بعد يومين من رفض الرئيس هادي الاعتراف بثورة التغيير، تقدم جوقة من المنتفعين حاملين لفخامته درع الثورة... حماقة رخصية تشبههم. الرجل الذي رتب وضع أسرته جيداً، في أقل من سنة، وعمل على تأمين مستقبل جلال وياسر وناصر وبقية الأولاد والاخوان وعوائلهم، وضمن لهم أرصدة تحفظ لهم امتيازات عائلة رئاسية، تقدم هو ذاته الاثنين الماضي بخطاب والغ التسخيف، يذكر بخطابات صالح السبتمبرية حين كان يهرب من الاستحقاقات الوطنية إلى مهاجمة آل حميدالدين، وهادي حَمَلَ للشباب محمدة الكشف عن "حجم الاختلال الهائل الذي كنا نعيشه"، لمزاً بعهد صالح، الذي كان ظله، ثم انتقل مباشرة إلى رفض الاعتراف بشيء اسمه "ثورة" جرت في 2011 حتى لا يسأله أحد عن التحولات الجذرية التي يجب أن ترافق كل ثورة، وإلا فهي انقلاب، أو تبادل سلمي بين عصابات، ووصف ما حدث ب"أزمة على مدى عامين". إذا لم تكن ثورة فما مناسبة كلمتك الرنانة، كنت ستدفنها تحت وسادتك الرئاسية، وتجعلها تتخثر ل10 أيام فقط، حتى يحين موعد الذكرى الأولى لتوليك رئاسة البلاد. المؤكد أن "الجماعة" - قناصو المواقف - حسبوها صح، وقرروا زيارة هادي ومنحه "درع ومبخرة الثورة"، في حين لا يزال عشرات الجرحى بلا علاج، رغم مرور سنة ونصف على إعلان حكومة الوفاق، التي قررت في اجتماعها الثاني صرف "برادو 2011" لكل وزير، والجرحى الذين صعدوا على ظهورهم، مسألة عادية، "بايكبروا وينسوا". انتقدني كثير من الناس بسبب تضامني مع الجرحى، وموقفي المتصلب تجاه الاعتداء على النائب البرلماني أحمد سيف حاشد، هذا الرجل اختلف معه سياسياً، لكنه في كل الأحوال بشر، ومواطن، ويدافع عن قضية حقيقية، والاعتداء عليه بمحاولة اغتيال واضحة لا يُبرر، طالما أنه يحمل فكرة وموقف ولا يحمل سلاح، وهؤلاء الذين تضامن هو وغيره معهم ليسوا من جبهة البليساريو، ولم يستوردونهم من قبائل الزولو الافريقية، وليس إعارة من "بوكو حرام" بنيجيريا، أو أصيبوا وهم يقاتلون مع جماعة "جيش الرب" بأوغندا، هؤلاء يمنيون قدموا دمائهم وأرواحهم لأجل إسقاط نظام صالح، وجلوس نائب صالح على العرش، وأصبح بفضلهم من كان نائب بلا قرار، يتصدر صفحات الصحف، ويضع رجلاً على رجل، مضمخاً بعطور "لاكوست ودولتشي" وهو يقول: تفاهموا مع جلال!. عصر الأربعاء الفائت فارقت أبي المريض لساعتين، أزور فيهما جرحى الثورة، المعتصمين بجوار مقر الحكومة الصاعدة على ظهورهم المنحنية، قابلت كثير منهم، وكان يدق في رأسي كلام سخيف أراد صاحبه أن أأخذه كنص قطعي الدلالة، وهو أن الحكومة عرضت على الجرحى: العلاج في الأردن، مصر، الهند، السعودية، ورفضوا، مصرين على الذهاب إلى ألمانيا!... سألتهم، وأجابني كثير منهم بالموافقة على العلاج حتى في جيبوتي، وارتيريا، المهم علاج يقيل عثرتهم، وفهمت من أحد المتضامنين أن خمسة من الجرحى طلعت فيزهم إلى ألمانيا، وثمانية إلى كوبا لأن حالتهم المرضية تستدعي العلاج في تلك الدولتين. أما الثائرة البديعة، والمتمردة، والمناضلة دلال البعداني التي لا أزال أذكر كل كلمة قالتها حين استضافتها قناة "سهيل" عشية وصول مسيرة الحياة الراجلة من تعز، في زمهرير ديسمبر2011، وكانت همة "دلال" تعدل همة نصف رجال المسيرة، وكانت "سهيل" تخاطبها بالمناضلة العظيمة، وحين تجددت الدماء عند شباب تعز، وهم كما يصفهم الهمداني في "صفة جزيرة العرب": "بأنهم متمردون متى أرادوا ذلك" وقرروا خروج "مسيرة الحياة2" – وفي اعتقادي أنها عبثية، وهناك من حرضهم في تعز، واستثمرهم في صنعاء – شاءت الأقدار أن تصاب "دلال" بضربة قاسية ضغطت على نخاعها الشوكي، وأقعدتها فراش المرض... عرفتني في ساحة اعتصامهم أمام مقر الحكومة وقامت نحوي بعكازين، وقالت.... وليتها لم تقل!. حكومة الوفاق ترفض ادراج اسم "دلال" ضمن المصابين، وكأنها أصيبت وهي تقاتل مع حزب العمال الكردستاني، أو مع جماعة "خلق" المناهضة لسلطة إيران... الشابة الفتية الثائرة "دلال" أصيبت أمام دار الرئاسة على يد الأمن المركزي، وقوات الحماية الرئاسية، خلال "مسيرة الحياة2" والآن تحملها العكازات، رِجلها كل يوم تضمر، وضغط النخاع الشوكي أثر على حوضها، ومثانتها، والتقارير الطبية تبكي لحالتها... سألتها: هل تصرين على العلاج في ألمانيا؟! ردت بموافقتها على العلاج حتى في سقطرى!. هل سمعتم يا "شباب ما بعد السبعين": "أبوجلال" في الستين، و"أبوخالد" بحدة... و"دلال" العظيمة معها "أبوفأس" تدهن حقوها، لكي تستر عورة الورثة!. عن صحيفة المصدر اليومية