الكثير من الناس تجدهم في حالة بحث دائمة عنك، لكي تتقبلهم، بل تجدهم شركاء معك في عملية التغيير والبناء، وهؤلاء هم من ينتصر لهم النصر، ولكن هناك أشخاص تجدهم انقيا في نضالهم "الميداني" وإن هم يفتقدوا لحالة الوعي أحيانا، فأصبح لا يهمهم أن تقبلتهم أم لا .. يصطنعون فرضيات وهمية بداخلهم و يتمترسون خلف تعنتهم حتى لو أدركوا أنهم على خطأ . هؤلاء يجب أن نتقبلهم كأجساد يحق لها الحياة، وحينها ستُخضع أرواحهم وعقولهم لقوة قيمة التعايش وتقبل الأخر، بل أنهم سيتقبلوا هذه القيمة ويتقبلوك حتماً بدل أن تتقبلهم. كم سيكون جميل لو أدرك الإنسان لحجم النضال والتضحية التي قدمها في سبيل إيجاد دولة لكل اليمنيين، بعيداً عن إنتمائاتهم الحزبية والفكرية والقبلية، وبغض الطرف عن أرائهم، وكم سيكون أجمل لو أيقن الجميع أن تقبل الآخر لا يعني أبداً الاعتراف بصوابية وقبول ما يقوله من أفكار، وتقبل الأخر لا يعني أبداً أن نؤمن ونستسلم لما يحمله، فتقبل الأخر يعد خطوة أساسية نحو بناء دولة المواطنة والقانون، من خلال تغيير هادئ ومدروس لما لدى الأخر من أفكار قد تراها أنت مجحفة، وبدلاً من التحامل وتوظيف كل ما يدور سلبياً ضد طرف معين، بل شريك أساسي في عملية التغيير، فعليك أن تدرك أن تقبله، سيكون عمل حضاري إنساني يسهم في جعله يتقبلك، أما أن نأتي على سبيل المثال بخبر جاءت به صحف ومجلات إقليمية، تحدثت فيه عن حالة معينة تتعلق بمعلومات حول نشاط جماعات محددة، في محافظة تعز أو غيرها، وتتعامل مع الخبر كما لو أن صحيفة الشرق السعودية، تصدر عن الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح، ومن منطقة "الحصبة " الذي لا تقع فيها الدائرة الإعلامية أصلاً ! فهذا سيجعلك تبدوا متحاملاً، تكن بداخلك حالة من العداء الغير مبرر، لا يساعد على وضع أسس التعايش في الواقع الجديد، بل ويجعلك في حالة تناقض مع الروح الوطنية والنضالية التي دفعت بك إلى أن وصلت إلى قناعة تقدم فيها حياتك من أجل التغيير وبناء دولة العدالة، بل ورأيناك أيضا تستنشق الغازات السامة، وتصعد نقيل سمارة راجلاً في مسيرة كان إسمها الحياة، ويقصد بالحياة هنا لكل اليمنيين، وليس لذات المشارك فيها فقط. وقبل أن تغضب أيها الصديق ورفيقي في عملية التغيير.. اسمح لي أكمل : تقبل الآخر يا صديقي بغض الطرف عن فكره وانتمائه السياسي، هو اعتراف بحقه في الحياة، كما هو حقك في حرية الرأي الذي لا يمس بالأخريين، فلا تسلبه قيمة حياته، وحرية الرأي والتعبير يجب أن تكون في سياق ضمان الحياة الكريمة للجميع، وفي نطاق "شرف الخصومة" كما سمها الكاتب كمال حيدرة، وبما أنك تتعذر بحرصك على الوطن في تحاملك على احد أطياف هذا الوطن، فعلينا جميعاً أن نعلم أن للوطن حرمة، تمنعنا من إستحضار الغرائز وردات الفعل في ديناميكية الحياة وعملية التفاعل. سياسية التعمييم يا رفيقي في مسيرة الحياة، تعد أخطر نهج قد يتبعه الأشخاص في حالة الثورات وغيرها، ولذلك قلنا بأن عقبتنا الرئيسية أمام بناء الدولة هو النظام العائلي، فلا ندع مجالاً لسياسية التعمييم تجعل فيه الصالح يذهب مع الطالح، وإذا أردت أن تنتصر لقيم ثورتك فعليك أن تجبر ذاتك على الإنصاف، فالطرف الأخر الذي لا تكف عن مهاجمته يؤمن أن الوطن ليس ملكاً لأحد، لحتى يأتي كما تظن ويقصي من يريد من الشعب.