رغم ما يحل بهم من ألم جراء الجرائم والمذابح التي ترتكب من قبل نظام الأسد لا يزال السوريين يرددون: "ليست الشام ابنة التاريخ وحسب، بل هي أم المستقبل كذلك وما بينهما مخاض عسير لا يحمله إلا عظيم كقاسيون، وأصيل كالأموي. وهناك الكثير من الأنباء المبشرة في الشام.. وهناك يقين واحد: التاريخ انتفض هناك، وإذا انتفض فلن يعود"..! لو أن القاتل رآها مرة، وهي تداعب الفراشة. لو رآها تلبس فستاناً جديدا، وتنظر إلى نفسها في المرآة، وتغتر: أنا أحلى بنت بالعالم. لو رآها تبتسم للصباح وتغيظه: يا صباح، أنا أشرق منك، أنت تشرق من أجلي!! لو رآها تشاهد فلما كرتونيا، وتبكي لحظة يموت البطل، وتستنجد بالأميرة أن تنقذه. لو رآها تلعب لعبة سندريلا، وتنسى كندرتها وتطير، لو رآها وهي ترتجف قبل نومها من الحكاية المخيفة. لو قرأ ما كتبت في دفترها: أنا بحب وطني، وهو بحبني كتير، وبكره الوحوش. إنها الطفلة السورية "شهد" التي ذبحت بالسكين على أيدي عصابات الأسد وإلى جوارها أمها وإخوانها الخمسة بعد اختطافهم أثناء عودتها من الغاب إلى حماة قبل يومين من حدوث المذبحة ليتم العثور عليهم في مصياف وقد قضوا ذبحا بالسكاكين والأسماء كما نشرتها وسائل الإعلام هي: الأم فدوى الشدة، الأبناء: فاروق عريب السليم، يحيى عريب السليم، شهد عريب السليم، يعقوب عريب السليم، عمره أربع شهور وجثته ما تزال مفقودة حتى الآن، نتانيا عريب السليم 9 سنوات. وطفل صغير عمره أربعة أشهر تم العثور عليه وقد فصل رأسه عن جسده بعد أن ذبح بالسكين. إلى جوار هذه العائلة سقط أكثر من 100 شهيد في مذبحة بمدينة الحولة محافظة حمص بينهم 32 طفلاً، مذبحة ارتكبت تحت سمع وبصر المراقبين الدوليين العاملين في سوريا، ولم تلق سوى الشجب. يقول الصحفي عبدالعظيم الشيخ الذي يغطى أخبار أحداث الثورة في سوريا: "فقد كان وقع المذابح من مجزرة سربرنيتشيا التي شهدتها البوسنة والهرسك عام 1995 إلى مأساة ماي لاي التي لقي فيها ما بين ثلاثمائة إلى خمسمائة قروي مصرعهم على يد الجنود الأميركيين إبان حرب فيتنام عام 1968 إلى مذبحة الحولة السورية، من الفظاعة بحيث تعذر على الناس حينها تصديقها في بادئ الأمر. لكن ما إن ينقشع الضباب عن الأحداث وتنجلي الحقيقة حتى تبدو الوقائع في كثير من الأحيان أسوأ مما كان يُتصور. فكيف وصلت الأمور في سوريا إلى حد أن يجرؤ طرف من أطراف الصراع هناك على حز�' أعناق أطفال أبرياء على نحو ما جرى في بلدة الحولة القريبة من حمص الجمعة الماضية، حيث قُتل 114 شخصا بينهم 32 طفلا؟ يرى بعض المراقبين أن مذبحة الحولة تمثل منعطفا في الثورة السورية التي نفذت وكأن المجتمع الدولي يدير لها ظهره. وقالت رابطة الكتاب السوريين إن صمت المجتمع الدولي عن ما يحدث في سوريا منذ 15 شهرا، يعد نوعا من المشاركة في المسؤولية عن ما يرتكبه النظام السوري من جرائم آخرها وقوع عشرات الضحايا يوم الجمعة في مدينة الحولة. وأشارت الرابطة في بيانها إلى أن هذه المذبحة المروعة تعد عملا وحشيا، وتساءلت عن ما يفعله المراقبون الأمميون في سوريا إن لم يكن وجودهم هناك حائلا دون أن يقتل الشعب السوري؟ ورفض البيان ما سماه المساواة بين القاتل والضحية، مشددا على أن الشعب السوري بعد أن قدم ألوف القتلى والجرحى والمعتقلين والمفقودين واللاجئين داخل سوريا وخارجها، لن يستسلم. ويتساءل السوريين بألم: ماذا ترك هذا العالم للحوار المزعوم في سوريا؟ فليسأل عن الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب الذين قتلوا بوحشية لم يعرف التاريخ لها مثيلا؟ هل يقبل ذوو هؤلاء الحوار وهل يمكن للفتيات اللاتي انتهكت أعراضهن أن يقبلن بهذا الحوار؟ وهل يمكن أن يقبل هذا الشعب المظلوم بغير محاكمة هذا النظام وأعوانه وكل من شارك في ذبح هذا الشعب؟ بيد أن الأسد لم يرتو بعد من دماء السوريين ليخرج بعد المذبحة قائلاً: قادرون على الخروج من الأزمة!! الصورة لشهداء مذبحة الحولة محافظة حمص سوريا..