الساعة الثانية إلا ربع الخميس الماضي أتمت العملية العسكرية المسماة "عاصفة الحزم" في اليمن أسبوعها الأول، كانت خلالها محافظة صعدة (معقل الحوثيين) الأكثر استقبالاً لغارات طائرات التحالف، فيما أصبحت محافظة عدن الذي فر إليها الرئيس هادي في 21 فبراير الماضي وأعلنها عاصمة "مؤقتة"، في مرمى استهداف الموالين للرئيس السابق علي صالح وجماعة الحوثي. أكملت عملية "عاصفة الحزم" العسكرية يومها السابع بعد انطلاقها فجر الخميس 26 مارس الماضي، بغارات شنتها طائرات تحالف، تقوده السعودية، مستهدفة مواقع عسكرية وقوات موالية لحلف آخر هو حلف صالح ومليشيا الحوثي. وفي حين تقول السعودية قائد التحالف العشري (السعودية، البحرين، قطر، الكويت، الإمارات، المغرب، السودان، الأردن، مصر، باكستان. إن العملية تأتي استجابة لدعوة "هادي" للتدخل عسكرياً ل"حماية اليمن وشعبه من عدوان المليشيات الحوثية"، تصر جماعة "الحوثي" عبر إعلامها على اعتبار العملية "عدواناً سعودياً أمريكياً". تحالف "عاصفة الحزم"، ومنذ إعلانه، وجد دعماً سياسياً إقليمياً ودولياً، كان الأبرز فيه إعلان البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أمر بتقديم دعم لوجستي واستخباراتي للتحالف، في مقابل أصوات، أبرزها إيران، دعت لضرورة العودة إلى الحوار بين الأطراف اليمنية ووقف العملية العسكرية. ميدانياً؛ وعلى الرغم من ظهور العميد أحمد عسيري المتحدث باسم "عاصفة الحزم" في موجز صحفي يومي، لم يخرج إلى العلن إحصاء رسمي لعدد القتلى والمصابين خلال العملية، أو إجمالي لحجم الخسائر في المعدات على الجانبين، على الرغم من تأكيدات عسيري اليومية بتحقيق العملية لأهدافها المجدولة،بينما تظل جماعة الحوثي تبث الشائعات حول خسائر في صفوف المدنيين وإسقاط لطائرة "معادية"، وتماسك في صفوف قواته أحاديث اعتبرها التحالف "حرباً نفسية"، معلناً أن "الآلة الإعلامية الحوثية" هدف لضرباته. ومن الصعب ميدانياً إحصاء أعداد القتلى والمصابين والخسائر المادية، في ظل تواصل العملية العسكرية، لكن "الأناضول" رصدت ما يمكن اعتباره أبرز المشاهد في "عاصفة الحزم" بعد مرور أسبوع على انطلاقها: عدم ظهور طائرات الجيش اليمني الذي يسيطر الحوثيون والموالون لصالح على أكثر من 70 بالمئة منه، بحسب مراقبين، في سماء العمليات؛ يدعو لقبول ما يقوله التحالف بأنه نجح في شل القوة الجوية التي كانت في يد تحالف (الحوثي-صالح)، والتي استخدمها الأخير في 19 مارس/ آذار الماضي، في قصف القصر الرئاسي في محافظة عدن، الذي كان يقيم به الرئيس هادي قبل لجوئه إلى السعودية. ضربات التحالف ركزت خلال الأيام الأولى على العاصمة صنعاء، التي تتركز فيها أبرز قوة عسكرية للحوثيين والنظام السابق، ولكنها خلال اليومين الأخيرين من أسبوعها الأول تركزت وبشدة على معقل الحوثيين، في صعدة (شمال)، مع استمرارها، وبشكل متقطع، على المحافظات الغربية والوسطى التي اجتاحها تحالف (صالح - الحوثي) ونقلوا إليها أسلحة ومعدات ثقيلة. العاصمة صنعاء، نالت كذلك على مدار الأسبوع أيضاً نصيباً من غارات التحالف التي استهدف بعض منها "دار الرئاسة" الذي سيطر عليه الحوثيون في 18 يناير الماضي، وما يتبعها من مخازن أسلحة، وغارات استهدفت معسكر ألوية الصواريخ في "فج عطان" وسط العاصمة، وقاعدة "الديلمي" الجوية العسكرية. تركيز الضربات الجوية العنيفة من قبل طيران التحالف على صعدة، مؤخراً، بدا أنه يستهدف شل حركة الحوثيين على الحدود اليمنية السعودية بدرجة رئيسية، وهو ما أكدته تصريحات عسيري اليومية باستهداف تجمعات للحوثيين هناك وشمل القصف بلدتي " كتاف" و"رازح" الحدوديتين مع نجران السعودية، بالإضافة إلى غارات مماثلة على وسط المدينة استهدفت معسكرات ومخازن أسلحة تابعة للحوثيين، ومعسكر "الصيفي" ومطار صعدة، وموقع "الشرفة" بمديرية مران. في مأرب، شرقي البلاد، استهدف طيران التحالف كتيبة للدفاع الجوي بالقرب من حقل "صافر" النفطي، بغارتين جويتين، ولم يتوقف سماع دوي المضادات الأرضية في المنطقة خلال الغارات. في الجنوب، ساند طيران عاصفة الحزم لجان المقاومة الشعبية الموالية للرئيس هادي في محافظات الضالع وشبوةوعدن، وتحدث مصدر أمني وشهود عيان، عن انهيار اللواء "33 مدرع" بمدينة الضالع، بعد غارات "عاصفة الحزم" على عدة مواقع له، وقد تكمن قائده اللواء العميد عبد الله ضبعان، من الفرار إلى جهة مجهولة. وعطلت الغارات على شبوة تقدم القوات الموالية لصالح والحوثيين باتجاه بلدة "بيحان". عدن، هي حالة خاصة بين محافظات الجنوب؛ ففيها قوة من الموالين للرئيس هادي والمعروفة باللجان الشعبية، وهي أيضاً "عاصمة هادي المؤقتة" التي أعلنها بعد نجاحه في الفرار من قبضة الحوثيين في صنعاء في 21 فبراير/ شباط الماضي، قبل أن يغادرها إلى الرياض، الخميس الماضي، ويرى مراقبون أن هذه المحافظة ستكون قلب المعركة القادمة بين طيران التحالف والحوثيين. خلال اليوم السابع ل"عاصفة الحزم" ومع دخولها اليوم الثامن، لا تزال عدن تشتعل بمعارك بين اللجان الشعبية الموالية لهادي من جانب، والحوثيين والعسكريين الموالين لصالح من جانب آخر، اتسعت لتشمل أغلب أرجاء المحافظة، ومنها مديريات "دار سعد" و"المنصورة" و"خور مكسر"، وسط أنباء عن سقوط عشرات القتلى والمصابين من الجانبين، ويتهم التحالف الحوثيين بالاحتماء بوسط الأحياء السكنية. وتعيش محافظة عدن، منذ أكثر من أسبوع، أوضاعاً إنسانية صعبة؛ بسبب "قتال الشوارع " الدائر فيها، الذي أجبر الناس على ما يشبه الإقامة الجبرية في منازلهم، واكتظت المستشفيات بالمصابين من جراء المعارك. في وقت أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود"، الأربعاء، في بيان لها أن عدد الجرحى الذين استقبلتهم منذ 19 مارس/ آذار وصل إلى أكثر من 550 شخصاً. مع تمام اليوم السابع ل"عاصفة الحزم" دخل تنظيم القاعدة على خط المواجهات، ولكن من نافذة الانفلات الأمني الذي بلغ مداه، حيث أفاد شهود عيان بمدينة المكلا بمحافظة حضرموت، شرقي البلاد، أن مسلحين، يعتقد انتماؤهم لتنظيم القاعدة، هاجموا فجر الخميس، القصر الرئاسي، والبنك المركزي، إضافة إلى مبنى السجن المركزي بالمدينة، وسط سماع لدوي انفجارات وإطلاق نار كثيف، وإطلاق المسلحين سراح سجناء يعتقد انتماؤهم لتنظيم القاعدة.
وفي حصاد أسبوع من العملية العسكرية، لم يعلن التسعة المتحالفون مع السعودية طبيعة مشاركتهم، وما العمليات التي نفذتها قواتهم، وسط ما يمكن وصفه بالغموض حول طبيعة التحالف؛ بين من يرى أنه يأتي في إطار اتفاقية الدفاع العربي المشترك، الصادرة عن جامعة الدول العربية باعتبار أن اليمن عضو فيها، ومن يضيف إليه بعداً أكبر بوصفه ب"تحالف عربي إسلامي"، بالأخذ في الاعتبار مشاركة باكستان. لم يعلن حتى الساعة عن عملية برية، يراها مراقبون تلوح في الأفق ضمن "عاصفة الحزم"، ويحذر آخرون من خطورتها، ولا تخلو المواجز الصحفية للمتحدث باسم "العاصفة" من الإشارة إليها، ومنها ما ذكره، الثلاثاء الماضي، بأن "القوات البرية السعودية جاهزة ومدربة، وسوف تقوم بدورها في الوقت المناسب".