تتابعت الحملات المليونية خلال الأيام الماضية بصورة أكبر مما كانت عليه في الخمس السنوات الماضية والتي ربما حدثت فيها حملات معدودة ولا تتجاوز عدد أصابع اليد لجمع مليون توقيع للتضامن مع أشخاص أو جهات أو شعوب كالشعب الفلسطيني، غير أن الشهور الماضية كانت أشبه بربيع الحملات المليونية المتتابعة فالحوثيون يعملون في تنفيذ حملة مليونية لطرد السفير الأمريكي وشباب الثورة ينفذون حملة مليونية لمحاكمة الحوثي على جرائمه في صعدة والمؤتمر الشعبي العام نفذ حملة مليونية لمحاكمة منفذي جريمة النهدين وأعلن مؤخرا عن تنفيذ حملة في المحافظات الجنوبية لمحاكمة علي سالم البيض. وتختلف المبررات المعلنة التي دفعت بتلك الجهات لجمع التوقيعات في حملاتها المليونية، فالحملة الأولى جاءت على خلفية حماية السيادة الوطنية وإيقاف الوصاية الأمريكية على اليمن والحملة الثانية جاءت على خلفية جرائم ارتكبها الحوثي وأنصاره ضد المواطنين الأبرياء في محافظات صعدة وحجة والجوف بحسب إعلان المنظمين للحملة، بينما الحملة الثالثة جاءت لإنشاء محكمة خاصة بجرائم الإرهاب في اليمن ومنها جريمة جامع النهدين، فيما الحملة الرابعة جاءت لمحاكمة علي سالم البيض لدعمه الحراك المسلح وقتل الجنوبيين. ما سبق هي مبررات معلنة في بيانات وتصريحات الجهات المنفذة لتلك الحملات غير أن البعض ينظر إلى تلك الحملات بالمواجهة لخدمة مصالح الجهات ذاتها بينما يرى البعض الآخر أنها مجرد مزايدات للاستعراض بحشد المليون توقيع للإيحاء بوجود قاعدة جماهيرية تؤيد ما تقوم به تلك الجهات سواء كانت تيارات سياسية ودينية وغيرها من التكتلات لإظهار الطرف الآخر بالضعيف أو لتأليب الرأي العام ضده أو للضغط في أي قضية من القضايا لكسب الرهان. ومن خلال متابعة التغطية الإعلامية للحملات المليونية الأربع في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي تبدو الصورة أقرب إلى الصواب حول ما تهدف إليه تلك الحملات، وفي السطور التالية سيتم استعراض بعض ما نشر عن الحملات الأربع. إيقاف الوصاية في الصفحة التي أنشئت على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك باسم الحملة المليونية لإيقاف الوصاية الأمريكية على اليمن يوجد تناقض كبير بين التعريف وبين ما يجري على الواقع حيث كان تعريف القائمين بالحملة على النحو التالي "نحن مجموعة من الشباب المستقل غير المنتمين لأي حزب أو طائفة ونهدف من خلال هذه الحملة إلى إيصال رسالة واحدة وواضحة وهي أننا قادرون على إدارة شؤوننا ولسنا قاصرين أو عاجزين، ولا نحتاج إلى وصاية من صديق قريب ناهيك عن وصاية العدو البعيد فلا وألف لا للوصاية الأمريكية على بلد الإيمان والحكمة ولا وألف لا للتدخلات الأمريكية في شؤوننا، ونؤكد على أن صفحتنا هذه مستقلة تماما ولا ارتباط لها البتة بأي حزب أو كيان سياسي أو طائفي" هذا على صفحة الفيس بوك وفي الواقع فالمنفذون والجهة التي تتبنى الحملة هي جماعة الحوثي حيث خرج شباب الصمود التابعون للجماعة بمظاهرات تحمل الشعارات ذاتها وأيضا تبنى موقع أنصار الله التابع للحوثي التغطية الخبرية للحملة. وخلافا لما تتبناه الحملة المليونية الحوثية ضد السفير الامريكي وأيضا شعار الجماعة الموت لأمريكا تكمن المفارقة في حديث السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين في حوار مع "الجمهورية" الأسبوع الماضي حيث قال إن الولاياتالمتحدة لم تقم بإدراج جماعة الحوثي ضمن قائمة المنظمات الإرهابية لأنهم لم يصلوا إلى المرحلة التي توجب اعتبارهم منظمةً إرهابية.. مستطرداً بالقول "فإذا ما أضفنا كل من يتفوه بأشياء سخيفة لقائمة الإرهاب، فعندها سيُضاف الكثير من الناس إلى هذه القائمة"، مؤكدا أن الولاياتالمتحدة تحكم على الأفعال وليس على الأقوال بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية. محاكمة الحوثي الحملة المليونية الثانية التي دشنها ناشطون حقوقيون الثلاثاء الماضي لمحاكمة زعيم جماعة الحوثيين جراء ما قالوا إنها جرائم ارتكبها وأنصاره ضد المواطنين الأبرياء في محافظات صعدة وحجة والجوف شمال البلاد، ومساعيه لخلق بؤر توتر على الحدود اليمنية السعودية. وكشف المنسق العام للحملة الناشط الحقوقي مراد السعيدي عن قيام الحملة بجمع شهادات من نازحي صعدة والمواطنين المهجرين جراء الحروب والمواجهات التي شهدتها مناطقهم وأن الحملة تعتزم طباعة تلك الشهادات وتوثيقها ونشرها في مختلف وسائل الإعلام وتجميعها في كتيبات وتوزيعها على اليمنيين "ليعرف الشعب حقيقة ما يدور في تلك المناطق التي يستولي عليها الحوثيون ويسيطرون عليها بقوة السلاح" حد قوله. وفي تصريح ل"العربية نت" قال المسؤول القانوني للحملة المحامي سليم علاو إنه تم إنشاء صفحة باسم "الحملة المليونية لمحاكمة الحوثي" على مواقع التواصل الاجتماعي، الفيسبوك وتويتر، وأن ذلك لاقى قبولا واسعا لدى الناشطين والحقوقيين والوسط الشبابي.. ولفت علاو إلى أن الحملة قد قامت بجمع وتسجيل المئات من الشكاوى من قبل أبناء صعدة بخصوص الجرائم والانتهاكات التي مورست بحقهم من قبل عناصر الحوثي، وتمثلت تلك الجرائم ما بين قتل واعتقال واختطاف وتشريد وتدمير منازل ونهب محلات ومنازل ومزارع وتهجير مواطنين وسلب مقتنياتهم، وذلك لتقديمها للنائب العام للتحقيق فيها وفق القانون. وأعلن الناشطون الحقوقيون على صفحة "الحملة المليونية" عبر موقع التواصل الاجتماعي أنهم يعتزمون القيام ببرنامج تصعيدي خلال الأيام القادمة داعين كافة النشطاء والحقوقيين وأصحاب الرأي للمشاركة من أجل إنقاذ أبناء صعدة والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وعودة النازحين لمنازلهم وقراهم. محاكمة البيض وبالتزامن مع إعلان الحملة المليونية لمحاكمة الحوثي أعلن في عدن الثلاثاء الماضي عن حملة في عدن يقوم بها شباب الجنوب لمحاكمة علي سالم البيض لدعمه الحراك المسلح حيث أعلن المحامي والناشط الشبابي أسامة الشرمي تبني فتح مكتب للعدالة الانتقالية في عدن، لتلقي الشكاوى والادعاءات من المتضررين وتبنيها أمام القضاء، وكذلك جميع التوكيلات ورفعها للمحاكمة لمحاسبة كل من مارس القتل بحق الجنوبيين، ومنهم علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح وكل من تقدم الجنوبيون بدعاوى ضده، أياً كان انتماءه السياسي والمناطقي. ودعا الشرمي الجميع للتفاعل مع هذه المبادرة، حيث باشر هو ومجموعة من الحقوقيين فتح صفحة على الفيس بوك، وهناك استعداد كبيرة لتنشيط العمل في هذا الاتجاه.. وقال الشرمي في تصريح ل"عدن اون لاين" إنه ورفاقه سيباشرون الترتيبات بكل دأب ونشاط ووتيرة عالية، خصوصا مع التوجه الدولي لإقرار قانون العدالة الانتقالية خلال الأيام القليلة القادمة، وهو القانون الذي سيمنح كل مواطن في الشمال والجنوب تقديم شكواه ومظلمته ولا حقوق تسقط بالتقادم.. مضيفا: هناك تواصل مع حقوقيين في كل المحافظات والمديريات الجنوبية للقيام بالحملة وجمع التوقيعات وفتح قنوات للسند الإعلامي وتشبيك ستمدد للمنظمات والهيئات وكل مكان ستصله أيدينا، لتحقيق العدل الشامل وفتح كل الملفات دون استثناء ولا خطوط حمراء ولا مرحلة مستثناه أبدا. وتعرض الصحفي عبدالرقيب الهدياني للتهديدات بعد يومين من نشره مقالا بعنوان "حملة المليون توقيع جنوبي لمحاكمة البيض دوليا" وقيام عدد من الحقوقيين والناشطين الشباب في الجنوب وسياسيين في الداخل والخارج بتبني حملة في عموم الجنوب لجمع مليون توقيع لمحاكمة علي سالم البيض الراعي الأول للجناح المسلح في الحراك. جرائم الإرهاب في 26 مايو الماضي نفذ المؤتمر الشعبي العام حملة مليون توقيع لإنشاء محكمة خاصة بجرائم الإرهاب في اليمن ومنها جريمة النهدين رغم أن القضية في القضاء والإجراءات تسير بصورة عادية وهذا هو قضاؤهم المستقل وهم لا زالوا في السلطة.. وشدد بيان الجهة المنظمة للحملة على ضرورة أن تعنى المحكمة المتخصصة بالنظر في كل جرائم الإرهاب والاغتيال السياسي بدءاً بجريمة اغتيال الاستاذ جار الله عمر ومروراً بجريمة مسجد دار الرئاسة وانتهاءا بجريمة ميدان السبعين الإرهابية إضافة إلى المذابح التي نفذتها قوى الإرهاب في أرحب ووادي دوفس واستراحة شبوة والكود بمحافظة أبين. واعتبر بيان الجهة المنظمة للحملة أن ذلك يعد موقفاً شعبياً وجماهيرياً واضحاً وعملياً ضد الإرهاب وناشدت كل القوى الخيرة تسليم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة باليمن جمال بن عمر مطالبات للأمين العام للأمم المتحدة لتشكيل هذه المحكمة على غرار المحكمة الخاصة بالرئيس رفيق الحريري في لبنان وبما يساعد على كشف الإرهابيين الحقيقيين ومن يقف خلفهم في اليمن. كما طالبت في ختام بيانها أسر ضحايا جرائم الإرهاب وكل أبناء الشعب اليمني التفاعل مع حملة جمع المليون توقيع لمطالبة المجتمع الدولي بتشكيل محكمة خاصة بجرائم الإرهاب باليمن لضمان عدم إفلات الإرهابيين ومن يقف خلفهم من العقاب، معتبرة أن من سيقف في وجه إقامة المحكمة - وهذا الطلب المشروع– من القوى المحلية والدولية سيكشف نفسه كشريك وداعم للإرهاب. * نقلا عن صحيفة الناس