أعادت حادثة سقوط الطائرة العسكرية على أحد أحياء العاصمة صنعاء يوم الثلاثاء إلى الأذهان سقوط الطائرة العسكرية السابقة التي سقطت في حي الحصبة ولا تزال حقائق ونتائج التحقيق في تلك الحادثة مخفية وغامضة حتى اليوم. وسقطت طائرة عسكرية نوع سوخواي اليوم على أحد الأحياء المتاخمة لساحة التغيير شمال العاصمة صنعاء مخلفة أكثر من 12 قتيلا بينهم ثلاث نساء وطفلين وعدد من الجرحى وأضرارا كبيرة في أربعة المنازل التي سقطت عليها. وقالت خدمة "سبتمبر موبايل" التابعة لوزارة الدفاع نقلا عن مصدر بالقوات الجوية إن الطائرة سقطت "بعد مهمة تدريبية". وأظهرت الصور الفوتغرافية ومقاطع الفيديو جثثا متفحمة لطاقم الطائرة ومواطنين وأضرارا فادحة بالمنازل وتضرر أربع سيارات تابعة لمواطنين. هذه الحادثة لم تلقى ردود أفعال رسمية وغير رسمية مثل سابقتها، إذ لم تصدر أي تصريحات عن قيادة القوات الجوية أو وزارة الدفاع باستثناء تصريح لمصدر في القوات الجوية بثته وسائل الإعلام التابعة لوزارة الدفاع قال فيه أن الطائرة كانت في "مهمة تدريبية"، فيما تجاهل موقع وزارة الدفاع خبر الحادثة واكتفت الوزارة بنشر أربعة أخبار نشرتها عبر خدمة أخبار الموبايل. القوات الجوية دعت المواطنين للابتعاد عن موقع الحادثة "كإجراء احترازي". وتداولت وسائل إعلامية غير رسمية تصريحا لمدير مكتب قائد القوات الجوية والدفاع الجوي بالعاصمة صنعاء العميد أحمد صالح قال فيه إن "الطائرة المنكوبة كانت فى مهمة تدريبية"، وقال إن لجنة تحقيق انتقلت إلى مكان الحادث "بالفعل وبدأت ممارسة مهامها". المحلل العسكري محسن خصروف قال في تصريحات لقناة "الجزيرة" إن الطائرة كانت في مهمة تدريبية وكانت في الدوران الرابع استعدادا للهبوط وكانت قادمة من الإتجاه الغربي وفي هذه المنطقة شوهدت وهي تختل. ووفقا لرواية "مصدر مسئول" في السلطة المحلية بأمانة العاصمة فأن الرئيس هادي وجه بتشكيل لجنة من أمانة صنعاء لحصر الأضرار التي لحقت بمنازل المواطنين ومعالجة الجرحى –وفقا لما ذكرت وكالة سبأ للأنباء. المصدر أعاد المطالبة باتخاذ الاجراءات الكفيلة بحظر إجراء تدريبات الطيران في سماء وأجواء المدن وخاصة العاصمة صنعاء حرصا على السلامة العامة لساكنيها وتفاديا لأية كوارث إنسانية أو مادية. المحلل السياسي علي الجرادي، يرى وجود أسباب سياسية وراء حوادث سقوط الطائرات. الجرادي قال في تغريدة على صفحته في "تويتر" إن تفجير مخازن الأسلحة العسكرية وإسقاط الطائرات الحربية واغتيال القيادات الأمنية بالموترات "عمل سياسي مخطط لتدمير مرحلة التوافق السياسي". وأضاف: "كلما احتدم الصراع مع المخلوع يتم اسقاط الطائرات العسكرية في العاصمة تكتيك جديد بعد استنفاد قطع الكهرباء والطرق والتخفي تحت عباءة القاعدة". وتحطمت طائرة عسكرية من طراز انتينوف (الأربعاء 21 نوفمبر 2012م) في منطقة الحصبة بالعاصمة صنعاء، وكانت وزارة الدفاع قالت يومئذ إن الطائرة سقطت أثناء قيامها بمهمة تدريبية ما أدى إلى مقتل قائدها وتسعة من المدربين وأفراد طاقمها. وخسرت اليمن نتتيجة تلك الحادثة 10 من كوادر القوات الجوية بينهم أبرز وأكفأ طياريها الحربيين.. وكان من اللافت أن يجتمع طيارين ومتدربين وفنيين بذلك العدد لأداء بروفة تطبيقية وعلى طائرة واحدة!.. إذ من المعروف أن طاقم طائرات الانتنيوف لا يتعدى الخمسة (طيار، مساعد طيار، ملاح، فني، متدرب) –وفقا لقول مختصين.. ومن المصادفة أن طاقم الطائرة جميعهم من أبرز الصقور الذين قادوا الثورة الجوية ضد القائد المبعد محمد صالح الأحمر -أخ غير شقيق لصالح. تعهدات بالاستقالة رغم مرور حوالى ثلاثة أشهر على الحادث، لا تزال نتائج التحقيقات التي باشرتها لجان مختصة متعددة غامضة حتى اليوم. الأسبوع قبل الماضي، نفى قائد القوات الجوية اللواء الركن راشد الجند أن تكون طائرة الشحن العسكرية «انتنوف26» التي سقطت بمنطقة الحصبة شمال العاصمة صنعاء تعرضت لأي طلق ناري. وقال إن سبب الحادث "قد يكون خللا فنيا وتقصيرا بشريا". اللواء الجند كان قد نفى أن يكون سقوط الطائرة ناتج عن خلل فني، وتعهد بتقديم استقالته من منصبه في حال أثبتت التحقيقات أن سقوط الطائرة ناجم عن تقصير في إجراءات الفحص الفني للطائرة. وأكد في حديث لقناة "السعيدة" بعد يوم واحد من الحادث بأن سجل الملاحظات الخاص بتقييم صلاحية الطائرة لم يتضمن أي ملاحظات من قبل قائد الطائرة عن وجود شكوك لديه حول خلل ما في محركي الطائرة. وأوضح قائد القوات الجوية في حوار مع صحيفة "26 سبتمبر" الناطقة باسم الجيش، أنه تم استدعاء الأدلة الجنائية وأنها أكدت بأنه ليس هناك أي إطلاق نار على الطائرة. وحول نتائج فحص الصندوق الأسود الذي تم إرساله إلى أوكرانيا، قال اللواء الجند إن «الفيلم» الذي تم إرساله إلى أوكرانيا "اتضح أنه مخدوش مُتلف وأصبحت معلوماته غير واضحة"، مضيفا: "وطلب منّا أن نعطيهم أية نتيجة قد نضعها، ولكنّا رفضنا ذلك وأكدنا أن تكون النتيجة صادقة مخدوش متلف ولن نقبل الكذب مطلقاً، وهذه حقيقة لابد أن يعرفها الجميع". «الخلل الفني» يفتك بالقوة الدفاعية وخسرت القوة الدفاعية الجوية اليمنية خلال السنوات الماضية عددا كبيرا من الطائرات العسكرية المختلفة في حوادث سقوط وتحطم للطائرات راح ضحيتها عشرات من الطيارين وكوادر القوات الجوية. وتسارع السلطات عند سقوط أي طائرة لاتهام "خلل فني" بالوقوف وراء الحادث. ويعود تاريخ توجيه الاتهام إلى ال"خلل فني" إلى مطلع السبعينيات التي شهدت تحطم طائرة عسكرية عمودية في حضرموت كان على متنها قيادات عسكرية بارزة بينهم قائد المنطقة الشرقية السابق العميد محمد إسماعيل والعقيد أحمد فرج ومعهما 15 ضابطا. وسارعت السلطات حينها للقول بأن الحادث ناتج عن "خلل فني". وسبق وكشفت إحصائية أجرتها صحيفة "الأهالي" الأسبوعية عن خسارة القوات الجوية (25) طائرة عسكرية خلال ال8 سنوات الماضية. الإحصائية تكشف عن خسارة القوات الجوية أكثر من (16) طيارا ومساعد طيار و(23) مدربا وفنيا وملاحا خلال الفترة ذاتها. وتظهر الإحصائية سقوط وتحطم أكثر من (20) طائرة عسكرية وتدمير (4) في حوادث تفجيرية واحتراق طائرة أخرى في عملية تفجيرية. كما تظهر أن الخلل الفني يقف وراء سقوط وتحطم (19) طائرة، منها (3) سقطت وتحطمت بسبب ارتطامها بالجبال والهبوط غير الصحيح ولم يتسن معرفة أسباب سقوط الطائرات المتبقية إلا أن الراجح أنها ناتجة عن أخلال فنية. وسبق وكشف تقرير استراتيجي يمني في أكتوبر 2011 عن خسارة اليمن 219 طائرة خلال السنوات الماضية. وتمتلك اليمن -حسب التقارير الدولية- ما يقارب 375 طائرة عسكرية متنوعة بين مقاتلة وشحن عسكري وطائرات تدريب وأخرى لمكافحة الإرهاب. لكن استقراء أجراه مركز أبعاد للدراسات والبحوث لبعض المعلومات الميدانية أظهر وجود 156 طائرة فقط لا تمثل إلا أقل من 42% من عدد الطائرات التي كانت تمتلكها اليمن بعد حوادث سقوط كثيرة للطائرات في السنوات الماضية. المركز ذاته قال إن عدد الطائرات ذات الجاهزية وفي حال الاستعداد 92 طائرة فقط وبنسبة تقارب 60%من إجمالي الطائرات المتبقية. ولا توجد معلومات دقيقة عن السلاح الجوي اليمني إلا أن مركز أبعاد للدراسات والبحوث أظهر أن اليمن تمتلك 156 طائرة عسكرية، موزعة على (6) قواعد عسكرية هي: قاعدة كلية الطيران الجوية بصنعاء، قاعدة الديلمي الجوية بالحديدة، قاعدة العند الجوية بلحج، قاعدة عدن الجوية، قاعدة الريان الجوية بحضرموت، قاعدة الجند الجوية بتعز. ووفقا للمعلومات فإن الجزء الكبير من التسليح الجوي يعود إلى ما كانت تمتلكه جمهورية اليمن الديمقراطية التي حصلت عليها من الاتحاد السوفييتي.