في 21 فبراير 2012م، لكن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني مددت عمره الرئاسي. بعد تمديد فترته الزمنية انتهى مؤتمر الحوار الوطني رسميا في (25 يناير 2014م). منحت وثيقة الحوار هادي تمديداً لا نهائياً (يبدأ من تاريخ 21 فبراير 2014م) إلى حين انتخاب رئيس جديد بموجب الدستور الجديد. قالت إن «رئيس الجمهورية اليمنية المنتخب يستمد شرعيته من قبل الشعب اليمني الذي ذهب إلى صناديق الاقتراع بإقبال كبير لانتخابه رئيسا لليمن الجديد.. بناء على المبادرة الخليجية فإن ولاية الرئيس تنتهي بتنصيب الرئيس المنتخب وفقا للدستور الجديد». الوثيقة أعطت لهادي صلاحيات إضافية خارج حالة التوافق للتغيير في الحكومة والأجهزة التنفيذية الأخرى على المستوى المركزي والمحافظات. هذا التمديد جاء بهدف استكمال مهام المرحلة الانتقالية، على اعتبار أنها مرحلة مهام ومن الضروري بقاء الرئيس لاستكمال تلك المهام وأن مدة الرئيس تنتهي بانتهاء تلك المهام. صفقة التمديد قضت بتوسيع مجلس الشورى بما يضمن تمثيل جميع المكونات والفعاليات السياسية والاجتماعية المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني بنفس نسب التمثيل في مؤتمر الحوار بما فيها الشباب والمرأة والمجتمع المدني، مع ضمان تمثيل الجنوب بنسبة 50%. بالعودة إلى أرشيف السنوات الماضية يلاحظ أن تاريخ التمديد في مختلف المؤسسات طرح بقوة واثأر إشكال بين المكونات السياسية منذ مرحلة ما بعد 2006م لكن التمديد لفترة رئاسة الجمهورية كان الأبرز ويتصدر القضايا التي كانت محل خلاف بين المكونات السياسية. سلسلة التمديدات التي شهدتها المؤسسة الرئاسية خلال السنوات الماضية بدأت منذ محاولة الرئيس السابق علي صالح في ديسمبر 2010 إجراء تعديل دستوري يجيز له الترشح لفترة رئاسية جديدة رغم ترشحه حتى تلك اللحظة فترتين من 99م إلى 2006 ومنها إلى 2010 وبموجب الدستور لا يحق له الترشح بعد أكثر من فترتين فلجأ إلى إجراء تعديل دستوري لإضافة فترة جديدة وفرصة للتمديد لكن تلك المحاولات أثارت القوى السياسية وأعلنت رفضها وهو ما دفع بالقيادي المؤتمري سلطان البركاني شديد التعصب لصالح إلى الخروج بتصريحات في اطار الرد على رفض المشترك التعديل الدستوري الذي يهدف للتمديد لصالح وأعلنها البركاني صراحة على شاشة تلفزيون السعيدة في ديسمبر 2010م قبل اندلاع الثورة بشهر واحد بان المؤتمر يسعى إلى "قلع العداد". وكان إعلانه آنذاك تعبيرا لما كان ينوي المؤتمر اتخاذه من تعديل دستوري لبقاء صالح في الرئاسة إلى الأبد. برلمان بلا شرعية يعد البرلمان الحالي (11 عاما) هو الأطول في تاريخ البرلمانات، سبق وتم التمديد له 3 مرات متتابعة. فالمجلس الذي انتخب في ابريل 2003، مدد له عامين فوق الأربع في 27 ابريل 2007، التمديد الآخر تم بناء على "اتفاق فبراير 2009" سنتين أيضا، وبناء على ذلك انتهت مدة المجلس في ابريل 2011، لكن الثورة الشعبية حالت دون الانتخابات، منحت المبادرة الخليجية (فبراير 2012-2014) المجلس سنتين إضافية، لكن التمديد ظل ولا يزال مفتوحا. مجالس محلية بلا شرعية منذ 2013م ضمن سلسلة التمديدات التي نالت مؤسسات الدولة، كان نظام صالح قد مدد للمجالس المحلية في 2009م. المجالس المحلية المنتخبة في سبتمبر 2006م لفترة قانونية ثلاث سنوات انتهت قبل شهر سبتمبر 2009م، وتم التمديد لها أربع سنوات، وأصبحت في سبتمبر 2013م منتهية الشرعية. لكنها لا تزال تمارس مهامها حتى اليوم. ولعبت هذه المجالس مؤخرا دورا كبيرا في مساعدة جماعة الحوثيين على خلع المحافظين المعينين بقرارات جمهورية تنصيب محافظين موالين للجماعة في المحافظات التي تحت سيطرة الجماعة. حدث ذلك في محافظات: عمران، صنعاء، الحديدة. من "الوفاق" إلى "الشراكة" مؤسسة الرئاسة والسلطة التشريعية والسلطة المحلية كانت خلال ما بعد 2011م تستمد شرعيتها من حالة التوافق وفق المرحلة الانتقالية المبنية على المبادرة الخليجية والاتفاقات السياسية. لكن اتفاق السلم والشراكة الموقع بين الأطراف السياسية في 21 سبتمبر الماضي بالتزامن مع سقوط العاصمة ومحافظات أخرى بيد الحوثي أفضى إلى شرعية جديدة ومعها مرحلة جديدة من التمديدات خارج الشرعية الشعبية لتستمر معها مؤسسات الدولة في العمل بلا شرعية دستورية.