إرجاء محادثات جنيف2 إلى منتصف يناير القادم، هو فشل واضح للمفاوضات، وإن أبقوا على شعرة معاوية لجولة أخرى. السبب الرئيسي لفشلها هو انهيار سقف وفد المتمردين، بعد الانتصارات المدوية للشرعية بالقرب من العاصمة. هذا التطور الميداني أحدث إرباكا واضحا في صفوف المتمردين، وأظهر تبايناتهم على السطح. ومع ذلك حاول المتمردون اللعب على وتر (حصار تعز)، حيث أنكروه تارةً، وعلقوا معظم الملفات العالقة عليه تارة أخرى. فقد ربطوا إدخال المساعدات للأجزاء المحاصرة، بفك الحضر الجوي والبحري الذي تفرضه قوات التحالف، مع إيقاف غارات الطيران، وتطبيع الأوضاع. هذه المطالب الحوثية، مقابل إدخال المساعدات للمحاصرين في تعز، تشمل أبرز النقاط السبع التي يطرحها الحوثيون للتهرب من قرارات مجلس الأمن. انهيار المحادثات جاء بعد انهيار للمليشيات على الأرض في جبهات متعددة على تخوم العاصمة. فقد انعكست المعطيات الجديدة على الأرض فجأة، على موازين القوة الدبلوماسية في جنيف، وأحدثت إرباك واضح في أجندات المتمردين. هذا الإرباك بدى واضحا من خلال الانفعالات التي أبدوها على طاولة المفاوضات، والاستعانة بفريق استخباراتي من الحرس الثوري وحزب الله لطلب استشارات فورية. لم تقتصر فوائد جنيف على التقدم الكبير على الأرض وحسب، بل عرّت حقائق كثيرة كانت تزايد عليها المليشيات. فقد أثبت المتمردون (أدعياء الوطنية) أنهم مجرد "شُقاة" وأذرع قذرة لإيران وحزب الله، بتلقي الأوامر بشكل سافر من موفد استخباراتي متكامل، رغم الإعلان أن المحادثات سرية. يقود هذ الوفد "أبو مصطفى" ويعد أرفع مسؤول استخباراتي إيراني زار اليمن بعد سقوط العاصمة بيد المليشيات. (هناك معلومات هائلة حول هوية أبو مصطفى، سأنشرها لاحقا). فائدة أخرى تمثلت في كشف التضليل الذي تمارسه المليشيات فيما يتعلق بضحايا حربهم العبثية في تعز. ففي حين ادعوا أنها ليست سوى فبركات إعلامية، تم إثباتها بالوثائق من قبل فريق الأممالمتحدة، التي استقوها من مصادرهم الخاصة، بعيدا عن إعلام الطرفين. أما تظلمهم بالحصار والحضر الذي تمارسه قوات التحالف، فقد أخبروهم أن من يحاصر هي تعز، أما اليمن أجمع، فالحضر يختص بتهريب السلاح فقط، والدليل السفن التي ترسو على موانئ اليمن. سأخبركم معلومة كذلك: هل تعلمون أن إيرادات القمح التي دخلت اليمن في 2015 أكثر من تلك التي دخلت في العام الماضي؟! ابحثوا على النت يا متخصصي الإعلام الاقتصادي، وسترون! طبعا هذا على خلاف المعونات الهائلة، التي باعها الحوثيون في الأسواق على مرأى المواطن اليمني على الأقل. خلاصة القول، قبل محادثات جنيف، كانت نقاط المتمردين (7)، وتحولت في آخر جلسة اليوم إلى (15)، ولن يأتي يناير-موعد لمفاوضات قادمة- إلا وقد تضاعفت إلى (30) ربما، بضربها في 2. هذا يعتمد على استمرار وتيرة تقدم المقاومة والجيش الوطني على الأرض، على حساب المليشيات. ملاحظة: لا تخيفكم من تكاثر عدد النقاط. كثرة النقاط يعني تفكك وانقسام في مضامينها الجامدة، والذي يعني بالضرورة خفض السقف، والغوص في التفاصيل.. والشيطان يكمن في التفاصيل.