حذر خبراء في السياسة الخارجية الأميركية الرئيس باراك اوباما من إن سياسته المتبعة في اليمن والتي تقوم على شن غارات من طائرات بدون طيار ضد أهداف إرهابية لا يمكن الاستمرار بها وقد تضر بأمن الولاياتالمتحدة على المدى الطويل. وفي رسالة مثيرة للجدل حول سياسة الولاياتالمتحدة في اليمن ضمن حملتها ضد تنظيم القاعدة، قال خبراء الأربعاء إن اليمنيين يعتبرون إن الولاياتالمتحدة مهتمة فقط بشن عمليات شرسة ضد الإرهاب. إلا إن الإدارة الأميركية ردت بأنها أعلنت مؤخرا زيادة بقيمة مليوني دولار في المساعدات إلى اليمن، وشدد على إن المقاربة "متوازنة". وجاء في الرسالة التي وقعها 27 خبيرا برعاية مجلس الاطلسي والمشروع من اجل الديمقراطية في الشرق الأوسط "براينا إن الإستراتيجية الأميركية الحالية تهدد أهدافنا للأمن القومي على المدى الطويل". وأضاف الخبراء إن إستراتيجية تركز على الشؤون الاقتصادية والسياسية ستخدم الاستقرار في اليمن والمصالح الأميركية "أفضل من التركيز بشكل كبير على جهود مكافحة الإرهاب والتدخل العسكري المباشر". وتابعوا "إننا نتقبل إن تتخذ الولاياتالمتحدة إجراءات ضد الذين يخططون لاعتداءات ضد مواطنيها عند توفر معلومات استخباراتية مسبقة ومحددة". وأضافوا "إلا إن القضاء على أعضاء في مجموعات ناشطة من خلال غارات محددة الأهداف ليس حلا قابلا للاستمرار ولا يعالج الأسباب التي جعلت هذه القوى تجد أرضا خصبة في اليمن". ولعبت واشنطن دورا أساسيا في العملية الانتقالية التي تنحى بموجبها الرئيس اليمن السابق علي عبد الله صالح وتولى السلطة نائبه عبد ربه منصور هادي. وكان اليمن معقل تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، مكان انطلاق عدة مخططات تم إحباطها ضد أهداف أميركية من بينها محاولة لإسقاط طائرة أميركية فوق ديترويت يوم عيد الميلاد في العام 2009. وصرح وزير خارجية اليمن أبو بكر القربي لوكالة فرانس برس في دبي أن حكومة صنعاء طلبت في بعض الحالات استهداف قادة من القاعدة بضربات الطائرات بدون طيار. وكان اوباما أعرب خلال قمة للحلف الأطلسي في شيكاغو في ايار/مايو الماضي عن "قلقه" إزاء القاعدة في اليمن بعد تفجير انتحاري لأحد عناصرها أدى إلى مقتل مئة جندي يمني. إلا إن الخبراء دعوا اوباما إلى الانتقال من "تركيز محدود" على مكافحة الإرهاب إلى إعطاء الاولوية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وكتب الخبراء في الرسالة "لا بد أن يعلم الشعب اليمني إن بلاده تعني أكثر من مجرد ساحة حرب بديلة". ولكن معاوني اوباما شددوا على إن الإستراتيجية الحالية والتي ركزت عليها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون خلال زيارة إلى صنعاء العام الماضي، واسعة الأفق ومتوازنة. وشددت أيرن بيلتون المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي على إن الإدارة تواجه تحديات اقتصادية وإنسانية وأمنية "خطيرة". وقالت بيلتون "لقد دعمنا المرحلة الانتقالية في اليمن على الرغم من التحذيرات بان القيام بذلك سيزعزع التعاون ضد الإرهاب". وأضافت "لقد شجعنا ودعمنا الإصلاحات الاقتصادية في اليمن والتي ستضع البلاد على طريق أفضل". وتابعت "لقد كنا في مقدمة الجهود من اجل المساعدة على الإصلاح في اليمن وإعادة هيكلة الجيش كما زدنا مساعدتنا الإنسانية والاقتصادية بشكل ملحوظ هذا العام". ومن المقرر أن تقدم الولاياتالمتحدة مساعدة بقيمة 170 مليون دولار هذا العام إلى اليمن في زيادة واضحة عن تلك التي قدمتها العام الماضي وبلغت 106 ملايين دولار. أما راجيف شاه المسؤول في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو اس ايد" فقال خلال زيارة الى زنجبار (جنوب) حيث استعادت القوات الحكومية مؤخرا السيطرة على معاقل للقاعدة ان 52 مليون دولار من هذه المساعدة ستخصص لمشاريع إنسانية سريعة. ويقول المسؤولون إن المساعدة لن تعطي ثمارا ما لم يتم طرد الناشطين أولا ضمن سياسة "واضحة تقوم على التنظيف والسيطرة ومن ثم البناء". إلا أنهم اقروا ضمنا إن هناك شعورا لدى اليمنيين بان الولاياتالمتحدة تعطي الاولولية لمكافحة الإرهاب. كما اقروا بان الظروف في اليمن معقدة وغير مستقرة إلى حد انه من الصعب جدا التوصل إلى توازن سليم بسبب الأحداث غير المتوقعة. ويشكل اليمن منذ زمن مصدر قلق امني للولايات المتحدة حتى قبل الهجوم الانتحاري للقاعدة في تشرين الأول/أكتوبر 2000 ضد المدمرة الأميركية "يو اس اس كول" في مرفأ عدن مما أدى إلى مقتل 17 عسكريا أميركيا. والعام الماضي، قتلت غارة جوية أميركية الإمام المتشدد الأميركي الأصل أنور العولقي والمرتبط بتنظيم القاعدة، والذي تشتبه واشنطن في وقوفه وراء التخطيط للعديد من الاعتداءات ضد الولاياتالمتحدة.