يبدو أن تسمية الحكومة في مسودة المبادرة الخليجية بحكومة الوفاق الوطني كان موفقا من حيث المبدأ ولا بد منه، لكن ما ظهر على الواقع وفهمه بقايا النظام السابق ليس في محله تماما، ونسو بقصد أو بدون قصد أن شباب اليمن اشعلوا ثورة شعبية عارمة بامتياز وقدموا في سبيلها دمائهم وأرواحهم رخيصة من أجل أن يحيا الوطن، ومعه كل أبناء الوطن بجميع انتماءاتهم المتعددة، ولعل من نافلة القول بأن المستفيد الأكبر من هذه الثورة بعد الوطن هم بقايا النظام وأفراد المؤتمر، كون اليمن والمؤتمر تخلصوا من هيمنة الفرد ونفوذ العائلة المستبدة التي مارست الإقصاء والتهميش على الوطن بأكمله، وعلى شرفاء المؤتمر بوجه خاص. ولهذا فإن الثورة اليمنية لم تعتبر اسقاط المؤتمر كحزب هدفا رئيسا أو ثانويا، بل اعتبرته أحد ضحايا نظام صالح، ولذا لم ينادي أحد من الثوار بعدم الوفاق الوطني، لكن اختلفت كل أطياف العمل السياسي حول ادراك مفهوم الوفاق الوطني، وذهب الكل يدعي وصلا بليلى. وأسيء بشكل كبير إلى معنى الوفاق كقيمة وطنية وأخلاقية، وكان لبقايا النظام النصيب الأوفر من تلك الإساءة، واعتبرت بقايا النظام بأن الوفاق الوطني يستلزم منا معاشر الثوار نسيان أهداف ثورتنا، أو التفريط فيها أو التحايل عليها، وكل ذلك مرده إلى الوفاق الوطني، وتريد بقايا النظام منا السكوت عن الفاسدين في مؤسسات الدولة وعدم المطالبة بتغييرهم تحت مبرر الوفاق الوطني. وعجبا أمر من يتطلع للماضي ويتشبث به أن يظل حبيس التوجيهات العائلية ويتناسى صمود عام من النضال والتضحيات الجسام، أملا في التغيير والتغيير الإيجابي وحينما يتم المطالبة بالتغيير يجن جنون بقايا العائلة هذا استهداف للمؤتمر واجتثاث لأفراده. لربما يكونوا محقين في أن المؤتمر اختزل في أفراد نهبوا العباد والبلاد وظنوا أنهم ورثوا الأرض والإنسان. وحينما يطالب الشعب والثوار والعالم بأكمله بهيكلة الجيش يعدون ذلك خروج عن الوفاق الوطني وحينما نتحسس ذواتنا وواقعنا المرير والناتج عن سياسات نظام الأسرة المستبدة ونوعي الجميع بذلك فهذا خروج عن الوفاق وحينما تمر بنا ذكرى مجزرة الكرامة ومحرقة ساحة الحرية وغيرها من المجازر والعنف وأعمال البلطجة من قبل النظام السابق فينبغي علينا السكوت حفاظا على الوفاق، فليس من المنطقي والعقلانية بشي أن ننسى دماء شهداء حررت اليمن من بين أحشاء وأنياب الطاغية الذي كان يقود اليمن إلى أبعد من النفق المجهول والمظلم. في مثل تلك المناسبات الدامية سنتذكر شهدانا ومسيرة ثورتنا وسنستعيد ثورتنا منن جديد لتبقى مستمرة وشعلة لا ولن تنطفي حتى تتحقق أهداف ثورتنا أو نهلك دونها. ولقد مرت ذكرى مجزرة جمعة الكرامة ولم تأخذ حقها الكامل حصوصا في الإعلام الرسمي ومع ذلك القصور سنعذرهم وأنفسنا غير راضية أملا في الانتقال للأعمال دون الأقوال والبدء بهيكلة الجيش دون ضجيج وازعاج لهذا الوطن،فمنذ تشكيل الحكومة ونحن نتابع أداءها ونعلق أملنا بهادي وباسندوة لتحقيق التغيير المنشود وكانت أعيننا تراقب بشدة وزراء المجلس الوطني وكيف سيتذكرون أهداف ثورتنا والتذكير بشباب الساحات وذكر الثورة ولم يكن الأداء عند ما نتطلعه منهم، ولربما لديهم ما يبرر ذلك، لكن أن تمر ذكرى الكرامة دونما ذكر شهدانا أو التذكير بالثورة والثوار فتلك مسألة خطيرة، ولذا كان باسندوة موفق بما قاله أو عمله في ذلك اليوم أثناء زيارة مقبرة الشهداء، فكان حكيما حينما قال عن صالح وعصابته بأنهم مصابون بالخرف، وذهبت العصابة وأتباعها لتعلن حربا على باسندوة وكأنه هو من ارتكب مجزرة الكرامة وذهب نوابه للتهديد بأغلبيتهم ونسوا بأن البرلمان حكمه كحكم العدم فالحكومة جزء من المبادرة وقرارات البرلمان بالتوافق لا بالأغلبية. ولعل مفردة الوفاق تظل غريبة على أذهان بقايا النظام حينما يعتبرون الحديث عن جريمة بشعة اهتز لها وجدان الضمير العالمي خروج عن الوفاق، فكيف سيكون الحوار الوطني المعول عليه انقاذ اليمن، وما من شك بأن الحوار سيكون لجميع أطياف اليمن ودونما شروط مسبقة واملاءات، فكيف سيقبل بقايا النظام بالحوار مع شباب الثورة الذين يعتبرون الاعتراف الرسمي بالثورة وكشف الحقائق أمام الرأي العام من أهم مطالبهم للحوار الوطني. على بقايا النظام أن تستوعب المرحلة التي تعيشها اليمن وتطلعات الشعب للتغيير وتدرك ماذا يعني الوفاق الوطني، فالوفاق ندركه تماما أيها الإخوة وبعيد عن كل التعريفات اللغوية والمفردات المتعددة للوفاق ومعانيه إذ من الأهمية بمكان الأداء العملي للوفاق الوطني ليس الا وهو بكل بساطة تقديم مصلحة الوطن على مصالحنا الحزبية والشخصية والمشاريع المشبوهة، ونقول لهم بأنا أدركنا معاني الوفاق مبكرين حينما قررنا أن لا نصادر حق المؤتمر بالبقاء في الحياة السياسية وقبولنا بإعطائهم نصف الحكومة. الوفاق لا يتنافى مع مبدأ تطلعنا للتغيير ولا يتصادم مع المطالبة بمعرفة الحقيقة عن جرائم جسيمة ارتكبت بحق شباب الثورة طوال عام مضى، ولا يمكن أن نصاب بغيبوبة تنسينا أهداف ثورتنا تحت ذريعة الوفاق والإ ليقولوا لنا ما معنى رسالة الشعب بكل أطيافه في 21 فبراير الماضي سواء من كان مع الثورة أم لم يكن معها، أليس حبا في اليمن وتطلعا لعملية التغيير؟ أم أن القضية غير ذلك؟. وليعلم الرئيس وحكومة الوفاق بأن الوفاق الوطني لا يعني عدم نقدهم ومطالبتهم بتحسين معيشة الناس فالنقد عملية مطلوبة وهامة لإنجاح الوفاق وكذلك المصداقية والشفافية في كل أمورنا السياسية والإقتصادية ووو... وعلى صالح ومن على شاكلته أن يدركوا بأن صالح وعصابته صاروا جزء من الماضي تماما، وعليهم الإدراك بأن الوفاق لا يعني لنا أن نرى صالح وعائلته يمارسون أدوارا سياسية فقد أخذوا حقهم وزيادة وإن لم يدركوا حقيقة أن السلطة قد نزعت منهم فعليهم اعادة النظر وقراءة التاريخ جيدا قبل أن يندموا في وقت لا ينفع الندم أحد. وختاما نقول لمن اعتبر خطاب باسندوة خروجا عن الوفاق فماذا عساه أن يقول عن خطاب المخلوع ومن وسط الجامع بأننا بلاطجة ونقود في البلطجة ثورة وبأننا عملاء، أهذا هو الوفاق أم الجنون والخرف؟! * الأهالي نت