يعاقب محمد حسني السيد مبارك بالسجن المؤبد.. وقف رئيس أكبر دولة عربية وهو يسمع منطوق الحكم واجماً.. هم يقولوا إيه؟ حتى هذه الجملة عجز عنها، لقد بدا في غاية الضعف.. واختزلت هذه اللحظة كل مكان وزمان الرئيس حسني مبارك، فلا شيء غير السجن.. لم يكن هناك شباب ولا طموح ولا تدرج مناصب ولا نجاح ولا رئيس الجمهورية، أي رئيس أي بطيخ؟ لاشيء غير السجن والمؤبد وصور الشهداء والمظلومين. أخذت السيارة السجين حسني مبارك ليدخلوه سجن طره وهو السجن الذي رمى فيه بأبرياء كثر بعضهم مات من التعذيب والضرب المبرح، رفض الرئيس دخول السجن وكم مرة دخله زائراً بكل خيلاء... أجهش بالبكاء.. الزعيم يبكي فزعاً !!فهو يخاف جداً من السجن. لم يستطع أن يكون شجاعاً مثل المئات من المظلومين والناس العاديين الذين قضوا حياتهم فيه.. اخبروه أنه بيدخل يعني بيدخل.. فأصيب بأزمة قلبية ربما يذهب فيها.. هذه اللحظة هي كل حياة حسني مبارك فلا بطل حرب ولا سلام يستجدي الحرية فلا يجدها.. هنا يعرف المستبدون كم هي الحرية عزيزة، قال وهو يبكي: أنا خدمت البلد ده كثير.. هنا تكمن مشكلة المفاهيم، هل فعلاً خدم البلاد أم خدم نفسه وأسرته وسخر كل شيء فيها لتأسيس مملكة حسني وسوزان؟. المشكلة عند الطغاة أن الوطن وذاتهم يختلطان ويصبح الوطن هو الزعيم والزعيم هو الوطن ومن ثم يجري التعامل مع الشعب وسحقه.. من لا يخدم الزعيم فهو خائن للوطن يروح في ستين سجن طره ؟ ... لو أنه شاهد حالته الراهنة عندما صعد للرئاسة لرفضها فوراً بل ربما سلك مسلكاً حميداً يغير من هذه النهاية التي صنعها ..كان سيكون أكثر زهداً وعطاءً دون تشبث.. ربما تفتقت عبقريته الزاهدة بمشروع تأسيس دولة ديمقراطية ونظام اقتصادي واجتهد لبناء الدولة والاقتصاد بدلاً عن مطاردة الكوادر وقمع الحريات وتقزيم البلاد من أجل خاطر سوزان وتوريث جمال.. كان سيخرج عظيماً ومصر أعظم. عند ما بدأت نهضة اليابان كانت مصر أكبر منها سياسياً واقتصادياً وبسبب الحكم العسكري اليابان اليوم فين ومصر فين.. لو أنه استشعر حقيقة الهيلمان لسار كما سار مهاتير محمد في ماليزيا حيث صعد إلى الحكم بعد حسني ومعمر والقذافي وصالح وغادر الحكم قبلهم مرفوع الرأس بعد عمل جاد ترك فيها ماليزيا كبيرة ومضى هو كبيراً وزعيماً للعالم كله مش لعبده الجندي .. الفرق بينه وبينهم أنه اعتبر الرئاسة مغرماً لا مغنماً قولاً وفعلاً بينما حسني وأصحابه العرب جعلوها شطارة.. نسوا الشعب والبلد واشتغلوا بتركيع الشعب لصغارهم وأسرهم.... ليخرجوا صغاراً وبلدانهم من أفشل البلدان وأفقرها.