قد يتبادر إلى ذهنك أيها القارئ الكريم أن حديثنا سيكون عن نبي الله إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام , ذلك أني عنونت لمقالي بجزء آيةٍ وردت في معرض الكلام عنه عليه السلام, ذلك الموضوع الذي دار جدله بين بني إسرائل يهوداَ ونصارى بين مؤكدٍ أن نبيَ اللهِ إبراهيمَ كان يهودياَ وآخر أنه قطعاَ كان نصرانياَ فقال الله تعالى في آل عمران(( ما كان إبراهيم يهودياَ ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين)). غير أن الحوار مع هذه الملل لم ينقطع فجاء حوار الدليل والبرهان.. حوار العقل والمنطق في الآية 65 من آل عمران(( يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أُنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون)) .. أين عقولكم أيها القوم, وابراهيمُ عليه السلام كان قبلكم.. قبل مسميات مللكم ونحلكم.. وما كنتم إلا من بعده.. أفلا تعقلون. وقد جاء هذا التقرير وغيره من تقريرات انحراف بني اسرائيلَ يهوداً ونصارى فكراً ومنهجاً وسلوكاً في أكثرَ من موضوعٍ... والسؤال الذي نحتاج معه إلى تأملٍ : هل نحن بحاجة إلى كل هذه التقريرات عن هذه الأمة التي سادت ثم بادت منهجاً وفكراً.. يأتي جواب ذلك فيما حَد�'ث به أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فيما أخرج البخاري ومسلم رحمهما الله في صحيحيهما: لتتبعن سَنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة( في رواية شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراعٍ) حتى لو دخلوا جُحر ضبٍ لدخلتموه...( وفي رواية قالوا يا رسول الله: اليهود والنصارى... فقال: فمن). يا الله ألهذا الحد يكون اتباعنا لليهود والنصارى.. وقد تتبعت كثيرا من الشروح التي كانت حول هذا الحديث فوجدتها تدور حول قضايا سلوكيةٍ عمليةٍ.. فأين انحرافات التصور والفكر والمنهج. أين نقاط التماس في تبعبتنا إياهم في منهجية التفكير والتقرير والتي كانت قاصمةَ ظهرِ تلكم الأمة. إلى هذا الحد والكلام في ظاهره مفهومٌ معلومٌ لكل أحد.. غير أن غير المُدرك من وجهة نظري هو ما يمكن أن يشخيص ما نعيشه وتعيشه أمتنا الإسلامية منذ 1400 سنة من ضياع الهوية وتقلبات المناهج .. وكلاً يد�'عي وصلاً بليلى وليلى لا تُقر لهم بذك. أقولها وألخصها بهذه التساؤلات: هل كان محمدٌ صلى الله عليه وسلمَ شيعياً( بمفهوم شيعة اليوم)... هل كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم سنياً( بمفهوم سنة اليوم).. هل كان.. شافعياً..زيدياً.. مالكياً .. هادوياً.. حنبلياً.. حنفياً.. صوفياً..... والقائمة تطول في هذا الباب. هل كان شيئاً من ذلك.. فإن قال قائل: لا بل كان سنياً.. يأتي آخر ويقول : لا بل كان شيعياً.. وثالثٌ ورابع.. فأقول : على رسلكم.. ما أصبتم الحق و ابتعدتم عن الطريق. (( هو سماكم المسلمين من قبل)).. وما جاءت كل هذه التسميات و التي يتلاقب ويتنابز بها القوم وتذكرون منها الكثير إلا بعد عهده صلى الله عليه وسلم بل وبعد القرن الأول والثاني المشهود لهم بالخيرية .. إذاً فمسميات السنة والشيعة وووو... بعد ذلك جاءت. أفلا تعقلون... في حقيقة وجوهر الموضوع أننا مسلمون نقترب أو نبتعد عن الهدي القويم قليلاً أو كثيراً . إلا أن كل ذلك تحت مسمى( مسلمين). إذاً وكما تدركون الآن أن محمداً صلى الله عليه وسلم(( كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين)). يقول قائل: يا صالح.. فما تريد؟؟ هل تعني بقولك هذا أن التحول في المسمى وعوده إلى أصله قد يُنهي الخلاف؟؟ فأقول: قطعاً وبهذه البساطة لن ينهي الخلاف.. لكنه وبإيمانٍ جازمٍ لدي سيؤسس لأرضٍ طيبةٍ صالحةٍ تجعل من الجميع يراجعون ويقررون ترك مجموعة خنادقَ تخندقوا وراءها لقرون ٍ ما أنزل الله بها من سلطانٍ فيتحقق بذلك شرط التوحد الأساس: الأرض المشتركة... مشروع ( أنا مسلمٌ وكفى). فكيف نتفهم ونتقارب بخلافاتنا... من خلاف العود إلى المنبع الصافي ,كتاب الله أولاً وما صح وصفي من حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله ثانيًا. وإن كان في كتاب الله ما يجمع لكل الأصول ولا ريب (( ما فرطنا في الكتاب من شيء)).. دعونا من أسماءَ وألقابَ ما أنزل الله بها من سلطان,و ما وُجدت في اصلها إلا سياسياً ومناطقياً و فئوياً ولنعد لما سمانا الله ورسوله به... المسلمون.. (( هذا بيانٌ للناس وليُنذروا به وليعلموا أنما هو إلهٌ واحدٌ وليتذكر أولوا الألباب)).