يتقدم المشير عبدربه منصور هادي بسرعة الضوء في عملية تكبيل القادة السياسيين المشتركيين والسيطرة على العملية السياسية، وبسرعة السلحفاة في بناء اليمن الجديد الذي انتخبه الشعب من اجله والتف حوله بإعتباره قائد الثورة الثانية. الصفحة اليمنية التي وعد الرئيس هادي بأنها ستكون ناصعة البياض ، ماتزال تلتحف السواد، و ما تزال صفة "الفدائي" التي أطلقها على نفسه غائبة جداً خاصة انه يرفض الذهاب إلى دار الرئاسة وموكبه الونان يعطل المرور لساعات. في ال21 من فبراير صفق اليمنيون وشباب الثورة -وانا منهم- بحرارة للمشير عبدربه منصور هادي بإعتباره الرجل" المنقذ" وزحفوا على صناديق الإنتخابات بشعور ثوري بإعتبار اسقاط صالح مهمة اخلاقية ووطنية وثورية. بعد إصدار الرئيس هادي لقرارات بعضها جادة وأغلبها ترقيعية يبدوا انه قد استنفذ كل مافي جعبته من قرارات واصلاحات ولم يتبق لديه سوى ساحات الإعتصام التي تقلقه وتقض مضجعه،وتزعج هدوء قصره الأنيق في شارع الستين. لماذا انتم يا شباب الثورة مزعجون ومصدر قلق لمشروع الرئيس هادي ولسير عمليته الإنتقالية، لماذا تقلقون السكينة العامة، وتنخرطون في جماعات تقوم بتخريب خدمات الكهرباء وأنابيب النفط ،وتقودون التمرد وتقطعون الطرق. لماذا يا والد الشهيد الفتى انور الماعطي تتمسك بخيمتك في ساحة التغيير، وتطالب بالقصاص من قتلة فلذة كبدك، وتهتف للعدالة والحياة وقوة القانون، لماذا تصرخ لمحاكمة القتلة عندما تمر من أمام قصر الرئيس، اناشدك ان تخفض صوتك حتى لا تزعج أناتك من به صمم. وانت ياعتاب! هل علي ان اعاتبك وان اناشدك ان تخفضي صرختك المدوية التي سمعها العالم واهتز لها عرش الرحمن"علي صالح .قتل بابا" لكن عرش النائب آنذاك لم تحركه قيد شعرة. لم ينزعج الرئيس الإنتقالي من سنوات الظل التي قضاها في قبو مظلم يعج بأصوات الموتورات والصخب العائلي وحينما أخرجته الثورة الى فضاء الحكم والإدارة بدأ يتذمر ياللعجائب، بينما المواطنون المصريون العاطلون عن العمل يقيمون ساحة للإعتصام امام قصر الإتحادية بالقاهرة ولم نسمع ان مرسي أبدى تذمره وانزعاجه. نفس عقلية رئيس المؤتمر الشعبي العام يمارسها نائبه، يعتقد ان اللقاء المشترك هو من يقود المسيرات ويمتلك ريموت التحكم بالثورة، يضغط النائب الأول للمؤتمر على قيادات المشترك ويشكيها لبن عمر لانها لم ترفع الخيام ولم تسكت اصوات الحالمين بالتغيير. من جانبها تظهر المعارضة اليمنية كآلة جامدة تنفذ تلقائياً ما يقوله الرئيس الإنتقالي ، وتنسى ان "النفاق السياسي" اشبه بعملية انتحارية ستودي بالمرحلة الحالية برومتها، وان "بر الأمان" الذي نطمح بوصول سفينتا اليه ما يزال بعيدا ويحتاج الى شجاعة وإلى صرامة. تجيد المعارضة اليمنية فن "الشحت ا لسياسي " بإمتياز، لم تعلمها الثورة فن الممكن الثوري الذي ما يزال قائما وحاضراً وفي قوة هيجانه واستعداده لتحقيق أهداف الثورة كاملة، الثورة تشعل قوتها من دموع أقارب الشهداء، ومن عزم فتيان يسكنون قلب الثورة. حينما صعد الرئيس المصري قال ان ثورة 25 يناير مستمرة وهو في مقدمتها، بمعنى ان الثورة أداة للإصلاح والبناء وللتغيير الأمثل وليست معول للهدم والتخريب والإزعاج. بدأت ثقة شباب الثورة بالرئيس تتزعزع، وخاصة انهم رأو فيه الرجل المخلص والمنقذ والقادر على الإمساك بزمام الأمور، بدأت شعبيته تتراجع في قلوب البسطاء، في قلوب الباحثين عن العدالة، المفتشين عن المساواة والغد الأجمل. لا يمكن ان نطلب من الرئيس هادي ان يصدر توجيهاته لحراسته بفتح أبوابه لأسر شهداء الثورة السلمية، ولا نريد منه ان يتعهد بالقصاص الكامل من قتلتهم. لا نريد منه ان نعرف كم راتبه الشهري وكم هي مخصصات الرئاسة لان هذا من سر من أسرار الدولة التي حافظ عليها سلفه المشير صالح كثيرا، وضحى من أجلها بوزراء ورؤوسائهم، وها هو الوجيه يسير على خطى سلفه بن غانم. المشير عبدربه منصور هادي الأستاذ محمد سالم باسندوة، استمرار ساحات الحرية والتغيير قرار لا تمتلكوه انتم ولا يمتلكه السادة قادة الأحزاب، هو قرار الشعب اليمني الذي اشعل ثورة شاملة ورسم أهدافها وملامحها التي ستتحقق كاملة، والفعل الثوري هو المقوم الوحيد لإعوجاجكم والمقيم لأدائكم.